اعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الدكتور علي فياض خلال رعايته الإفطار السنوي الذي أقامته السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفاعليات منطقة العرقوب وحاصبيا، ان “مناسبة يوم القدس الذي يصادف يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك، يتداخل فيها البعد الديني بالبعد الجهادي، ففي البعد الديني، فإن شهر رمضان هو شهر الله وشهر القرآن وشهر المغفرة وشهر الرحمة وشهر العبادة وشهر مضاعفة الحسنات بأضعافها، ومحو السيئات بأضعافها، والشهر الذي تغلق فيه أبواب الجحيم وتفتح فيه أبواب الجنة، والشهر الذي يمارس فيه المؤمن أعلى درجات الاقتراب من الله، ويشعر فيه المؤمن بأعلى درجات الرعاية والعناية والرحمة الإلهية، ويمارس الإنسان عبادته وسلوكه فرديا، وتمارس الأمة مواقفها جماعيا، فللانسان كتابه الذي يسأل عنه وللأمة كتابها الذي تسأل عنه”.
أضاف: “كما نمارس العبادات والأعمال الصالحة تجاه ذواتنا وتجاه الآخرين ممن يحتاجون إلى المساعدة، فكذلك علينا أن نمارس دورنا وعملنا الصالح تجاه الأمة، وهو ما نعبر عنه بالواجب الوطني أو الديني أو القومي، وتبقى قضية القدس وقضية فلسطين وقضية الشعب الفلسطيني كشعب مضطهد ومشرد ومظلوم، من أسمى القضايا التي يمليها الدين وتمليها الأخلاق وتمليها الإنسانية، ولذلك فإن قضية الشعب الفلسطيني، هي قضية دينية وقومية ووطنية وإنسانية”.
وتابع: “أن تطلق هذه المناسبة في شهر رمضان المبارك بخصوصيته وفرادته واستثنائيته، ففي الأمر إضفاء لقدسية استثنائية على قضية القدس والموقف منها وكيفية التعاطي معها، ونحن نطل على المناسبة هذا العام بمزيد من التفاؤل والتطور والتقدم في مسار الصراع”، مؤكدا أن “مسار المقاومة وخيارها إلى مزيد من الرسوخ والصعود والتقدم، هو مسار تراكمي، لكن ليس على النحو البطيء تاريخيا، وهو أيضا يحقق قفزات نوعية تنطوي على تحولات كبرى في مسار الصراع، لكن شرط ذلك الإخلاص والثبات والاستعداد للتضحية”.
وأشار الى انه “من يعيب على القوى المقاومة أن تنسق في ما بينها أو ينتقدها أو يهاجمها، إنما هو قصد أم لم يقصد يخدم جبهة العدو، وهو في خياراته معاد لخيار المقاومة ومنطقها ودورها، ولذلك يرتسم الواقع الراهن للقوى المقاومة على تكامل في الأدوار وتنوع في الساحات ووحدة في الهدف”، مشددا على “ضرورة قراءة دلالة تجربتين كبيرتين، تجربة ترسيم الحدود البحرية اللبنانية بالاستناد إلى دور المقاومة، وتطورات الأسابيع الأخيرة التي كشفت ضعف العدو وإرتباكه وعلى الأخص خشيته من إنفجار المواجهة واتساع نطاقها”.
وقال فياض: “بتنا أمام حقائق لا يمكن نكرانها وهي:إن المبادرة هي بيد القوى المقاومة، والعدو في موقع رد الفعل، أي أن القوى المقاومة باتت في موقع الأكثر فاعلية على التحكم في مسار المواجهة ومعطياتها ووقائعها وظروفها. إن العدو بات في موقع من يخشى المواجهة المفتوحة والواسعة، وهو يتلاشاها بشتى السبل، وهو غير واثق من نفسه في مواجهة هذا الاحتمال بتداعياته غير المحسوبة. إن كل الجهود التي بذلها العدو وحلفاؤه عسكريا وسياسيا وتطبيعيا وتسوويا، هي إما رخوة لا تتسم بالثبات والديمومة، وإما هي في مهب ريح المقاومة وإرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى”.
وأضاف: “لقد تغير الزمن وفق المشهد الإستراتيجي الذي يرتسم عالميا وإقليميا، ونحن في زمن باتت فيه أميركا أكثر ضعفا، وباتت قدرتها على التحكم عسكريا أو سياسيا بمسار الأحداث والتطورات أكثر تراخيا وأقل فاعلية، وثمة مسار آخر آخذ في الإرتسام، وإن كان يحتاج الى مزيد من الوقت والجهود المشتركة، وهو تراجع أميركا إقتصاديا وماليا، ولقد أخفقت أميركا بكل حروبها على مستوى المنطقة، وأخفقت في حفظ مصالحها الإستراتيجية والسياسية، وبالمقابل باتت الجمهورية الإسلامية قوة إقليمية راسخة ولاعبا إستراتيجيا لا يمكن تجاوزه، وعلى المستوى الدولي، انتهى عصر الأحادية الأميركية، ونحن أمام خريطة دولية جديدة تقوم على التعددية في التوازن والصراع عسكريا وإقتصاديا وسياسيا”.
وشدد على أننا “نتطلع الى معالجة كل المشاكل والخلافات والصراعات البينية عربيا وإسلاميا بين الدول والمكونات والأحزاب والجماعات، وإن كل الجهود التي تفضي الى حلول في معالجة النزاعات، هي محل ترحيب وارتياح، وهي تلقى كل صدى إيجابي وتشجيع حزبيا وشعبيا، ونؤكد أنه ليس في منهجنا وفكرنا السعي الى صراعات داخل مجتمعاتنا. بل هي مرفوضة ومفروضة وخسائرها أكثر من أن تحصى، وعسى أن تتمكن دول المنطقة وقواها وشعوبها من إدارة مصالحها ورسم مستقبلها بنفسها بعيدا عن الإملاءات والتدخلات الخارجية، وكلنا أمل في أن نكون على عتبة مرحلة جديدة في إنتاج وئام وسلام في عالمنا العربي والإسلامي”.
وفي الشأن اللبناني، أمل فياض أن “يكون شهر أيار شهر الحسم في إنجاز الإستحقاق الرئاسي، لأن الأوضاع الداخلية تزداد تداعيا على المستويات كافة، وفي مقدمها ما يتصل بالقطاع العام، الذي يمر بشبه شلل وتعثر شامل، فلقد إنهارت رواتب القطاع العام، بحيث باتت الدولة بلا إيرادات، وانهار قطاع التعليم الرسمي، والمواطنون يعانون الأمرين لإنجاز معاملاتهم، فيما تستمر معاناة المواطنين الذين يضطرون لدخول المستشفيات، أما المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية فحالتهم تدعو للأسى”.
وقال: “في ضوء كل ذلك، تتعثر كل المحاولات للتقدم الى الأمام في وضع الأزمة المالية الاقتصادية على سكة المعالجة، بل على العكس من ذلك، تتجه الأمور باتجاه الأسوأ، إذ من المرجح أن تتحول الأزمة الى كارثة وإنهيار شامل إذا تأخرت سبل المعالجة، أما الحلول الترقيعية والمؤقتة، فهي فعليا لا تجدي نفعا، إذ إنها لم توقف إنهيار سعر الصرف، ولم تحسن في الوضع المعيشي، ولم ترد الودائع للمواطنين، لذلك هناك مساران لا بد من تحريكهما، الأول وهو المسار السياسي عبر إنجاز الإستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة وترميم وضع الإدارات العامة لتشغيل عجلة الدولة، والمسار الثاني وهو المالي – الإقتصادي عبر إقرار خطة التعافي المالي مع تشريعاتها ووضعها موضع التنفيذ، وإحاطة هذه الخطة بعد ترشيدها بإحتضان وطني يحصن البعد السيادي في الخطة، ويعيد للمواطنين ودائعهم، ويحرر مجددا نمو الاقتصاد الوطني”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام