تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس في 4-7-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية، وركزت في افتتاحياتها على استمرار العدوان في غزة وردود المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى عمليات المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان.
الأخبار
إسرائيل تسير نحو مرحلة غامضة في غزة: نتنياهو يمهد لإطاحة مساعي التسوية الجديدة
حرّكت الولايات المتحدة مسار التفاوض بشأن وقف الحرب في غزة. وبعدما تسلّمت «حماس» قبل أيام مقترحات أميركية تتضمن أفكاراً حول البند المتعلق بوقف دائم للحرب والانسحاب من القطاع، أعلنت الحركة أمس أنها تبادلت الأفكار مع الوسيطين القطري والمصري.
وعلمت «الأخبار» أن التطور الأبرز يتعلق بمقترحات أعدّها مدير المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، بالتنسيق مع قطر ومصر وتركيا، وأن الأفكار الأميركية كانت تحاكي مطلباً رئيسياً لـ«حماس»، بأن يصار إلى تضمين النص كلاماً واضحاً لا يحتمل التأويل حول أن المفاوضات بين المرحلتين الأولى والثانية سوف تتم مع ضمان استمرار وقف إطلاق النار، أو تثبيت الهدوء المستدام خلال كل وقت التفاوض في نهاية المرحلة الأولى.
إضافة إلى فكرة أميركية تقول إن إسرائيل سوف تخلي معبر رفح بالاتفاق مع الجانب المصري على أن يكون هناك تفاهم على إدارة المعبر، لكن دون إلزام العدو بالانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا.وما حصل خلال ساعات ما بعد ظهر أمس، هو أن الوسطاء سلّموا «أفكار» حماس للجانب الإسرائيلي. ومرة جديدة، بادر رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إلى المناورة. وهو ما كشفت عنه وسائل إعلام العدو ليل أمس.
حيث سُرّب خبر ونُسب إلى مصدر أمني إسرائيلي رفيع قال إن رد حماس يتضمن طلباً بالانسحاب من محور فلادلفيا قد يعقّد الأمر. وتبيّن لاحقاً أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، هو من كان خلف هذا الخبر. ولكنه عمد إلى إصدار تسريبات من مكتبه تتحدّث عن مناخات إيجابية، خصوصاً أن نتنياهو يريد إرضاء الأميركيين بالتجاوب مع المساعي، ولكنه لا يريد الصفقة، ويحاول تحميل الجيش والأجهزة الأمنية المسؤولية، علماً أن اجتماعاً سيُعقد اليوم بين نتنياهو وقادة الأجهزة المعنية بالمفاوضات لاتخاذ القرار المناسب.
ونقلت «القناة الـ12» الإسرائيلية، عن مصادر مطّلعة، أنه «لأول مرة، ردّ حماس يسمح بالتقدم وهناك أرضية للمفاوضات»، الأمر الذي تساوق مع ما نقلته صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مصادر وصفت ردّ «حماس» بـ«الاقتراح الجيد»، وأنه «أفضل رد تقدمه الحركة حتى الآن، وهو العرض الذي يجعل الصفقة ممكنة».
وعلى وقع هذه التطورات، حذّرت «هيئة عائلات الأسرى» الإسرائيليين في غزة، الحكومة الإسرائيلية، من عرقلة صفقة التبادل مجدداً، متوجّهة إلى نتنياهو بالقول: «في حال لم تقبل الصفقة مع حماس، فإن الملايين سيخرجون إلى الشوارع». وأضافت أن «الحكومة أمام أكبر اختبار أخلاقي: هل ستستمر في التخلي عن الأسرى أم ستتحرك لإنقاذهم؟».
في هذه الأثناء، يستعد جيش الاحتلال لتخفيض قوّاته في غزة وتحديداً في رفح، إضافة إلى مناطق الشمال، وبعض مخيمات المنطقة الوسطى، وتلك التي تتمركز عند الجدار الفاصل مع المستوطنات، علماً أن الجيش يتكون من سبع فرق، أربع منها تشارك في الحرب جنوباً، وثلاث وُضعت في الشمال لمواجهة التصعيد المستمر مقابل «حزب الله». وأتى قرار التخفيض بعدما أعطى المستوى السياسي الضوء الأخضر للجيش للانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، والتي تشمل عمليات اقتحام خاطفة ومحدودة، تعرف باسم «الغزوات الموضعية»، وتقوم على معلومات استخبارية مكثّفة، مقابل سحب القوات من المدن والأحياء داخل القطاع.
ورغم أن هذه المرحلة هي جزء من خطة الحرب، وتبدو وكأنها امتداد للمرحلة الثانية، فإن توقيت الإعلان عن قرب الانتقال إليها يثير الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً في ظل ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير وقّعه الصحافي الاستخباري الإسرائيلي الشهير، رونين بيرغمان، المعروف بمصادره الوثيقة بـ«مجتمع المخابرات»، من أن قادة هيئة الأركان العامة للجيش وصلوا إلى قناعة بأن الحرب بصورتها الحالية تعني حرباً أبدية، وأنه من الأفضل لإسرائيل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإن أبقى ذلك «حماس» في القطاع، ولو «مؤقتاً».
وتولدت هذه القناعة في ظل رفض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تقديم صيغة واضحة بشأن «اليوم التالي»، فيما القوات العسكرية تعاني تآكلاً جسدياً ونفسياً، وتبدو مستنزفة، ليس وفقاً لمصادر الصحيفة الأميركية فحسب، بل أيضاً بحسب عشرات التقارير الإسرائيلية ومقابلات مع جنود وضباط نظاميين وآخرين احتياطيين.
كذلك، يعاني الجيش نقصاً في العديد، نتيجة الخسائر التي لحقت به في ظل أطول حرب يخوضها منذ النكبة، والتي لا تقتصر على القوى البشرية، التي بات يجري، وفقاً لمقابلات أجراها موقع «واينت» مع ضباط كبار في الاحتياط، الاقتصاد فيها، عبر الطلب من الضباط الخدمة أسبوعاً ثم التعطيل آخر، حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بنوع من الروتين الحيوي وعدم التغيّب عن وظائفهم وعائلاتهم. كما جرى أيضاً تفعيل «اقتصاد الذخيرة»، في ظل نقص في العتاد والذخائر؛ إذ وفقاً لـ«نيويورك تايمز»، يعاني الجيش «إلى حدِّ أن جزءاً من دباباته في غزة لا يزوّد بكل ما يقدر على حمله من قذائف نتيجة النقص الحاصل».
وبمعزل عن التوقيت، الذي رُبط أيضاً بالحاجة إلى نقل قوات من الجنوب إلى الشمال خشية تزايد احتمالات اندلاع حرب واسعة، فإن المعضلة الأساسية للجيش الإسرائيلي، هي أنه جيش بُني طوال العقود القليلة الماضية، وخصوصاً خلال مدة تولي رؤساء الأركان الخمسة السابقين قيادته، باعتباره جيشاً صغيراً و«فتّاكاً»، أُعدّ لخوض حروب قصيرة، وبالتالي فهو ليس مستعداً لا لحرب متعددة الجبهات، ولا لحرب طويلة من هذا النوع. لا بل وفقاً لجنرالات سابقين وحاليين، فقد اضطر الجيش، مرات عدّة، إلى سحب تشكيلاته لإراحتها، لأنه لا يوجد عدد كافٍ من القوات لاستبدالها بعضها ببعض، وهو ما يمثل المعضلة الأساسية التي تعترض طريق إقامة حكم عسكري في القطاع، حيث يحتاج ذلك إلى أربع فرق على الأقل.
إزاء ذلك، فإن السؤال المركزي وفقاً للمحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، هو: «كيف يمكن تغليف هذه الخطوة (الانتقال إلى المرحلة الثالثة) بسردية تقنع الجمهور بأن الحكومة والجيش حققا جزءاً كبيراً من أهداف الحرب، رغم أن حماس لم تُهزَم في المطلق، وما زالت تحتفظ بـ120 مختطفاً». ووفقاً لما تكشّف، فإنه في المرحلة المقبلة، سيبقي الجيش قواته في ممرَّي «نتساريم» الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، و«فيلادلفيا» على الحدود المصرية، فيما من غير الواضح، حتى الآن، وفقاً لهرئيل، أي قسم من «فيلادلفيا تجب مواصلة السيطرة عليه»؛ إذ «يبدو أنه لن يجري الانسحاب من معبر رفح لأنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع مصر». وفي حين نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقديرات تفيد بأن الجيش عثر على 40 نفقاً محفوراً تحت الحدود، وكشف عن نصفها، شكك المحلل في تلك التقديرات، لأنه «في الحقيقة، الاستخبارات لا تعرف ما هو عدد الأنفاق، وعدد الأنفاق التي جرى كشفها بدقة»، بحسبه.
ورغم أن «حماس» تبدو وكأنها قد تكيّفت مع الحرب؛ حيث تفيد تقارير أمنية إسرائيلية عدّة بأنها تعيد بناء صفوفها من جديد، عبر حتّى تجنيد عناصر شابة جديدة لتحل مكان أولئك الذين جُرحوا أو استشهدوا، وتثبت في بعض المناطق التي انسحب منها الجيش سابقاً أنها لا تزال تسيطر عليها، اعتبر هرئيل أن الرسالة التي يريد وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس الأركان، هرتسي هليفي، إرسالها إلى الحكومة، هي أن «الهجوم الواسع النطاق على رفح نجح في تفكيك الذراع العسكرية لحماس، بشكلها المعروف»؛ إذ رغم أنها لا تزال ناشطة، «ولكنها تقوم بذلك ضمن إطار جديد مكون من مجموعات وحرب عصابات صغيرة، قدرتها على إيقاع الأضرار ضئيلة جداً، لكونها تفتقر إلى هرمية القيادة والتحكُّم».
وعلى هذا الأساس، فإن المرحلة المقبلة، وفقاً لهرئيل، ستتطلب مواصلة محاربة الحركة على طريقة «جز العشب» التي تتبعها إسرائيل في الضفة الغربية؛ حيث ستشن خلال المرحلة الثالثة هجمات متكررة على «الأهداف المتبقية»، بغية اعتقال مشتبهين، ونقلهم إلى «الشاباك» للتحقيق معهم. ومع ذلك، فإن «المشكلة أن هذا الأسلوب يستبطن رسالة معقدة من الصعب على الجمهور استيعابها»، خصوصاً عند مقارنتها بالأهداف غير الواقعية التي حددها المستوى السياسي بداية الحرب، ووعود نتنياهو بأن إسرائيل «تقف على بُعد خطوة من النصر المطلق».
البناء
أردوغان لبوتين: نعم للمبادرة الروسية للانتقال من القطيعة إلى التعاون مع سورية
المرحلة الثالثة إعلان عجز جيش الاحتلال عن مواصلة القتال.. فهل رضخ نتنياهو؟
استشهاد القيادي في المقاومة «أبو نعمة».. وأول الرد 100 صاروخ على العمق
انعقد اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان، حيث استقبل بوتين أردوغان على هامش أعمال قمة أستانة لقادة مجموعة شانغهاي، ونقلت مصادر تركية عن أردوغان إنه كان حريصاً على إبلاغ الرئيس بوتين ترحيبه بما تمّ التباحث بصدده مع وزير خارجيته حاقان فيدان خلال زيارته لموسكو ولقائه مع بوتين، وأنه جاهز للسير قدماً بالمقترحات الروسية للانتقال في العلاقة بين أنقرة ودمشق من القطيعة إلى التعاون، بما في ذلك لقاء قمة على مستوى الرؤساء وأي مستويات أخرى من اللقاءات. وقالت المصادر التركية إن التنسيق الميداني الروسي التركي السوري ربما يسبق أي لقاءات سياسية عالية المستوى. وتوقعت المصادر التركية صدور المزيد من المواقف التركية التي تطمئن سورية الى نيتها سحب قواتها من الأراضي السورية، بكلام أوضح من التأكيد على التمسك بوحدة وسيادة سورية وغياب أي أطماع تركية بالجغرافيا السورية. وقالت المصادر إن أردوغان مستعد لتعاون أمني متبادل، يضعف الجماعات الإرهابية في منطقة إدلب، والجماعات الكردية الانفصالية في شرق سورية، وإنه يتمنى ان يصدر عن دمشق ما يؤكد منعها إجراء انتخابات المجالس المحلية الكردية المعلن عنها، والتي يراها الأتراك مقدّمة لنشوء كيان انفصالي يخشون تأثيره على الداخل التركي والأمن التركي.
في حرب طوفان الأقصى تطوّر سياسيّ حملته التسريبات، ثم البيانات، حول إمكانية تحوّل إعلان المرحلة الثالثة من الحرب من قبل جيش الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو، الى مدخل لإعادة ضخ فرص الحياة في مفاوضات التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى وإنهاء الحرب، حيث قالت مصادر متابعة في الدوحة إن بيان حركة حماس عن إيجابيات في التفاوض مع الوسطاء هو رسالة لدفع المفاوضات إلى الأمام، بعد صدور كلام مشابه من قادة جيش الاحتلال والمؤسسات الأمنية ثم لاحقاً من تسريبات عن إبلاغ نتنياهو عدداً من النواب في الكنيست استعداده للانفتاح على تفاوض لوقف الحرب. والصيغة الجديدة التي نضجت بين الأميركيين والمصريين والقطريين تنطلق من أن المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية في كيان الاحتلال قد دخلت مرحلة الإنهاك والضعف والاستعداد لإنهاء الحرب، وأنها ابلغت نتنياهو بذلك، وأنها تعتبر الهدف الواقعي للحرب المتمثل بمنع حماس من تكرار 7 أكتوبر، كافياً لإنهاء الحرب، ولو بقيت حماس تسيطر على غزة، وأن رفع سقف الحرب إلى عنوان القضاء على حماس قد يستدرج جيش الاحتلال إلى حرب استنزاف يكون هو الخاسر فيها، كما تقول مقارنة الأيام الأولى للحرب بالأيام الأخيرة منها.
وفق المصادر تقوم الصيغة التي عرضها الوسطاء على حماس كجزء من مبادرة بايدن المعدلة، وتعاملت معها بإيجابية، على تمديد وقف النار كلما استمرت المفاوضات حول وقف الحرب، لكن من دون تطبيق المرحلة الثانية التي تتضمن الإفراج عن الأسرى الذكور الأحياء من جيش الاحتلال إلا عندما تتقدم هذه المفاوضات أو تصل إلى نتائج نهائية. وبقي السؤال حول ما إذا كان الجيش والمؤسسات الأمنية بعد جملة التسريبات التي أظهرت خلافاً مع نتنياهو، في وضعية القدرة بدعم أميركي على فرض شروط التفاوض عليه؟
على جبهة لبنان اغتال جيش الاحتلال القيادي في المقاومة «أبو نعمة» قائد وحدة عزيز، وهو القيادي الثاني من هذا المستوى القيادي بعد اغتيال قائد وحدة نصر «أبو طالب»، وبدأت المقاومة ما وصفته الردّ الأوليّ على العملية بقصف عمق الكيان وصولاً الى جبهة الجولان بأكثر من 100 صاروخ من أنواع وعيارات مختلفة.
وفيما تستمر الجهود الدبلوماسية الدولية على خط الوساطة بين «إسرائيل» ولبنان لتجنب توسّع الحرب بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي والتوصل الى ترتيبات على الحدود مع فلسطين المحتلة، بالتزامن مع إعلان حكومة العدو الانتقال الى المرحلة الثالثة وتكثيف الضربات الأمنية المحدّدة، رفع العدو الإسرائيلي مجدداً وتيرة التصعيد وتكرار عمليات اغتيال القيادات الميدانية في المقاومة في محاولة لفرض معادلة الاغتيالات في لبنان أيضاً على غرار ما يحصل في غزة، وفق مصادر معنية لـ»البناء» وذلك «لتغطية الفشل الميداني الفاضح في فرض شروطه ومعادلاته في غزة ورفح وجنوب لبنان، ما يوحي بأن العدو قرّر التعويض عن الإخفاق العسكري في جبهات القتال، بتنفيذ عمليات اغتيال قيادات ميدانية رفيعة في المقاومة، وبالتالي سيكون المنهج الذي سيتبعه العدو في المرحلة المقبلة، لكن المقاومة وفق المصادر لن تسمح بكسر قواعد الاشتباك وتكريس معادلة اغتيال قيادات المقاومة من دون عقاب، ولذلك سترفع المقاومة من درجة ردّها على دفعات لحماية معادلة الردع وبالتالي قيادات المقاومة».
وبعد الشهيدين القياديين وسام الطويل و»أبو طالب»، استهدف العدو سيارة بصاروخ من طائرة حربيّة على طريق الحوش – صور ما أدّى الى استشهاد القيادي في حزب الله محمد نعمة ناصر «الحاج أبو نعمة» من بلدة حداثا في جنوب لبنان.
وزعم وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، بأننا «نوجه ضربات موجعة لحزب الله كل يوم». وفي محاولة لرفع معنويات جيشه المنهارة وتطمين مستوطني الشمال، ادعى بأن «الدبابة التي تخرج من رفح بإمكانها أن تصل إلى الليطاني وأننا سنصل إلى مرحلة الجاهزية الكاملة وسنكون في موقف قوة لأيّ عملية أو تسوية».
هذا الاغتيال سيستدرج جولات تصعيد بين حزب الله والجيش الإسرائيلي وفق خبراء عسكريين، إلا أن الخبراء استبعدوا لـ»البناء» أن يؤدي الاغتيال الى حرب شاملة لغياب الظروف والعوامل الموضوعية للحرب، أكان قدرة واستعداد الجيش الإسرائيلي أو قرار لدى حزب الله باللجوء الى خيار الحرب المفتوحة إضافة الى ممانعة أميركية كبيرة لعملية إسرائيلية في لبنان لأنها ستؤدي الى اندلاع حرب إقليمية تهدد أمن الكيان الإسرائيلي والمصالح الأميركية والغربية في البحرين المتوسط والأحمر والخليج وفي سورية والعراق.
وردت المقاومة على اغتيال الشهيد محمد نعمه ناصر، بقصف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة «نفح» ومقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة «كيلع» بمئة صاروخ كاتيوشا، كما قصفت مقر قيادة اللواء 769 في ثكنة «كريات شمونة» بصواريخ فلق. كذلك استهدفت المقاومة مقرّ الكتيبة التابعة لسلاح البر في ثكنة «كيلع» بعشرات صواريخ الكاتيوشا، وثكنة «زرعيت» بصواريخ بركان.
وفي أول موقف لحزب الله على الاغتيال، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، خلال الاحتفال التأبيني الذي أقامه «حزب الله» لعنصره عبد الأمير عسيلي في «مجمع المجتبى» في الضاحية الجنوبية أنَّ «اغتيال العدو للقائد المجاهد محمد نعمة ناصر «أبو نعمة»، لن يدفع المقاومة إلى التراجع، ولن يُضعف إرادتها وقرارها بمواصلة التصدي للاحتلال، أو يجعلها تخفِّف من الضغط عن الجبهة الشمالية، بل على العكس تمامًا، فإنَّ الفاتورة تكبر مع هذا العدو الذي لا خيار معه سوى المقاومة، ولا خيار أمامه سوى وقف عدوانه على غزة، وهي ستزيد من وتيرة ضغطها عليه، وسيكون لها ردها العقابي على جريمته، ليفهم هذا العدو أنَّ يد المقاومة طويلة، وقادرة على تعقِّب جيشه، وهو الذي لم يتعلَّم من كل تجارب الماضي بأنَّ اغتيال القادة والمقاومين لن يزيد هذه المقاومة إلّا إصرارًا على مواصلة جهادها، وعلى بناء القدرات، وهي ولَّادة كفاءات وقيادات، لأنَّ هؤلاء القادة ربُّوا أجيالًا من المقاومين».
وكان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النّائب محمد رعد قد أشار إلى أن «العدوّ الّذي يتخبّط جنوده وضبّاطه، كيف له أن يتهدّد لبنان بحرب؟ هو يهوّل بالحرب علينا من أجل أن يُغطي فشله الّذي سيُجبَر عليه في غزة»، فيما اعتبر عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشّيخ نبيل قاووق أنّ «المقاومة وبشكل واضح وحاسم استعدّت لكلّ الاحتمالات برًّا وبحرًا وجوًّا، وعلى مستويات الدّفاع والهجوم، حتّى إذا حصلت الحرب، تكون فرصة لها لتصنع لـ»إسرائيل» النكبة الكبرى»، مبيّنًا أنّ «كثرة التّهديدات الإسرائيليّة لا تعبّر عن القوّة، وإنّما عن الوجع والإحباط في مواجهة المقاومة».
وجدّدت الجمهورية الإسلامية في إيران، تهديدها لكيان العدو من مغبة التورط بحرب واسعة على لبنان، وأكد القائم بأعمال وزير الخارجية الايراني علي باقري كني، أن «لبنان سيكون بالتأكيد جحيماً بلا عودة للصهاينة»، لافتاً الى ان «المقاومة لعبت دورًا ميدانيًا ودبلوماسيًا باعتبارها فاعلًا نشطًا وهذا أدى إلى خلق الردع».
وإذ توقعت أوساط سياسية تأثير هذا الاغتيال سلباً على المفاوضات القائمة بين الأميركيين والدولة اللبنانية حول الترتيبات الحدودية، أشارت مصادر إعلامية الى أن «لقاء الموفد الأميركي آموس هوكستين والموفد الفرنسي جان ايف لودريان هو اشارة للاسرائيليين بأن الدورين الفرنسي والأميركي يتكاملان في الحل خصوصاً أن هذه الرسالة تأتي بعد التصريحات الاسرائيليه التي انتقدت الرؤية الفرنسية للحل».
على الصعيد الرسمي، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال مشاركته في فعالية «لبنان الدور والموقع بين الانتهاكات الإسرائيلية والمواثيق الدولية» التي أقيمت أمس، في فندق موفنبيك» أن «خيارنا في لبنان كان ولا يزال هو السلام وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي لا سيما القرار 1701»، مشيراً الى ان «الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وما يشهده من قتل مُتعمّد لأهله وتدمير للبلدات وإحراق للمزروعات هو عدوان إرهابي».
على صعيد آخر، تكثفت المساعي والإتصالات لاحتواء عاصفة التوتر بين المجلس الإسلامي الشيعي والبطريرك الماروني بشارة الراعي، والتقى المطران بولس مطر أمس، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى الشّيخ علي الخطيب في المجلس، بحضور الوزير السّابق وديع الخازن موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقد طغت الأجواء الإيجابيّة». وجرى التباحث في القضايا والشؤون الوطنية وتطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة. ورحّب الخطيب بالوفد في بيت اللبنانيين الذي أطلق مؤسسه الإمام السيد موسى الصدر مقولته التي أصبحت مقدمة للدستور اللبناني «لبنان وطن نهائي لجميع بنيه»، ونحن في المجلس نعتبر أن اللبنانيين أخوة وشركاء في الوطن، وأن يبقى الحوار قائماً بين اللبنانيين لانتخاب رئيس للجمهورية تمهيداً لتشكيل حكومة تعيد انتظام عمل المؤسسات وتتصدّى للأزمات المتفاقمة. وأكّد أن المقاومة تدافع عن اللبنانيين وتحمي سيادة لبنان التي لا تتجزأ، وهي نشأت كردة فعل على الاحتلال وتخلي الدولة عن مسؤولياتها في الدفاع عن الجنوب، والمقاومة اليوم تدافع عن كرامة كل اللبنانيين، ودماء شهدائها حفظت لبنان وحرّرت أرضه وردعت العدوان عن شعبه».
ووفق معلومات «البناء» من الوسطاء بأنه يجري تمهيد الأجواء للقاء بين الخطيب والبطريرك الراعي لطي صفحة موقف الراعي في عظة الأحد التي وصف فيها العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي بالإرهاب كما تم الاتفاق على وقف السجالات الإعلامية والحملات السياسية المتبادلة بين الطرفين. إلا أن مصادر معنية كشفت لـ»البناء» أن حزب الله قدر الإيضاحات التي صدرت عن الدائرة الإعلامية في بكركي وزيارات بعض المطارنة الى المجلس الشيعي، لكن الحزب ينتظر موقفاً توضيحياً رسمياً من البطريرك الراعي لكي يمحو آثار مواقف العظة الأخيرة. ووفق المعلومات تتجه الأنظار وتترقب الأوساط السياسية موقفاً للراعي ينهي الأزمة في عظة الأحد المقبل.
وفي مجال آخر، كشف مصدر معني لـ»البناء» أن الجامعة العربية أزالت تصنيف حزب الله بالإرهاب في اجتماعات القمة العربية العام الماضي لكن موقف الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي خلال زيارته الأخيرة لبيروت بأن الجامعة أزالت الحزب عن تصنيفها للإرهاب، كان يهدف لمد جسور التواصل مع الحزب بعد المتغيرات على الساحة الإقليمية، لكن الضغوط الأميركية التي عبر عنها الرئيس فؤاد السنيورة بأننا لن نعطي حزب الله هدايا مجانية، دفعت بالسفير زكي لنصف تراجع وربط تغيير الموقف العربي من حزب الله ببعض التحفظات على أدائه في المنطقة، لكن لن يلغي نصف التراجع هذا الموقف العربي الواقعي الذي يستلحق التحوّلات الكبرى التي سترسم المشهد الإقليمي في المرحلة المقبلة لا سيما بعد طوفان الأقصى وفرض حركات المقاومة في المنطقة لا سيما حركة حماس وحزب الله معادلات جديدة وتحوّل حزب الله قوة إقليمية عسكرية وسياسية وشعبية لا يمكن لأي نظام أو حكومة عربية تجاهلها بعد الآن.
على الخط الرئاسي، لفتت مصادر اللجنة الخماسية وفق مصادر إعلامية إلى أن «اللجنة تعود الى الانعقاد بدءاً من الأسبوع المقبل للتأكيد على الضغط الدولي المستمر لانتخاب رئيس للجمهورية».
اللواء
«تصعيد قاتل» في الجنوب بالتزامن مع تقدُّم مفاوضات غزة
فجّرت اسرائيل الوضع الميداني في الجنوب، فبعد استهداف القيادي في حزب الله نعمة محمد ناصر، واغتياله على طريق الحوش في صور، مع احد مرافقيه، رد حزب الله بعشرات الصواريخ على كريات شمونة والجولان السوري ومستعمرات اخرى، بما لا يقل عن 200 صاروخ، في وقت كان فيه الرئيس نجيب ميقاتي قال: ان خيار لبنان كان وما يزال السلام، واصفاً العدوان الاسرائيلي على الجنوب بأنه تدميري وارهابي وعلى المجتمع الدولي ان يضع حداً لتماديه واجرامه.
وقال امس ميقاتي خلال مشاركته في فعالية «لبنان الدور والموقع بين الانتهاكات الاسرائيلية والمواثيق الدولية في موفمبيك»: «شعبنا الذي ما رضي ولا يرضى بالاعتداءات على سيادته وكرامته الوطنية وسيادة اراضيه، وعلى المدنيين من ابنائه وخصوصاً الاطفال والنساء»، موضحاً: «نحن معنيون من منطلقات عروبية ووطنية وانسانية، بحرب الابادة الفعلية الجارية في حق الفلسطينيين ولا سيما في غزة».
التنسيق الفرنسي – الأميركي
وأمس، اجتمع الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وبحثا الوضع في لبنان، بشقه الحدودي (الحرب بين اسرائيل وحزب الله) وشقه السياسي (الملف الرئاسي المعلق البحث فيه).
وحسب المعلومات التي افرج عنها فإن الوسيطين اتفقا على استمرار التنسيق وتبادل المعلومات حول الوضع في لبنان. وقالت المعلومات ان هوكشتاين ولودريان اتفقا على مواصلة بذل الجهود للحؤول دون توسع الحرب على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، واعداد ورقة عمل مشتركة للانتقال الى لبنان، في ضوء تقدم المفاوضات على جبهة غزة لوقف النار، والتوصل الى صفقة تبادل.
وصرح متحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي ان المحادثات كانت بناءة في الاليزيه وفي وزارتي الخارجية والدفاع، وتركزت حول آخر التطورات في الشرق الاوسط، والجهود المشتركة بين باريس وواشنطن لاستعادة الهدوء، وايجاد حل عبر الخط الازرق في الجنوب بالوسائل الدبلوماسية مع الاشارة الى ان هوكشتاين زار لبنان في 18 حزيران الماضي، والتقى الرئيس نجيب ميقاتي.
ومن غلاف غزة، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ان جيش الاحتلال يوجه ضربات موجعة لحزب الله كل يوم، واعلن عن قرب الوصول الى جاهزية كاملة على الجبهة الشمالية، لتكون اسرائيل في موقف قوي، سواء لجهة عملية عسكرية او تسوية سياسية. الا ان المشرف على وزارة الخارجية الايرانية علي باقري قال صباحاً ان لبنان سيكون حتماً جحيماً بلا عودة للصهاينة.
تحريك الملف الرئاسي
رئاسياً، رجحت مصادر دبلوماسية عودة اللجنة الخماسية لاستئناف اجتماعاتها حول الملف الرئاسي، من زاوية الضغط الجاري من اجل انهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إن عودة النقاش في الملف الرئاسي لم تتحدد ولكن هناك معطيات تتحدث عن دخول اللجنة الخماسية على الخط في سياق تعديل بعض النقاط، وهذا يتبلور في الايام المقبلة خصوصا أن بعض سفراء اللجنة يسعون إلى عدم استئخار الملف وعدم انتظار المحادثات الخارجية التي تعقد بشأن ملفي غزة والجنوب.
اما بشأن الحراك المحلي فإن المصادر نفسها تعتبر أن بعض الكتل أنجز ما لديه لجهة الجولات على القيادات والكتل النيابية وبالتالي لن تقدم على خطوات جديدة في انتظار ما قد برسو عليه خيار التشاور أو الحوار، معتبرة أن السجال الذي اندلع بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بجعل من الصعوبة بمكان التفكير في أي تواصل بينهما أو حتى اشراكهما في امر ما.
وفي اطار متصل، استقبل سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، في مقر إقامته في اليرزة، المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري. وجرى خلال اللقاء البحث في أبرز التطورات السياسية الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين الشقيقين، وعدد من القضايا ذات الإهتمام المشترك.
تنقية العلاقات
وعلى خط تنقية العلاقات الروحية بين المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وبكركي، زار النائب البطريركي المطران بولس مطر والوزير السابق وديع الخازن، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وجرى التباحث في العلاقات بين المجلس والصرح وكذلك التطرق الى القضايا والشؤون الوطنية.
ورحب الشيخ الخطيب بالوفد، مؤكداً ان «اللبنانيين اخوة وشركاء في الوطن، والتميُّز على المذهب للمواطنين لا يعطي تمايزاً في الحقوق والواجبات والتعصب والتطرف لا يبني وطناً.. مؤكداً ان المقاومة تدافع عن اللبنانيين وتحمي سيادة لبنان التي لا تتجزأ».
ووصف المطران مطر اللقاء بأنه كان «أخوياً وجيد جداً»، موضحاً «تحدثنا عن القيم الجامعة بين اللبنانيين واهل الاديان، وتجمعنا الاخوة في الوطنية، وفي التاريخ والمستقبل». ولم يجرِ عن الاتفاق على موعد لقاء بين الشيخ الخطيب والبطريرك الراعي، مع الاشارة الى ان ما حدث «غيمة صيف وعبرت».
الوضع الميداني تصعيد بوجه الاغتيال
ميدانياً، ورداً على اغتيال القيادي العسكري في حزب الله ابو نعمة، اعلن حزب الله عن قصف ثكنة زرعيت بصواريخ بركان، ومقر الكتيبة التابعة لسلاح البر في ثكنة كيلع بصواريخ الكاتيوشا.
كما اعلن حزب الله عن استهداف مقر قيادة اللواء 769 في ثكنة كريات شمونة الاسرائيلية بصواريخ «فلق» كما استهدف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر الدفاع الجوي.
كما استهدف حزب الله برده التجهيزات التجسسية في المالكية وموقع الرمثا، وكذلك مثلث الطيحات والسماقة.. وموقع الراهب، والتجهيزات الفنية في موقع بركة ريشا العسكري.
ومساء امس، استهدف العدو الاسرائيلي اطراف بلدتي الجبين ووادي حامول، بالمدفعية، كما قصف بالطيران الحربي اطراف بلدة شيحين، وتعرضت ايضاً الاحياء السكنية لشبعا لقصف مدفعي معادٍ، اسفر عن اصابة مواطنة بجروح وسجلت غارة على بلدة حولا.
المصدر: صحف