ما الأخطر على لبنان.. الإرهاب أم المخدرات أم الفساد أم العدو الاسرائيلي؟ تساؤل يطرح بصورة متكررة عند الحديث عن ضرورة مكافحة المخدرات التي يحاول تجارها ومروجوها ان يبثوا هذه السموم في المجتمع اللبناني لأسباب شتى منها مادي، ومنها ما هو أبعد من ذلك بهدف ضرب بنية هذا المجتمع القائم على الترابط الاسري والتنوع الثقافي والفكري والطائفي المنتشر في كل مناطقه والمتداخل فيما بينه.
ولا شك ان القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية(ومن خلفها يساندها كل الشعب اللبناني) تكافح المخدرات ومحاولات انتشاره وتلاحق من يعمل بهذه المادة المدمرة للانسان وعقله وأخلاقه وقدراته المادية والمعنوية وضمنا مدمرة للمجتمع ككل، وكل فترة نسمع بعملية دهم تقوم بها القوى الأمنية ومخابرات الجيش للقبض على أحد تجار المخدرات أو مروجيها في مختلف المناطق ويسقط خلال ذلك شهداء او جرحى من العسكريين، كما حصل مؤخرا عند قيام قوة من الجيش بمداهمة حي الجورة في محلة برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت حيث تم توقيف 7 أشخاص بينهم أحد أخطر المطلوبين في مجال ترويج المخدرات وتجارتها، كما جرح 4 عسكريين خلال العملية بينما تم تجنب وقوع اصابات بشرية بين المدنيين.
وبالسياق، زار قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون يوم الجمعة 13-1-2023 الجرحى الذين أصيبوا بالعملية في حي الحورة وأثنى على جهودهم وتمنى لهم الشفاء العاجل، وقال إن “وحدات الجيش كافةً تحارب المخدارت على امتداد الأراضي اللبنانية، فهي أخطر من الإرهاب وواجبنا حماية أهلنا في الضاحية وسائر المناطق من هذا السمّ الذي قد يدخل إلى كل بيت وعائلة وأن نوفّر لهم الأمان ونَرُدّ عنهم وعن أولادهم شر هذه الآفة”، وتابع “نحن مصممون ومصرّون على خوض حربنا ضد المخدرات مهما طالت. الشعبُ بجميع أطيافه وانتماءاته داعم لكم في هذه الحرب…”.
وبالعودة الى التساؤل الذي انطلقنا منه، ما الأخطر.. الإرهاب أم المخدرات أم العدو الإسرائيلي؟ لا بد من التأكيد ان المخاطر على لبنان وشعبه لا تنحصر فقط بين الإرهاب والمخدرات فقط، إنما هناك العديد من المخاطر بالاضافة الى هذين الشرّين، صحيح ان العدو الاسرائيلي قد يكون هو مصدر للكثير من المخاطر على بلدنا، إلا ان هناك مخاطر قائمة بغض النظر عن محاولات العدو الاستفادة منها، كخطر الفساد الضارب في كثير من مؤسسات الدولة اللبنانية والمنتشر في قطاعات مختلفة أدت بنا الى هذا الدرك الصعب من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والحياتية التي تتزامن مع شغور رئاسي وحكومي وإداري كبير.
وبالتالي لبنان يحتاج الى محاربة كل المخاطر ومواجهتها بدون تهاون مع أي منها، بحسب ظروف واحتياجات كل حالة على حدة، فكما نحن بحاجة لمحاربة الارهاب أيضا يجب محاربة الآفات التي قد تغزو مجتمعنا من المخدرات الى التطرف، وكل ما يشكل خطرا على قيمنا لا سيما ما تحاول بعض الأنظمة تصديرها إلينا من أساليب الحرب الناعمة ومفاهيم الشذوذ والابتعاد عن الدين والتعاطي البشري الفطري السليم بين الأجناس، وغيرها من الموبقات وصولا الى محاربة الفساد بكل أشكاله وأساليبه ورفع صوت الحق بوجه كل حاكم ظالم او مسؤول فاسد.
ومن يقوم بكل ذلك بالتأكيد لن يتوقف عن مقارعة أنظمة الاستكبار التي تدعم كيان العدو الاسرائيلي المتمادي في جريمته باحتلال فلسطين وغيرها من الأراضي العربية لا سيما في لبنان وسوريا، فمقاومة الاحتلال واجب على كل حرّ بكل السبل وكذلك مواجهة أي تطبيع للعلاقات مع هذا العدو الغاصب، فالمقاومة هنا تشمل المحتل كأساس وملاحقة شبكات عملائه وضربها وتفكيكها، وأيضا تشمل مقاومة كل أشكال التعاطي معه.
المصدر: موقع المنار