“.. بقتلك أعطوا دفعا جديدا لمسيرتنا… نحن مستمرون على النهج الذي اخترته، مستمرون في مواجهة إسرائيل، ومستمرون في مواجهة التكفيريين، بالنسبة إلينا لا يوجد إلا عدو واحد هو إسرائيل ومن معها تختلف الصورة وتختلف المواقع ولكنهم جميعا في نهاية المطاف في داخل المشروع الإسرائيلي”، هذا ما أعلنه نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في تشييع القائد الجهادي الشهيد مصطفى بدر الدين تجديدا للعهد بالسير على دربه وحفظ نهج وانجازات المقاومة.
فهذه المقاومة تعيش وتنطلق وتتطور كلما قضى منها شهيد وكلما ارتقى من قادتها الشهداء، فهذه الدماء هي التي أثمرت انجازات وانتصارات منذ الشهداء الاوائل في مسيرة المقاومة، منذ “فاتح عهد الاستشهاديين” احمد قصير وشيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب مرورا بدماء الحاج رضوان واليوم الشهيد السيد ذوالفقار، فلولا هذه الدماء لما تحقق نصر العام 2000 ولما كتب النصر الالهي في تموز 2006، ولولا هذه الدماء لكان الارهاب التكفيري يقاتلنا اليوم ليس في القصير والهرمل بل في بيروت وجونيه والضاحية الجنوبية والجنوب وجبل لبنان.
ولمن يذكر عند انفلات عقال الجماعات الارهابية خرجت المقاومة لقتالها وإبعادها من القرى اللبنانية الحدودية مع سوريا والتي عانت ما عانت من تهديد هذه الجماعات الاجرامية، بينما اليوم هذه الجماعات ابتعدت عن معظم الحدود اللبنانية بفعل ضربات المجاهدين، بل باتت المقاومة تلاحقهم الى مئات الكيلومترات داخل الاراضي السورية، بما يحصن الداخل اللبناني ويحمي الامن والاستقرار فيه ويؤكد ان الدماء التي تقدم ليس الهدف منها إلا حماية لبنان شعبا ودولة ومؤسسة واي كلام غير ذلك يأتي في سياق التضليل الاعلامي والتطاول على التضحيات الشامخة للشهداء ويكون مردودا على اصحابه.
قطرات الدماء تروي راية النصر الحاسم..
ورغم كل الصعاب ومحاولات اثارة الفتن من قبل البعض، تؤكد المقاومة انها حاضرة لابعاد الاخطار عن لبنان مهما غلت التضحيات ولو كانت من مستوى الشهيد القائد بدر الدين، فالمقاومة طالما اعتادت تقديم قادتها وأبنائهم في سبيل الله والوطن، وهي تعتز وتفتخر وتسمو بدمائهم وتزداد ثباتا وصبرا واصرارا على متابعة المسيرة، فلا مكان للتراجع ولا مكان لليأس في قاموس المقاومين، والتجارب أثبتت ان المقاومة تجدد نفسها بنفسها وتقوم بعد كل ضربة أقوى من ذي قبل وإلا كيف نفسر تطورها الى الحد الذي وصلت اليه اليوم حيث باتت قوة اقليمية كبرى تقارع أعتى الجيوش وتغير معادلات وتفشل مؤامرات رسمها العقل الاميركي والاسرائيلي ومن معهما من الانظمة والادوات التكفيرية.
وللنظر الى إصرار وعزيمة ويقين وحضور المقاومة ما عليك سوى النظر الى بيئتها ومجتمعها وأهلها ورؤية عوائل الشهداء بشموخهم المعتاد كلما قدموا شهيدا على طريق القدس وفي دروب النصر والجهاد، فهل تجد عائلة شهيد منكسرة او منهارة ام تراها صابرة متماسكة واثقة عازمة على مواصلة تقديم التضحيات في سبيل الله؟ فهذا الشهيد “السيد ذوالفقار” صهر الشهيد “الحاج رضوان” واخويه جهاد وفؤاد وخال الشهيد جهاد، فهذه عائلة احترفت الجهاد وأتقنت تقديم القادة وريّ المقاومة بقطرات الدماء على هدى عاشوراء الامام الحسين(ع)، عائلة اختصرت حكاية مقاومة وشعب يلملم جراحه ولا تكسره الازمات بل تزيده قوة وعنادا، وهذه المقاومة المؤسسة الولادة للادمغة في الامن والعسكر والسياسة لا خوف عليها على استمراريتها وصولا للنصر الحاسم، فلا خوف على امة فيها النصر.. نصر الله.
وحول الشهيد القائد ومسيرته الجهادية، قال الاعلامي اللبناني يونس عودة الذي عرف الشهيد عن قرب منذ الصغر إن “الشهيد مصطفى كان يتمتع بذكاء كبير وحس قيادي منذ نعومة أظافره وتنطلاقا من ذلك عمل على تطوير قدراته الذاتية على مختلف الصعد العلمية والثقافية والدينية الى جانب الثقافة العسكرية والامنية التي اكتسبها من خلال الميداني والمتابعة عبر الدراسات المختلفة”، وتابع “الشهيد كان يستفيد لأقصى الدرجات من التجارب ودروس الماضي منذ معارك العام 1982 في خلدة وبعدها مواجهة الجيش الاسرائيلي عند جسر المطار”، لافتا الى ان “الشهيد شارك في عمليات لضرب جيش العدو على طريق المطار وعند مداخل بيروت الى جانب الشهيد القائد عماد مغنية وغيرهما من الشهداء والقادة الاحياء”.
واعتبر عودة في حديث لموقع “قناة المنار” ان “عودة السيد ذوالفقار من الكويت شكلت مرحلة مفصلية في عمله الجهادي حيث عاد وعمل على تطوير إمكانات المقاومة لايمانه بقضية فلسطين”، واشار الى “اهمية التجارب التي خاضتها المقاومة خلال عدوان تموز 1993 وعدوان نيسان 1996 حيث لعب الشهيد القائد دورا كبيرا في تحقيق انتصارات المقاومة”، واوضح “رغم انه وضع منذ سنين طويلة على قوائم الارهاب الاميركية فإن هذا الامر لم يرهبه ولم يجعله يبتعد عن الناس وقضاياهم الاستراتيجية بل تابع عملية التطور والتطوير لآليات عمل المقاومة وقدراتها المختلفة وكيفية تلافي الاخطاء السابقة”، واصفا الشهيد بدر الدين انه “صاحب ارادة فولاذية بكل معنى الكلمة على الصعيدين البدني والفكري”.
وعن حضور السيد ذوالفقار في الميدان، اكد عودة ان “القادة الحقيقيون لا يقودون المعارك والتحضيرات من خلف المكاتب بل يقودونها من المقدمة ولا يهربون من المواجهة”، واضاف “القادة يثابرون ويعملون جنبا الى جنب مع شباب المقاومة أينما كانوا في اي ارض وفي أي موقع دفاعا عن الامة وفلسطين”، ولفت الى “مصطفى بدر الدين هو من رجال مدرسة المقاومة التي تدفع من دماء قادتها كي تبقى هذه المسيرة”، وأشار الى ان “المقاومة التي أنجبت مصطفى بدر الدين وعماد ومغنية وغيرهم الكثير ستنجب غيرهم خاصة ان هؤلاء يدركون انهم يسيرون في طريق الاستشهاد وهذا ما كانوا يسعون له ويتمنون الحصول عليه”.
وحول استهداف الشهيد بدر الدين معنويا قبل اغتياله، قال عودة إن “محاولات استهدافه المعنوية عبر الكثير من الطرق ومنها المحكمة الدولية الهدف منها ليس فقط تشويه صورته بل أيضا استهداف صورة المقاومة وكل من يحاول معاندة وتعطيل المؤامرات الاميركية في المنطقة”، وتابع “لذلك نرى الاعداء لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها لسنين طويلة من الاعلام الى السياسة وما يسمونه المحكمة الدولية الى العسكر والامن وهو لم يرتعب ولم ترتعد فرائسه طوال السنين الماضية بكل كان في كل يوم يزداد اصراره على العمل”.
وأسف عودة ان “البعض في لبنان حاول التطاول على الشهيد ويحاولون محاصرة كل من يتحدث بالايجاب عن المقاومة وقادتها”، ولفت الى ان كل ذلك يندرج ضمن خطة جيفري فيلتمان الصريحة لتشويه صورة المقاومة”، وأشار الى ان “المقاومة اليوم متكاملة فكما هناك مقاومة عسكرية وامنية هناك مقاومة سياسية واعلامية ومن هنا يأتي اهتمام الشهيد القائد بدر الدين بالحرب الاعلامية لإبراز إنجازات صورة المقاومة وبطولاتها أمام الرأي العام وأمام مجتمعها وأهلها لوضعهم في حقيقة صورة ما يجري في كل الاوقات والمراحل”.
وعن الشهيد القائد السيد ذوالفقار كتب الاعلامي ابراهيم الامين في جريدة الاخبار اللبنانية السبت 14-5-2016 “.. للرجل سيرة جهادية طويلة جدا ستكتب بتفاصيلها كاملة يوما ما، لكن، مثل حال رفيقه الحاج رضوان، سيظل سجل انجازاته مغفلا لسنوات تطول او تقصر بحسب ما تراه المقاومة مناسبا، الامر ليس له صلة بالترفع عن رواية تاريخ الشهداء القادة، بل له صلة بما انجزه هؤلاء من برامج تبقى محل تفعيل طوال الوقت، ويتابعها من يخلفهم في قيادة المعركة المفتوحة مع العدوين الاسرائيلي والتكفيري، ومن خلفهما الولايات المتحدة الاميركية والسعودية وتركيا ومن معها”.
وبحسب الامين “صنفان هما اعداء الشهيد الكبير، واحد عارف به، سيظل يخشاه بعد استشهاده، وسيظل يتحسب ان انتقاما اعده ذو الفقار لنفسه بنفسه، وثان جاهل به، سيأتي اليوم الذي يتعرف فيه على حقيقة بطل من أمتي!”.
المصدر: موقع المنار