لم تكن الخيوط التي تنساب من بين أصابع زينب، وهي تنسج بصنارتها غطاء دائرياً صغيراً، مصنوعاً من الصوف هذه المرة، بل كانت خيوطًا من أكياس «النايلون» المستعملة، عكفت الشابة الفلسطينية والمتخرجة حديثاً من الجامعة، منذ أسابيع عدة على جمعها وإعادة استخدامها، من خلال إنتاج مشغولات يدوية منها.
وعلى منضدة تتوسط غرفة الجلوس داخل منزلها، تفسح الشابة الغزية مكاناً فارغاً لوضع قبعة جديدة، صنعتها من أكياس بلاستيكية زرقاء، فيما وضعت كومة من الأكياس على الأريكة استعداداً لقصها. وتبدأ زينب عزيز بجمع أكياس النايلون أولاً، ثم غسلها وتعقيمها وتجفيفها بواسطة أشعة الشمس، ثم تصنيفها حسب سمكها، ثم تنتهي بقصّها، وعمل كرات من النايلون تشبه كرات الصوف.
وحول تجربتها، تقول عزيز، وهي أم لطفلين: «إنني أسعى لإيجاد بيئة نظيفة، والمساهمة في التخلص من المواد التالفة، من خلال إعادة استخدامها وتدويرها، وتوفير فرصة عمل أيضاً». عزيز، الحاصلة على الشهادة الجامعية في الدراسات الإسلامية، وفي اللغة العربية أيضًا، تحاول أن توفر لنفسها «فرصة عمل بسبب البطالة المنتشرة في القطاع، والناجمة عن الحصار»، وعدم حصولها على عمل في مجال دراستها الجامعية.
لهذا السبب، قررت عزيز الانطلاق بمشروع خاص بها، ومساعدة بعض النساء في توفير عمل لهن. وتروي عزيز أنه، و «عن طريق الصدفة، حضرتني فكرة صناعة مشغولات يدوية، عندما شاهدت أكياس النايلون ملقاة في الشوارع، وتعطي مظهراً غير حضاري، فقررت تحويلها إلى منتج جديد وغير تقليدي ومفيد للبيئة ولي».
وتنتج الشابة الفلسطينية قبعات واكسسوارات للفتيات، وحقائب يد، وأغطية مناضد، ودمى، وعلب أقلام، وغيرها من المنتجات الأخرى. وبحسب عزيز، فإنها عرضت الفكرة على صديقاتها، اللواتي رحبن بها جداً، وشكلن فريق «التراث الجديد» الذي يضم 20 سيدة وفتاة، لإنتاج المشغولات اليدوية من النايلون.
ويشهد قطاع غزة مبادرات فردية محدودة من بعض الشباب في إعادة تدوير بعض النفايات، مثل الأخشاب والعلب البلاستيكية. ويُنتج قطاع غزة حوالي 500 ألف طن من النفايات المنزلية سنوياً، بواقع 1900 طن يومياً، إذ ينتج الفرد الواحد ما يقدّر بكيلوغرام من النفايات بشكل يومي.
وتعتمد عزيز في تسويق منتجها على مواقع التواصل الاجتماعي، وعرض منتجاتها على الجيران والأقارب والمعارف. وتفرض إسرائيل حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة، منذ منتصف حزيران 2006، عقب فوز حركة «حماس» في الانتخابات البرلمانية.
وفي أيار العام الماضي، قال البنك الدولي في بيان، إنّ «نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 في المئة، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80 في المئة من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40 في المئة منهم يقبعون تحت خط الفقر».
(عن «الأناضول»)
المصدر: وكالة الأناضول