كشف تقرير صادر عن وزارة العدل السعودية، أن محاكم الاستئناف نقضت نحو 28 ألفا و450 حكماً قضائياً صدرت من المحاكم الابتدائية، العام الماضي فقط، كان أبرزها نقض حكم الإعدام بحد الردة على الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، وعشرات الأحكام التي أثارت الجدل في الشارع السعودي. وكشفت مصادر من وزارة العدل لـ”العربي الجديد”، أن تحذيرات صدرت من الوزارة للقضاة بأهمية التروّي، وعدم إصدار أحكام مثيرة للجدل تتسبب في إحراج السعودية أمام العالم، من دون أن يكون هناك سند قانوني قوي لها.
وتنتظر قضايا هامة عدة، شغلت الرأي العام، ردّ محكمة الاستئناف، أهمها قضية مرتد حفر الباطن الذي حكمت عليه المحكمة العامة بالقتل بحد الردة، ونُقض الحكم في وقت سابق، ولكن القاضي أصر على حكمه الأول وعادت القضية إلى الاستئناف من جديد.
وأكد المحامي ثروي المفلح، أن قضية موكله المذكورة من القضايا الشائكة، لوجود عدة ملاحظات على الحكم الأول، وقال: “أمور كثيرة في القضية غير مترابطة، أهمها أن القاضي اعتمد في حكمه على شهود هم في الأساس المدعون، وهم رجال هيئة الأمر بالمعروف الذين اعتقلوا المتهم، كما أن التقارير الطبية أكدت أن المتهم كان مخموراً لحظة القبض عليه، وتلفّظه بما اعتُبر ردة عن الإسلام، وهو أيضاً مريض نفسي بشهادة الأطباء”. ويتوقع المفلح أن تكون قضية موكله واحدة من القضايا التي ينقضها الاستئناف قريباً.
من جهته، أكد المستشار القانوني، أحمد الراشد، أن نقض الأحكام يبيّن المشكلة الكبيرة في طريقة النظر في القضايا، خاصة تلك التي تندرج تحت باب التعزير الذي لم يرد فيه نص شرعي. وقال لـ”العربي الجديد”: “المجال المتروك للقضاة في تقدير الأحكام التعزيرية واسع، يبدأ بالتوبيخ ويصل إلى القتل تعزيراً، لذلك احتمالات الخطأ واسعة بدورها، ولكن هناك نافذون في وزارة العدل يرفضون تقنين ذلك، ويصرون على بقاء الحال على ما هو عليه”، مشيراً إلى “مقاومة القضاة القدماء كل خطوات التطوير التي حاول وزير العدل السابق القيام بها، وحتى تلك التي يحاول الوزير الحالي إقرارها، ولكن القضاة الجدد أكثر انفتاحاً”، معرباً عن أمله في أن يكون هذا العدد الكبير من الأحكام المردودة “سبباً في تحرك وزارة العدل بسرعة لإصلاح وضع القضاء في البلاد”.
من جانبه، شدد المفكر والناشط في مجال القضاء، الدكتور ناصر العمري، على أن القضاء يكتسب نزاهته من الأحكام الدقيقة الصادرة عنه، بهدف تحقيق العدالة، سواء بتجريم من تثبت إدانته، أو تبرئة من لم تكن الأدلة كافية لتجريمه.
واعتبر أن “وصول عدد القضايا المنقوضة إلى أكثر من 28 ألف قضية يكشف عن خلل لا بد من علاجه سريعاً، من خلال تشديد الرقابة على أداء القضاة”. وقال لـ”العربي الجديد”: “ردّ أكثر من 28 ألف حكم يعني أن هناك أكثر من 28 ألف متهم تمت إدانتهم بشكل متسرع من قضاة المحاكم الابتدائية، ونأمل أن يكون الجهد الذي تقوم به محاكم الاستئناف للتدقيق في الأحكام سبباً في مراجعة القضاة أحكامهم قبل صدورها خوفا من ردها”.
ورأى العمري “وجوب إعادة النظر في الطريقة التي تُدار بها المحاكم الابتدائية، فبعض الأحكام لا يمكن محو آثارها حتى لو رُد الحكم فيها لاحقاً. على سبيل المثال، من سيعيد لعائلة فياض والدهم الذي توفي بجلطة قلبية بعد سماعه حكم الإعدام على ابنه أشرف، وهو حكم تم رده لاحقاً”.
المصدر: جريدة العربي الجديد