تحل ذكرى “14 آذار” في هذا العام في ظل تشرذم غير مسبوق بين مكونات هذا الفريق، ما يؤدي الى طرح سؤال عما اذا كان هذا الفريق فعلا ما زال موجودا حقيقة، بعيدا عن الشعارات والخطابات والصور التذكارية التي لا تقدم ولا تؤخر في خضم الازمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان على وقع ما يجري حولنا في المنطقة.
ويؤكد ما سبق الكلام الصادر عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي أكد ان “قوى 14 آذار كتنظيم ليست بخير في الوقت الراهن وكلنا مدركون لهذا الأمر… لا أخفي عنكم أننا نواجه صعوبات تنظيمية كبيرة ولكن ما يجب أن نفعله هو عدم التراجع بل حل هذه المشكلات لنستمر بـ14 آذار حتى النهاية”.
فهل بعد أحد عشر عاما يمكننا اعتبار ان قوى “14 آذار” ما زالت تشكل فريقا واحدا ام باتت مجموعة فرق تجمعها بعض المناسبات والاحتفالات التي لا تغني ولا تسمن؟ فلن نذكر انه منذ العام 2005 خرج “التيار العوني” بما يمثل وقتها وما يزال في الشارع المسيحي بالاضافة الى خروج النائب وليد جنبلاط.
الخلافات سمة “14 آذار”..
أما واليوم فلن نقول ان “الفريق الآذاري” يختلف على كل شيء بالطبع، لكنه يختلف على كثير من الامور، من رئاسة الجمهورية الى النفايات وما بينهما حدث ولا حرج، فإن اخذنا الاستحقاق الرئاسي كمثال حي وهام في الخطاب السياسي لهذا الفريق، نرى ان كل طرف لديه مشروعه ورؤيته وبالطبع مرشحه، فرغم ان المرشح المعلن لهذا الفريق كان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلا ان “الحليف المفترض” لجعجع رئيس “تيار المستقبل” بادر لترشيح “ألد” خصوم جعجع رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية، وبالمقابل بادر جعجع لتبني ترشيح رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النيابي النائب العماد ميشال عون.
أما حزب “الكتائب اللبنانية” فأراد الرد على الحليفين المفترضين(القوات والمستقبل) فرفض ترشيحيهما للرئاسة، وأعلن رئيسه النائب سامي الجميل ان انتخاب الرئيس يكون على أساس برنامجه الرئاسي بما يحتويه من طروحات داخلية وخارجية، وبالرغم من ان الرئيس الاعلى لحزب “الكتائب” امين الجميل ما زال حتى الساعة لم يعلن رسميا سحب جهوزيته للترشح، هذا كله من دون الدخول في الحديث او البحث عن آراء من تبقى من مكونات الفريق الآذاري، باعتبار ان لا تأثيرا كبيرا لهم في المعادلة.
فماذا يكون قد تبقى من “14 آذار” بعد كل هذه الفروق والشروخ والانقسامات؟ وهل ما يجمع هذا الفريق أكثر مما يفرقه؟ بالتأكيد ان أطراف هذا الفريق كلها تجتمع على انتقاد حزب الله داخليا وعدم تفويت فرصة للتصويب عليه ربما لانها تحاول خلق هامش او حيز لها على الساحة السياسية في ظل إفلاسها وعدم امتلاكها ما تقدمه لجمهورها او للبنانيين بشكل عام، كما تجتمع على امور اخرى على المستوى الاقليمي ألا وهو العداء لمحور المقاومة والممانعة وعدم ترك فرصة إلا وانتقاده لاظهار التأييد المطلق للمحور المعادي والمتمثل بالمحور الاميركي السعودي، والمضحك ان الكثير من هؤلاء يأتي وينظر في مجالات “النأي بالنفس” وعدم التبعية لجهات خارجية.
“14 آذار”.. خيبات ومكابرة ورهانات فاشلة
وحول ذلك، رأت مصادر سياسية مواكبة ان “فريق 14 آذار قد تقسم وانتهى بعد أيام قليلة من تكوينه بعد خروج التيار العوني منه حيث تبقى جزء منه يسير بركب السياسية السعودية وحلفاءها في لبنان”، وتابعت “ما تبقى من هذا الفريق أصيب بخيبات أدت الى فقدان اقطاب رئيسية كالحزب التقدمي الاشتراكي بسبب فشل السياسات التي اعتمدها على مدار الاعوام الماضية”.
وأشارت المصادر الى انه “رغم مكابرات هذا الفريق والخروج على جمهوره للقول انه فريق متماسك وقوي إلا ان الوقائع أثبتت عكس ذلك تماما”، واضاف ان “التطورات على الصعيد السياسي اللبناني سيما فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي أظهرت الصراع داخل هذا الفريق حيث ان كل طرف له حساباته ومصالحه التي يسعى لتحقيقها على حساب الآخرين”، واعتبرت انه “يكفي للدلالات على ذلك اعترافات أطراف داخل هذا الفريق بأن 14 آذار بحكم المنتهي”.
وقالت المصادر إن “خير دليل على كل ما تقول هو ما جرى في احتفال 14 شباط الاخير في البيال حيث تبين ان هناك خلافات حادة داخل هذا الفريق اكبر من ان يتم السيطرة عليها في هذه المرحلة على الاقل”، وتابعت انه “ربما يكون المشغل السعودي هو الذي يتحكم بناصية هذا الفريق وهو ما أثبتته الخلافات الاخيرة حيث تردد ان الرياض بدت غاضبة من سلوك سمير جعجع وتمرده عليها في ضوء التفاهم مع العماد ميشال عون وتبني ترشيحه للرئاسة”.
ورأت المصادر ان “السعودية تعوّم اطرافا مسيحية على حساب القوات اللبنانية وبالتحديد حزب الكتائب”، وأكدت ان “الرياض تعاقب كل من يحاول التمرد عليها بتقليم أظافره”، وأشارت الى ان “هذه السياسة السعودية طالما أدت الى خروج بعض التيارات القوية من الفريق الآذاري”، موضحة ان “السعودية تحاول تأديب العاصيين كي لا يخرجوا عن سلطة ولي الامر”.
ولفتت المصادر الى ان “الصراعات وتقاذف الاتهامات بين مكونات الفريق الآذاري لم تشمل فقط أقطاب هذا الفريق وانما شملت ايضا ما يمكن اعتباره قيادات الصف الثاني فيه وصولا للاوساط المؤيدة له التي بدأت تعيش حالة إحباط وتململ من فشل الرهان على السياسيات المتبعة من قيادة هذا الفريق وصولا لفشل الرهان على السياسات السعودية في لبنان والمنطقة”.
العبرة دائما لبقاء أي جهة واستمراريتها واكتسابها الثقة والمصداقية، هو مدى ثباتها على خياراتها والشعارات التي ترفعها، وهذا بالتحديد ما يجعل التساؤل “عما تبقى من فريق 14 آذار؟” أمرا ضروريا، لان هذا الفريق الذي طالما رفع شعارات “الحرية والسيادة والاستقلال” وغيرها من المصطلحات الجميلة لم يخرجها من إطارها كنظريات كلامية إعلامية في حين كان المفترض به تحويلها الى ممارسات وافعال تطبق في دنيا الواقع.
المصدر: موقع المنار