أيام قليلة تكفّلت باختراق أعتى ترسانات تهديد العاصمة السورية، أصوات عَقَدت العزم على إيصال رسالة الجيش السوري بأنه لا بديل عن تحرير الغوطة الشرقية، ولا مناص من متابعة التقدم نحو عمق الإرهاب لاجتثاث ما يرسله الإرهابيون من قذائف الموت إلى المدنيين في دمشق، مدنيون بدورهم ينتظرون الخلاص على أيدي صانعي النصر السوريين، من هذا الشر المتربص بحياتهم اليومية منذ سنوات.
ما يتوارد من أنباء عن تقدم متسارع يحققها الجيش السوري بتشكيلات متكاملة تؤمّن كل مقومات الانتصار، يثير تساؤلات كثيرة حول ما يجري شرقي العاصمة من تفاصيل، وعلى هذا أجرى موقع قناة المنار لقاءً خاصا مع المتخصص في الشؤون الاستراتيجية العميد المتقاعد هيثم حسون.
الغوطة الشرقية ومراحل الحسم..
يقول العميد حسون إن العملية العسكرية دخلت في مرحلة الحسم بعد حوالي شهر من بدء أعمال التحرير، إذ تمّ استكمال الحشد والتمهيد الناري، خلال شهر من الآن، وتلك كانت المرحلة غير المباشرة من العملية، ثم بدأت منذ عشرة أيام خطوة الدخول والاختراق في شكل مباشر للعملية.
الجهة الشرقية للغوطة كانت نقطة البداية، حيث تمكن الجيش السوري من تحرير مجموعة كبيرة من البلدات، التي كانت تشكل خط الدفاع الأساسي للمسلحين من هذا الاتجاه، ليفرض الجيش السوري حسمه على تلك المجموعات الإرهابية حيث كانت تعتقد أن هذا الخط لن يتعرض للهجوم، وأن القوات المسلحة السورية لن تتمكن من تحقيق إنجازات بسبب عمق الخط الدفاعي، والبنية التحصينية الهندسية.
هذه البنية التحصينية لدى المسلحين تتضمن حُفراً، سواترَ، خنادق، وأنفاقاً، إلى جانب التجهيز الناري من خلال الألغام والأفخاخ والشُرُك، إضافة لأهم العناصر التي حاولت المجموعات الإرهابية الاستفادة منه وهو الدروع البشرية، المتمثلة بسكان الغوطة والذين يمنعهم الإرهابيون من الخروج.
الكتل البنائية الكبيرة أيضاً ضمن التجهيز الهندسي، تتيح استخدامها لتكون حصوناً، لكن كل هذا لم ينجح بوقف تقدم الجيش أو إفشال الهجوم من الجانب الشرقي.
تقدم الجيش السوري..
تتقدم قوات الجيش السوري حاليا على عدة محاور أهم هذه المحاور، هو الممتد على بيت سوا ومسرابا، وصولاً إلى المشارف الجنوبية لمديَرة والتي تبعد تقريباً كيلو متر واحد عن الخط الذي يتقدم خلاله الجيش ويقترب من الفصل عَبْرَالقوات، حيث تم الفصل نارياً، وبهذا تحقق الفصل بين شرقي وغربي الغوطة.
هناك أيضا محاور عديدة تتقدم فيها القوات في الاتجاه الجنوبي للغوطة، خاصة على اتجاه المحمدية وجسرين وكفربطنا وعين ترما، وهناك أيضاً محاور فرعية تتقدم عليها القوات، وهذه المحاور مهمتها إشغال المسلحين، ومنع المجموعات الإرهابية من المناورة وتقديم الدعم والمساعدة للجبهات التي تشهد عمليات حاسمة.
ومع تحقيق أي نجاح على محور فرعي يتم تحويله مباشرة، من قبل الجيش السوري إلى اتجاه رئيسي لعمل القوات وهذا واضح من خلال تقدم القوات على أكثر من جهة.
التقدم السريع للجيش السوري يغّير خارطة التواجد المسلح في الغوطة الشرقية بشكل ملحوظ ومتسارع، إذ وصلت نسبة السيطرة – حسب ما وضحه العميد حسون- حتى الآن في تلك البقعة الجغرافية شرقي العاصمة إلى قرابة 55% من مجموع المساحة التي كانت تحتلها المجموعات المسلحة ، وهذه المساحة مكونة من حوالي 120 كيلومتر مربع، فالأسبوع الاول من العمليات شهد تحرير 50 إلى 60 كيلومتر مربع.
اجانب داخل الغوطة الشرقية..
يشير المتخصص في الشؤون الاستراتيجية العميد هيثم حسون الى إمكانية وجود عناصر أجنبية داخل الغوطة ضمن تركيبة المجموعات الإرهابية، ومنهم من قد يكون في منصب قيادي، خاصة أن تلك المجموعات اعتمدت في بدايتها على مجموعات إرهابية مستقدمة من الخارج، إما على المستوى القيادي أو المستوى التدريبي والقتالي.
هذه المجموعات تُقاد من الخارج عبر وسائل اتصال متطورة جداً، تتلقى خلالها التعليمات والمعلومات الاستطلاعية والاستخباراتية عن وجهة تحرك القوات المسلحة السورية.
العِلم العسكري ينفي استخدام الكيماوي..
بعد تذكيره بما قامت بهد الدولة السورية من تسليم وتفكيك السلاح الكيماوي، واعتراف كل من المنظمة الدولية للأسلحة الكيماوية والولايات المتحدة الامريكية بهذا الأمر، عاد حسون ليؤكد عدم امتلاك سورية لهذا السلاح.
وبالشرح العسكري، والواقع الإجرائي، يقول حسون أن ورقة الكيماوي أصبحت محروقة بالنسبة لمستخدميها من المجموعات المسلحة، او حتى الدول الراعية لها، خاصة ما تكرر من مشاهد أصبحت هزلية.
ولا يمكن استخدام سورية هذا السلاح لعدة أسباب منطقية أولا عدم امتلاك سورية لهذا السلاح، إضافة لتقدُّم الجيش السوري مقابل انهيار المجموعات المسلحة، ما يتيح سرعة كبيرة في حركة القوات السورية يجعله ليس بحاجة لهذا الاستخدام، إضافة إلى أن انتشار الجيش السوري في الغوطة الشرقية لا تسمح له باستخدام السلاح الكيماوي الذي هو أصلا لا يمتلكه، فمنطقياً حركة الرياح ستصيب القوات السورية على أي اتجاه استخدم، حيث القوات السورية متواجدة على كامل محيط الغوطة الشرقية وبمسافة لا تتجاوز 2 – 3 كيلومتر أي أن الرياح تنقل هذه المواد باتجاه مواقع الجيش السوري بالتالي يتضرر عناصر الجيش أكثر مما يستفيدون من هذه الحالة لو حدثت، ولن تحدث.
سيناريو التّهاوي مستمر..
ضيف موقع قناة المنار يصِف انهيارات المسلحين بأنها أمر طبيعي ومنطقي، حيث فقدت تلك المجموعات القدرة القتالية، من خلال الضربات المتكررة والحصار الطويل لمدة عامين بشكل شبه كامل، كما أنها فقدت الأمل بالدول الداعمة للإرهاب التي كانت بدورها تعدها بتقديم الدعم المباشر، هذه الدول لم تقدم لها أي شيء في أرض الميدان، ففقدوا القدرة والدافع المبني على تلك الوعود المقدمة من أميركا وشركائها في دعم الإرهاب.
السيناريو الذي يتوقعه العميد حسون مشابه للعمليات العسكرية الكبرى التي حصلت سابقا إن كان في خان الشيح جنوب دمشق او في حلب وحمص القديمة، أي ان العملية تتابَع عسكرياً للوصول إلى إسقاط كل خطوط الدفاع لدى المسلحين، وهذه المجموعات عندما تصل إلى حافة الانهيار ستعلن كالعادة استسلامها، ويتم ترحيل من يرغب ممن لا يريدون المصالحة مع الدولة السورية، وإبقاء من تُسوّى أوضاعهم مع الدولة السورية كمواطنين، ولكن دون إبقاء أي سلاح في الغوطة الشرقية، حيث أكد حسون في ختام لقائه مع موقع المنار أن هذا قرار مُتخذ من قبل الدولة السورية ويُنَفّذ الآن، فلن يكون هناك أي سلاح في الغوطة الشرقية بعد انتهاء هذه العملية العسكرية وتحرير غوطة دمشق من كل أشكال الإرهاب.
المصدر: موقع المنار