ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أشار فيها إلى أنه “بالرغم من أننا ننعم بنسبة مقبولة من الاستقرار الأمني، ولكن يجب أن نبقى على جهوزية عالية، وعلى تواصل أعمق وأشمل بين جميع الأفرقاء اللبنانيين، لأن الأوضاع لا تزال خطرة ودهماء، والأيام الآتية قد تكون حبلى بالمفاجآت. فالمشاريع الدولية والخطط المرسومة لا تدعو إلى التفاؤل، بل تؤكد الحاجة الماسة إلى المزيد من التضامن والتعاون بين اللبنانيين، بعيدا عن الحسابات الضيقة التي قد تطيح بكل الإنجازات والانتصارات التي تحققت على أيدي المقاومين، وستستكمل إن شاء الله على أيدي جيشنا الوطني الذي نراهن عليه، ونتطلع إلى اليوم الذي يتمكن هذا الجيش من استعادة هيبة الدولة، وتأكيد حضورها في كل المستويات”.
ووجه قبلان خطابه للبنانيين بالقول: “من هنا ونحن في مرحلة حساسة ودقيقة جدا، ونتهيأ جميعا لنكون جيشا وشعبا ومقاومة في مواجهة الإرهابيين في جرود القاع ورأس بعلبك، وما تبقى من دواعش في الداخل وعلى الحدود اللبنانية السورية، ندعو الجميع إلى أن يكونوا في مستوى هذه المعركة، وعلى قدر عال من الإحساس بالمسؤولية الوطنية، ومن دون خلفيات وحسابات ورهانات أثبتت الأحداث أنها خاطئة، وعلى أصحابها أن يكونوا أكثر موضوعية وعقلانية في تعاملهم مع الواقع، وخصوصا ما يجري في سوريا، حيث بات من المؤكد والواضح أن سوريا انتصرت، والمؤامرة عليها وعلى شعبها قد انكشفت، وأن خيار المقاومة وعدم الإذعان والخضوع من العراق إلى اليمن إلى سوريا إلى لبنان قد أثبت صوابيته وجدواه”.
وأضاف: “لقد أتخمتنا الصراعات والانقسامات، وبات لزاما علينا أن نستخلص العبرة من كل التجارب والإخفاقات التي مررنا بها، كما بات علينا أن نعي جميعا بأن ما بين لبنان وسوريا لا يمكن أن تغيره سياسة من هنا أو هناك، فالواقع الجغرافي والتاريخي والاجتماعي يتطلب إرادة حرة وقوية، تدفع بأصحابها إلى المصالحة، وإعادة التطبيع والتنسيق مع سوريا، لأن أمن سوريا من أمن لبنان، والعكس صحيح. فلتتوقف المكابرات، وليعرف كل فريق حجمه ومقاسه وحدوده، ولنعد جميعا إلى المساحة المشتركة التي منها ننطلق نحو بناء الوطن المعافى والقادر على الصمود في وجه التحديات والاستحقاقات، إذ يكفي تعنتا وعنادا وعداوة ضد سوريا، وليتوقف هذا الخطاب التحريضي، وكل هذه الإيحاءات المفبركة والمغلوطة التي يدعيها أصحابها، بأننا إذا كنا مع سوريا فهذا يعني أننا خارج الإجماع العربي وضد العرب، لا أيها الإخوة نحن في صميم الأمة ومن صميمها، ولا نعمل إلا ما يرضي الله، ويحقق وحدة العرب ومصلحة الأمة، فهذا هو مسلكنا، وهذه هي غايتنا، وهذا ما تؤكد عليه مواقفنا ومواقعنا وتضحياتنا من أجل حقوق الأمة في فلسطين وسواها، ولو تخلف الكثيرون، وهذا ما سنبقى عليه”.
وتابع: “لن نرد على الأبواق الرافضة لإنجازات المقاومة وانتصاراتها، والمشككة بقدرات الجيش اللبناني، ولكننا نقول لمن يريد أن يسمع ويعي: نحن مع هذا الجيش وإلى جانبه، نحن مع لبنان الواحد الموحد، نحن مع الشراكة وصيغة العيش المشترك، نحن إلى جانب سوريا ومع كل العرب الذين يعادون إسرائيل، ويؤمنون بأن التضامن العربي واجب، وبأن الخلافات العربية-العربية، يجب أن تتوقف، وأن الصراعات والعداوات مع الجمهورية الإسلامية هي خارج كل السياقات الطبيعية والإسلامية. وعليه، ندعو الجميع إلى رأب الصدع ولم الشمل وفتح أبواب المصالحات على مصراعيها، لأن مشروع تدمير المنطقة وتهجير أهلها ووضع اليد على الخيرات والثروات قائم ولا يواجه إلا بالوحدة وطرد شياطين الفتنة”.
وعن موضوع سلسلة الرتب والرواتب وعما يجري من لغط حولها وما يرافقها من اعتراضات، قال المفتي قبلان: “نعم يجب الموازنة بين حقوق الناس وحقوق الدولة، فهذا أمر بديهي وطبيعي، ويجب أن يكون مكرسا وثابتا، ولكن ما ينبغي التحذير منه والتنبه إليه، هو استمرار الهدر والفساد المستشري وعدم الدخول في عمل إصلاحي جذري وتغيير حقيقي، نعم نحن نريد أفعالا لا أقوالا، نريد مشاريع وخططا إنمائية وبرامج اقتصادية، اللبنانيون جميعهم يطالبون بانفراجات اقتصادية فعلية، لقد شبعنا وعودا وتنظيرات، وعلى هذه الحكومة أن تكون صادقة مع نفسها ومع شعبها، فتعمد إلى البحث بكل جدية وصدق في كل الملفات الخدماتية والصحية والبيئية والتربوية، وبالخصوص ملف النازحين الذي يفترض حلولا جذرية وبأسرع وقت”.