كما نعلم، يمر الطفل بعدة مراحل النمو؛ منها مرحلة الحبو، ثم مرحلة الكلام، وصولاً إلى مرحلة المشي على قدميه، ولكن يبقى السؤال الذي يحير الكثير من الآباء حول العمر المناسب الذي يبدأ فيه الطفل بالكلام.
تنبني العلاقات الإنسانية على مبدأ التواصل بين مختلف الأفراد، لذلك يعتبر تطوير لغة الطفل من بين المسائل المشتركة التي تثير قلق العديد من الآباء والأمهات.
يمكن للطفل أن يتجاوز صعوبات النطق أو الكلام انطلاقاً من المنزل. وبناء على ذلك، هذه مجموعة من النصائح يوصي بها الخبراء:
– قراءة قصص للطفل من حين إلى آخر وتحفيزه من خلال الألعاب والأغاني.
– تعزيز الحوار مع الطفل مع مراعاة نسق وطريقة تعبيره.
– تعزيز الاستقلالية الشخصية لدى الطفل.
– تجنّب استعمال المصاصة أو الرضاعة (الببرونة) فترة طويلة، فضلاً عن تجنب المأكولات المطحونة بعد أن يبلغ الطفل 12 شهراً؛ لأنها يمكن أن تقف عائقاً أمام تطور اللغة.
يعتبر الوالدان مرآة الطفل التي ينظر إليها عند الكلام، فهما يمثلان المرجع اللغوي الأساسي، لذلك ينبغي للوالدين نطق الحروف بشكل سليم، من الضروري أن يروي الآباء لأطفالهم كل ما قاموا به في أثناء النهار؛ لأن ذلك سيكون بمثابة عامل مساعد يمكّن الطفل من التعبير عن نفسه بشكل آمن (سوف نذهب إلى السوق لشراء الفاكهة، وفي طريقنا سوف نزور منزل ابن عمك).
من المستحسن أيضاً تجنب استعمال اللغة الطفولية مع الأطفال وتسمية الأشياء مسمياتها، إلى جانب ذلك، حاولي أن تتفادي تصحيح كلام طفلك بطريقة أو بأخرى. فقط تكتفين بتكرار كلامه بالشكل الصحيح دون أن يدرك ذلك.
يمكن للتكنولوجيات الحديثة أن تكون أداة مفيدة لمساعدة الطفل في مساره اللغوي إلى أن يصبح متمكناً وقادراً على التحكم فيها. في المقابل، ينبغي استعمال هذه الأجهزة بالشكل الصحيح وأن يكون استخدام الطفل لها دائماً تحت إشراف شخص بالغ.
ينبغي أن يتعامل الوالدان مع الطفل بصفة طبيعية خلال مرحلة تعلمه للغة وعدم المبالغة في ذلك؛ لأن هذه المرحلة مهمة شأنها شأن بقية مراحل النمو الأخرى.
ما هو العمر المناسب ليبدأ الطفل في الكلام وفقاً لأطباء الأطفال؟
في إطار الإجابة عن هذا التساؤل، بينت طبيبة الأطفال وعضوة في الرابطة الإسبانية لطب الأطفال والرعاية الأولية، الدكتورة غوادالوبي ديل كاستيو، أنه من الصعب تحديد نمط حياة طبيعي يجمع كل الأطفال، وذلك شأنه شأن مسألة تطور النمو، الذي يختلف من طفل إلى آخر بدرجة كبيرة؛ لأنه لكل طفل نمط تطور خاص به.
ففي عمر السنتين، يتمتّع جل الأطفال بقابلية معينة لفهم ما يحيط بهم، ويصبحون نوعاً ما قادرين على تكوين جملة تتكون على الأقل من كلمتين، وعلى الرغم من أن هذه الجملة ليست سليمة نحوياً، فإن المهم في هذه المرحلة اكتساب القدرة على التواصل.
وفي السياق ذاته، أضاف خبير علم النفس وتقويم النطق خوسيه رويز، أن العديد من الأطفال يعانون مشاكل على مستوى النطق في سن مبكرة جداً، وتعتبر هذه الحالة نتيجة لعدم التواصل والحديث مع الطفل منذ صغره.
كما يمكن أن يعزى ذلك إلى قلة عدد الأشقاء في الأسرة أو عدم وجود الكثير من الأشخاص الذين يقضون وقتاً مع الطفل ويسعون بأي طريقة من الطرق إلى مساعدته على اكتساب اللغة، وبسبب قلة التواصل، لا يسمع الطفل كلمات كثيرة ولا يرى من يتكلم من حوله، وبذلك لن يحاول التقليد.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن نسق اكتساب اللغة يختلف من شخص إلى آخر؛ إذ إن مهارات الاتصال لدى الأطفال يمكن أن تتخطى الكلمات في أغلب الأحيان.
وفي هذا الصدد، أبرزت الأخصائية النفسية غوادالوبي أنه بإمكان الطفل أن يتعلم التعبير بطرق أخرى على غرار النطق، وذلك من خلال الإيماءات.
فحتى لو كان يعاني تأخيراً بسيطاً في التكلم، فذلك لا يدعو للقلق؛ إذ يمكنه التغلب على هذه الصعوبة مع الوقت، كما هو الشأن بالنسبة لطفل مولود من أبوين أصمين؛ إذ إنه سوف يتعلم لغة الإشارة أولاً بدلاً من النطق، وهؤلاء الأطفال لا يعانون أي مشاكل أخرى في النطق.
المصدر: هافينغتون بوست