كَخُيُوطِ الْفَجْرِ يَخْتَرِقُ جُمُوعَ الْمُحِبِّينَ، يَدْخُلُ الْإِمَامُ والْقُلُوبُ تَنْبُضُ بِإِيقَاعٍ وَاحِدٍ، إِيقَاعٍ عَبَقُهُ شَهَادَةُ الْقَادَةِ، وَالْعُيُونُ هَائِمَةٌ بِرُوحِ الْمُقَاوَمَةِ بِأَنَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا قاد ونَصْرَ اللهِ و سليماني لَبَّيْكَ.
فِي حُسَيْنِيَّةِ الْإِمَامِ الْخُمَيْنِيِّ، حَيْثُ الزَّمَنُ تَوَقَّفَ لِيُصْغِيَ إِلَى أَصْوَاتِ الْأَرْوَاحِ الْخَالِدَةِ، تَتَلَاقَى عَوَائِلُ الشُّهَدَاءِ تَحْتَ عَبَاءَةِ النُّورِ وَالْوَلَاءِ. وَكُلُّ شُعُوبِ الْمُقَاوَمَةِ بِرَحِيلِ سَيِّدِ الْأُمَّةِ بَاتُوا عَوَائِلَ الشُّهَدَاءِ. هُنَا، كُلُّ عَائِلَةِ شَهِيدٍ كَأَنَّهَا شَجَرَةٌ رَاسِخَةٌ جُذُورُهَا فِي أَرْضِ الْمُقَاوَمَةِ. كَيْفَ لَا؟ وَهُمْ الَّذِينَ قَدَّمُوا قَرَابِينَ هَذِهِ الْأَرْضِ: قَاسِمٌ، نَصْرُ اللهِ، وَصَفِيُّ الدِّينِ، وَكَوْكَبَةٌ مِنَ الشَّامِخِينَ الَّذِينَ أَزْهَرُوا شَجَاعَةً وَحِكْمَةً فِي الْمَيْدَانِ. حَمَلُوا مِشْعَلَ الْهُوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَمَجْدَ الْأُمَّةِ، وَوَقَفُوا كَأَبْطَالٍ خَالِدِينَ يَتَوَهَّجُونَ فِي ذَاكِرَةِ هَذِهِ الْأَجْيَالِ.
وقالت زينب سليماني ابنة الشهيد القائد قاسم سليماني لمراسل المنار “كما قال سماحة القائد المقاومة حية، حزب الله كي، وفلسطين حية، وصوت المقاومة لن يخفت يوماً فأبناء الحاج قاسم سليماني سيكملون مسيرته”.
ولفت فنان ايراني إلى أنه “في عالم الفن لو حاولنا الاقتران بسيرة وطريقة حياة الحاج قاسم قد نستطيع أن نعكسها ونخلق من روحها أعمال فنية”.
فِي مَدْرَسَةِ الْحَاجِ قَاسِمَ، كَانَ الْعَقْلُ هُوَ الْمُرْشِدَ وَالشَّجَاعَةُ هِيَ الدَّلِيلَ. هُنَاكَ، بَيْنَ دَقَّاتِ الْقَلْبِ وَالنِّدَاءِ الْإِلَهِيِّ، كَانَ يُنْسَجُ بَسَاطَ وِلَايَةٍ لِشَبَابٍ كَالنُّجُومِ: مُخْلِصِينَ، صَادِقِينَ، يَمْضُونَ نَحْوَ اللهِ بِخُطًى مِنْ نُورٍ. فَتْحُهُ الْأَعْظَمُ لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ مَعْرَكَةٍ تُرْبَحُ، بَلْ أَرْوَاحٍ تُرَبَّى. وَكَمَا قَالَ الْقَائِدُ عَنْ رُوحِ اللهِ فَقَاسِمٌ أَغْلَى ثَمَرَاتِهَا الَّتِي أَيْنَعَتْ شَبَابًا مُؤْمِنِينَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِصْبَاحٌ سَرْمَدِيٌّ يُبَدِّدُ لَيْلَ الْجَهَالَةِ.
حِينَ ارْتَقَى الْحَاجُ قَاسِمٌ شَهِيدًا، كَأَنَّهُ غَادَرَ الْأَرْضَ لِيَغْرِسَ فِي السَّمَاءِ رَايَةً لَا تُطْوَى. شَهَادَتُهُ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ تَنْبُضُ بِالْمَعَانِي، وَمَبَادِئُهُ أَصْبَحَتْ دُرُوبًا تَمْتَدُّ إِلَى أُفُقِ أَحْرَارِ الْأُمَّةِ. كَانَ جِسْرًا بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، يَجْمَعُ الْأَرْوَاحَ تَحْتَ لِوَاءِ الْوِلَايَةِ، وَيُعَلِّمُهَا أَنَّ الْقُوَّةَ لَا تَكْمُنُ فِي السِّلَاحِ فَقَطْ، بَلْ فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ الَّتِي يُعَانِقُ فِيهَا الْقَلْبُ رَبَّهُ فِي هُدُوءِ اللَّيْلِ كَمَا كَانَ دَأْبُهُ وَدِيدَنُهُ.
يُغْلَقُ السِّتَارُ عَلَى اللِّقَاءِ، وَلَكِنَّ الْحِكَايَةَ حَيَّةً فمَدْرَسَةً سليماني ونصرالله باقية تَتَرَدَّدُ أَصْدَاؤُهَا فِي أَرْوِقَةِ النَّصْرِ، بِأَنَّنَا مُنْتَصِرُونَ… مُنْتَصِرُونَ بِالنَّصْرِ أَوْ الشَّهَادَةِ.
المصدر: المنار
