احمد حاج علي – موسكو
حسمت الخارجية الروسية جدل مشاركة المعارضات في مؤتمر الحوار الوطني السوري الموسع المرتقب في 29 و 30 من الشهر الجاري في سوتشي بعد إستدراج متشددي وفد هيئة المفاوضات المعارضة إلى مربع الملعب الروسي ما يعني نجاح جهود تطعيم تشكيلة هذا الوفد بممثلي منصات، موسكو والقاهرة (وفد هيئة المفاوضات المعترف به حتى الآن في مسار عملية جنيف التفاوضية مشكل من 36 شخصية 26 جماعة الرياض و 10 من منصتي موسكو والقاهرة يشكلون ثلثاً ضامناً أو معطلاً ضمن هذا الوفد الواحد).
فبعد تذليل عقبات تناقضات إقليمية باتت ساحة محطة سوتشي المصيرية ممهدة لإستقبال 1500 شخصية من مكونات الشعب السوري فيهم المعارضات الخارجية والداخلية وممثلي الأديان والعشائر والقبائل من الشمال إلى الجنوب والوسط والبادية ومنهم عشائر شرق الجنوب السوري وغيرهم الذين فشلت واشنطن من عرقلة مشاركتهم، ففي سوتشي سيجتمع المتشددون والمعتدلون ويتسع المكان لكافة القوى والأحزاب التقليدية والناشئة.
كما ستشارك فصائل مسلحة معارضة كجيش العزة والجبهة الجنوبية وفيلق الشام وصقور الشام وجيش الاسلام وجيش النصر وغيرهم مِن مَن قاتل ضد الحكومة والشرعية بدعمٍ خارجي مختلف التنوع.
سوتشي ملتقى لكل أطياف الشعب السوري الموالي والمعارض بشكل يلبي الهدف الروسي في تحقيق أوسع تمثيل، الأمرالذي فشلت في إنجازه كل آليات ومساعي المباحثات الدولية على مر السنوات الماضية ونجحت مبادرة روسية في تحقيقه إلى حد بعيد في تعاون مع دول مجموعة أستانا الضامنة.
وتفيد كواليس التفاعل الدبلوماسي المكثف أن مشاركة المبعوث الأممي ووفده السوري المعارض الواحد الغير موحد في مؤتمر سوتشي باتت محسومة مقابل مشاركة الحكومة السورية في جولة مباحثات تاسعة في فيينا، يُحاول خلالها ديميستورا بدء البحث في الدستور كاشفاً عن نيته تشكيل لجنة دستورية يُعلَن عن تركيبتها بعد تطعيمها بشخصيات مشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي. كما سيحاول المبعوث الأممي مجددا طرح مسألة الإنتخابات من خلال لقائه وفدي الحكومة والمعارضة كلاً على حدا دون التوصل الى نتيجة ودون تمكنه جمع المشاركين على طاولة مفاوضات مباشرة في فيينا على أمل إلتماس نتائج المؤتمر الوطني الذي سيطرح ضرورة إعادة هيكلة وتركيب وفد المعارضات المفاوض تحت غطاء تؤمنه المنظمة الأممية.
ويذهب مؤتمر سوتشي في أبعاده لإستحضار مكونات مؤتمر تأسيسي وطني إن أستطاع خرق جدار إحتكار تحديد التمثيل الذي فرضته قوى الهيمنة الدولية عبر آلية مكتب المبعوث الأممي.
وفي قراءة لمجريات الأحداث الميدانية المرافقة لتطور مرحلة المسارات السياسية أمام التقدم السريع الواسع للجيش العربي السوري وحلفائه على محاور محافظة إدلب والتقهقر الدراماتيكي للنصرة وحلفائها نرى فصائل مسلحة أمام خيارين إما الذهاب إلى سوتشي والتبرؤ من النصرة أو الذهاب في خيار الحزام الأمني الأميركي الذي سيبقى مهدداً لا سيما بعد خيبة أمل عناصر كردية من جدية الدعم الأميركي لهم، ما يرجح إمكانية إعادة إستيعاب موسكو ودمشق لكافة خيوط لعبة الشمال السوري على وقع تفاهمات حدود مساحة إشتباك كشفت عنها زيارة رئيس الأركان التركي خلوصي أكار ورئيس الإستخبارات هكان فيدان لموسكو وبحثهم مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وأركان القوات الروسية الأمنية والمسلحة تفاصيل وحدود العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
وخلال الأشهر الأخيرة الماضية لم يكن خافياً إستمرار وتفعيل مخطط عرقلة أميركي لمسار تسوية الأزمة السورية، فالولايات المتحدة تترأس جوقة المتخلفين عن ركب مسار أستانا وبالتالي سوتشي وتحاول إضعاف نتائج مؤتمر الحوار الوطني، إلا أن موازين القوى لم تعد تسمح لواشنطن بالمناورة الواسعة بعد فشل متوقع لإستخدام قوات سوريا الديموقراطية في رسم حزام أمني يضمن السيطرة على منابع النفط في الشمال ويتحكم بحركة المواصلات الإقليمية ويحمي القواعد الأميركية الخمسة عشر لتعزيز وسائل تهديد دول الإقليم أو إبتزازها.
يُضاف الى ذلك فشل المملكة السعودية في تفعيل حركة المسلحين تنفيذاً لإيعاز أميركي ببذل جهد أكبر في دعمهم و تمويلهم لمحاولة إستعادتهم عُقَداً مفصلية من الخارطة الجغرافية، قبل إستحقاقات التسوية.
وجدير بالذكر أن مؤتمر سوتشي سيشكل منصة ملائمة لطرح ملف إعادة الإعمار الذي تدور حرب في تجاذباته وتملك روسيا خطة لطرح نظام سويفت خاص تشارك فيه الصين ودول أخرى مثل دول البريكس ومنظمة شانغهاي، ما يجبر واشنطن على التراجع في حرب الهيمنة المالية عبر الإمساك بنظام التحويلات.
إنطلاقاً من هذه الأسباب و غيرها يتوقع المراقبون إنتصاراً بالنقاط لمؤتمر الحوار السوري الوطني في سوتشي رغم مرور قاطرته في حقل ألغام إقليمي ودولي.
المصدر: موقع المنار