لا شك ان الجيش الاسرائيلي من الناحية النظرية يصنّف على انه من الجهات القوية في المنطقة، لا سيما إذا ما تم تقييمه على صعيد التجهيزات والمعدات التي يمتلكها أو من الناحية اللوجستية والتطور التكنولوجي الذي يؤمن له.
لكن ماذا عن الأمور الاخرى؟ ماذا عن الجانب البشري؟ ماذا عن الناحية العملية والروح المعنوية لهذا الجيش الذي لا يخرج من صدمة إلا ويدخل باخرى منذ العام 2000 تاريخ اندحاره عن غالبية الاراضي اللبنانية وحتى اليوم، فهذا الجيش تلقى في أيار/مايو 2000 أبرز وأولى هذه الصدمات المؤلمة، قبل اندحاره عن قطاع غزة عام 2005 ومن ثم الصدمة الاقوى بهزيمته في حرب تموز 2006 وما تلاها من انتكاسات امام المقاومة الفلسطينية وصولا لآخر هذه الانتكاسات خلال العدوان على مدينة جنين ومخيمها في العام 2023.
كل هذه الهزائم التي تحققت وما سيأتي في لاحق الأيام بشكل مؤكد جعلت الجيش الإسرائيلي جسدا بلا روح، وأوصلت الى حالة عامة لدى الصهاينة برفض الخدمة العسكرية وصولا لاختراع الذرائع من قبل الجنود والضباط للتخلف عن الخدمة، كما حصل مؤخرا بالتمرد بحجة رفض قانون إلغاء “استقلالية القضاء” في الكيان الصهيوني وما يعرف بقانون “مقبولية” أعمال الحكومة.
فالجيش الاسرائيلي يعاني الكثير على صعيد معنويات مكوناته البشرية ويعاني على مستوى فقدان الثقة بالنفس وبقدرات الجيش، كما ان الصهاينة أنفسهم فقدوا الثقة بجيشهم جراء تآكل قدرته على الردع ورجحان كفة معادلات القوة لصالح المقاومة ومحورها، وبالسياق، أشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته يوم الاثنين 14-8-2023 في الذكرى الـ17 انتصار تموز-آب 2006 الى ان “الجيش الاسرائيلي يعاني من ضعف الروح القتالية وانعدام الثقة بين العناصر والقادة ومع المستوى السياسي وضعف الاقبال على الوحدات القتالية وغياب الانجازات البرية ومحاولة الاقتحام الفاشلة في غزة شاهدة على ذلك”، وأكد ان “العدو الاسرائيلي اليوم هو أضعف بكثير مما كان عليه والمقاومة ومحورها اليوم أقوى بكثير مما كانا عليه”.
هذا المستوى المنهار لقدرات الجيش الاسرائيلي معنويا تدفع بين الحين والآخر، بعض المسؤولين الصهاينة الى رفع الصوت وإطلاق التهديدات للمقاومة ولبنان وشعبه، في محاولة لرفع معنويات جنود العدو والمستوطنين والقول إن العدو سيرد وسيضرب وسيدمر… وغيرها من المصطلحات التي ما عادت تنفع في إحياء ما سبق أن مات من ثقة وحماسة وروح قتالية في الجسد المتهالك للكيان المؤقت، وباتت تهديدات العدو مصداقا للآية القرآنية الكريمة “وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ”(الآية 171 من سورة البقرة)، وهنا برز تهديد لوزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت الذي هدد “بإعادة لبنان الى العصر الحجري”، على حد تعبيره.
وبالسياق، رد السيد نصر الله على هذه التهديدات الاسرائيلية، حيث أكد “أقول للعدو بالدليل والبرهان أنتم أيضا سيتم إعادتكم إلى العصر الحجري إذا أقدمتم على الحرب مع لبنان”، وأضاف “إذا تطورت المعركة مع محور المقاومة لن يبقى شيء اسمه إسرائيل..”.
وحول كل ذلك، أشار الكاتب المتخصص بالشأن الصهيوني أيمن علامة الى ان “أهمية خطاب السيد نصرالله في هذه المرحلة، انه يأتي في أشد أزمة يواجهها كيان العدو منذ تأسيسيه”، واضاف “تأتي تصريحات السيد نصر الله على ضوء الإقرار الإسرائيلي بجميع مستوياته بأن اي حرب مقبلة لن تقتصر على جبهة واحدة وايضا تقارير تشير وآخرها تقرير في صحيفة إسراىيل هيوم أن الكيان سيواجه في الأيام الأولى 6000 صاروخ ما سيؤدي لتعطيل البنى الأساسية في الكيان”، وتابع أن “الأزمة ليست وليدة الفترة الحالية بل ان المعلومات تؤكد عدم جهوزية الجيش لخوض حرب متعددة الجبهات”.
ولفت علامة في حديث لموقع المنار الالكتروني الى ان “كيان العدو يعاني من أزمة متشعبة: سياسية، اثنية، عرقية، لكن الخطر الأكبر يتمثل بوصول الازمة إلى الجيش الذي تشير الدراسات والتصريحات إلى فقدانه الجهوزية للقتال”، وأشار الى ان “الازمة وصلت الى حدود فقدان الثقة بمؤسسات الدولة وخاصة ما أشار إليه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي وتقرير المعهد الإسرائيلي للديمقراطية الذي ذكر أن 54 بالمئة من الصهاينة لا يثقون بمؤسسات الدولة وبالأخص الجيش وهذا أخطر مؤشر بحسب المعهد منذ عام 2008”.
وقال علامة إنه “بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي فإن الأزمة الداخلية الصهيونية وضعف المناعة القومية تؤثر على أعمال الجيش الاسرائيلي في البيئة الخارجية، وهذا ما أشار إليه إيهود باراك، في وقت هناك إقرار بأن الحرب ستكون متعددة الجبهات، بينما يعيش الكيان الصهيوني في أزمة عميقة بما يؤدي الى المسّ بمصالح إسرائيل الحيوية والإستراتيجية والتي على رأسها هو وجود راعٍ دولي لاستمرار وجود الكيان“.
وبالاطار قال عضو الكنيست الاسرائيلي السابق “روث واسرمان لاند” إنه “يجب النظر الى تهديدات نصر الله بمنظور إستراتيجي فهو يدعم تهديداته بصواريخ دقيقة قادرة على إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل”، بينما أكدت وسائل اعلام العدو ان “كلمات نصرالله هي الأدق بتوصيف الواقع الإسرائيلي المتأزم”.
المصدر: موقع المنار