أم حسين على شفير الإنهيار، إذ أنها تعاني مع عائلتها المؤلفة من زوجها وأولادها الأربعة من الفقر المدقع كحال الملايين من العراقيين.
ويعاني علي زوج أم حسين من مرض السكري ومشاكل في القلب، كما أنه عاطل عن العمل وذلك بحسب موقع “بي بي سي”.
وكانت أم حسين تعمل طوال السنوات التسع الماضية كخادمة في المنازل، إلا أنها أضحت متعبة جداً ولا تستطيع العمل.
وقالت أم حسين إنني ” تعبت، وليس لدينا أي مال لندفع إيجار المنزل الذي نسكن فيه، ولشراء الأدوية ولجلب حاجات الأطفال وتوفير الطعام”.
وتسكن أم حسين وعائلتها في منزل مؤقت مؤلف من غرفة واحدة في شرقي بغداد.
وقد إنهار منزلهم المتهالك منذ عدة شهور، إلا أنهم استطاعوا توفير المال لاستئجار منزل بمساعدة الأقارب والأصدقاء.
وقال زوجها إنني ” عملت في كل مجال يمكن أن يتخيله المرء، عملت كجزار وعامل”، مضيفاً ” لا أطلب المال ، إلا أن الناس يعطوننا إياه”.
وأضاف ” لا أطلب من الناس إطعامنا، بل أطلب من إبني جمع بقايا الخبز من الطرقات لنأكله، لا أطلب لا المال أو الطعام من أحد”.
ونظراً لظروفهم المالية القاهرة، قررت أم حسين القيام بتضحية كبيرة.
وقالت أم حسين إنني ” قررت بيع إحدى كليتي”، مضيفة ” ليس بوسعي تأمين المال لعائلتي، واتخذت هذا القرار لأني لا أريد بيع نفسي أو العيش على إحسان الآخرين”.
وتوجهت أم حسين وزوجها إلى تاجر غير قانوني مختص بشراء الأعضاء البشرية، إلا أن الفحوصات الأولية أثبتت أن أعضائهما غير صحية.
وقال علي غاضباً إنه “بسبب أوضاعنا المزرية، فكرنا ببيع كلية إبني البالغ من العمر تسع سنوات”.
وأضاف ” نفعل أي شيء كي لا نستجدي من الناس”، مشيراً “لماذا نحن في هذا الوضع؟”.
ولم تقدم العائلة على القيام بهذه العملية، إلا أنها كانت فكرة راودتهم وهم في حالة من اليأس.
“تجارة الأعضاء”
وأضحت تجارة بيع الكلى والعديد من الأعضاء البشرية الأخرى، تجارة رائجة في بغداد نظراً لحالة الفقر المنتشرة في البلاد.
ويعيش حوالي 22.5 في المئة من العراقيين من أصل 30 مليون عراقي في فقر مدقع، وذلك تبعاً لإحصائيات البنك الدولي في عام 2014.
وتعرض عصابات بيع الأعضاء البشرية نحو عشرة آلاف دولار اميركي لكل كلية يتم التبرع بها، كما تستهدف هذه العصابات الفقراء في العراق، مما يجعله مركزاً لتجارة الأعضاء في الشرق الأوسط.
وقال المحامي فارس البياتي إن ” هذه الظاهرة أضحت منتشرة لدرجة أن السلطات غير قادرة على محاربتها”.
وأضاف البياتي ” لقد تعاملت شخصياً مع 12 شخصاً خلال الشهور الثلاثة الماضية، قبض عليهم بسبب بيعهم لكلاهم”، مشيراً إلى أن ” الفقر هو السبب وراء إقدامهم على بيع أعضائهم”.
وأردف ” تصور أب عاطل عن العمل، وليس لديه أي مصدر للرزق لإعالة أطفاله، فإنه سيضحي بنفسه، وأنا اعتبره هنا ضحية وأدافع عنه”.
وفي عام 2012، صدقت الحكومة على قانون جديد في محاولة للحد من الإتجار بالبشر وبالأعضاء البشرية.
ولا يسمح القانون بالتبرع بالأعضاء إلا للأقارب وبعد توقيع ورقة تراضي بينهما، إلا أن العصابات التي تتاجر بالأعضاء تعمد إلى تزوير الوثائق للحصول على مبتغاها.
وتتفاوت مدة العقوبة التي ينالها المتهم بالإتجار بالأعضاء من السجن لمدة ثلاث سنوات أو الإعدام، بحسب البياتي.
وأضاف أن ” الفقر لا يعتبر تبريراً لهذه الصفقات”.
“صفقة لم تتم”
وسمح لنا بزيارة سجين عراقي تم القبض عليه وهو يعرض كليته للبيع، واستطعنا الدخول إلى السجن لمقابلته بعدما خضعنا لتفتيش دقيق.
وقال لنا السجين محمد الذي اختار عدم الكشف عن اسمه الكامل “إنني مسجون هنا في هذا السجن ذو الحماية المشددة مع عشرة آخرين بسبب إدانتنا بالإتجار بالأعضاء البشرية”.
وقال محمد وهو أب لطفلين “إنني لم أحس بالذنب باديء الأمر”.
وأضاف ” كنت أنظر إلى الجانب الإنساني في الموضوع، إلا أنه بعد مرور بضعة شهور، بدأت أسأل نفسي عن أخلاقية هذا الموضوع، وذلك بعد رؤيتي للأوضاع المزرية للذين يقدمون على بيع أعضائهم”.
وأردف “إنفطر قلبي لرؤية شباب بعمر الورود، يبيعون أعضاءهم من أجل المال”.
وقد اعتقل محمد قبالة مستشفى حكومي في بغداد في تشرين الثاني /نوفمبر عام 2015، بعدما تنبه شرطي إلى أنه تاجر أعضاء بشرية.
وتجري جميع عمليات زرع الأعضاء في مستشفيات خاصة وعلى الأخص في كردستان العراق، بحسب ما أكده محمد، بسبب عدم وجود تشديدات كتلك الموجودة في بغداد.
المصدر: صحف ومواقع