قال وزير المالية الجزائري، حاجي بابا عمي، ان بلاده التي تعاني صعوبات مالية نتيجة انخفاض أسعار النفط جمعت 568 مليار دينار (5.210 مليار دولار) من خلال إصدار سندات محلية بهدف المساعدة في تعويض انخفاض عائدات الطاقة.
ويمثل النفط والغاز 94 في المئة من صادرات البلد العضو في منظمة «أوبك» و60 في المئة من ميزانية الدولة. وخفضت الحكومة الإنفاق في 2015 و2016، وتعتزم إجراء تخفيضات جديدة في 2017.
ووافق بنك التنمية الأفريقي هذا الشهر على قرض بقيمة 900 مليون يورو (مليار دولار) للجزائر لتعزيز العائدات المحلية ودعم مناخ الاستثمار، بالإضافة إلى تعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتشجيع الطاقة المتجددة.
وهذا هو أول قرض أجنبي للجزائر منذ أكثر من عشر سنوات. وكانت البلاد تنفق بسخاء قبل انخفاض أسعار النفط الخام في منتصف 2014.
وقال بابا عمي لوكالة الأنباء الجزائرية «لقد تمكنا من جمع 568 مليار دينار جزائري … وهذا مبلغ هائل وأنا جد راض بنتيجة العملية.»
وقالت الحكومة إن إصدار السندات وهو الأول منذ سنوات يهدف إلى «استثمار اقتصادي كبير في كل القطاعات». وبدأ الإصدار في أبريل/نيسان باستحقاق بين ثلاث وخمس سنوات ومعدل فائدة يتراوح بين 5.0 و5.75 في المئة. والإصدار جزء من مصادر تمويل جديدة، ستشمل العام المقبل ضرائب أعلى، وضرائب جديدة على عدد من المنتجات المدعمة.
وبموجب الخطة سترتفع أسعار البنزين والديزل المدعم للعام الثاني على التوالي، لكبح الاستهلاك المحلي المتزايد وخفض فاتورة الاستيراد. ويناقش البرلمان الجزائري حاليا ميزانية 2017 التي تشمل هذه الخطوات. وأحجم بابا عمي عن الكشف عما إذا كانت هذه الإجراءات كافية لمواجهة الوضع الاقتصادي للجزائر. وقال ان الحكومة تدير الموارد المالية المتاحة لكنه لم يستبعد الحصول على قرض أجنبي جديد
.
وكان الوزير الجزائري قد طرح امام البرلمان مشروع الميزانية الذي يتضمن زيادة في الضرائب وترشيد النفقات لمواجهة تراجع مداخيل النفط.
وتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2017 زيادة ضريبة القيمة المضافة من 17 في المئة إلى 19 في المئة، وكذلك رفع الرسوم على العقارات والوقود والتبغ، واستحداث رسم على الأجهزة الكهربائية التي تستهلك الكثير من الطاقة، كما اعلن وزير المالية. وتحدث بابا عمي عن «تقلص الايرادات المالية» منذ حزيران/يونيو 2014 اي منذ بداية انهيار أسعار النفط، المورد الرئيسي للعملة الصعبة في الجزائر.
وبرر نواب الغالبية البرلمانية من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي إجراءات التقشف، بينما اعتبر نواب المعارضة وخصوصا الإسلاميين والمستقلين ان «الحكومة تفضل منح الامتيازات لأرباب العمل على حساب الشعب». واعتبر النائب صالح الدين دخيلي عن التجمع الوطني الديمقراطي انه «لا خيار امام الحكومة إلا رفع الضرائب او اللجوء إلى الاستدانة» لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن انهيار أسعار النفط.
أما النائب المستقل حبيب زقاد فانتقد قانون المالية وفشل الحكومة في مواجهة الأزمة كونها «لم تجد حلا سوى تجويع الفقير» بفرض المزيد من الضرائب «ما ينعكس مباشرة على الأسعار».
من جهته، دعا النائب لخضر بن خلاف من حزب جبهة العدالة والتنمية (إسلامي) الحكومة إلى «احترام ارادة الشعب في التغيير» لأنه «لم يعد يصدق الوعود الكاذبة».
وقال «إن الدولة اصبحت رهينة أصحاب المال الفاسد وهم من ينصح الحكومة بفرض التقشف على الطبقات الفقيرة ورفع أسعار الوقود وفرض المزيد من الضرائب». وتحاشت الحكومة فرض ضرائب إضافية او رفع أسعار الوقود خلال السنوات التي اعقبت حركة الاحتجاجات في العالم العربي، لكنها لجأت إلى ذلك في ميزانية 2016 و2017. وبحسب النائب الإسلامي يوسف خبابة عن كتلة «الجزائر الخضراء»، فان قانون المالية لسنة 2017 هو نسخة طبق الاصل لقانون 2016 بزيادة الضرائب واستحداث ضرائب جديدة.
وانجزت الميزانية مع احتساب سعر 50 دولارا لبرميل النفط. وكانت الجزائر تعتمد سعرا مرجعيا للبرميل قدره 37 دولارا حتى عندما فاق سعره 100 دولار، لتقوم بتحويل الفارق إلى صندوق ضبط الايرادات (بلغ حجمه 51 مليار دولار عام 2015) الذي يمول العجز في الميزانية.
ويتضمن مشروع الميزانية الذي يتطلب مصادقة البرلمان «إيرادات مقدرة بـ51 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة تناهز 13 في المئة مقارنة بسنة 2016» حسب بيان لرئاسة الجمهورية. اما النفقات فتم تحديدها بـ62 مليار دولار، منها 14 مليار دولار لدعم أسعار المواد الاستهلاكية والسكن والصحة.
وتظل ميزانية الدفاع هي الأكبر، وخُصص لها 10 مليارات دولار، تتبعها التربية والتعليم العالي بحوالي 9.5 مليار دولار، ثم الصحة والداخلية 3.5 مليار دولار لكل منهما.
المصدر: صحف