قال موقع ويكيليكس إن مؤسسه “جوليان اسانج “خرج من سجن بريطاني الإثنين وغادر المملكة المتحدة جوا. جاء إعلان موقع ويكيليكس بعد وقت قصير من إظهار وثائق محكمة أن اسانج سيقر بالذنب هذا الأسبوع بانتهاك قانون التجسس الأمريكي، فيإطار اتفاق سيسمح له بالعودة إلى وطنه أستراليا.
وينظر إلى جوليان أسانج الذي توصل إلى صفقة يقر فيها بالذنب مع السلطات الأمريكية مقابل إطلاق سراحه، على أنه كان مدافعا عن حرية التعبير بالنسبة للبعض. لكن آخرين يرون أن الأسترالي البالغ 52 عاما تعامل بتهور مع معلومات سرية مما عرض عددا من المصادر إلى الخطر. عودة على مسيرة مؤسس ويكيليكس المثيرة للجدل.
ومع إبرامه الصفقة، تنتهي معركة قضائية استمرت 14 عاما لمؤسس ويكيليكس جوليان أسانج أسالت كثيرا من الحبر وتحولت إلى قضية دبلوماسية دولية. وأسس جوليان أسانج موقع ويكيليكس الذي كشف عن أسرار حكومية حول العالم عبر تسريب معلومات لعل أبرزها ملفات عسكرية أمريكية مرتبطة بحربي العراق وأفغانستان.
وقضى أكثر من عقد من عمره إما محتجزا أو متحصنا داخل سفارة الإكوادور بلندن في مسعى لتجنب تسليمه، أولا إلى السويد حيث واجه اتهامات بالاغتصاب ومن ثم إلى الولايات المتحدة. ولد أسانج سنة 1971 في تاونسفيل في كوينزلاند وتنقل كثيرا في طفولته. ويشير إلى أنه ارتاد 37 مدرسة قبل الاستقرار في ملبورن.
وخلال مراهقته، كشف عن موهبته في القرصنة الإلكترونية التي لفتت أنظار الشرطة الأسترالية إليه، وأقر بمعظم التهم التي وجهت له ودفع غرامة عليها.
أطلق ويكيليكس في 2006 بالتعاون مع مجموعة من الناشطين المتقاربين معه فكريا وخبراء تكنولوجيا المعلومات. وقال أسانج لوكالة الأنباء الفرنسية في آب/أغسطس 2010 “نصنع معيارا جديدا للصحافة الحرة”.
بدأت معاركه القانونية في العام ذاته بعد وقت قصير من نشره وثائق سرية بشأن العمليتين العسكريتين الأمريكيتين في العراق وأفغانستان. تلت ذلك اتهامات له بالاغتصاب في السويد، أصر على نفيها. كان في بريطانيا عندما سعت السويد لتسلمه. ومنحته الإكوادور حق اللجوء السياسي وسمحت له بدخول سفارتها في لندن.
أقام أسانج في شقة صغيرة داخل السفارة على مدى سبع سنوات منذ 2012 حيث مارس الرياضة على جهاز المشي واستخدم مصباحا شمسيا للتعويض عن نقص الضوء الطبيعي. شبّه وضعه بالعيش في محطة فضاء.
لكن فترة إقامته الطويلة في السفارة انتهت بعدما سلمته حكومة جديدة وصلت إلى السلطة في كيتو إلى الشرطة البريطانية في نيسان/أبريل 2019. أوقف بتهمة الهرب بدون كفالة وسُجن.
أغلق المدعون في السويد التحقيق ضده المرتبط بالاغتصاب في 2019، قائلين إنه على الرغم من الإفادة “ذات المصداقية” للضحية المفترضة إلا أن الأدلة غير كافية للمضي قدما. لكن السلطات الأمريكية اتهمته بانتهاك قانون التجسس الأمريكي. وأوقف مذاك في سجن بيلمارش عالي التحصين في لندن فيما دارت معركة قضائية مطولة لاتخاذ قرار بشأن تسليمه.
من المقرر أن يمثل أسانج أمام محكمة في جزر ماريانا الشمالية التابعة للولايات المتحدة والواقعة في المحيط الهادئ حيث سيقر بذنبه بتهمة واحدة هي التآمر للحصول على معلومات تتعلق بالدفاع الوطني ونشرها، مقابل نيل حريّته، لطي صفحة مسلسل قانوني استمر سنوات طويلة.
جاء الإعلان عن الصفقة قبل أسبوعين من الموعد المقرر لمثول أسانج أمام المحكمة في بريطانيا للطعن في حكم أيّد تسليمه إلى الولايات المتحدة.
يعتبر داعمو أسانج، بمن فيهم الفنان المعارض الصيني آي ويوي ومصممة الأزياء الراحلة فيفيان ويستوود بأن التهم الموجهة لأسانج مدفوعة سياسيا. وأعربوا مرارا عن مخاوف حيال التداعيات الجسدية والنفسية لفترة سجنه الطويلة.
وأفاد المقرر الأممي الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة نيلس ميلزر بأن “المعاناة المتصاعدة بشدة التي تعرض لها” أسانج خلال فترة اعتقاله ترقى إلى التعذيب.
دعمت أسانج في البداية مجموعات حقوقية وصحف تعاونت معه في تحرير ونشر سجلات الحروب الأمريكية.
شملت الأدلة تسجيلا مصورا مسربا يظهر مروحية عسكرية أمريكية من طراز أباتشي وهي تطلق النار على صحافيين اثنين وعدد من المدنيين العراقيين في أحد شوارع بغداد في 2007، وتقتلهم.
لكن كثيرين انتابهم الهلع عندما نشر ويكيليكس الوثائق غير المنقحة على الإنترنت والتي تضمنت أسماء مخبرين. ونشب خلاف كبير بين أسانج وشركائه الإعلاميين.
وأقر محامون في الولايات المتحدة بأنهم “على علم” باختفاء مصادر بعدما نشر ويكيليكس أسماءهم، لكن لا يمكنهم إثبات أن اختفاءهم كان بسبب “كشف ويكيليكس” عن هويّاتهم.
كما طرحت أسئلة متزايدة أيضا بشأن علاقة أسانج مع روسيا. إذ خلص تحقيق المدعي الخاص روبرت مولر بشأن التدخل في انتخابات 2016 الرئاسية الأمريكية التي فاز فيها دونالد ترامب إلى أن الروس اخترقوا “على ما يبدو” رسائل حملة المرشحة الديمقراطية حينذاك هيلاري كلينتون ومن ثم “نشروا هذه المواد علنا عبر مختلف الجهات الوسيطة بما في ذلك ويكيليكس”.
وأسانج والد لطفلين من زوجته ستيلا التي التقاها عندما كانت محامية تدافع عنه. تزوّجا في سجن بيلمارش في آذار/مارس 2022.
المصدر: مواقع