ريم عبيد
يجمع المحللون والمراقبون على أن ما يعيشه الكيان الاسرائيلي ينطوي على أزمة تدمير ذاتي حادة، أفرزها ما يسمى “النظام القضائي” الجديد، الذي من شأنه مصادرة احكام “السلطة القضائية”، وتوسيع دائرة صلاحيات الحكومة الحالية، وهو ما ترفضه المعارضة الصهيونية.
الولايات المتحدة الامريكية تنظر الى حكومة بنيامين نتنياهو على أنها حكومة غير مقبولة لناحية تكوينها المؤلف من أحزاب يمينية متطرفة، تختلف في أهدافها ورؤيتها عن أهداف الولايات المتحدة التي تعتبر “اسرائيل” حاجة لها في منطقة الشرق الأوسط، ومن شأن التطرف لوزرائها أن يقوّض مساعيها ويضعها في دائرة الاتهام.
لذا فهي تعمل مع جزء من المعارضة الاسرائيلية، حسبما تقول الحكومة، على تغذية الاحتجاجات في الشارع والتي تتسع رقعتها، بصورة دفعت رئيس الكيان اسحاق هرتسوغ الى القول إن “إسرائيل وصلت الى نقطة اللاعودة”.
أمريكا تدخل من بوابة “حركة من أجل حكومة الجودة” وهي منظمة تلقت دعما ماليا من وزارة الخارجية الأميركية منذ عام 2020، ويقول جيرالد شتاينبرغ رئيس “مجموعة مراقبة المنظمات غير الحكومية الاسرائيلية” عن الدعم الأميركي “أنها وعلى رغم أن ظاهرها هدفه تعليم الديمقراطية لطلاب المدارس الثانوية الإسرائيلية، إلا أن الحقيقة تفيد بأنها تمول منظمة غير حكومية سياسية بارزة تأسست عام 1990″، وكثيرا ما تستخدم هذه الحكومة سياسة الباب المفتوح لحملاتها السياسية الحزبية، بما في ذلك السعي لتقويض شرعية نتنياهو كرئيس للوزراء.
وما يدعم هذا الطرح هو أن نتنياهو لم يتلق دعوة منذ توليه منصبه للقاء الرئيس بايدن في البيت الأبيض حتى اللحظة، على خلاف ما جرت عليه العادة في العلاقات الوطيدة بين “تل أبيب” وواشنطن.
وفيما تستمر التظاهرات المناهضة لحكومة نتنياهو، بعث 255 مستثمرا مقيما في الولايات المتحدة رسالة تحذير إلى نتنياهو، مفادها أن ما يصفه بـ”الإصلاح القضائي” سيؤثر في استثماراتهم في الكيان الإسرائيلي، وبالتالي هم مجبرون على إعادة تقييم اعتمادهم على الكيان كوجهة استراتيجية للاستثمار.
يضاف الى هذا المشهد قرار أكبر “المنظمات اليهودية الأميركية” وأكثرها نفوذا في العالم، والقاضي بعدم التعامل مع وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، بما في ذلك “أيباك”، و”الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية” و”اللجنة اليهودية الأميركية”، و”رابطة مكافحة التشهير”.
كل هذه المعطيات يمكن أن يبنى عليها، للحديث عن أن أمريكا من مصلحتها اليوم إسقاط الحكومة الحالية، ولكن بدعمها للفوضى إنما هي تؤثر بشكل سلبي على وضعية الكيان الاسرائيلي في المنطقة، ما دفع وسائل إعلام صهيونية للقول إن “من العوامل التي دفعت السعودية إلى إعادة علاقاتها مع إيران، هو الشعور بأن مكانة إسرائيل ضعفت لدى واشنطن”، كما رأى عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان أن “لا أحد يعتمد على نتنياهو، وهذا أحد أسباب توجه السعوديين نحو طهران”.
اذا، المشهد يتعقد أمام الحكومة الاسرائيلية الحالية، وتأتي ضربات المقاومة لتعمق الفوضى التي تعيشها، وكل المتغيرات المحيطة تصب في غير صالحها، حتى أمريكا تبدو مشاركة في الازمة، فما الذي تبقى أمام هذه الحكومة لانقاذ نفسها وسط التعنت الواضح في المضي بـ”النظام القضائي الجديد”، الذي يدفع الامور أكثر فأكثر نحو التدمير الذاتي؟
المصدر: بريد الموقع