ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة استهل شقها السياسي “بحديث أمير المؤمنين حيث قال:”دولة الفجار مذلة الأبرار”، ويقول أيضا:”دولة الأوغاد مبنية على الجور والفساد”. قولان يصحان على واقعنا اللبناني، ويجسدان حقا ما نحن عليه من جور وفساد وفجور سياسي، يتمثل بهذه الطبقة السياسية التي ذلت الناس بجورها وفسادها، وعدم استشعارها بمخاطر هذا الإفلاس السياسي الذي أدخل البلاد والعباد في أنفاق, قد تلغي ما تبقى من هذه الدولة، التي تعطلت مؤسساتها وإداراتها، وأصبحت تدار من قبل مافيات الفساد وعصابات السلطة، فلتان وفوضى وصفقات وتشابك مصالح طغت على مصلحة البلاد العليا، وتكاد تزعزع الثوابت الوطنية، تحت وطأة هذه الانقسامات السياسية والطائفية والمذهبية، التي طالما حذرنا منها ونبهنا إليها، وكنا ولا نزال ندعو إلى التهدئة واعتماد التعقل في مقاربة القضايا الوطنية، لاسيما في ظل هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة، ويمر بها لبنان، حيث لا يجوز التفريط بالوحدة الوطنية، وتعريض الشراكة إلى الاهتزاز، فلبنان لا يقوم إلا بجناحيه المسلم والمسيحي، ولا يفكرن أحد بأنه قادر على مصادرة القرار، أو الاحتيال على الشراكة”.
ووجه قبلان خطابه للسياسيين بالقول:”لقد حرفتكم شهواتكم، وأخذتكم إلى صراعات وانقسامات لا يمكن أن تبني وطنا أو تقيم دولة. نحن أمام منعطف خطير وفي مواجهة مشكل كبير، إذا بقي هذا الانقسام، واستمر هذا الإصرار على تعطيل الدولة وإفراغ المؤسسات، تحت عنوان الحقوق المسلوبة”.
وحذر “أننا قاب قوسين أو أدنى من الدولة الفاشلة، إذا لم نسارع إلى فتح أبواب المجلس النيابي، وإقرار القوانين التي تسير شؤون الدولة، وشؤون الناس. فدولة بلا تشريع وحكومة بلا تفعيل ورئاسة جمهورية مرتهنة في سوق البازارات الإقليمية والدولية هي دولة سائبة، وما نشهده من انحدار في العمل السياسي، وانحسار في هيبة الدولة، وفرز في المناصب على أساس طائفي ومذهبي، وتفاقم في الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وتفشي الجرائم، وانتشار الفساد، وغياب المراقبة والمحاسبة، وتلكؤ القضاء في محاكمة المرتكبين، كل هذا يعني أننا في دولة ورقية، فإلى متى؟ هذا سؤال برسم كل المعنيين وكل السياسيين وكل الطوائف وكل المذاهب، يتطلب جوابا واضحا وصريحا وبأسرع وقت قبل سقوط الهيكل”.
وختم قبلان :”البنانيون بكل أطيافهم وتنوعاتهم ومناطقهم يريدون الخلاص، ويدعونكم إلى التفاهم والتوافق على خلق المناخات التي تسمح ببناء دولة الشراكة والقانون”.