أُعلن قبل أيام عن تسعيرة جديدة للكهرباء، علما انها في لبنان مقطوعة منذ فترة طويلة بشكل شبه كامل، إلا ما ندر، وقبل أيام بدأت التغذية تعود بشكل بسيط لا يتعدى 3 ساعات في العديد من المناطق.
هذا بالاضافة ان المواطن اللبناني منذ سنوات طويلة يبحث عن بدائل عديدة لخدمة الكهرباء التي تقدمها الدولة، فاللبناني يضطر لدفع فاتورة الاشتراك لأصحاب المولدات الخاصة، كما انه يؤمن بضع حلول اخرى بسيطة وثانوية(كوجود بطارية او موتير صغير او تركيب يو.بي.أس، وغيرها من الحلول المؤقتة)، وفي هذه المرحلة يتوجه الكثير من الناس لما يسمى الطاقة البديلة عبر تركيب ألواح الطاقة الشمسية.
لكن هل يعقل في ظل كل هذا التخبط، الذهاب الى زيادة التعرفة بعد قطع طويل للكهرباء وعدم وجود جدول واضح بإمكانية تأمينها بشكل دائم او لفترات طويلة؟ وأين العدالة في هذا الامر؟ ولماذا لا نجد حلولا جذرية لمعضلة الكهرباء في لبنان؟ لماذا لا تؤمن الدولة الحلول الواضحة والنهائية لها بدل الغياب التام عن المشهد؟ هل يقبل ونحن في العام 2022 نعيش في زمن لا منطق الكهرباء في هذا البلد؟ ناهيك ان الزيادات المطروحة اليوم على الفاتورة ستكون مرتفعة الى حد كبير خاصة في ظل الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن اللبناني.
الأكيد ان الكهرباء ليست اختراعا جديدا كي نتخبط ولا ندري ماذا نفعل للإتيان به، والاكيد ان النماذج المطبقة بخصوص الكهرباء في الكثير من دول العالم عديدة ويمكن نقلها وتطبيقها في لبنان بدون الكثير من الاضافات، فالمسألة لا تحتاج الى إختراعات جديدة بل هي موجودة وتحتاج فقط الى حسن إدارة ونية صادقة بعيدا عن الفساد والمحاصصة والسمسرات، والمواطن اللبناني بعد ذلك لن يتأخر في دفع فواتير الكهرباء للدولة وإن ارتفعت الى حدود معقولة وكانت ضمن برنامج شفاف وواضح، فمن يدفع الفواتير المرتفعة لأصحاب المولدات لن يتوانى عن الدفع للدولة ولمؤسسة كهرباء لبنان عندما توجد الثقة بأن هناك جهات تقدم خدمة كهربائية مضمونة وكاملة.
وحول كل ذلك قال مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاء زكريا حمودان في حديث لموقع قناة المنار إن “زيادة التعرفة أمر بديهي ولكن بدون وجود خطة هو أمر غير طبيعي، أي ان زيادة التعرفة يجب ان يكون ضمن خطة شاملة واضحة واستثمارية”، ولفت الى ان “كمية إنتاج الطاقة الممكنة في لبنان غير كافية ولو عملت كل معامل انتاج الطاقة الموجودة، ولذلك الخطة الشاملة يجب ان توجد ما يقارب الـ3000 ميغا(حاجة لبنان الفعلية حاليا)، وتتضمن عدد ساعات تغذية محدد ومن ثم في مرحلة لاحقة نصل الى 24/24 ساعة كهرباء في اليوم”.
وتابع حمودان انه “نظرا لفشل القطاع العام، قد يكون من الحلول المطروحة لها إما خصصة الكهرباء او الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال”، واعتبر انه “لا بد من وجود شراكة لعدة أسباب، منها: جذب الاستثمارات، ضبط الهدر”، واوضح ان “ضبط الهدر سواء على مستوى الادارة او على مستوى ضبط التعديات والسرقات على الشبكة”، ولفت الى “امكانية وضع ضوابط وايجاد عدادات ذكية لضبط هذه التعديات”.
ورأى حمودان انه “كان يوجد نوع من النكد السياسي قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون ما أدى الى انقطاع الكهرباء بشكل كبير جدا”، واضاف “لم يكن هناك نوايا حقيقية للإتيان بالكهرباء وللأسف هذا جزء من الوضع القائم بالبلد من قبل البعض ممن ليس لديهم أي مشروع للعمل وهذا أمر سلبي والمواطن اللبناني يدفع ثمنه”، واشار الى ان “بعض المستفيدين من الوضع القائم في الكهرباء قد يلعب دورا في عرقلة المشاريع المقترحة والتي تساهم بتأمين الكهرباء”، ولفت الى ان “زيادة التعرفة ضمن خطة واضحة أفضل من البقاء تحت رحمة تسعيرة المولدات الخاصة”.
يبقى ان ازمة الكهرباء ليست وليدة السنوات الاخيرة وربما هي ازمة عشرات السنوات وتحتاج الى حلول جذرية حقيقية ونوايا حسنة توصل الخدمة فعلا للناس لا ان تبقى الوعود حبرا على ورق تستخدم كشعارات في بعض المناسبات.
المصدر: موقع المنار