لا يمكنك أن تزور طوكيو أو أن تمشي في شوارعها أو تركب مواصلاتها العامة دون أن تنتبه لليابانيين الذين يضعون الأقنعة الطبية (الكمامات) على وجوههم. قد تعتقد أن الإنفلونزا هي السبب في البداية، لكن مع مرور الوقت خلال زيارتك لطوكيو، ورؤيتك للمزيد من الناس يضعون الأقنعة على وجوههم، قد تتساءل لماذا هذه الأقنعة؟ وهل يعقل أن نصف اليابانيين مصابون بالإنلفونزا خلال هذه الأيام؟
الاجابة عن هذا التساؤل قد تقودك لمعرفة الكثير عن اليابان، تاريخها، ومواسمها، وحتى عادات الناس وكيف تتعامل معهم.
تاريخياً، بدأ اليابانيون لبس الأقنعة الطبية عام 1918 مع انتشار ما عرف وقتها بجائحة 1918 أو الإنفلونزا الإسبانية، التي انتشرت في أوروبا والعالم وقتلت من الناس أكثر ممن قتلوا في الحرب العالمية الأولى.
بعدها بسنوات، وتحديداً في 1923 ضرب زلزال كانتو اليابان، وتسبب بتهدم نحو 600 ألف منزل في معظم أرجاء البلاد، وكان للدمار الذي خلفه الزلزال سبب كبير في تلوث سماء اليابان، فلجأ أهلها للبس الأقنعة مجدداً.
بعد ذلك نشط استخدام الأقنعة مجدداً عام 1950 بالتزامن مع الثورة_الصناعية في اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تلك الثورة خلفت تلوثاً كبيراً جعل من لبس الأقنعة عادة عند اليابانيين.
وفي تاريخ اليابان الحديث، ارتفع استخدام الأقنعة الطبية ثلاثة أضعاف بسبب المخاوف من #الإنفلونزا في 2009، والقلق بخصوص الانبعاثات #النووية بعد زلزال 2011، وفي 2013 بلغ حجم سوق الأقنعة في اليابان أكثر من 200 مليون دولار، ويصل متوسط سعر القناع 50 سنتا، هذا يعني أن اليابانيين استهلكوا 400 مليون قناع طبي في 2013.
ومع حلول الربيع، يحل موسم زهرة الساكورا، ويمثل واحداً من أجمل الاحتفالات السنوية في اليابان، ومع تفتح الساكورا، تنتقل بذورها في الجو، الأمر الذي يسبب الحساسية للكثير من اليابانيين، فيلجأ الكثير منهم للبس الأقنعة لتفادي الحساسية في موسم الربيع تحديداً.
ومؤخراً يلبس بعض اليابانيين القناع الطبي كنوع من أنواع الانعزال عن المجتمع، فإذا كنت في الشارع، أو في المترو، ورأيت يابانياً يلبس القناع ويضع سماعات الأذن، فقد تكون تلك إشارة غير مباشرة يعني صاحبها أنه لا يفضل الحديث مع أحد في الوقت الحالي.
المصدر: هافينغتون بوست