في قلب قطاع غزة، حيث تصبح الحياة اليومية مقاومة مستمرة، برز اسم الدكتور حسام أبو صفية كرمز للصمود الإنساني والطبي. الطبيب الفلسطيني الذي تحدّى الظروف القاسية، تجاوز الألم الشخصي والجراح، ليصبح صوتًا للأمل والمقاومة في وجه الاحتلال الصهيوني.
لحظة الاعتقال
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2024، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان المحاصر، حيث كانت قوات الاحتلال تسيطر على المنطقة بعد القصف المستمر. انتشرت صورة مؤثرة للدكتور حسام قبل اعتقاله، تظهره يسير وسط ركام المستشفى المحترق، بينما تحيط به الدبابات. اعتقلته القوات الإسرائيلية مع عدد من زملائه من الطاقم الطبي، ونُقلوا إلى معتقل “سدي تيمان” السيئ السمعة.
نبذة
وُلد حسام إدريس أبو صفية، المعروف بكنيته “أبو إلياس”، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1973 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. نشأ في عائلة فلسطينية هُجّرت من بلدة حمامة عام 1948 في قضاء عسقلان. حصل على درجة الماجستير وشهادة البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة، وكرّس حياته لخدمة أطفال غزة.
وشغل مدير مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع، الذي تحوّل في ظل الحصار والقصف الإسرائيلي إلى رمز للصمود. رغم قسوة الظروف، ظل يرفض مغادرة المستشفى، وواصل أداء واجبه الإنساني تحت القصف والتهديدات المتواصلة من الاحتلال.
تحديات وصمود
في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 فرض الجيش الصهيوني حصاراً خانقاً على محافظة شمال قطاع غزة، ومنع دخول الطعام والماء، كما شن غارات جوية وقصفا متواصلا، مما أسفر عن مجازر بحق المدنيين في المنطقة.
وقد حدّ حصار الشمال من عمل المستشفيات في المناطق المحاصرة، ومنها مستشفى كمال عدوان، ورغم ذلك فإن أعضاء الكادر الطبي المكون من طبيبين -أحدهما أبو صفية- وعدد قليل من الممرضين واصلوا أداء واجبهم الإنساني، ورفضوا الانصياع لأوامر الجيش المتكررة لإخلاء مباني المستشفى ومغادرة المحافظة رغم استمرار اعتداءاته بحقهم.
بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2024 اقتحمت قوات الجيش الصهيوني مستشفى كمال عدوان، واعتقلت مديره حسام أبو صفية مع مئات المصابين والطواقم الطبية، وبعد إفراجها عنه تلقى خبر استشهاد ابنه إلياس في غارة صهيونية.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه أصيب أبو صفية جراء استهدافه من مسيّرة إسرائيلية أثناء خروجه من غرفة العمليات، وأوضح أنه أصيب بـ6 شظايا اخترقت منطقة الفخذ سببت تمزقاً في الأوردة والشرايين.
شهادات عن المعاملة الوحشية
من جهته، اتهم المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية، الدكتور منير البرش، الاحتلال باستخدام أساليب الخداع لإجبار الطاقم الطبي على مغادرة المستشفى، قبل أن يعتقلهم ويعتدي عليهم بالضرب المبرح. وأفاد معتقلون مفرج عنهم بأن الدكتور حسام تعرض للإهانة وسوء المعاملة، بما في ذلك إجباره على خلع ملابسه أثناء تفتيش مهين.
نداء الأسرة
وفي تسجيل مصوّر، ناشد نجل الدكتور حسام، إدريس أبو صفية، المجتمع الدولي للتحرك الفوري للإفراج عن والده. قال إدريس: “نبث هذه الرسالة ونحن محملون بالألم والقلق على مصير والدنا الذي اعتُقل أثناء تأديته واجبه الإنساني”. وأضاف أن والده استمر في عمله رغم استشهاد ابنه وإصابته البالغة، مؤكدًا أن الأسرة تعيش في قلق دائم بسبب التقارير التي تفيد بتعرضه للإهانة وسوء المعاملة في المعتقل.
اختتم إدريس رسالته بنداء للمنظمات الحقوقية والدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، للتحرك العاجل للضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عن والده، قبل أن يلقى مصير العديد من العاملين في المجال الطبي الذين استشهدوا أثناء أدائهم واجبهم.
حسام أبو صفية ليس مجرد طبيب؛ هو قصة مقاومة تتجلى في وجه الاحتلال الإسرائيلي. جسّد بصموده وإصراره معنى الالتزام بالإنسانية تحت أقسى الظروف، وأصبح رمزًا للمقاومة الطبية التي ترفض الانحناء أمام جبروت القمع والعدوان.
المصدر: مواقع + موقع المنار