تطرق السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة التي القاها في جامع الامامين الحسنين (ع)، الى القانون الانتخابي الجديد، قائلاً إن الأخير “أعطى أملا للكثيرين ممن كانوا يرون في أنفسهم الأهلية، أو لديهم الطموح في الوصول إلى الندوة البرلمانية، ولكنهم كانوا لا يرون لهم موقعا في ظل القانون القديم الذي اصطلح على تسميته بقانون المحادل”. واضاف “نحن أمام هذا الكم من المرشحين، نعيد دعوة اللبنانيين إلى أن يدرسوا خياراتهم جيدا، وألا ينتظروا أن يملي عليهم أحد قرارهم، وألا يقعوا فريسة الإثارات والعصبيات التي هي السلاح الأمضى في كل استحقاق انتخابي، فلديهم الوقت الكافي ليدققوا ويتحققوا من ماضي المرشحين وحاضرهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية التي تنتظرهم”. واشار الى “ان على اللبنانيين أن يعتبروا أن الورقة التي يضعونها في صناديق الاقتراع مسؤولية، وهي لا تخصهم وحدهم، بل تتعلق بمصير الوطن ومستقبله، وعليهم أن يكونوا الأمناء عليه، حتى لا يمسك قراره الفاسد أو المفسد أو من يجعل من وطنه بقرة حلوبا لمصلحته أو لمصالح الآخرين”.
وقال”لا يعتقدن أحد، كما يفكر الكثيرون، أن صوته لا يؤثر ولا يغير، أو فالج ولا تعالج. فهو إن لم يؤثر حاليا أو يغير، فسيؤثر في المستقبل. إننا معنيون بأن نبعث رسالة إيجابية إلى الذين أحسنوا العمل من التيارات السياسية خلال تواجدهم في الندوة البرلمانية، ورسالة سلبية إلى الذين لم يكن لهم حضور، وفرطوا في أمانة تمثيل مواطنيهم، ولم يرتفع لهم صوت في المجلس. إن علينا ألا نكتفي في هذا البلد المليء بالمشاكل والتحديات بأن نضرب كفا بكف، أو نعلن سخطنا على المسؤولين وننتقدهم، أو ننتظر الفرج ليأتينا من الخارج، فالأمر دائما بأيدينا، ولدينا فرصة للتعبير عما نريده، وعلينا ألا نضيعها”.
وتابع “من واجبنا، أن نفرض على الذين يتقدمون إلى مواقع المسؤولية من المرشحين، أن يقنعونا بأشخاصهم وبرامجهم، أن يملكوا رؤية صحيحة عن واقع البلد وسبل الحل. ونحن عندما نتحدث عن مشاكل البلد، فإننا نريد بذلك أن نتوازن بين تحديات الداخل والخارج. إننا نسمع في هذه الأيام عن برامج ومشاريع، ولكنها في أغلبها، حتى لا نظلم الجميع، أشبه بالأحلام. وهي برامج فضفاضة وعامة يمكن أن تطرح في أي زمن ووقت. إننا نريد برامج واضحة ومحددة لمعالجة الأزمات”. واضاف “من موقع آخر، عاش اللبنانيون طوال الأسبوع الماضي سجالات نراها أساءت إلى موقعين أساسيين في هذا البلد، هما القضاء والأجهزة الأمنية، إثر اتهام أحد اللبنانيين بالعمالة، حتى بدا القضاء في هذه القضية مرتبكا، وبدت تقارير الأجهزة الأمنية متضاربة، مما أدخلهما في دائرة الشك والاتهام”.
وقال”نحن في هذا المجال، لن نتوقف عند مصداقية أي من تقارير الأجهزة الأمنية، أو أي من القرارات القضائية، ونترك ذلك للأيام اللاحقة لتكشف الحقائق. ولكن ما يهمنا هو التأكيد على ضرورة الحفاظ على صدقية الأجهزة الأمنية ونزاهة القضاء، وإبعادهما عن الشبهات والدسائس والتداخلات السياسية وغير السياسية. فإن ما جرى أدخل الخوف والرعب في نفوس المواطنين، وسيجعل كل مواطن يخشى أن يحصل له ما حصل في هذه القضية.ولذلك، ندعو إلى متابعة هذه القضية، وكشف غموضها للناس، ودراسة السبل الآيلة إلى منع تكرارها، حتى تستعيد القوى الأمنية والقضاء صدقيتهما، حفاظا على ما تبقى من هيبة الدولة والمؤسسات الحساسة”. وتابع”نبقى في الداخل اللبناني، لندعو، رأفة بالشباب اللبناني، إلى الإسراع في إيجاد حل لموضوع القروض السكنية السابقة والمستجدة بعد قرار المصرف المركزي تجميد هذه القروض، والتي إن لم تعالج، فستترك آثارها وتداعياتها على أمن المجتمع اللبناني واستقراره، وكلنا يعرف أن هذا هو السبيل الوحيد لشراء بيت سكن لدى الشباب والكثير من اللبنانيين”.
كما تطرق السيد الى ذكرى مجزرة بئر العبد “التي تعيدنا بالذاكرة إلى تلك المجزرة الرهيبة التي أرادت استهداف سماحة السيد، لولا رعاية الله له، والتي أصابت الناس الآمنين والنساء العائدات آنذاك من صلاة الجمعة. وكانت تهدف إلى تغييب باعث روح المقاومة وأب المقاومين وكهفهم الحصين، وإسكات الصوت الرسالي والوحدوي، والخطاب العقلاني الواعي، والمواقف الحرة والجريئة التي لم يتحملوها وأخافتهم بتداعياتها وآثارها. إننا في هذا اليوم، نتوجه بالرحمة إلى كل الذين ارتقوا بأرواحهم إلى بارئهم، وإلى روح سماحة السيد، مؤكدين أن هذه الكلمة الحرة والواعية التي أنتجت مقاومة وانفتاحا، ستبقى وستستمر رغم كل التضحيات والتحديات”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام