أدى ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى إعادة تشكيل سوق العمل التكنولوجي الحر بسرعة كبيرة خلال الأشهر الأخيرة، فهذه التكنولوجيا الجديدة التي ظهرت أواخر عام 2022، أصبحت تثير فضول الشركات والعلامات التجارية في العالم، وتشعرها بضغوط كبيرة، تحتم عليها استكشاف أفضل السبل لدمج هذه التقنية الثورية في أعمالها.
ورغم أن الشركات والمؤسسات تمتلك فرصة كبيرة، للارتقاء بمستوياتها التنافسية، بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإنها في الوقت عينه، تكافح للعثور على أشخاص يتمتعون بالمهارات العلمية المناسبة، التي تساعدها وتساعد موظفيها على فهم هذه التكنولوجيا، فأغلب موظفي الشركات في العالم، يفتقدون إلى المهارات المطلوبة، للتعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة البرمجيات الأميركية سيلزفورس، أنه رغم التفاؤل بقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في العالم المهني، فإن 62 بالمئة من الموظفين المكتبيين الذين تم استطلاعهم، أكدوا أنهم لا يملكون المهارات اللازمة، لاستخدام هذه التكنولوجيا العصرية بشكل فعال وآمن.
وتأتي هذه النتائج في أعقاب دراسة جديدة أيضاً، كشفت أن موظفا واحدا فقط من أصل كل 10 موظفين على مستوى العالم، يمتلك المهارات الضرورية المطلوبة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
وهذا النقص في المهارات الذي تعاني منه الشركات في العالم، أدى إلى لجوئها إلى سوق العمل التكنولوجي الحر، وإلى تسليط الضوء على دور “خبير الذكاء الاصطناعي”، الذي بات ومنذ عشرة أشهر، يُعدّ منصباً جديداً ومثيراً في سوق الوظائف الحرة، حيث تشهد منصات التوظيف، طفرة في إعلانات الوظائف وعمليات البحث التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ومع بحث أصحاب العمل بشكل متزايد، عن المواهب التي لديها معرفة بكيفية الاستخدام الفعال لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، يبقى السؤال ما هي وظيفة ومهام “خبير الذكاء الاصطناعي”، التي زاد الطلب عليها مؤخراً؟ وما هي المهارات التي يجب على الفرد امتلاكها كي يصبح خبيراً في الذكاء الاصطناعي؟
تقول ديانا عراجي، وهي الرئيسة التنفيذية لشركة The Business Horizons للتدريب والاستشارات، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات في أعلى سلم الأوليات بالنسبة للشركات، فهذه التكنولوجيا التي تشهد انتشاراً حالياً، ستكون ركيزة لازدهار الأعمال في المستقبل، حيث إن مهام خبراء الذكاء الاصطناعي، هو إيجاد طرق مبتكرة وفعالة لإدخال ودمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في روتين الشركات، مشيرةً إلى أنه حالياً لا يوجد ما يكفي من الأفراد المدربين، لمساعدة الشركات والمؤسسات على تطوير أعمالها، بما يتماشى مع التوجهات في السوق، ومن هنا تكمن أهمية المختصين وخبراء الذكاء الاصطناعي.
وبحسب عراجي فإن التخصص في الذكاء الاصطناعي يتفرَّع من تخصص علم الحاسوب، حيث تشمل دراسة هذا التخصص، مواد تحليل الأنظمة والخوارزميات، ودراسة أجهزة الحاسوب والبرمجيات، والعمليات المعقّدة، كما تشمل التمتع بمهارات التخطيط، والتنظيم، وتصميم لغة البرمجة، ومعالجة البيانات، لافتاً إلى أن علم الحاسوب يعتبر من الأساسيات المعرفية، للتخصص في الذكاء الاصطناعي الذي يتركَّز محتواه الدراسي حول التعرُّف على الأنماط التقنية، والشبكات العصبية، وأنظمة التصنيع، وأنظمة الروبوت، والاستخراج والتنقيب عن البيانات والهندسة، والتعلُّم الآلي وتكنولوجيا اللغات التي يتحدث بها الإنسان وغيرها الكثير من المواد العلمية.
وترى عراجي أن خبراء الذكاء الاصطناعي، باتوا ذات قيمة كبيرة بالنسبة للشركات والصناعات، التي ترغب في أن تكون في طليعة مستخدمي الأساليب الجديدة للذكاء الاصطناعي، وببساطة يمكن القول إن خبير الذكاء الاصطناعي، هو الشخص الذي يفهم الأنواع المختلفة من التكنولوجيا، والأدوات المتاحة في القطاع، ويعمل مع الشركات والمنظمات لاكتشاف طرق جديدة ومبتكرة، لتطبيق هذا النوع من التكنولوجيا في عملياتهم اليومية، مشددة على أن هؤلاء يجب أن تكون لديهم خلفية قوية في علوم الكمبيوتر، وأن يعملوا جاهدين للبقاء على اطلاع بما يجري في هذه الصناعة.
ما المطلوب من خبير الـ AI؟
وتكشف عراجي أنه إضافة إلى شهادة “علم الحاسوب”، التي يجب على خبير الذكاء الاصطناعي اكتسابها، يجب عليه إظهار أن لديه مهارات في كيفية تدريب الآخرين، على استخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي في مكان العمل، مشيراً إلى أن فرص الأعمال لخبراء الذكاء الاصطناعي، ستكون متاحة في الوزارات والمدارس والجامعات والمراكز البحثية والشركات والمؤسسات الصناعية والمؤسسات المهنية والمؤسسات الفنية، وغيرها الكثير، إذ سيصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية أمراً شائعاً، مع تبني المزيد من الصناعات هذه التكنولوجيا بشكل منتظم.
المصدر: سكاي نيوز