أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس أن نسبة الإقبال الأولية في الانتخابات البرلمانية التي جرت اليوم السبت بلغت 8.8% فقط، مشيرة إلى أن نحو 803 آلاف شخص أدلوا بأصواتهم وفقا للأرقام الأولية. وقاطعت معظم الأحزاب السياسية الانتخابات رافضة الأساس الدستوري للتصويت وانتقدت قانون الانتخاب الذي يحكمها.
ووصف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر نسبة الإقبال بأنها “متواضعة ولكن ليست مخجلة”، وعزاها إلى نظام التصويت الجديد وعدم وجود دعاية انتخابية مدفوعة.
وفي ردود الفعل الأولى على الانتخابات التشريعية، رحبت حركة النهضة بالموقف الشعبي وقالت في تدوينة على حسابها الرسمي على فيسبوك تعليقا على نتائج الانتخابات “شكرا للشعب التونسي العظيم ويسقط الانقلاب”.
كما اعتبرت قيادات معارضة في جبهة الخلاص الوطني نسب المشاركة الأولية في الانتخابات دليلا على سقوط شرعية ومشروعية الرئيس، ولوحت تلك القيادات بالتصعيد الميداني داعية إلى انتخابات رئاسية مبكرة. وقد وصف القيادي في جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك يوم الانتخابات باليوم العظيم والتاريخي وبأنه أنهى المسرحيّة وحسم الأمر وترك المنقلِب في أضيق الزوايا.
واعتبر أن مسؤولية المعارضة صارت أكثر وضوحا وهي وضع التصوّر الوطني الكفيل بإخراج البلاد من المستنقع الانقلابي من خلال انتخابات رئاسية مبكّرة عاجلة ونزيهة حسب تعبيره.
ومن جهته، دعا رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو في تونس إلى انتخابات رئاسية مبكرة بعد ما وصفه بالمشاركة الضعيفة في انتخابات اليوم.
وقد استهجن رئيس بعثة المراقبة الروسية للانتخابات نسبة المشاركة، وقال إنها ضعيفة جدا. وقال مركز “شاهد” لمراقبة الانتخابات إنه رصد توزيع أموال في محيط أحد مراكز الاقتراع وسجل خرقا للصمت الانتخابي.
وفي وقت سابق أغلقت الصناديق في الانتخابات التشريعية التي جرت اليوم في كافة أنحاء تونس، وهي الأولى منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.
وفي وقت سابق قالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن نسب الإقبال على التصويت كانت متوسطة في عمومها، مقارنة بما كانت عليه في المواعيد الانتخابية السابقة.
وذكرت وكالة رويترز أن التونسيين أظهروا اهتماما ضئيلا بالتصويت صباح اليوم في الانتخابات البرلمانية التي قاطعتها معظم الأحزاب السياسية بعد أن انتقدتها بوصفها تكليلا لسعي الرئيس قيس سعيد نحو حكم الرجل الواحد في بلد تخلص من الدكتاتورية في عام 2011.
ومثلما أغلقت صناديق الاقتراع في الداخل، ينتهي اليوم أيضا تصويت التونسيين في الخارج، بينما عُلّق المسار الانتخابي في 7 دوائر في الخارج، لعدم تقدم مرشحين لخوض السباق الانتخابي.
ويتنافس في هذه الانتخابات 1058 مترشحا، بينهم 120 امرأة، يتنافسون على 161 مقعدا، منها 10 مقاعد مخصصة للتونسيين بالخارج. ويعدّ أغلب المترشحين من المستقلين غير المعروفين بنشاط سياسي سابق، في حين ينتمي آخرون إلى أحزاب داعمة لإجراءات الرئيس سعيّد.
وتجري الانتخابات في ظلّ أزمة اقتصادية ومقاطعة طيف واسع من الأحزاب، كما تجري في ظل دستور جديد منح صلاحيات واسعة للرئيس وقلّص صلاحيات البرلمان.
ولن يتسنى الإعلان عن تركيبة البرلمان النهائية قبل منتصف مارس/آذار المقبل، وفقا للقانون الانتخابي الذي يشترط حصول المرشح على الأغلبية المطلقة من أصوات ناخبي دائرته، أي 50% زائد واحد؛ ما سيفرض على عدد منهم خوض جولة انتخابية ثانية.
وقد اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد أن الانتخابات التشريعية فرصة تاريخية للتغيير، ولقطع الطريق على من نصبوا أنفسهم أوصياء على تونس، وفق تعبيره.
وخلال إدلائه بصوته، دعا سعيّد المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات؛ وأضاف أن على مجلس النواب القادم العمل على تلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين.
وأعلنت أحزاب عدة مقاطعتها للانتخابات التشريعية ضمن المسار الجديد الذي أعلنه الرئيس التونسي قيس سعيد.
وتضم قائمة المقاطعين لهذه الانتخابات كيانات سياسية مختلفة؛ مثل جبهة الخلاص الوطني، المكونة من عدد من الأحزاب السياسية والهيئات المدنية، بينها أحزاب حركة النهضة، وقلب تونس، وائتلاف الكرامة، وحراك تونس الإرادة وحزب حركة أمل المعارضة؛ إلى جانب تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية التي تتشكل من 5 أحزاب يسارية وديمقراطية واجتماعية؛ هي التيار الديمقراطي، والحزب الجمهوري، والتكتل الديمقراطي، وحزب العمال، وحزب القطب.
كما أعلن الحزب الدستوري الحر، وحزب آفاق تونس، مقاطعتهما لهذه الانتخابات. في المقابل يساند كل من حزب حركة الشعب، وحزب التيار الشعبي، مسار 25 يوليو/تموز، منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية.
وقالت هيئة الانتخابات إن بعثة من الغرفة المدنية في روسيا ستشارك في مراقبة الانتخابات بدعوة من الهيئة، كما سيشارك وفد من الاتحاد الأفريقي في عملية المراقبة. وأشارت الهيئة إلى أن وفد الاتحاد الأفريقي اعتبر مشاركته انعكاسا لما يوليه الاتحاد من أهمية لتونس وتجربتها في الانتقال الديمقراطي، على حد قولها.
في المقابل، قرر البرلمان الأوروبي عدم إرسال بعثة لمراقبة هذه الانتخابات، وقال إن قراره مبني على قرار المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، وتقرير لجنة البندقية، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد.
وفي 25 يوليو/تموز 2021، أعلن الرئيس سعيد التدابير الاستثنائية في البلاد من أجل تصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة، وفق قوله. وجمّد أعمال البرلمان قبل حله وتعليقه العمل بدستور 2014 وهيئات دستورية وقانونية أخرى، وجمع بين يديه السلطتين التنفيذية والتشريعية بشكل كامل.
المصدر: قناة المنار + مواقع