وصل وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد إلى العاصمة التونسية في زيارة عمل بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين. وتهدف الزيارة إلى تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين سورية وتونس وسبل تطويرها، إضافة إلى بحث آخر المستجدات في المنطقة والعالم.
وكان وزير الخارجية التونسي في مقدمة مستقبلي الوزير المقداد، إضافة إلى عدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية التونسية. ويرافق الوزير المقداد الدكتور نمير الغانم سفير سورية في الجزائر، والدكتور رياض عباس مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية، وجمال نجيب مدير مكتب الوزير، وإحسان الرمان من مكتب وزير الخارجية.
وأفادت سوريا وتونس، أفادت في بيان الأحد أنه “تجاوبًا مع مبادرة الرئيس التونسي قيس سعيد بتعيين سفير لبلاده في دمشق، قررت سوريا إعادة فتح سفارتها بتونس وتعيين سفير على رأسها، في الفترة القليلة المقبلة”. ولفت الجانبان إلى أنّه “حرصًا من الجانبين على إعادة العلاقات السورية التونسية إلى مسارها الطبيعي، يتواصل التشاور والتنسيق بين وزيري الخارجية في البلدين، تكريسًا لروابط الأخوة العريقة التي تجمع سوريا بتونس، وإعلاءً لقيم التضامن والتآزر بينهما، ولما فيه خير ومصلحة شعبيهما الشقيقين”.
وتأتني زيارة المقداد إلى تونس، ضمن مسار إعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة، على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية، وهي القضية المعروفة بـ«تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في الخارج».
وتأتي هذه الزيارة أيضاً إثر اتفاق سوريا وتونس منذ يوم الأربعاء الماضي على إعادة فتح سفارتيهما، وذلك بعد 11 عاماً من قطع تونس العلاقات، ومن المنتظر أن تؤكد زيارة المقداد هذا الاتفاق، وتنفذه على أرض الواقع.
صحيفة الوطن السورية أشارت قبل أيام، إلى أن زيارة المقداد إلى تونس، هي جزء من جولة عربية تبدأ من الجزائر ثم إلى تونس، من أجل إجراء مباحثات تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وصولاً إلى العراق من أجل متابعة التطورات المرتبطة بالوضع في سوريا، ووجهات النظر العربية تجاه عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
وتعتبر زيارة المقداد إلى تونس هي الرابعة عربياً، بعد 3 زيارات أجراها إلى مصر والسعودية والجزائر منذ بداية نيسان/أبريل، وذلك من ضمن التحركات العربية لأجل عودة الدولة السورية إلى الجامعة العربية.
وقطعت تونس علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا في سنة 2012، واتخذ القرار آنذاك رئيس الجمهورية الأسبق منصف المرزوقي، ما أثار جدلاً سياسياً واسعاً؛ إذ إن كتلاً برلمانية، تمثل أحزاباً قومية تونسية، على غرار «حركة الشعب»، وحزب «التيار الشعبي»، ضغطت خلال السنوات الماضية، وقبل وصول قيس سعيد إلى الرئاسة، من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.
وكان الوزير المقداد قد عقد في الجزائر، جلسة مباحثات مع وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية الجزائرية في الخارج أحمد عطاف تم خلالها بحث سبل تفعيل وتعزيز آليات التعاون الثنائية بين البلدين الشقيقين سورية والجزائر، ومناقشة مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وتفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، انطلاقاً من أهميتها في تعزيز العلاقات الأخوية والتنسيق حول مختلف القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقدم الوزير المقداد عرضاً لآخر التطورات التي تشهدها الساحة السورية في ضوء مشاوراته الأخيرة مع مسؤولي عدد من عواصم الدول العربية والدول الصديقة، كما شرح الرؤية السورية لسبل تطور العلاقات العربية-العربية، وأهمية تفعيل العلاقات العربية الثنائية ودورها في إعادة إحياء العمل العربي المشترك، للتغلب على الصعوبات التي تواجه جميع الدول العربية.
كما تناول الوزير المقداد الإنجازات التي حققها الشعب السوري في حربه ضد الإرهاب، والصعوبات التي يواجهها نتيجة العقوبات القسرية أحادية الجانب المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية عليه، منوهاً بالجهود والمساعدات الإنسانية التي قدمتها الجزائر لسورية بعد كارثة الزلزال الذي ضرب عدة محافظات سورية.
من جهته قدم الوزير عطاف التهنئة لسورية قيادةً وشعباً وحكومة، بمناسبة عيد الجلاء، وأعرب عن استعداد الحكومة الجزائرية لتنشيط وتفعيل آليات التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة، مؤكداً أن بلاده كانت حريصة خلال السنوات الماضية على الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها واستقرارها ودعمها في مواجهة مختلف التحديات المتراكمة والمتزايدة، وخاصة بعد الأوضاع الصعبة التي مرت بها بعد الزلزال، مشدداً على حرص الجزائر على خروج سورية منتصرة من هذه الأزمة وعودتها إلى ممارسة دورها المهم على الساحتين العربية والدولية.
كما تطرق الوزيران إلى الأوضاع على الساحة العربية والإقليمية والدولية وواقع العلاقات الثنائية من مختلف الجوانب، حيث تم الاتفاق على إيجاد آليات مشتركة لدفع وتيرة العمل الثنائي على الصعد الدبلوماسية والسياسية كافة.
وفي نهاية جلسة المباحثات أكد الجانبان استمرار التنسيق والحوار بين البلدين على مختلف الأصعدة، بما يخدم مختلف القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية العرب الأساسية وهي القضية الفلسطينية.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد استقبل المقداد الأحد. وأكد الوزير السوري للصحافة على إثر اللقاء الذي استمر ساعتين، إنه «شعر بأن الجزائر ذات العنفوان، جاهزة دائماً للدفاع عن مصالح أمتها. قال لي الرئيس تبون إن الجزائر لن تتخلى عن سوريا مهما كانت الصعوبات، مثلما كانت سوريا إلى جانب الجزائر في كل التحديات، وهذا ما نتطلع إليه في علاقاتنا».
وأضاف: «تحملت الجزائر، بصفتها رئيس القمة العربية، مسؤوليات كبيرة، ودافعت عن حقوق الشعب العربي. والجزائر قيادة وشعباً وقفت إلى جانب سوريا في كل التحديات التي مررنا بها في المرحلة الماضية. نحن كنا إلى جانب الجزائر أيضاً خلال العشرية السوداء».
وفي مقابلة مع قناة «الجزائر الدولية» الحكومية، بثت ليل الأحد – الاثنين، قال المقداد: «لا نفرض شروطاً على أشقائنا العرب (في ما يخص مقترحات حل الأزمة)».
وبخصوص احتمال حضور الرئيس السوري بشار الأسد القمة العربية المقبلة، عاد المقداد إلى مقترح الجزائر استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية بمناسبة القمة الأخيرة، فقال: «كان موقفنا في قمة الجزائر، أن إصلاح العلاقات العربية هو الطريق الحقيقي لجعل الجامعة العربية أو التعاون العربي هو الذي سيستفيد في النهاية… إذا كان غياب سوريا في الجامعة يريح العرب من بعض المشكلات، فلا مانع من التضحية بسوريا لبعض الوقت لإعادة لم الشمل العربي».
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية التي من المقرر أن تستضيفها الرياض في 19 مايو/ أيار، في خطوة تعكس تغييرا في النهج الإقليمي تجاه سوريا. ودعت الرياض وزير الخارجية السوري لإجراء محادثات الأربعاء في زيارة تاريخية، واتفق البلدان على إعادة فتح السفارات نقريبا.