ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، اعتبر فيها أن “جردة 2017 لا شك كانت مرة، إلا أنها أقل مرارة مما مضى من السنوات على هذا البلد، ولأننا في نهايتها وبداية سنة جديدة، لا يسعنا إلا أنا نرجو الله سبحانه وتعالى بأن تحمل هذه السنة معها الكثير من الخير والوئام والاستقرار، وبأن تكون فرصة لالتقاط الأنفاس، ولمراجعات تجريها كل الأطراف السياسية، بعيدا عن أزمة النوايا السياسية، والفرز الطائفي، والهوس الشخصي، وإقطاعية التوريث، ولعبة الأرباح الذاتية، وعقلية أنا أو لا أحد بدوافع عائلية وطائفية وبازارات سياسية وخلفيات فكرية، تتنكر للدماء وللتضحيات وللتاريخ”.
ودعا “اللبنانيين جميعا لأن يكون موعدهم أيار حيث الانتخابات النيابية، وأن يكون اختيارهم التاريخي والوطني أساسا للتغيير السياسي، وتأكيدا على أن لبنانيتهم أكبر من كل الطوائف، ووطنيتهم أكبر من كل السياسات، وبخاصة في زمن المحن والأزمات، حيث يجب أن نفرق بين الوطني والعميل، وبين من سلف هذا البلد الدماء والتضحيات، ومن حاول عرضه للبيع والشراء، وتركه لقمة سائغة في أفواه التكفيريين الموظفين والممولين من شياطين إقليميين ودوليين”.
وتوجه بالشكر “لله أولا، وبعده للمقاومة والجيش والشعب، ولكل من شارك وساهم بهذه المعادلة التي حمت لبنان وأهله من أخطر مشروع تخريبي وتدميري إقليمي ودولي، وستحميه إن شاء الله من أي مشروع تقسيمي أو توطيني، وبخاصة بعد صدور الأرقام الصادمة والمزيفة عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”.
وتمنى “ونحن على أبواب سنة جديدة، ألا يكون فيها السياسيون كما كانوا في السنة التي سبقت، متخاصمين متنابذين في السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الاجتماع، بل في كل الأمور التي تعني اللبنانيين من عيش وأمن واستقرار، كانوا مختلفين ومتشاكسين، ليس بدافع الحرص على المصلحة الوطنية وشؤون الناس، إنما بدافع الأنانيات والغايات الفئوية والطائفية والمذهبية، فهذا واقع لا يساعد على قيامة وطن، وبناء دولة، كما لا يمكن أن يستمر، وقد يؤدي إلى انفجار كبير سيصيب الجميع”.
ودعا “الجميع في ظل هذه المتحولات الدولية والإقليمية، “إلى التلاقي الفعلي، والتكامل العملي في إطار منهجية وذهنية واحدة، ينأى فيها المعنيون والمسؤولون بأنفسهم عن الفساد وهدر المال العام، وعن تقسيم الحصص، وتوزيع المغانم، ويعمدون إلى إقحام أنفسهم في ما يعني المواطن ويحقق طموحاته في الأمن والأمان والإنماء الذي ينبغي أن يكون من أولويات أي سلطة واهتمامات أي حكومة، وهذا يفرض على الجميع القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم القانونية والوطنية والأخلاقية، وذلك بإصلاح المؤسسات والإدارات، ووقف الفساد، ومحاسبة كل من يتطاول على المال العام، وحقوق الناس”.
وأكد “أننا مع الدولة ومع كل جهد ومسعى لإعادة بنائها وبناء مؤسساتها وتعزيز قدراتها، وبالخصوص المؤسسة العسكرية التي نوجه لها كل تقدير، ولكن الدولة التي نتطلع إليها نريدها للجميع، وفي خدمة الجميع، وبشراكة الجميع، لا عزل ولا إقصاء لأحد. فالتجارب علمتنا، والمآسي والأثمان أكدت لنا بأن قيامة لبنان لا تتحقق بالغلبة ولا بالهيمنة، بل بفتح صفحات الإلفة والتواد والتعاون على الالتزام بالدستور، وتطبيق القوانين، بعيدا عن المحاولات المشبوهة بهدف إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وبالتوجه الصادق من أجل تثبيت الهوية الوطنية، وترسيخ الانتماء الكلي، لبلد لا نريده تابعا لأحد، أو مرتهنا لجهة، أو معترفا بالكيان الصهيوني، لا تلميحا ولا تصريحا، بل نريده مميزا ومتمايزا بناسه ودوره ورسالته ووقوفه دائما إلى جانب الحق، مؤيدا ومناصرا لكل القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمها فلسطين، فلبنان جزء من هذه المنطقة، والتكفير عدوه المطلق، كذلك إسرائيل، فهي عدو مطلق وشر مطلق، فكريا وأيديولوجيا، وبحسب اللاءات الثلاث لا سلام ولا مفاوضات ولا تسوية معها مطلقا، فالقدس لله وليست لإسرائيل، وهي كانت عدوا وستبقى عدوا حتى لو صالحها العرب، وفلسطين عربية وستبقى عربية، وعاصمتها القدس الشريف وليست أبو ديس، ولن يغير من هويتها أو يشوّه من رمزيتها، أو ينال من قدسيتها أي قرار مهما علا شأنه، أو أية مساومة تواطئية وانبطاحية من هنا أو هناك”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام