قالت منظمة العفو الدولية إن التغلب على ثقافة الإفلات من العقاب الراسخة في المجتمعات يتطلب وجود نظام قضائي مستقل ونزيه يلتزم بمعايير الإجراءات القانونية الواجبة ويقدم محاكمات عادلة ونظاما قانونيا ينص على عقوبات مناسبة للجرائم المرتكبة ولكنها لا تشمل عقوبة الإعدام أو غيرها من أشكال سوء المعاملة و العقوبة القاسية أو اللاإنسانية و المهينة. كما يتطلب ذلك تعاون من السلطات التنفيذية الملتزمة حقا بدعم حقوق الإنسان و ضمان المساءلة و الإرادة السياسية لضمان ذلك.
وخلال ندوة “تحديات أمن وسلامة الصحفيين .. واقع الانتهاكات وجهود الحماية” التي أقيمت في العاصمة اللبنانية بيروت بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الافلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، قالت ممثلة المنظمة سيما كاتلينغ إن القضاء في البحرين مازال يفتقر إلى الاستقلالية والحياد، و هذا ما تعكسه استجابة المحاكم المتساهلة لانتهاكات قوات الأمن، وقد أثارت بعض التصريحات والإجراءات التي قام بها كبار المسؤولين الشكوك حول التزام الحكومة بضمان المساءلة.
وأضافت: “على سبيل المثال، ونحن نتحدث عن الصحفيين في هذه الندوة، وسوف أقدم لكم مثال حالتين: توفي عبد الكريم الفخراوي، 49 عاما، في 11 أبريل / نيسان 2011 بعد تعرضه للضرب الفضي الى الموت أثناء احتجازه في وكالة الأمن القومي البحرينية. وقد كان مؤسس صحيفة الوسط، إحدى الصحف المستقلة القليلة في البحرين، وعضو في حزب سياسي بارز. و قد حكم على اثنين من ضباط قوات الأمن السجن لمدة سبع سنوات بسبب وفاته، ولكن بقرار من محكمة الإستئناف تم تخفيف الحكم إلى ثلاث سنوات”.
وتطرقت إلى مثال اخر بالقول: “اعتقلت الصحفية نزيهة سعيد في مايو / أيار 2011 واتهمت بأنها تنتمي الى جماعة أرادت إسقاط النظام و قد قامت بنفي هذا الإتهام. مجموعة من ضباط الأمن قامت بضربها بخرطوم ولكمها وركلها بينما كانت معصوبة العينين. كما قامت شرطية بصعقها بصدمات كهربائية وقامت بدفع رأسها داخل أسفل المرحاض. وتمت محاكمة أحد ضباط الشرطة ولكن تمت تبرئته في عام 2012 وأيدت المحكمة حكم البراءة في منتصف عام 2013. على الرغم من تقارير الطب الشرعي والطبي التي لاحظت الكدمات على جسم نزيهة، وتقريرين يؤكدان ان الكدمات هي نتيجة للضرب بغرض طويل. وبعد أكثر من عام، استدعت وحدة التحقيق الخاصة نزيهة سعيد لاستجوابها عن شكوى التعذيب. ومع ذلك، عندما ذهبت إلى وحدة التحقيق الخاصة في نوفمبر / تشرين الثاني 2014، اقتيدت إلى الغرفة التي تعرضت فيها للتعذيب قبل ثلاث سنوات، و طلب منها تحديد الشرطيات اللاتي قمن بتعذيبها من بين مجموعة من الضابطات اللاتي حضرن و هن يضحكن كما لو أنهن أردن ترهيبها. و قامت بتحديد أحدى الحاضرات على أنها قامت بتعذيبها ، وأبلغها محقق وحدة التحقيق الخاصة بأنها ستمنح فرصة للتعرف على الآخرين، على الرغم من أن ذلك لم يحدث. ولم تقم وحدة التحقيق الخاصة بملاحقة الشرطية التي حددتها نزيهة سعيد، وبعد ذلك بعام، في نوفمبر / تشرين الثاني 2015، أغلقت تحقيقاتها في شكوى التعذيب التي قدمتها بسبب “عدم وجود أدلة”. وقالت نزيهة سعيد لمنظمة العفو الدولية إنها أصيبت بصدمة شديدة نتيجة إعادتها إلى الغرفة حيث تعرضت للتعذيب ومواجهتها لضابطات ضاحكات و هن يحطن بمن قامت بالتعذيب المزعوم الذي تعرضت له”.
وذكرت كاتلينغ إنه “منذ حزيران / يونيو 2016، كثفت السلطات البحرينية حملتها على نقاد الحكومة. وقد منعت السلطات البحرينية عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين وحظرتهم من السفر إلى جنيف بسويسرا للمشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وفي الآونة الأخيرة، في نهاية أبريل / نيسان 2017، وقبل جلسة مراجعة حقوق الإنسان في البحرين في جنيف في 1 مايو / أيار، تم استدعاء 32 من أولئك النقاد على الأقل لاستجوابهم من قبل النيابة العامة ووجهت لأغلبيتهم بتهمة “التجمع غير القانوني” . وحدث الشيء نفسه مرة أخرى بين نهاية آب / أغسطس، قبيل الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان و جلسة نتائج الاستعراض الدوري الشامل في البحرين”.
وطالبت العفو الدولية بمساءلة الدول وضمان تطبيق العدالة الحقيقية على جميع مواطنيها دون تمييز.
جاء كلام كاتلينغ في تقرير تلته وتطرقت أيضاً إلى شمول عمل منظمة العفو الدولية على الرصد والتوثيق و التسجيل والبحث وتأكيد المعلومات الواردة ومن ثم التحدث علنا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في مختلف أنحاء العالم. ونحاول إجراء حوار مع السلطات المعنية من خلال الاستفسار معهم وطلب التوضيح وتقديم التوصيات اللازمة وبعبارة أخرى نحمل السلطات المسؤولية عن و نسائلها عن تلك الإنتهاكات اعتمادا على طبيعة القضية التي نتعامل معها وضرورتها، نختار البيانات العامة والحملات اللازمة و نجري المكالمات مع شبكاتنا للتحرك أو توعية و تنبيه الجمهور حول المشكلة.
وقالت كاتلينغ إن المنظمة تقوم أيضا بالدعوة والضغط من خلال إعلام وتحفيز ودعوة الدول او الجماعات التي لها علاقات اومصالح خاصة مع السلطات المعنية.
ودعت المنظمة البحرين والدول الأخرى للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي المسجونين لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي؛
كما طالبت بضمان محاكمة عادلة لجميع الذين يحاكمون لارتكاب جرائم جنائية بصورة تتطابق مع التزاماتهم بموجب القانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان؛
وقالت إنه وتماشيا مع المعايير الدولية، ندعو لإعداد تحقيقات سريعة وشاملة ونزيهة ومستقلة (من جانب هيئة مستقلة) في جميع ادعاءات التعذيب والوفيات أثناء الاحتجاز والقتل غير القانوني؛ وضمان محاسبة جميع من يشتبه في ممارستهم للتعذيب والقتل غير القانوني أو أولئك الذين كانوا متورطين في التعذيب أو ارتكبوا أعمال القتل غير المشروع وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان بغض النظر عن مكانتهم أو مركزهم في الحكومة وتصنيفاتهم في القوات الأمنية والعسكرية ، في محاكمة تتلائم و الضمانات الدولية للمحاكمة العادلة العادلة ودون اللجوء إلى عقوبة الإعدام؛ وتزويد جميع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بتعويضات كاملة.