لا شك ان العدو الاسرائيلي يقف حائرا في مأزق بغاية الصعوبة امام ما يتعرض له في الجبهة الشمالية بمواجهة المقاومة الاسلامية في لبنان، فهذا العدو غير قادر حتى الساعة على كسر قواعد الردع التي رسمها حزب الله، والعدو عاجز عن توسعة الحرب باتجاه الاراضي اللبنانية بينما يتلقى يوميا المزيد من لهب جحيم الشمال الآتي دعما لغزة وإسنادا لمقاومتها وردا على العدوانية الصهيونية.
فهذا العدو يتعرض لهجمات مدروسة بدقة نوعا وكمّا من قبل المقاومين الذين يضبطون سلاحهم على ساعة أوامر القيادة لمنع العدو من التمادي بعدوانه بالتوازي مع تقديم الدعم المطلوب لغزة، والعدو من جهة يعاني من عدم قدرته على تأمين الحماية لقواته ومواقعه وأسلحته المتطورة وليس آخرها أنظمة ما يسمى بـ”القبة الحديدية”، كما يعاني العدو من جهة ثانية، من عدم قدرته على ضبط صواريخ حزب الله ومسيراته التي تجوب أجواء فلسطين المحتلة بدون أي عائق وتجمع المعلومات التي تريدها وهي قادرة على تنفيذ العمليات المؤلمة في عمق الكيان عندما تقرر قيادة المقاومة ذلك، وقد أبرزت المشاهد التي أتت بها طائرات “الهدهد” جانبا مما لدى المقاومة من معلومات وما يمكنها ان تفعله بالعدو.
بالفيديو | هذا ما جاء به الهدهد.. منشآت الإحتلال العسكرية في شمال فلسطين تحت عين المقاومة
لكن يبقى السؤال ما هي الخيارات التي يملكها العدو في مثل هذه الاوضاع الصعبة التي يمر بها؟ فالعدو غارق برمال غزة المتحركة والقاتلة ولا يعرف كيف ينهي ما بدأه هناك، فهل بإمكان من تبتلعه أرض غزة ان يبادر للمغامرة شمالا؟ وهل إن غامر وارتكب حماقة جديدة بالعدوان الواسع على لبنان، قادر على تحقيق ما عجز عن تحقيقه في غزة؟ وأي تكاليف سيتكبدها العدو في حال ارتكب الحماقة الكبرى بتوسيع العدوان على لبنان؟
أسئلة كثيرة تطرح في هذا الإطار، وكل الدلائل والوقائع تظهر ان لا جواب حقيقي وخارطة طريق واضحة لدى العدو حول ما سيفعله لاحقا وكيف سيتصرف امام كل ما ينتظره شمالا، وذلك نتيجة التخبط والاهتزاز التي يعاني منها كيان العدو مع فقدان الثقة بين المستوطنين والقيادات السياسية بالجيش الاسرائيلي، وهناك الكثير من المؤشرات والتحليلات التي تعكسها الاوساط الصهيونية تعطي الانطباع حول المأزق القاتل والنار المشتعلة التي تنتظر جيش العدو في جبهة لبنان إن فتحت على مصراعيها.
وبالسياق، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية تامير هايمن “ما رأيناه من رد حزب الله هو في نفس السياق الذي لا يطاق واذا نظرنا الى الامام، لدينا ثلاثة خيارات كلها سيئة:
-الخيار الاول هو اننا سنواصل الوضع الراهن، ما يعني اننا لا يمكن ان نعيد سكان الشمال، ونحن بذلك نستنزف السكان ونطيل الوقت.
-الخيار الثاني هو الذهاب الى المواجهة الشاملة وهذا يتطلب دعما دوليا واميركيا بشكل استثنائي، ووحدة داخلية وقدرة على الاستمرار خصوصا في مجال الذخائر وهذا غير متوافر حاليا.
– وعندها سيكون امامنا الخيار الثالث وهو القيام بعملية محدودة، وهذا الخيار هو الأكثر سوءا لاننا سندفع كل اثمان الحرب من دون تحقيق التغيير الاستراتيجي المطلوب، وفي نهاية المطاف حزب الله سيكون هناك وسيكون قادرا على ترميم نفسه”.
واعتبر الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية ان “الحل هو الاستفادة من موقف حماس في موضوع التبادل والتوصل الى اتفاق يؤدي الى وقف اطلاق النار والتسوية في الشمال”.
وهنا من المفيد التذكير ببعض ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الحفل التأبيني للقائد المجاهد الشهيد الحاج طالب سامي عبدالله “الحاج أبو طالب”، حيث أوضح ان “… العدو يعرف جيداً ما ينتظره ولذلك كان مردوعا 9 أشهر، الذي نحن عملناه بالجبهة هو شيء كبير وغير مسبوق في تاريخ الكيان.. هو يعرف انه لن يكون هناك مكان في الكيان بمنأى عن صواريخنا ومسيراتنا.. لدينا بنك اهداف كامل وحقيقي ولدينا القدرة على الوصول الى هذه الأهداف مما يزعزع أسس الكيان.. لأن لهذا الكيان أسس، على كل حال هم يفهمون ماذا أقول… هو يعرف أن ما ينتظره أيضا في البحر الأبيض المتوسط كبير جدا.. هو يعرف أنه ليس قادرا أن يدافع عن كيانه، هذا الجيش غير قادر أمام معركة بهذا الحجم.. اذا فرضت الحرب على لبنان فإن المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا أسقف، وهو أيضا يعلم ويعلم سيده الأميركي أن شن الحرب على لبنان ماذا ستكون تداعياتها في المنطقة وعلى مستوى الإقليم ككل…”.
المصدر: موقع المنار