الإمام الخامنئي في كلمة بمناسبة يوم الممرّض والممرّضة: مهنة التمريض التي يمارسها الممرّضون والممرّضات مصداق “رحماء بينهم” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الإمام الخامنئي في كلمة بمناسبة يوم الممرّض والممرّضة: مهنة التمريض التي يمارسها الممرّضون والممرّضات مصداق “رحماء بينهم”

في أجواء ذكرى ولادة الحوراء زينب (سلام الله عليها) التي تصادف يوم الممرّض والممرّضة، ألقى الإمام الخامنئي يوم الأحد 20/12/2020 كلمة بالمناسبة، حيث اعتبر سماحته أنّ الممرّض ملاك رحمة للمريض وهو يهتمّ بجسمه وروحه، كما لفت سماحته إلى أنّ مهنة التمريض هي تجسيدٌ حقيقيّ لآية “رحماء بينهم” الواردة في القرآن الكريم، معتبراً أنّ الإنجازات التي حقّقها الممرّضون والممرّضات خلال أزمة كورونا تثير دهشة وإعجاب الإنسان.

بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولا سيّما بقيّة الله في الأرضين. أبارك لجميع الممرّضين والممرّضات الأعزّاء ولمجتمع التمريض يوم الممرّض والممرّضة (في إيران) المزيّن والمشرّف باسم السيّدة زينب الكبرى، سلام الله عليها. أرجو أن تشمل توفيقات الله – تعالى – حالَكم جميعاً، وأن يجعل نصيبكم، أيّها الممرّضون والممرّضات الأعزاء ومجتمع التمريض، خيرَ العاقبة والسعادة في الدنيا والآخرة. أرى من واجبي أن أتقدّم بالعزاء إلى العائلات الكريمة والعزيزة كافة التي فقدت أعزّاءها من الممرّضين والممرّضات بسبب «كورونا»، وأسأل الله للرّاحلين المضحّين والمجاهدين علوّ الدرجات.

الممرّض ملاك رحمة للمريض وعونٌ للطبيب
اليوم، بحمد الله، صار الممرّضون أعزّ وأكثر شرفاً في عيون الناس، وهذا لطف الله ونعمته. أرجو أن تستمر حالهم على هذا النحو، وأن تزداد أيضاً.
الممرّض ملاك رحمة للمريض. هذا تعبير حقيقي وليس مبالغاً فيه أبداً. فهو يتعامل مع جسم المريض وروحه. في ما يخصّ جسم المريض الممرّضُ في الواقع شريك ومعاون ومساعد للطبيب، بل يقوم جزءٌ مهمٌّ من تعافي جسم المريض على (دور) الممرّض.
أمّا في العلاقة مع روح المريض، فالممرّض يمسح الحزن عن المريض ويعطف عليه ويضفي الراحة عليه، وهذا دور مهمّ للغاية؛ الممرّضون يساعدون بذلك جسم المريض ويسرّعون تعافيه بل يجعلون ذلك ممكناً في بعض الموارد. كذلك يضفي الممرّض على حياة المريض وروحه وأعصابه الراحة، ويترك أثراً في روحه بابتسامةٍ أو حركة أو جملة عطوفة.

الدّور المهمّ والعظيم للممرّض في تعافي المريض
يجب النظر إلى المساعدة الجسدية التي تحدثنا عنها، أي أنهم شركاء ومعاونون للطبيب، على أنها في غاية الأهمية، لأنها مهمة حقاً. طبعاً المريض الذي لا يحتاج إلى رعاية تمريضية وواقف على رجليه أو مصاب بمرض خفيف هذا ليس موضع نقاش، لكن الذي يحتاج إلى ممرّض سيكون من الصعب للغاية أن يتعافى حتى لو جاء أفضل طبيب إلى سريره وأصدر تعليماته وساعده، بغياب ممرّض يدعمه ويحتضنه بمحبّته. إنّ دور التمريض في شفاء المريض مهمّ وعظيم. إنْ لم يكن هناك ممرّض، فقد لا ينجح العلاج في بعض الحالات.

العطف ومحو الحزن من القيم الإسلاميّة السّامية
بالنسبة إلى المساعدة الروحية، حين قلنا إنّه ماسح للحزن ومقوٍّ للمعنويّات وعطوف، فإنّها إحدى القيم الإسلامية السّامية. الشّفقة والتّضامن والعطف من التعاليم العامّة، فقوله – تعالى – في القرآن الكريم: “رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”(1)، أي كونهم عطوفين ورحيمين أمرٌ لا يتعلّق بالمرضى فقط، بل بالجميع. ينبغي للنّاس أن يكونوا ذوي شفقة وعطف تجاه بعضهم بعضاً، وهذا ما يؤدّيه الممرّض. ومن أجل هذا العمل، يهيّئ الممرّضون أنفسهم وروحيّتهم، ويجهدون جراء ذلك، فهذا العمل مجهد للغاية، لكنهم يتحمّلون. وأين ما استلزم منهم أن يبتسموا للمريض يبتسمون. هذه من أهم القيم والتّوصيات الإسلامية. فالسعي من أجل تخفيف آلام الإنسان جزءٌ من أجمل مناظر حياة الناس حقّاً.

المشاهد المذهلة من أعمال الممرّضين في الأشهر الأخيرة
أودّ أن أقول إن هذا الجمال ظهر أكثر في هذا «العام الكورونيّ»، وفي هذه «الأشهر الكورونية». وقد أظهر ممرّضونا في المستشفيات حركات ومشاهد وفعاليّات تثير إعجاب المرء حقّاً. التمريض بحد ذاته عمل صعب، بل إنه مقلق. فكيف إذا أضيف إلى هذه الصعوبة وهذا القلق خطر الإصابة بالعدوى، أي هناك خطر الإصابة! هذا يجعل الأمر أكثر صعوبة. ممرّضونا قاموا على هذا العمل الأكثر صعوبة خلال مرحلة كورونا. ومع أن حياتهم كانت في خطر، ومع أنهم كانوا معرّضين للإصابة، فعلوا ذلك، وسجّل مجتمع التمريض لدينا، ممرّضينا وممرضاتنا الأعزاء، إنجازاً عظيماً خلال هذه المرحلة، من باب الإنصاف.

واجبان على عاتق المسؤولين
1- تنفيذ قانون التّعرفة على الخدمات التمريضية
حسناً، هذا النضال الذي حدث خلال هذه المدة جعل الممرّضين عزيزين في عيون الناس. فقبل هذه الأزمة، لم يكن الناس يهتمون كثيراً بالتمريض، لكن خلال أزمة كورونا أدركوا المدى لعظمة مهنة التمريض، والمدى لأهميتها، والقيم السّامية فيها… لقد أدرك الناس هذا.
لذا، في نظر الناس، كما قلت سابقاً، لقد صاروا أعزاء وأكثر كرامة من أي وقت مضى. لكن هذا لا يكفي. أريد أن أقول: هذا لا يكفي. نعم، أنتم عزيزون جداً على شعبنا، لكن على المسؤولين واجبات أيضاً، وعليهم أداء واجباتهم، وعليهم أن يهتمّوا.
بالطبع، لا تمكنني مناقشة هذا الموضوع بصورة متخصّصة، بل يجب أن يجري ذلك في مراكز متخصّصة. لعل من المهمات الضرورية التي أُبلغت بها تنفيذ قانون التّعرفة على الخدمات التمريضية، الذي صدر منذ وقت. وكما قيل لي، هذا القانون لمصلحة الممرّضين ومفيد لهم، لكنه لم ينفّذ؛ إنه قانون واجب التنفيذ. وبالطبع هناك أفعال أخرى أيضاً.

2- الجديّة في توظيف ممرّضين
من جملة الأفعال الجيّدة توظيف ممرّضين. قلت هذا الأمر للمسؤولين قبل ثلاث سنوات أو أربع، وهو أنّ عليهم توظيف ما يقارب ثلاثين ألف ممرّض… كان لديهم مشكلات وتعذّروا بسببها ولم يتمّ ذلك. في المدة الأخيرة، أُنجزت بعض الإجراءات لكن يجب أن تتابع بقوّة وجديّة، فهي ليست مزحة.
يجب أن يكون وضع ممرّضينا على النّحو الذي يمكّنهم من متابعة عملهم وهم مرتاحو البال، كما يجب أن تكون عائلاتهم مطمئنة أيضاً إلى أن الشباب منهم أو أزواجهم ممن يقومون على هذه الخدمة العظيمة في المستشفى سينالون التوفيقات (المادية والمعنوية).
مرةً أخرى أبارك لجميع الممرّضين والممرّضات الأعزّاء ولمجتمع التمريض «يوم الممرّض والممرّضة» الذي هو يوم ولادة السيّدة زينب الكبرى، سلام الله عليها. وأرجو أن يشملكم الله جميعاً بلطفه ورحمته، وسوف أدعو لكم، إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: موقع المنار

البث المباشر