وأكدت كتيبة جنين التابعة لـ”سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم السبت، تمسك المقاتلين بالبقاء في مخيم جنين شمال الضفة الغربية ورفض تسليم سلاح المقاومة. وأوضح الناطق باسم كتيبة جنين، أحمد أبو عميرة، خلال مؤتمر صحافي عُقد عصر اليوم السبت، داخل أزقة مخيم جنين، أن المبادرات والوساطات التي قدمتها شخصيات من السلطة الفلسطينية ومؤسسات حقوقية لم تقدم أي حلول واقعية.
وقال أبو عميرة: “إن جميع الوساطات ركزت على مطالب خروج المقاتلين من المخيم وتسليم أسلحتهم”، وهو ما وصفه بأنه “مرفوض تماماً”، مضيفاً “السلاح هو وسيلتنا للدفاع عن أنفسنا ومخيمنا، ولن نغادر المكان الذي تربينا فيه”. واستعرض أبو عميرة في بيانه معاناة سكان مخيم جنين المستمرة منذ بدء الحصار، حيث تعاني العائلات انقطاع الماء والكهرباء، وحرمان الأطفال من التعليم، إضافة إلى تردي الخدمات الأساسية مثل جمع النفايات. وأكد أن هذه السياسات فاقمت الأوضاع الإنسانية، محذراً من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى مصير مشابه لما يعيشه أطفال غزة الذين يعانون البرد والمجاعة.
وتطرق الناطق باسم كتيبة جنين إلى ما وصفه بـ”الحملة الإعلامية الممنهجة” التي تقودها السلطة الفلسطينية لتشويه صورة مقاومي المخيم، مشيراً إلى أن الحملة تتهمهم بالانتماء إلى تنظيمات مثل “داعش” أو التبعية لإيران، مطالباً بإثبات أي دليل على هذه الاتهامات. وعرض أبو عميرة خلال المؤتمر، قذيفة قال إنها “آر بي جي” أطلقتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية على منازل المدنيين داخل مخيم جنين، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة يمكن أن تهدم المنازل بأكملها.
ووجه أبو عميرة رسالة مباشرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس متسائلاً: “هل وصل الأمر إلى قصف المنازل بالصواريخ؟”، مؤكداً أن المقاومة في مخيم جنين لا تستهدف أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأن العبوات التي يتم استخدامها هي فقط للتخويف وليس للإيذاء.
وفيما شدد أبو عميرة على أن مخيم جنين سيظل حاضنة للمقاومة الفلسطينية، أشار إلى دوره التاريخي في احتضان المقاومين من مختلف القرى والمدن الفلسطينية، ومنهم الشهيد يوسف ريحان (أبو جندل) أحد الضباط المشهورين الذين قاتلوا عام 2002 واستشهدوا في مخيم جنين. ودعا أبو عميرة وسائل الإعلام إلى تغطية حقيقية لما يجري في مخيم جنين بعيدًا عن التحريض والتشويه. وقال: “مخيم جنين سيبقى رمزًا للمقاومة والصمود، وعلينا جميعًا العمل لوقف النزيف داخله، بدلًا من إذكاء نار الفتنة وتشويه صورة من يدافعون عن حقهم وكرامتهم”.
وشهدت مدينة جنين ومخيمها مسيرات مبايعة للمقاومة ورفضاً لسياسات الأمن الفلسطيني، ومن أجل حقن دماء الفلسطينيين، كما شهدت المدينة إضرابات تجارية على عدة أيام لإنهاء الأزمة وخشية من الأوضاع الميدانية في ظل تواصل الاشتباكات، فيما قدمت العديد من المبادرات على مستوى الضفة الغربية لإنهاء الأزمة، لكنها لم تنجح حتى الآن.
وشكلت مشاهد تنكيل أجهزة أمن السلطة بالمواطنين في الضفة الغربية، وضربهم ووضعهم في حاويات القمامة صدمة لدى الشارع الفلسطيني. وصدرت مطالبات شعبية وحقوقية وفصائلية بضرورة التحقيق في هذه الممارسات، ومحاسبة مرتكبيها.
وكانت حركة حماس قد أكدت أن مشاهد ضرب عناصر أجهزة أمن السلطة وإذلالهم للمواطنين، وملاحقتهم للنساء والشبان وإجبارهم تحت التهديد على تقديم إفادات أو كتابة منشورات تدعم روايتها المضللة بخصوص حملتها الأمنية اللاوطنية التي تستهدف المقاومة في الضفة، تجاوز خطير وانحدار جديد لسلوك هذه الأجهزة القمعية بحق شعبنا.
ويذكر ان مقاطع فيديو مسربة نشرت عبر السوشيال ميديا فى مراكز الاعتقال التابعة للسلطة ويظهر فيها عناصر الامن الفلسطينى يتهكمون من المحتجزين على غرار الأنظمة البائدة، حيث يطلبون من المحتجزين ترديد عبارات مختلفة من ضمنها (الله الرئيس ابو مازن ).
ولليوم الرابع والعشرين على التوالي تواصل الأجهزة الأمنية حصار مداخل مخيم جنين مع إغلاقها بالسواتر الترابية، فيما قتل خمسة من أهالي المخيم. ويشهد مخيم جنين منذ ذلك الحين اشتباكات متكررة بين مقاومين فلسطينيين والأجهزة الأمنية الفلسطينية، بالتوازي مع السيطرة على منازل في مناطق مختلفة من المخيم وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وطرد سكانها منها، ونشر قناصة عليها، فيما قصفت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بقذائف محمولة أمس، منازل يعتقد أن فيها مقاتلين من كتيبة جنين ما أدى إلى اشتعال النيران فيها.
وتصاعدت الأمور بعدما أعلنت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الرابع عشر من الشهر الجاري، تنفيذ المرحلة ما قبل الأخيرة من العملية الأمنية “حماية وطن”، بهدف استعادة السيطرة الأمنية في المنطقة.
الجهاد الإسلامي في رسالة للشعب الفلسطيني: نجدد التزامنا الراسخ بالحفاظ على وحدتنا الوطنية
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، في بيان بخصوص ممارسات أجهزة أمن السلطة في جنين ” انطلاقاً من المواقف الثابتة والمبادىء الراسخة التي تأسست عليها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والتزمت بها طوال مسيرتها، والتي يشهد القاصي والداني أنها لم تخرج عليها يوماً، وفي ظل الحملة الظالمة التي تستهدف حركتنا وكوادرها ورموزها، بغية استفزازها وجرّها إلى دوامة الاقتتال الداخلي المرفوض”.
وأضافت:” وانطلاقًا من حرصنا العميق على الاحتكام إلى إرادة شعبنا الفلسطيني، بوصفه صاحب الشرعية والقرار الفصل، نضع أمام الرأي العام الفلسطيني الحقائق التالية: منذ انطلاق الحملة الأمنية التي تنفذها أجهزة السلطة في مخيم جنين، تتعرض حركتنا لحملة إعلامية ممنهجة، تهدف إلى تشويه مسيرتها، والتشكيك في انتمائها الوطني، والتنكر لتاريخها المشرّف وتضحياتها الجليلة. وقد وصلت هذه الحملة إلى مستوى التطاول الشخصي على قادة الحركة ورموزها. ورغم كل ذلك، فإننا نؤكد على تمسكنا برفض الانجرار إلى الفتنة الداخلية، ليس ضعفًا أو عجزًا، وإنما التزامًا بمبادئنا، وحفاظًا على دماء شعبنا، وتقديرًا لتضحيات الشهداء والجرحى والأسرى. ندرك تمامًا أن هذه الاستفزازات تهدف إلى جرّنا إلى مستنقع الفتنة الذي لن نخوض فيه”.
وتابعت :” كما يتعرض إخواننا وأبناؤنا في كتيبة جنين، منذ أسابيع، لحملة شرسة من الاعتقالات والمطاردات وإطلاق النار، وسط محاصرة إعلامية وأمنية تهدف إلى النيل من عزيمتهم. هذه الممارسات تهدف إلى دفعنا إلى الاشتباك الداخلي، وهو أمر لا يخدم سوى الاحتلال الصهيوني الذي يحرّض على الفتنة، مستهدفًا تصوير شعبنا الفلسطيني بأنه في حالة اقتتال داخلي، ليمرر روايته ويبرر جرائمه بحق غزة أمام العالم، ومنذ اللحظة الأولى، بادرنا إلى طرح مبادرات ووساطات عديدة بهدف تجنيب شعبنا ويلات الفتنة وحقن الدماء. ورغم حرصنا على تغليب الحكمة، تم إفشال جميع هذه المبادرات، وإغلاق الأبواب أمام كل الحلول السلمية، واتخذت الأحداث منحى خطيرًا مع تصاعد حملات القمع والتنكيل التي تمارسها أجهزة السلطة بحق المواطنين، ممن يعبّرون عن آرائهم الرافضة للفتنة. هذه الممارسات، التي تستهدف إسكات الأصوات الداعية إلى الحكمة والتعقل، تشكل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير وتتنافى مع حرمة الدم الفلسطيني”.
وأردفت الجهاد :” بناءً على ما سبق، نطالب السلطة الفلسطينية بوقف حملاتها الأمنية والإعلامية فورًا، ورفع الحصار عن مخيم جنين، وإنهاء ملاحقة المقاومين، والكف عن التنكيل بالمواطنين”، مشيدة بمواقف الاخوة في القوى والفصائل الفلسطينية الذين قدموا مبادرات لرفع الحصار عن جنين وما بذلوه من جهود ومساع لوأد الفتنة وحقن دماء أبناء شعبنا، وتفويت الفرصة على الاحتلال، وندعوهم إلى مضاعفة جهودهم.
ودعت الأخوة في حركة فتح، الذين نتشارك معهم درب النضال والمقاومة، إلى التدخل العاجل لوقف الأصوات التي تسيء لتاريخهم النضالي المشرف، وإعادة توجيه البوصلة نحو وحدتنا الوطنية، مناشدة الوجهاء والقادة الوطنيين، من مختلف التيارات السياسية والمجتمعية، للقيام بدورهم في حماية الدم الفلسطيني والعمل على إيجاد مخرج يحفظ وحدة شعبنا.
وأضافت:” إننا إذ نتوجه إلى أبناء شعبنا، فإننا نجدد التزامنا الراسخ بالحفاظ على وحدتنا الوطنية، ورفضنا القاطع لكل أشكال الفتنة التي تخدم الاحتلال وحده”، مؤكدة أن حركة الجهاد الإسلامي، التي قدمت خيرة قادتها وأبنائها وفاء لنهجها في الجهاد والمقاومة تؤكد على تمسكها بسلاحها ونهجها ومقاومتها حتى تحرير فلسطين، كل فلسطين.
المصدر: مواقع