التنمر راهنًا ليس كما كان عليه في الماضي.. لدى كل جيل تجاربه الخاصّة مع التّنمر، لكن من المحتمل أنّ البالغين اليوم ليسوا على دراية بما يعنيه تعرّض طفل للتّنمر الآن.
وأشارت دراسة جديدة إلى أنّ التّنمر الجسدي، مثل المواجهات المنطوية على الضّرب أو الدّفع، أظهر في الواقع ارتباطًا ضئيلًا جدًا بخطر الإصابة بالاضطرابات العقليّة، وقال مؤلّف الدّراسة الرئيسي، جون روفرز: “بالنّسبة للبالغين الذين يجرون هذا البحث، فهم يفترضون نوعًا ما أن التّنمر عبارة عن دفعك إلى خزانة، وضربك في الملعب”.
وأخذ الباحثون بيانات من استطلاع “شباب أيوا لعام 2018” أُجري على طلبة في الصّف السّادس، والثّامن، والحادي عشر لمعرفة إذا كانت هناك صلة بين التّنمر، والصّحة العقليّة، والأفكار الانتحاريّة، وفقًا للدّراسة المنشورة في مجلّة “PLOS ONE”، الأربعاء.
وأظهرت النّتائج تأثير أشكال مختلفة من التّنمر على مشاعر الحزن، أو اليأس، أو الأفكار الانتحاريّة، لكنّها لم تؤثّر على الطّلبة بالتّساوي.
يتبعه التّنمر الإلكتروني والاجتماعي، أي إقصاء شخص ما أو قلب أقرانه ضدّه، يحلّ في المرتبة التالية للتنمّر على الهويّة من حيث درجة تأثيره.
من المنطقي أن يكون التّنمر على هويّة الفرد بين أشكال التّنمر الأكثر إيلامًا، فالهوية مهمة للغاية للأطفال والمراهقين خلال نشأتهم. ولا يقتصر عدم قدرتهم أن يكونوا على طبيعتهم من دون خوف الحكم عليهم أو التعرض للتنمّر من قبل الآخرين، على العزلة فحسب، بل يمكنه أن يؤثر بشكلٍ كبير على ثقتهم، وراحة بالهم، وقدرتهم على رؤية مستقبلٍ خالٍ من الألم”.
وكشفت بيانات الاستطلاع التي راجعها فريق الدّراسة عن إحصائيّة مقلقة بشأن صحّة المراهقين العقليّة.
وقال روفرز: “استجاب حوالي 70 ألف من الطّلبة لهذا الاستطلاع. وحاول 5% منهم الانتحار العام الماضي”، ويعادل ذلك 3،500 طفل منهم.
وأظهرت نتائج ردود الاستطلاع نصف السنوي المتمحور حول السلوك الخطر للشّباب (Youth Risk Behavior Survey) من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أن الاضطرابات العقليّة بين المراهقين تزداد سوءًا.
وشعرت غالبية الفتيات المراهقات (57%) بالحزن المستمر أو اليأس عام 2021، ويساوي ذلك ضعف معدّل الفتيان المراهقين (29%)، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض.
وفكّرت 1 من كل 3 فتيات مراهقات تقريبًا بمحاولة الانتحار على نحو جدّي.
كما عانى غالبيّة الطّلبة من مجتمع الميم (52%) أخيرًا من تراجع في الصحّة النفسيّة، مع محاولة 1 من كل 5 منهم الانتحار خلال العام الماضي.
كيف يمكن التّعامل مع المتنمّر؟
عندما يتعلق الأمر بالتّنمر، أشار روفرز إلى وجود ثلاثة أطراف: المتنمِّر، والضحيّة، والطّفل الذي يتعرّض للتّنمر، ويتنمّر على الآخرين أيضًا.
وقالت الدّكتورة هينا طالب، اختصاصية طب المراهقين في معهد “أتريا” في نيويورك، والأستاذة المساعدة لطب الأطفال السّريري بكليّة ألبرت أينشتاين للطّب في مدينة نيويورك، إن ثلاثتهم بحاجة إلى الدّعم، فالتنمّر نمط سلوكي يلحق أذى بضحيّة المتنمّر، والأطفال الذين قد يشهدون واقعة التّنمّر، وحتّى المتنمّرين أنفسهم”.
وفي حين قد يكون أوّل رد لمقدّمي الرعاية هو معاقبة طفلهم عند معرفتهم بأنّه يتنمّر على الآخرين، إلا أنّ التّحقيق بشكلٍ أعمق في ما يجري معهم أمر مهم.
وأوضحت طالب: “هناك أسباب محتملة تدفعهم إلى التصرف على هذا النحو، أعتقد أنه من المهم أن نلمس أن طفلهم يتألم أيضًا”. وأوصت بأن تتحدث إليهم بعقلية أنّ “هذا سلوك غير مقبول، ولهذا السبب، أنا هنا لمساعدتك كي تكف عن ذلك، بالنّسبة للأطفال الذين يتعرّضون للتّنمر، فهم قد لا يتحدّثون بصراحة دومًا مع البالغين عن حياتهم عند وجود خطبٍ ما.
وأوصت طالب بالانتباه للطّفل وسلوكياته الفرديّة، والتدخّل عند رؤية تغييرٍ ما.
في البداية، قد تلاحظ العائلات مشاعر التّوتر، والقلق، والاكتئاب، وآلام المعدة، وتجنّب الطّفل الذهاب إلى المدرسة، بحسب ما ذكرته، وقد يعني ذلك سؤالهم عن الموقف بشكلٍ مباشر، أو جعل طبيب الأطفال يتحدّث معهم حول هذا الأمر على انفراد، أو التحدّث عنه بشكلٍ غير مباشر.
وتشمل إحدى الطّرق المفيدة، الاستفسار منهم عن تجارب أصدقائهم.
وعند اكتشافك أنّ طفلك كان ضحيّةً للتّنمر، نصحت طالب بالتّواصل مع المدرسة والعائلة الأخرى لوضع خطّة عمل معًا.
المصدر: سي ان ان