كشفت الموجات الزلزالية التي تمر عبر طبقات الأرض المختلفة أن اللب الداخلي لكوكبنا ربما توقف عن الدوران خلال العقد الماضي، وقد يكون دورانه في طور الانعكاس في الوقت الحالي.
وبحسب دراسة حديثة فإنه يبدو أن اللب الداخلي الصلب لكوكب الأرض يدور بمعدل أبطأ من معدل دورات الكوكب نفسه، لكن العلماء أكدوا أن الأمر لا يثير القلق وأن هذه الواقعة حدثت عدة مرات تغيرت فيها سرعة واتجاه لب الأرض على مدى سنوات طويلة.
وتشير دراسة نُشرت هذا الأسبوع في مجلة Nature Geoscience، فحصت عدة عقود من البيانات بحثًا عن أنماط في دوران النواة الداخلية للأرض، أن اللب الداخلي توقف عن الدوران – مقارنة بحركة المواد السائلة داخل طبقة الوشاح الأرضي- بين عامي 2009 و2020.
ومنذ عام 2020، يبدو الآن أن لب الأرض أصبح يدور للخلف. يذكر أنه تم اكتشاف توقف لب الأرض عن الدوران في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات.
ويقول الباحثان يي يانغ وشياودونغ سونغ ، من مختبر SinoProbe في جامعة بكين إن البيانات من عام 1964 إلى 2021 تشير إلى العثور على زلازل متكررة قوية بما يكفي لإنتاج موجات زلزالية يمكن أن تخترق النواة الداخلية وأنه بدراسة طبيعة تلك الموجات على مدى سنوات اتضح من الرسوم البيانية للزلازل وجود انعكاس شبه كامل للموجات الزلزالية، وبالتالي وأنه كلما زاد الدوران الفائق للنواة، كلما كان طول اليوم أقصر والعكس صحيح أيضاً.
وتوقعت الدراسة أن تبدأ دورة الدوران العكسية للب الأرض من الشرق إلى الغرب في حوالي عام 2040.
وكان سونغ من أوائل العلماء الذين اقترحوا أن اللب الداخلي للأرض يدور أسرع من قشرته، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست. وقال سونغ في تصريحات صحفية إن “اللب الداخلي هو أعمق طبقة من الأرض، ودورانها النسبي هو أحد أكثر المشكلات إثارة للاهتمام وتحديًا في علم أعماق الأرض”.
وقال الباحثون إن دورة نواة الأرض مرتبطة بالتغيرات في طول اليوم – والتي أصبحت بشكل غامض أطول وأقصر عند حسابها بدقة شديدة تصل إلى ميكروثانية – إضافة الى ارتباطها بتغير المجال المغناطيسي للكوكب.
وفقًا ليانغ وسونغ، فإن الاختلافات في طول اليوم والمجال المغناطيسي الأرضي تتبع نمطًا يمتد من ستة إلى سبعة عقود تقريبًا. لكن العلماء أشاروا إلى أن سجل البيانات الكامل لا يغطي سوى فترة 56 عامًا فقط.
ومن المعروف أنه يوجد في مركز كوكب الأرض كتلة صلبة من النيكل والحديد، سحقتها الجاذبية داخل كرة يبلغ عرضها حوالي 2400 كيلومتر. وهذه النواة الصلبة التي اكتشفت من خلال دراسة موجات الزلازل عام 1936 محاطة بطبقة خارجية من الحديد السائل والنيكل تولد المجال المغناطيسي الأرضي، ويليها طبقات وشاح الأرض وأخيراً القشرة الأرضية:
ويعتقد العلماء أن اللب الداخلي الذي يقع تحت طبقة الحديد المصهور والنيكل الداخلي للكوكب والعلاقة المتأرجحة بين الاثنين تولد تيارات تحافظ على المجال المغناطيسي للأرض.
وليس هذا هو البحث الأول الذي يُظهر هذا النوع من التذبذب لدوران نواة الأرض. ففي عام 1996، أظهرت ورقة كتبها سونغ وبول ريتشاردز وجود أول دليل ملموس تم رصده على أن نواة الأرض يمكن أن تدور بمعدل مختلف عن بقية الكوكب. وعلى الرغم من أن البحث أثار بعض الجدل في ذلك الوقت، فقد استمر العالمان في تأكيد هذا الاكتشاف بشكل مستقل في السنوات التالية
المصدر: dw.com