شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة التي القاها من على منبر مجمع السيدة زينب في حارة حريك: على ان المسؤول الذي لا يبالي بما يعانيه شعبه من ازمات ومشكلات ولا يحرك ساكنا ازاء ما يتعرض له من فقر وجوع واذلال، ليس جديرا بالمسؤولية ويجب ان يتنحى عنها.
وقال: المسؤول الذي يتصدى لادارة شؤون الناس يجب ان يكون مخلصا لشعبه بالفعل والممارسة، وان يكون مبادرا يهتم بامور الناس وشؤونهم ومصالحهم بالفعل والعمل لا بالشعارات والوعود الفارغة والمواقف والتصريحات الرنانة.
واضاف: المسؤول المخلص لشعبه لا يرضى ان يجوع شعبه بينما هو يتفرج عليهم ولا يبالي، ويرفض اذلال شعبه بالغذاء والدواء والكهرباء والمحروقات بينما هو يتنعم بالخيرات والثروات.
واعتبر: اننا بحاجة الى انقاذ بلدنا من الازمات المتعددة التي يعاني منها الناس بالعمل الجاد والدؤوب من قبل المسؤولين، والمدخل الحقيقي لمعالجة المشكلات هو الاسراع في تشكيل حكومة قادرة وفاعلة تعيش آلام الناس وتحمل هموم الناس وتؤمن حاجاتهم وتستعيد ثقة الناس بدولتهم، وتعيد الامور الى نصابها.
وأشار: الى ان حزب الله تعاطى بايجابية في موضوع تسمية الرئيس المكلف وبادر لتسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة ، انطلاقا من الاولوية التي يعطيها لتشكيل الحكومة، وانطلاقا من حرصه على تقديم كل ما يسهل عملية التأليف ويساهم في لملمة البلد.
وشدد: على انه ليس هناك متسع من الوقت للترف السياسي ولا للمنكفات السياسية ولا للكيد السياسي ولا للشروط والشروط المضادة، فاوضاع الناس والحال الذي وصل اليه البلد لم يعد يحتمل ذلك، وكل يوم يتأخر فيه تشكيل الحكومة يعود البلد فيه للوراء وتتفاقم فيه الازمات .
ورأى: ان المطلوب تجاوز كل الاسباب التي تؤدي الى التأخير، وتقديم مصالح الناس على المصالح الخاصة، والترفع عن المزايدات والحسابات الانتخابية، فهناك فرصة للنجاح لا بد من الاستفادة منها للخروج من النفق المظلم.
نص الخطبة
اليوم نعود الى مساجدنا والى صلاة الجماعة في المساجد بعد ان توقفنا قصرا لمدة سنة وعدة اشهر بسبب وباء كورونا، وقد اخترنا ان تكون عودتنا في مناسبة عظيمة وجليلة في يوم عيد الغدير، اي في مناسبة تتصل بعلي(ع) الذي كانت انطلاقته وبداية حياته في بيت الله، ونهاية حياته في بيت الله، وما بين البداية والنهاية كانت حياته سجودا لله وجهادا وعطاءا في سبيل الله ، اخترنا ان نعود في اليوم الذي اكمل الله فيه الدين واتم فيه النعمة ورضي لنا الاسلام دينا .
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.. )
في هذا اليوم نصب رسول الله عليا اماما ووليا وقائدا وخليفة من بعده بامر من الله سبحانه ليقوم بدورين أساسيين:
الاول: دور تشريعي، لتوضيح احكام الدين، وحماية الاسلام من التحريف والتزوير والبدع والاخطار.
والثاني: دور قيادي سياسي واجتماعي، ليقوم بادارة شؤون الامة وتحقيق مصالحها والدفاع عنها ومواجهة الاخطار التي تتعرض لها.
وعندما تولى علي الحكم قام بهذين الدورين على اكمل وجه، فكان علي(ع) الامام الذي بين احكام الدين وتشريعاته ومعالمه وقيمه واخلاقه، والحارس لدين الله، وكان الحاكم المخلص لشعبه، المتواضع ، المضحي، الزاهد، الذي قدم تجربة حضارية ونموذجية في الحكم والقيادة وادارة السلطة، تجربة استندت الى قيم الاسلام واحكامه وتشريعات، واتسمت بالحنكة والحكمة والنزاهة والانسجام مع ما يريده الله ويرضى به الله.
كان الحاكم الزاهد الذي لم تغير السلطة من نظرته للدنيا وزخارفها ولم تسلب منه حسه الانساني ولم تنحرف به عن التزام الحق والعدل .
يقول عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ دخلت عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِذِي قَارٍ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فقال لي: مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ؟ فَقُلْتُ: لَا قِيمَةَ لَهَا. فَقَالَ( عليه السلام): وَاللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا .
معيار السلطة لدى اميرالمؤمنين هو اقامة الحق وتحقيق العدالة وخدمة الناس ورعاية مصالحم ودفع الباطل سواء كان الباطل سرقة او هدر او فساد اداري او مالي .
وقد حدد علي الشروط والمواصفات التي ينبغي ان تتوافر في شخصية الحاكم الذي يتصدى للسلطة ولمواقع المسؤولية العامة ولادارة شؤون الناس، فقال(ع): « وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالْمَغَانِمِ وَالْأَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ(اي يكون حريصا على اخذ اموالهم او عينه في اموالهم) وَلَا الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ( بدل ان يجلب لهم الخير ياتي لهم بالشر) وَلَا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ( فلا يتواصل معهم ولايسال عن احوالهم ولا يبالي فيتركهم ليدبروا انفسهم بانفسهم) وَلَا الْحَائِفُ لِلدُّوَلِ( اي الذي لايعدل في تقسيم الحقوق والاموال فيفضل في التوزيع فئة على فئة او طائفة على طائفة او منطقة على منطقة من دون موجب) فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ وَلَا الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ(اي يضيع حقوق الناس) وَيَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ(اي الحدود التي شرعها الله) وَلَا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الْأُمَّةَ …»
وهذا يعني ان من لا يملك هذه المواصفات لا يكون اهلا لتولي السلطة والمسؤولية العامة ومن يتولى السلطة ولا تتوافر فيه هذه المواصفات تسقط صلاحيته ويجب ان يتنحى.
كما نجد في مورد اخر يحدد امير المؤمنين بالفعل والممارسة كيف ينبغي ان يكون سلوك الحاكم .
فيقول في كتاب أرسله الإمام علي عليه السلام إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وكان عامله على البصرة وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها، يقول عليه السلام فيه:
أَمَّا بَعْدُ يَا ابْنَ حُنَيْفٍ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلَى مَأْدُبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ الْأَلْوَانُ وَتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلَى طَعَامِ قَوْمٍ عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هَذَا الْمَقْضَمِ فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ وَمَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلَا وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلَا وَإِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ فَوَاللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَلَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً وَلَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً وَلَا أَخَذْتُ مِنْهُ إِلَّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ وَلَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَى وَأَوْهَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ ثم يقول: وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ وَتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ وَلَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ وَلُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَنَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ وَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ :
وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ
أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا أَوْ أُتْرَكَ سُدًى أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلَالَةِ أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ.
في هذا الكتاب العديد من المسؤوليات الملقاة على عاتق الحاكم، فمسؤولية الحاكم :
اولا ان يكون قدوة للناس قدوة لهم في التزامه قضايا الحق والعدل وقدوة لهم في اعماله وافعاله وانجازاته وقدوة لهم في سلوكه واخلاقه وقدوة لهم في تواضعه وزهده وبعده عن شهوات الدنيا ومصالحها وزخارفها.
ثانيا: ان يراعي حال الناس كلهم ومن دون استثناء، ومن دون فرق او تمييز بين ابناء دين ودين، أو بين طائفة وطائفة، او بين مذهب ومذهب، او بين منطقة ومنطقة، او بين فئة وفئة، الجميع بلا استثناء القريبون والبعيدون، الفقراء والاغنياء، المتعلمون والجاهلون، الوجهاء واليسطاء، يجب ان يراعي حال كل الطبقات الاجتماعية وان يهتم بالجميع.
ثالثا : لا بد للحاكم من أن يعرف ويطلع على اوضاع الناس واحوالهم ومعاناتهم والامهم وان يعيش هم الناس بل ان يطلع على احوال كل فرد من أبناء شعبه.
ورابعا: على الحاكم أن يساوي نفسه بأضعف أبناء شعبه في مستوى المعيشة ونمط الحياة، فلا يصح ان يعيش في برجه العاجي يعيش رفاهية ورغداً من العيش، بينما ابناء شعبه يعانون الفقر والجوع والحرمان.
يجب ان يكون لديه شعور انساني بمعاناة الفقراء والمتعسرين واصحاب الفاقة والحاجة فيواسيهم في مستوى عيشهم ويراعي مشاعرهم واحاسيسهم واوضاعهم ،فلا يشعرهم بانه فوقهم فيتلذذ بالنعم بينما هم يعيشون في اسوء اوضاعهم، كما يفعل بعض المسؤولين اليوم حيث يعيشون في واد والناس بعيشون في واد اخر .
المسؤول يجب ان يكون قدوة للناس بسلوكه وعمله واسلوب حياته ومستوى معيشته، وان يشعر بالام الناس ومعاناتهم ومشاكلهم ويسهر على معالجتها.
إن من يخرج من المسؤولين والحكام عن هذا السلوك وعن هذه الطريقة، وتقوده أهواؤه ومصالحه وامتيازاته الشخصية والعائلية وجشعه الى الاستئثار بالامتيازات والاستهتار باوضاع الناس وعدم الاكتراث لاحوالهم ولما يعانونه من مشكلات وازمات هو ليس اهلا للمسؤولية ولا يصلح للمقام الذي هو فيه، ويجب ان تسقط صلاحيته.
فالمسؤول الذي لا يبالي بما يعانيه شعبه من ازمات ومشكلات ولا يحرك ساكنا ازاء ما يتعرض له من فقر وجوع واذلال، ليس جديرا بالمسؤولية ويجب ان يتنحى عنها.
المسؤول الذي يتصدى لادارة شؤون الناس يجب ان يكون مخلصا لشعبه بالفعل والممارسة، وان يكون مبادرا يهتم بامور الناس ومصالح شعبه بالعمل لا بالشعارات والوعود الفارغة والمواقف والتصريحات الرنانة.
المسؤول المخلص لشعبه لا يرضى ان يجوع شعبه وهو يتفرج عليهم ولا يبالي، ويرفض اذلال شعبه بالغذاء والدواء والكهرباء والمحروقات بينما هو يتنعم بالخيرات والثروات.
اليوم نحن بحاجة الى انقاذ بلدنا من الازمات المتعددة التي يعاني منها الناس بالعمل الجاد والدؤوب من قبل المسؤولين، والمدخل الحقيقي لمعالجة المشكلات هو الاسراع في تشكيل حكومة قادرة وفاعلة تعيش الام الناس وتحمل هموم الناس وتؤمن حاجاتهم وتستعيد ثقة الناس بدولتهم وتعيد الامور الى نصابها.
وحزب الله تعاطى بايجابية في موضوع تسمية الرئيس المكلف وبادر لتسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة انطلاقا من الاولوية التي يعطيها لتشكيل الحكومة وانطلاقا من حرصه على تقديم كل ما يسهل عملية التأليف ويساهم في لملمة البلد.
وليس هناك متسع من الوقت للترف السياسي ولا للمنكفات السياسية ولا للكيد السياسي ولا للشروط والشروط المضادة فاوضاع الناس والحال الذي وصل اليه البلد لم يعد يحتمل ذلك وكل يوم يتأخر فيه تشكيل الحكومة يعود البلد فيه للوراء وتتفاقم فيه الازمات .
ولذلك المطلوب تجاوز كل الاسباب التي تؤدي الى التأخير وتقديم مصالح الناس على المصالح الخاصة والترفع عن المزايدات والحسابات الانتخابية، فهناك فرصة حقيقية للنجاح لا بد من الاستفادة منها للخروج من النفق المظلم.
المصدر: بريد الموقع