خلصت دراسة جديدة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، إلى أن القاعدة المستخدمة على نطاق واسع في الأماكن المغلقة لمنع انتشار فيروس كورونا، والتي تقضي ببقاء الأشخاص على بُعد 6 أقدام (نحو 1.8 متر)، لا تؤثر كثيراً على منع انتشار المرض، خاصةً أن الفيروس التاجي ينتقل فعلاً في الهواء، بخلاف ما كان يُعتقد حتى الآن، وذلك طبقاً لما أورده موقع Business Insider الأميركي.
عوامل متغيرة أكثر أهمية
حيث قال باحثو المعهد، إن هذه القاعدة تستند إلى استيعاب قديم للطريقة التي ينتقل بها فيروس كورونا في الأماكن المغلقة، لافتين إلى أن عوامل متغيرة أخرى كانت أكثر أهمية من هذه القاعدة، مثل عدد الأشخاص في المكان، وما إذا كانوا يرتدون الأقنعة، والشيء الذي يفعلونه، وطول الإقامة بمكان مغلق، وتنقية الهواء، والتطعيم، ودرجة دوران التهوية.
يشار إلى أن قاعدة مسافة الـ6 أقدام تُستخدم بأشكال متعددة حول العالم؛ إذ تنصح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بابتعاد الأشخاص بعضهم عن بعض مسافة 6 أقدام في الأماكن المغلقة والمفتوحة، فيما تتجاوز المسافة هذا الحد في المملكة المتحدة، وتصل إلى مترين. وفي أغلب مناطق أوروبا، تقتصر هذه المسافة على متر واحد.
كانت منظمة الصحة العالمية قد صرّحت سابقاً، بأن مسافة متر واحد تُعد آمنة للتعامل بين الناس، وهي الإرشادات التي اتبعتها بعض الدول، في حين فضلت دول أخرى اختيار مسافات أكبر.
تشكيك في قاعدة التباعد الاجتماعي
لكن بينما يسهل تذكُّر مثل هذه القواعد الخاصة بالتباعد، وهي مضمونة لملاءمة أي موقف، تقول الدراسة الجديدة إنها ربما لا تكون بهذه الدرجة من الفائدة.
هذه الدراسة نُشرت نتائجها على الإنترنت قبل موعد نشرها في الدورية العلمية الخاضعة لمراجعة الأقران PNAS، يوم الثلاثاء 27 أبريل/نيسان الجاري.
كما أضافت الدراسة أن أفضل طريقة للسيطرة على التعرض للإصابة في الأماكن المغلقة، هو أن يجري الشخص حساباته الفردية استناداً إلى العوامل المتغيرة الموجودة في المكان الذي يوجد بداخله.
العدوى تنتقل حتى مع وجود “كمامة”
فيما أشار أحد مؤلفي الدراسة إلى أنه في بعض الحالات يكون مستوى التعرض للإصابة عند الابتعاد لـ6 أقدام يساوي تماماً نفس مستوى التعرض للإصابة عند الابتعاد لـ60 قدماً، مؤكداً أنه حتى على مسافة 20 متراً يمكن أن تنتقل العدوى، حتى باستخدام كمامة، طالما كان الأشخاص في مكان مغلق فترة طويلة.
كان مارتن بازانت وجون بوش، وكلاهما أستاذ في الرياضيات التطبيقية، قد طوَّرا معادلة لتقدير المسافة التي قد تمثل مرحلة الخطر وتنذر بإصابة شخص ما، بعد دخول شخص آخر مصاب إلى الغرفة.
تعد هذه المعادلة نسخة أكثر تطوراً من نظام إشارات المرور الذي طوَّره سابقاً معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. إذ يضع في الحسبان عدد الأشخاص بالغرفة، وحجم المكان، والشيء الذي يفعلونه، وما إذا كانوا يرتدون أقنعة، وماهية نوعية التهوية في المكان.
من خلال استخدام هذه المعادلة الحسابية، يمكن أن يكون مستوى التعرض للإصابة مرتفعاً في بعض الأماكن حتى لو كان الأشخاص يتباعدون عن بعضهم بمسافة 6 أقدام. ويمكن أن يقل كذلك عما كان متوقعاً.
شعور زائف بالأمان
من جهته، قال بازانت في حديثه مع شبكة CNBC، إن التباعد الاجتماعي لا يساعد بذلك القدر، ويعطيك كذلك شعوراً زائفاً بالأمان، لأن درجة الأمان عند التباعد على مسافة 6 أقدام مثل التباعد على مسافة 60 قدماً إذا كان في مكان مغلق. فالجميع بهذا المكان يكونون تقريباً معرضين للإصابة بدرجة الخطورة نفسها في حقيقة الأمر.
فضلاً عن ذلك، دعا بازانت إلى استخدام سياسات تقضي بفتح النوافذ أو تركيب مراوح جديدة؛ للحفاظ على حركة الهواء، مستطرداً: “نسب الإشغال من بين السياسات الخاطئة أيضاً، حيث إذا تم تقدير اجتماع 20 شخصاً في الأماكن المغلقة لمدة دقيقة فقد يكون الأمر جيداً، لكن ليس لعدة ساعات؛ ففي أي بيئة هادئة، يمكن أن تنحرف هذه الجزيئات ببطء حتى تستقر على الأرض”.
بحسب موقع Business Insider، تعارض الفهم العلمي لكيفية انتقال فيروس كورونا في الهواء مع الافتراضات المبكرة الخاصة بأفضل طرق التكيف، التي تستهدف تقليل انتشاره.
جدير بالذكر أنه كان يُعتقد على نطاق واسع، في بداية الجائحة، أن الفيروس انتقل عبر قطرات الرذاذ الأكبر كثافةً والتي تنبعث عند الزفير والعطس والكلام.
إلا أن الأدلة لطالما أشارت إلى أن الفيروس يطفو بدلاً من ذلك حول قطرات الهباء الجوي الأخف التي تستطيع البقاء معلَّقة في الهواء وتنتقل لمسافة أبعد مما كان يُعتقد في البداية.
بينما إذا كان الهواء في هذه البيئة يتحرك حول الغرفة، ويتكلم الناس ويأكلون ويغنون ويعطسون، فإن القطيرات قد تتمكن من البقاء في الهواء وتختلط عبر الغرفة لمدة أطول. في حين يمكن إبطال هذا الأثر عن طريق التهوية أو تنقية الهواء؛ لإخراج جزيئات الفيروس خارج الغرفة، وفقاً لتلك الدراسة الحديثة.
إلى ذلك، أتاح الباحثون موقعاً يوضح طريقة عمل هذا النموذج في السيناريوهات المختلفة.
المصدر: عربي بوست