ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح ايوم الاربعاء 25 تشرين الثاني 2020 على رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى مجلس النواب فيما خص التدقيق المالي الجنائي وانهاء الشركة المدققة للعقد المبرم مع الدولة والجمود الحاصل على مستوى تأليف الحكومة…
الاخبار
المسؤولية السياسية عن انفجار المرفأ: المحقق العدلي «يهرب»
بعث المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي فادي صوان برسالة الى مجلس النواب، يطالبه بتحمل المسؤولية والقيام بما يراه مناسباً في حق وزراء تعاقبوا على وزارات العدل والمالية والأشغال قد تكون هناك شبهة إهمال من قبلهم أدى إلى ترك نيترات الأمونيوم في الميناء لسنوات. وفيما يتعذر على المجلس القيام بهذه الخطوة لعدة أسباب، تبقى الرسالة في إطار الهروب من المسؤولية ورمي الكرة في ملعب البرلمان
ثلاثة أشهر و21 يوماً مرّت على انفجار مرفأ بيروت الذي حوّلها إلى مدينة منكوبة وأودى بحياة أكثر من 200 شخص، فيما لا يزال اللبنانيون ينتظرون نتائِج التحقيق. تتوالى الاتهامات والادعاءات التي طالت موظفين في المرفأ برتب مختلفة، كان آخرها يوم أمس ادعاء المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري على كل من: عضو المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة ومدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً موسى هزيمة، وبذلك يرتفع عدد المدعى عليهم إلى 33 شخصاً، من بينهم 25 موقوفاً وجاهياً واثنان غيابياً. وقد تسلم المحقق العدلي في الجريمة القاضي فادي صوان ادعاء النيابة العامة التمييزية الجديد، على أن يستمع الى إفادتيهما كمدعى عليهما بعدما كان قد استجوبهما في وقت سابق كشهود.
إلى جانب هذه الادعاءات المُعلنة، يعمل صوان على خطّ آخر لا يزال مكتوماً. فقد بعث المحقق العدلي، عبر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، برسالة إلى مجلس النواب يطالبه باتخاذ ما يراه مناسباً بشأن مسؤولية وزراء عن إهمال «ما» ساهم في وقوع انفجار المرفأ. ورأى صوان في رسالته أنه بعد أشهر من حصول التفجير، لم يقُم البرلمان بأي دور. ويقول إنه بناءً على التحقيقات التي أُجريت، «ربما تكون هناك شبهة إهمال» من قبل مسؤولين ووزراء تعاقبوا على وزارات المالية والأشغال والعدل، وأن على مجلس النواب «القيام بما يراه مناسباً وفق مادتين من الدستور». الأولى هي المادة 70 التي تنص على ما حرفيته أن «لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم، ولا يجوز أن يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس»، والثانية المادة 71 التي تقول بأن «اﻟوزﯾر اﻟﻣﺗﮭم يُحاكم أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻟس اﻷﻋﻟﯽ لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
هذه الرسالة لم تحمل أي اتهام للوزراء، إنما شدّدت على ضرورة أن يقرر مجلس النواب ما يراه مناسباً بحقهم، بعدما قرّر صوان رفع الحمل عن ظهره تحت وطأة الضغط الشعبي، ورمي المسؤولية على البرلمان. وفي الكتاب نفسه، يذكر صوّان رؤساء الحكومات المتعاقبين منذ وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت (أي تمام سلام وسعد الحريري وحسان دياب)، إنما من دون مطالبة المجلس النيابي باتخاذ أي إجراء بحقهم.
بعض المعنيين طلبوا من الحريري التواصل مع عويدات للاستفسار منه حول المقصود من الرسالة
وفيما لا يُمكن الجزم بخلفية ما أقدم عليه صوان حتى الآن، الا أن المحقق العدلي كان بإمكانه سلوك طريق آخر لاتهام الوزراء المُتعاقبين، كما رؤساء الحكومات، إن كان المُراد هو المحاسبة الفعلية والجدية. فعلى الرغم من أن الدستور والقوانين وضعت آلية لمحاكمة الرؤساء والوزراء في مجال عملهم بما يمنحهم حصانة لا يرفعها إلا المجلس النيابي، الا أن هناك اجتهادات ترى أن هناك جرائم لا تشملها هذه الحصانة. وبالتالي، كان الأجدى بصوان، لتأكيد جدّيته، إصدار قرار اتهامي بحق الوزراء والرؤساء الذين يرى بأنهم مقصرون، ويجعل هذا القرار أمراً واقعاً لا يُمكن للدولة أن تتجاهله، لأن قرارات المحقق العدلي لا يُمكن ردّها ولا الطعن بها ولا استئنافها. فهو شخصية مطلقة الصلاحيات، وفي حال أصدر قراراً كهذا فلن يستطيع أحد أن يُعيد النظر به. وبناءً على ذلك، يُمكن القول إن رسالة صوان إلى المجلس النيابي تأتي في إطار الهروب من المسؤولية بذريعة القوانين، ورمي الكرة في ملعب مجلس النواب، مع علمه بأن البرلمان لن يقوم بأي خطوة تُذكر، لعدّة أسباب، أبرزها أنه لم يتُمّ تعيين القضاة في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء حتى الآن، رغم انتخاب أعضائه من النواب. ومن ثم، هناك شبه استحالة في ظل الانقسام السياسي الحاد في البلاد توفير أصوات ثلثي أعضاء المجلس للادعاء على الوزراء والرؤساء الذين يُشتبه في إهمالهم أو تقصيرهم او ضلوعهم في الجريمة.
هذه الرسالة التي جرى التداول بمعلومات عنها أمس، أثارت بلبلة كبيرة حول المقصود منها. وقالت مصادر سياسية مطلعة إن «بعض المعنيين تواصلوا مع الحريري، طالبين إليه التحدث الى عويدات والاستفسار منه بشأن المقصود من الرسالة». وكان لافتاً أن صوان ختم رسالته بالقول إنه «يحتفظ بحق محاكمة كل اللبنانيين»، فهل كان المقصود منها التحرّك في حال عدم تجاوب المجلس، أم أنها مجرّد كلام في الهواء؟
اليرزة وبعبدا: حسابات السياسة والأمن على خطّ الرئاسيات
قد يكون تعيين مدير للمخابرات أمراً عادياً في أي جيش. في لبنان كل ما يتعلق بقيادة الجيش يصبح له منحى آخر، وحسابات سياسية تتقاطع أيضاً مع بدء السنة الخامسة من عهد رئيس الجمهورية. لذا تصبح لأي خطوة عسكرية مدلولات تتعلّق بالرئاسيات
نهاية الأسبوع الأول من كانون الأول المقبل، تنتهي ولاية مدير المخابرات في الجيش العميد طوني منصور. وفي الوقت نفسه، يبدأ العميد طوني قهوجي مهامّه مديراً جديداً للمخابرات، وهو «المدير» الثاني الذي يُعَيّن في عهد قائد الجيش العماد جوزف عون، وفي عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. أمام قهوجي سنَتان، مبدئياً، في المديرية، قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس جديد، الذي عادة يختار قائداً جديداً للجيش، علماً أن أمام عون أيضاً مهلة ثلاث سنوات وشهرين قبل أن تنتهي سنوات خدمته، والأخير يختار فريقه بدءاً من مدير المخابرات، أو يُبقي الأخير في موقعه بحسب الظروف. وأمام قهوجي سبع سنوات في الخدمة الفعلية، إما مديراً للمخابرات أو في أي منصب آخر يتناسب مع تطورات المرحلة. في الأيام الأولى، أمامه أسماء عدة لملء عدد كبير من المراكز، التي يفترض إجراء تعيينات فيها، على أن يتشاور فيها مع قائد الجيش، لقيادة فريق يتناسب معه، ومع التراتبية المستجدّة بعد اختياره من دورة 1994.
رسمياً، طُويت أسئلة مثل لماذا رُفض التمديد لمنصور، ولماذا اختير قهوجي لا المرشحون الآخرون، بصرف النظر عن كفاءة كلّ منهم، وعما إذا كانت سنّه تؤهله لتولي هذا المنصب، علماً أن تعيين عمداء لهذا المنصب لم يكن معمولاً به قبل الطائف، بل كان يتولاه ضباط برتب أدنى (جوني عبدو وغابي لحود كانا ملازمين حين تولى كل منهما المديرية). لكن تفاعلات الاختيار ورفض التمديد ستبقى قائمة في السنتين المقبلتين على الأقل، نظراً إلى طبيعة المرحلة المقبلة التي تعني عملياً بداية العدّ العكسي لانتخابات الرئاسة أو الفراغ الرئاسي الذي بات عادة لبنانية. لأن التبعات السياسية هي أولاً وآخراً محور كل ما جرى قبل أسابيع وسيبقى قائماً.
رهان خاطئ على ذبذبة في الجيش
من غير المُجدي القول بأن التحالف قد فُكّ بين قيادة الجيش ومديرية المخابرات، بمجرد عدم التمديد لمنصور. في الجيش تراتبية ورأس هرم واحد، هو قائد الجيش، بصرف النظر عمّن هو ومن هو فريقه الخاص، وهل يتمتع بإدارة حسنة وكفاءة أم لا. صحيح أن خيار قائد الجيش هو التمديد لمنصور، لكنه هو من وضع لائحة أسماء مرشحي خلافته وفق تراتبيات ومعايير معيّنة، ولم يكن ممكناً اختيار أي ضابط من غير اللائحة، حتى لو اقتضى الأمر التشاور مع رئيس الجمهورية. ومن يعرف تركيبة مديرية المخابرات يعرف أيضاً أن هامش حرية مديرها كبير، ولكنّه أيضاً يقف عند حدود العلاقة مع القيادة والتوقيع الأخير الذي يملكه قائد الجيش. ومن يعرف قهوجي يعرف أيضاً مدى أهليّته وكفاءته وانضباطه وخبرته التقنية في المديرية في ظل أكثر من مدير، وسيكون مخطئاً أيضاً من يراهن على أنه سيشكل حالة منفصلة عن قيادة الجيش، ولأنه أيضاً ابن المؤسسة والمديرية ويعرف تماماً كل ما أحاط بها في السنوات الأخيرة. واختيار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون له، وعلاقته به، ليسا نقطة ضعف بل العكس تماماً، وستعكس الأشهر المقبلة ذلك.
ثانياً، لم يكن اختيار منصور قبل أربع سنوات لمديرية المخابرات، مفاجئاً لا لعارفيه ولا لضباط رافقوه منذ التسعينيات ولا للعاملين معه في المديرية. هو ليس ابن المؤسسة بالمعنى الفعلي فحسب، إنما أيضاً ابن المديرية التي قضى فيها معظم سنوات خدمته، مع أسلافه العمداء جورج خوري وإدمون فاضل وكميل ضاهر. وهو هنا يلتقي مع اختلاف المهام والرتب وسنوات الخبرة والأقدمية، مع قهوجي. ومنصور الذي قضى منذ التسعينيات خدمة لا شائبة فيها، اختاره قائد الجيش بالتوافق التام مع رئيس الجمهورية وخلافاً لرغبة كثر من المحيطين بالأخير، من عائلته ومن خارجها الذين كانوا يريدون مديراً أكثر طواعية، وأقل التصاقاً وتضامناً مع قائد الجيش. وهنا يكمن أحد أسباب رفض التمديد ليس لأسباب قانونية أو مبدئية يتمسك بها رئيس الجمهورية، الذي مدّد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولرئيس مكتب المعلومات في الأمن العام العميد منح صوايا.
تشكل مديرية المخابرات عادة الذراع السياسية لأي رئيس للجمهورية، وهي تمكّنت مع قيادة الجيش من أن تشكل مظلة حماية له، ليس قبل الحرب، بل بعدها، وفي ظل الوجود السوري (رغم تغيّر طبيعة مهامها) وصولاً إلى المرحلة التي تلت خروج الجيش السوري. حين انتُخب عون رئيساً، بعد مرحلة فراغ رئاسي، كان هدفه الأول تطبيق رغبته المزمنة بالإطاحة بقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي كانت مُدّدت ولايته، وكان يشكل منافسة رئاسية قوية له، مثله مثل مدير المخابرات إدمون فاضل الذي كانت العين الأميركية ساهرة عليه. جاهر عون مرات عدة برفضه التمديد لقهوجي وبرغبته باختيار قائد للجيش ومدير مخابرات مقرّبين منه. طرح العميد شامل روكز لدى بعض الأوساط العونية، وليس التيار في حد ذاته، قبل أن يحال الأخير على التقاعد، قبل انتخاب عون. لكن التيار كقيادة لم يكن مؤيداً، كما لم يكن مؤيداً لاختيار جوزف عون ومنصور. في هذه النقطة، فضّل رئيس الجمهورية مصلحة المؤسسة، باختيار ضابطين يعرفهما ويعرف خبرتهما وعملهما جيداً منذ أن كان قائداً للجيش. إصرار عون قوبل بتدخل سياسي لدى التيار لعدم عرقلة التعيينات، وبدأت مرحلة جديدة من محاولات تنسيق رافقتها تدريجاً حملة تطويق داخلية، سواء من داخل القصر الجمهوري أو عبر وزارة الدفاع، مع سعي مستشارين أمنيين ووزراء أو رئاسة التيار، إلى فرض إيقاع جديد، مواربة من غير المرور بقيادة الجيش أو مديرية المخابرات. هذا التدخل ظل خجولاً في البدايات. لأن الحاجة إلى الاستقرار وإعطاء صورة ناصعة للعهد في أول شهور حكمه ظلت طاغية، تصاحبها فرحة جوٍّ عونيّ عسكريّ ما، باستعادة النفوذ من بعبدا إلى اليرزة، للمرة الأولى منذ التسعينيات.
كان حضور رئيس الجمهورية قوياً في اليرزة، يحضر مناسبات ويطل في زيارات يستعيد فيها دوره قائداً أعلى للقوات المسلحة. قمة التنسيق كانت معركة فجر الجرود، وملف مكافة الإرهاب. هذا الإنجاز الحقيقي للعهد، وقد قدّمته له قيادة الجيش ومديرية المخابرات، حين أتى إلى مقر العمليات معلناً بدء المعركة. هذا الإنجاز الذي تعتدّ به المؤسسة العسكرية، لم يكن معزولاً عن مسار وضعته مديرية المخابرات منذ أربع سنوات لمحاربة التنظيمات الإرهابية. أي لقاء مع المديرية كان يبدأ وينتهي بملف الإرهاب والموقوفين والشبكات المفكّكة. وسجلّ المديرية بشأن الإنجاز، يعني عملياً على الأرض وليس على الورق، أن هناك جهداً عسكرياً ومخابراتياً، وعلى أساسه يكمن تعزيز مواردها وخبراتها. هنا يدخل الدور الأميركي. الجيش يفنّد الدعم الأميركي منذ الاستقلال إلى اليوم، ما خلا مرحلة الوجود السوري، حيث تراجع كمساعدات وهبات، لكن ظلت الروابط قائمة. بعد عام 2005، ارتفع مستوى التنسيق، من مساعدات عينية ودورات تدريب وأسلحة، واتخذ أهمية كبرى، بعد الحرب في سوريا وتصاعد العمليات الإرهابية ومع معركة الجرود وبعدها لتفكيك خلايا وتبادل معلومات. وما تقرّره الإدارة الأميركية بشقَّيها السياسي والعسكري، يصل إلى الجيش عينياً، بحسب المتطلبات والحاجات، لدى الأجهزة والفروع من دون استثناء، وكلها بمعرفة السلطات السياسية كافة التي توافق عليها، (ويخطئ من يعتقد أن حزب الله لا يعرف كل ذلك)، وإن كانت أحياناً تعطي موافقة عامة من دون الدخول في تفاصيل التفاصيل. كذلك الأمر بالنسبة إلى كل ما يُنفذ من أعمال على الحدود مع سوريا. كل شيء يمر عبر موافقة السلطات الرسمية ومعرفة القيادة العسكرية «وحدها» بكل ما يجري ويرتبط مباشرة بغرفة العمليات، بعد مروره بغرفة عمليات الأفواج المكلّفة مسك الحدود. هذا يعني أن هذا التنسيق كان وسيبقى، ما لم تتخذ السلطات السياسية قراراً في اتجاه آخر، وهو هنا لا يتعلق بأدوار وأشخاص، بل بدورات وهبات ومساعدات ساهمت في تعزيز خبرات الجيش أمنياً وعسكرياً واستخباراتياً. وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى شبك علاقات أميركية مع الجيش، والمخابرات جزء أساسي منه. لمّح الأميركيون إلى خيار بقاء مدير المخابرات في منصبه، الذي صودف أيضاً مع العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما استنفر العصبيات وجعل رفض التمديد أمراً طبيعياً أيضاً. من دون أن يعني ذلك أن التنسيق الأميركي لن يكون على المستوى نفسه مع المدير الجديد. من الوهم اعتبار غير ذلك.
من فجر الجرود إلى قبرشمون والتظاهرات
لم يدم شهر العسل بين القصر الجمهوري والتيار الوطني والجيش. في الظاهر الانفصال وقع في 17 تشرين الأول، مع بدء التظاهرات وإحجام الجيش عن الضرب بقوة، وإن استخدمها أحياناً لتفريق التظاهرات ومنع قطع الطرق. أما الحقيقة فهي أنه بدأ قبل ذلك، منذ الانتخابات النيابية وقبل حادثة قبرشمون وبعدها حين كثر الكلام في الكواليس عن انتقاد قائد الجيش وأدائه وعن ضرورة تغيير مدير المخابرات وطرح أسماء لخلافته. هناك فرق بين أن تكون المخابرات أو الجيش أداة رئيس الجمهورية أو أن يكونا أداة حزبه وتياره. رئيس الجمهورية في أحيان كثيرة كان يميز بين الأمرين، لأنه خارج من رحم هذه المؤسسة. لكن أحيانا كانت الغلبة لفريقه السياسي، الذي أراد تعزيز وجوده داخل الجيش كما داخل الوزارات والإدارات التي تولاها. ورغم أن ذلك لم ينجح حين تولّى وزراء له وزارة الدفاع، لا بالعكس زادت العلاقة سوءاً، بقيت محاولات تذكية التوتر عبر طلبات محددة.
مستشارون يضعون الأفكار لمواكبة قائد الجيش بخلفية إعداده سياسياً
قد يكون أحد المنعطفات الأساسية في عمل المديرية أنها صبّت جهدها على الشق الأمني، مقدمة إياه على الشق السياسي. خطأ من؟ الواضح كان منذ اللحظة الأولى أن القصر الجمهوري يُبدي ارتياحاً أكثر لتسليم الأمن العام الشق السياسي – الأمني. لم يكن سراً أن اللواء عباس إبراهيم برع في استخدام إمكانات وُضعت بين يديه محلياً ودولياً، وكان المرجع الذي يوكل إليه رئيس الجمهورية معالجة ملفات داخلية وخارجية، علماً أن هذا الدور كان من مهمة مدير المخابرات في العهود السابقة. تجربتا جورج خوري وإدمون فاضل، كأحدث تجربتين، بارزتان في هذا المجال. أقام الأول، متفوقاً على قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان، والثاني ولا سيما بعد التمديد له مرتين، بالتنسيق مع قائد الجيش جان قهوجي، شبكة علاقات سياسية محلية واسعة وإقليمية ودولية، وبالأخص أميركياً. ولعبا فيها أدواراً ولا سيما في مفاصل أساسية من نهر البارد إلى 7 أيار إلى اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس ميشال سليمان، ومن ثم الفراغ الرئاسي وعرسال وغيرها من محطات أساسية أمنية وسياسية. هذا لم يتح لمديرية المخابرات في العهد الحالي. لم يدخل الجيش في مقاربات سياسية حتى في أمور تتعلق به، كمثل الإشكالات التي وقعت مع الرئيس نبيه بري حول مرسوم ما سمي «ضباط دورة عون»، الأمر الذي استلزم وقتاً لحلها.
الرئاسيات وراء كل مفترق
عديدة هي أسباب الالتباس في العلاقة بين اليرزة وبعبدا. أولاً، لأن الدور أعطي للأمن العام؛ وثانياً، لأن المديرية تعاملت مع الشق الأمني بوصفه أولوية، مع التذكير بأنه منذ أربع سنوات، لم يتمكن الجيش من التقاط أنفاسه بفعل توالي الأحداث والمهمات؛ وثالثاً لأن شبح الرئاسيات أيضاً ظل يتحكم بالعلاقة منذ اللحظة الأولى بين القصر واليرزة. وهنا لبّ المشكلة.
إحالة منصور على التقاعد لا تعني تراجُع الذين يزكّون – أميركياً – خيار قائد الجيش مرشحاً رئاسياً
اعتاد الموارنة الذين يصلون إلى مراكز الفئة الأولى أن يصبحوا مرشحين لرئاسة الجمهورية. وتجربة قادة الجيش مع القصر الجمهوري هي التجربة الأكثر حضوراً، منذ ميشال عون أولاً، وثانياً مروراً بالرئيسين إميل لحود وميشال سليمان. العماد جان قهوجي كان مرشحاً للرئاسة، وقد يكون الفراغ الرئاسي لعب أيضاً دوراً في تزكيته. كان لدى الرئيس ميشال عون منذ اللحظة الأولى مرشح أول ونهائي ولا يرضى عنه أي بديل حتى لو جاء من قلب البيت. وهذا يعني أن أي محاولة تعويم اليرزة في السنتين الأخيرتين ليست مستحبّة. لكن العقوبات الأميركية قلبت أيضاً كل الموازين. وإن كان من المبكر الحكم على نتائجها النهائية، إلا أنها في لحظة حساسة، فرملت اندفاعة رئيس التيار. إحالة مدير المخابرات على التقاعد، قانونية وطبيعية، علماً أنه سبقتها حملات سياسية من جانب واحد ضده، لكنها أيضاً تحمل رسالة واضحة. وهذا لا يعني أن الذين يزكون أميركياً خيار قائد الجيش مرشحاً رئاسياً، تراجعوا. هناك معلومات تقول العكس. ورغم أن قائد الجيش يقول إنه ليس مرشحاً، هناك مستشارون رئاسيون سابقون يتهيأون ويضعون الأفكار لمواكبة قائد الجيش بخلفية إعداده سياسياً. وهذا يعني أن معركة الرئاسة فُتحت مبكراً، وقد نكون نشهد حالياً أول خطوة لوضع الانتخابات الرئاسية على الطريق بين اليرزة وبعبدا. ومعركة الترشيحات المبكرة ليست انتقاصاً من موقع رئيس الجمهورية الذي ولّت أيام التنافس عليه حصراً بين مرشحين من اليرزة، لتصبح المنافسة مفتوحة بين مجموعة مرشحين دخلوا السباق الرئاسي باكراً.
الشراكة الإماراتية ــــ الإسرائيلية: ماذا لو فُرض التطبيع على المغتربين اللبنانيين؟
يسأل لبنانيون: ماذا لو طلبت شركتنا بناء شراكة داخل الأراضي المحتلة؟
اتفاق السلام الإماراتي ــــ الإسرائيلي ليس «خياراً» إماراتياً فحسب، بل هو شراكة استراتيجية تُريدها الدولة الخليجية قاطرة لفرض التطبيع على كلّ الدول العربية، ولهذا السبب يوليه «الغرب» أهمية خاصة. ما بَنته الإمارات والعدّو، لا يُقارن بأي اتفاقية سلام أو تعاون أخرى، لذلك تتعاظم مخاطره، أهمّها على اللبنانيين العاملين في الإمارات وقد يُجبرون على التعاون مع إسرائيليين. كيف سيتعامل لبنان معهم؟
ترى مؤسِّسة ورئيسة «مركز الإمارات للسياسات»، ابتسام الكتبي أنّ «لاتفاق إبراهام نتائج تتجاوز العلاقات الإسرائيلية ــــ الإماراتية، لتشمل دول الخليج الأخرى، وجنوب آسيا، وشرقي البحر المتوسط». تصريحها أتى في ندوة عقدها «معهد واشنطن» افتراضياً في 14 أيلول الماضي، وتناولت الكتبي خلالها ردّة الفعل داخل الإمارات على اتفاقية التطبيع مع العدو، مُميِزةً بين «الجيل القديم الذي نشأ على رواية أنّ إسرائيل عدّو، والجيل الجديد صاحب النظرة المختلفة. يعيش في الإمارات العربية المتحدة مواطنون من 200 جنسية، عملوا معاً بسلام. اتفاقية إبراهام، لم تحصل فجأة… وهي تُمثّل فصلاً جديداً في الشرق الأوسط».
بدّقة، تصف الكتبي ــــ المُهلّلة لخطوة بلادها ــــ «خطورة» اتفاقية التطبيع الإماراتية ــــ الصهيونية. هي ليس مُجرّد «اتفاق سلام» بين دولتين لم تشهدا أصلاً أي نزاع، بل «مفتاح» يُراد منه الولوج صوب ذاك الشرق الأوسط الجديد، الذي أُفشِلت محاولات فرضه في محطّات سابقة، كحرب تموز 2006.
ما بين الإمارات العربية و«إسرائيل» علاقةٌ و«عقد عمل» لا مثيل لهما، إن كان في مصر والأردن وقطر وعُمان، أو بقية الدول العربية التي تربطها بالعدو علاقات واتفاقات.
«الإماراتيون مُتحمّسون للغاية لهذا الاتفاق، ويجب على إسرائيل تقديره لأنّ شركاء السلام السابقين لم يُعبّروا عن الشعور نفسه»، على حدّ قول المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، دوري غولد، خلال ندوة «معهد واشنطن»، ويوافقه الرأي مدير مشروع «عملية السلام في الشرق الأوسط» في المعهد المذكور، ديفيد ماكوفسكي: «للسلام الإسرائيلي مع مصر والأردن أهمية استراتيجية كُبرى، ولكنّ السلام مع الإمارات يوفّر فرصاً استثمارية، وسلاماً لم تشهده إسرائيل من قبل». في الإطار نفسه، نشرت مجلّة «فورين بوليسي» الأميركية مقالاً في 30 أيلول الماضي، كُتب فيه أنّ «اتفاق إسرائيل مع الإمارات والبحرين يمتد إلى أبعد من السلام الهشّ مع مصر والأردن. يُمكنهما (الإمارات والبحرين) المساعدة حتّى في إنهاء الصراع مع الفلسطينيين».
نجحت الإمارات و«إسرائيل» في مدّ جسورٍ للتعاون في كلّ المجالات: الثقافة والسياحة والاقتصاد والمال والمصارف والتبادل العلمي والأمني والسياسي… أي «شراكة استراتيجية»، تكاد تفوق بمدى تشابكها وعمقها الاتفاقية بين لبنان وسوريا بعد التسعينيات. بسرعةٍ، تُريد الدولة الخليجية رمي كلّ أوراقها لدى «إسرائيل»، حارقةً كلّ المراحل. تُجاهر بالعلاقة بينهما من دون أي «كفوف دبلوماسية»، تحفظ على الأقلّ ماء وجهها أمام الفلسطينيين وجزء كبير من الوطن العربي ــــ شعباً ومقاومةً ــــ لا يزال يرفض التوقيع على قرار الاستسلام. فحتّى الأردن ومصر حين وقّعا على التطبيع، رسما لهذا التقارب «حدوداً» لأسباب عدّة، منها غياب الحاضنة الشعبية. بالتأكيد أنّ اكتشاف صنف جبنة «صُنع في إسرائيل» على رفّ محلّ في القاهرة، سيتسبّب بموجة استنكار ومطالبات بإزالته. بينما الإمارات، وحتى ما قبل التوقيع، بدأت تتحوّل إلى «مشتى» للإسرائيليين. ولهذه «الوقاحة» الإماراتية تفسيران: أولاً انتشار مُخطّط إنهاء القضية الفلسطينية وتصوير العدو «رمزاً» للتفوّق والرخاء، وثانياً أنّ الإمارات لا تُمانع تقطيع كلّ أواصر القربى، شرط استدامة علاقتها بمحور الولايات المتحدة ــــ «إسرائيل» وما تشمله من «منافع» عسكرية وأمنية واستراتيجية، تسمح لها بفرض نفسها «مرجعية» خليجية ــــ سلامية، وبوّابةً لمواجهة إيران في المنطقة.
خطورة «اتفاق إبراهام» لا تنحصر داخل الإمارات، بل هو «قنبلة» يُراد عبرها تسميم المنطقة كلّها. هذا الخطر غير سرّي، ويُعبَّر عنه في أوساط «الغرب». مجلّة «فورين بوليسي» مثالٌ على ذلك، ففي مقالها الذي نشرته في 30 أيلول، تؤكّد أنّ وجود الإمارات والبحرين كمركزين تجاريين إقليميين «سيسمح لاتفاقيتَي السلام بتسهيل التواصل بين الإسرائيليين ومئات الآلاف من العمّال المُغتربين، بمن فيهم الإيرانيون والعراقيون واللبنانيون والفلسطينيون والسوريون، الذين تربط بلادهم عداوة مع إسرائيل». التواصل والتفاعل سيكونان تدريجياً، ولكن «خلق مساحة لهؤلاء للتفاعل كبشر بعيداً عن الأعمال العدائية وتبادل الاتهامات سيكون له تأثير على السلام الإقليمي».
تجرّ الإمارات خلفها كلّ الدول العربية نحو التطبيع، ولهذا يأتي «الاحتفاء» الغربي بها مُضاعفاً. التحدّيات أمام الجاليات العربية والإيرانية داخلها سيكبر في الأشهر المقبلة، ومن أهمّها تلك التي ستُواجه الجالية اللبنانية. لا إحصاء دقيقاً حول أعداد اللبنانيين في الإمارات، ولكن يوجد تقديرات بأنّها تُلامس الـ 200 ألف مواطن، ما يجعلها من الأكبر في دولةٍ «بوليسية» تمنعها من العمل السياسي والتعبير عن الرأي وحرية الاختيار، وصولاً إلى محاسبة أبناء الجالية وسجنهم وتعذيبهم بناءً على انتمائهم الديني. في «زمن السلم»، كانت تُفبرك ملفّات أمنية للبنانيين بـ«تُهمة» التواصل مع حزب الله، من دون وجود أي دليل، ورُحّل عدد منهم، وسط مخاوف من تجدّد موجات الترحيل الكُبرى مع تردّي ظروف العمل الاقتصادية وانتشار «كورونا». فكيف سيكون الوضع في زمن نبذ كلّ من يُجاهر بـ«كلّا» لأي من أنواع التطبيع مع العدوّ؟ هذا «القلق» بدأ يتسلّل بين لبنانيين عاملين في دبي: «ماذا لو طلبت شركتنا منّا التعاون مع شخص إسرائيلي وبناء شراكة داخل الأراضي المحتلة؟ إذا دخلت زبونة إسرائيلية إلى محل تصفيف شعر، كيف يتمّ التعامل معها؟». لم تُثر هذه الهواجس في حالة مصر والأردن «لأنّ الجالية اللبنانية أصغر»، وفي الدول الغربية «هناك سقف مرتفع من الحريات الشخصية تحفظ حقوق الفرد، وامتلاك أغلبية اللبنانيين جنسيات ثانية تحميهم في حال رفضهم التعاون مع إسرائيلي»، على العكس من الإمارات التي لا تترك خياراً… سوى الطرد.
هل يتهيّأ لبنان الرسمي لمرحلة مليئة بالتحديات؟
سيسهل التواصل بين الإسرائيليين والمغتربين الذين لا تزال بلادهم في حالة عداء مع «إسرائيل»
يقول مسؤولون في وزارة الخارجية والمغتربين إنّ «الاستعجال الإماراتي في التطبيع سيطرح أمام اللبنانيين إشكالية التعاون مع إسرائيليين». بُحث الموضوع داخل الوزارة، لكن بصوتٍ خافتٍ لأنّ «أي إعلان من قِبلنا قد يُضيء النور على الإشكالية ويؤذي اللبنانيين في وظائفهم، كأن تستدعيهم إدارتهم مثلاً وتضعهم أمام خيارين: التطبيع أو الرحيل». في الدردشات داخل «الخارجية والمغتربين»، طُرحت خيارات عدّة، منها التمييز بين الشركاء في المؤسسات والموظفين العاديين، وتطبيق سياسة «غضّ النظر» على قاعدة أنّه في دول أخرى قد يكون هناك لبنانيون يُنسقون مع إسرائيليين «من دون علمنا». يُبرّر المسؤولون هذا «التهاون» بأنّ أولويتهم «عدم التسبّب بأي ضرر للبنانيين في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب». صحيحٌ أنّ من واجب الدولة حماية مواطنيها، ولكن دفن الرأس في التراب والتذرّع بالعامل الاقتصادي لتبرير أي تعاون أمرٌ خطير، وقد يكون «الخاصرة الرخوة» التي سيستغلها أعداء لبنان لإجباره على التنازل.
الموضوع مُعقّد، وبحاجة إلى توافق سياسي حوله، «فتقرّر أن يؤجّل بتّه إلى حين تأليف حكومة، ويردنا شيء ملموس من الإمارات حول ظروف اللبنانيين وتعاون الشركات مع العدو، وتبيان الأجواء من السفارات الأخرى. الحسم بحاجة إلى قرار حكومي».
أوجيرو بلا سيولة… لكن لا خوف على الخـدمة؟
مرّ عام على الأزمة المالية، وخلالها سعت غالبية القطاعات إلى الصمود بالحدّ الأدنى. قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات حاجة إلى الدولار. ولذلك، فإن أوجيرو رفعت الصوت محذّرة من احتمال توقف خدماتها. مشكلتها متشعّبة، وهي تتعلق أيضاً بمخالفات أعاقت حصولها على أموالها من وزارة الاتصالات. مشكلتها الحالية أنها لم تحصل على موازنة 2020، لكن مشكلتها الأكبر تتعلق بموازنة 2021، التي يُفترض أن تتضخم بشكل كبير نتيجة ارتفاع سعر الدولار، من دون أن يكون هنالك أي فرصة لإقرارها بلا موازنة عامة
قطاعات مثل الكهرباء والاتصالات والمياه والنفايات والإنشاءات، وغيرها الكثير، كلها تتنفّس بالدولار. غالبية المعدّات وقطع الغيار تُستورد من الخارج بالعملة الأميركية. والمتعهّدون اعتادوا قبض أموالهم بالليرة عندما كان سعرها ثابتاً. لكن كل شيء تغيّر اليوم. أولئك الذين لطالما أثروا على حساب المال العام، عبر عقود منفوخة وسمسرات وتنفيعات ورشى، برم الدولاب معهم. الخسائر المحقّقة من فرق الدولار تفوق بأضعاف أرباحهم. ولهذا، لولا الكفالات والتوقيفات العشرية (عُشر قيمة العقد تحجز كضمان لتنفيذ دفتر الشروط)، لكانوا فسخوا عقودهم منذ زمن. كل حالة بحالة تتم معالجتها. مصرف لبنان يساهم في تأمين جزء من الأموال المستحقة بالدولار، لكنّ أحداً لا يعلم إن كان ذلك سيدوم. بعد كهرباء لبنان، رفعت «أوجيرو» الصوت. مديرها العام عماد كريدية ذهب بعيداً في التهويل. حذّر من احتمال أن تتوقف خدمات الاتصالات والإنترنت مع بداية العام، إذا لم يتم دفع مستحقات الهيئة على الدولة لعام 2020. مصادر مطلعة في الهيئة تؤكد أن الأزمة موجودة وأن «أوجيرو» تجد صعوبة في الحفاظ على مستوى الخدمات نفسه، لكنها مع ذلك تشير إلى أن الوضع ليس بهذا السوء، جازمة أن انقطاع الخدمة بشكل تام شبه مستحيل. إذ لا مبرر لأن تسقط شبكة الإنترنت على سبيل المثال، ولا مبرر للتوقف التام لخدمات الصيانة. فرغم الحاجة إلى معدّات وكوابل لتأمين استمرارية الخدمة، إلا أن جزءاً أساسياً من الصيانة يحتاج إلى قدرات بشرية فقط. هذا لا يعني، بحسب المصادر، أن استمرار شحّ الأموال لن يؤثر على بعض الخدمات وبعض المناطق، إذا ما تعرّضت لحوادث ولم تتمكن أوجيرو من تلبيتها لعدم توفّر المعدات، إلا أن ذلك سيبقى محدوداً، ولن يطاول كامل الشبكة. ولأن الأزمة قد تطول، تؤكد مصادر مطّلعة أن الأولوية حالياً هي لتغيير الرؤية ومنهجية العمل. المطلوب التركيز على القدرات الذاتية للهيئة، والتركيز أكثر على الصيانة بما يتوفر. علماً أن ذلك بدأ عملياً من خلال ترتيب الأولويات في الصيانة وفي الاستثمار، بحيث تلبّي الضروري وتؤجل ما يمكن تأجيله.
تحرير أموال 2017
حتى لو حُلّت كل المشاكل المالية للهيئة وحصلت على الأموال المستحقة لها، فإنها لن تكفيها لتعود إلى العمل بالشكل التقليدي، فشحّ الأموال صار أمراً واقعاً لا أحد يعرف متى ينتهي. مشكلة أوجيرو مزدوجة. هي مشكلة دولارات غير متوفّرة بالدرجة الأولى، ساهمت في تلكؤ الكثير من المتعهدين في القيام بأعمالهم، كما ساهمت في عرقلة أعمال الصيانة والتركيب التي تنفذها الهيئة. لكنها، في الأساس، مشكلة مخالفات قانونية وفساد جعلت الهيئات الرقابية تمتنع أو تتأخر في الموافقة على العقود الموقّعة مع الوزارة، خاصة أن أغلبها قُدّم بعد انقضاء العام وصُرفت الأموال من دون سند قانوني. عقد عام 2017 لا يزال عالقاً، بعد أن رفضت هيئة الاستشارات والتشريع الموافقة على عقد المصالحة بشأنه، والذي قُدم في الفصل الثالث من عام 2018، متضمناً، بحسب هيئة الاستشارات، الكثير من المخالفات التي قررت، بنتيجتها، «إحالة الملف إلى النيابة العامة المالية وإلى هيئة التفتيش المركزي لإجراء المقتضى الذي تراه كل منهما ضرورياً في ضوء ما تضمّنته هذه الاستشارة». كذلك، فإن عقد عام 2019، الذي قُدّم إلى الديوان في تشرين الأول 2019 للحصول على موافقته المسبقة، تضمّن الكثير من الشوائب القانونية، وكانت النتيجة أن وافقت عليه الغرفة المعنية، بالرغم من انتهاء السنة، فيما طلب رئيس الديوان محمد بدران والمدعي العام لدى الديوان فوزي خميس إعادة النظر في القرار، لما يحتويه من مخالفات، أبرزها عدم جواز الموافقة المسبقة بمفعول رجعي، على عقد نُفّذ بكامله. لكن رغم فتح النيابة العامة لدى الديوان تحقيقاً في الأمر، ثم ادعائها، بنتيجته، على عماد كريدية وعلى عضوَي مجلس الإدارة غسان ضاهر وهادي أبو فرحات أمام ديوان المحاسبة وأمام النيابة العامة التمييزية بمخالفات إدارية وجزائية، فإن ضغوطاً سياسية تولّتها لجنة الاتصالات النيابية، أسفرت عن دفع الأموال لهيئة أوجيرو بموجب عقد 2019، وقبل انتهاء التحقيقات. حينها كانت أداة الضغط هي التحذير من توقّف الصيانة في الهيئة. وهو الأمر نفسه الذي يتكرّر اليوم. تُطالب هيئة أوجيرو بتحرير الأموال المخصّصة لها في عقد 2020 لتتمكن من الدفع إلى المورّدين، تحت طائلة احتمال التوقف عن العمل. وتحت عنوان «اللهم إني بلّغت» توجّه كريدية إلى المعنيين، عبر «أم تي في»، مشيراً إلى أنه إذا لم تتأمّن الاعتمادات فإنه مضطر للتوقف عن العمل. وأكثر من ذلك أعلن أنه «ما عندي استعداد أقف أمام القضاء لأننا نقوم بعملنا بخدمة الناس»، بما يوحي بأن المخالفات المرتكبة كانت نتيجة السعي إلى استمرارية المرفق العام (وهو ما يتناقض مع قرار هيئة الاستشارات، التي سجلت ملاحظات عديدة على تخطي الصرف في عام 2017، لموجب استمرارية المرفق العام).
موازنة 2020 عالقة
بحسب ديوان المحاسبة، فإن لا مشكلة بشأن عقد 2020 الذي تمت الموافقة عليه. كذلك ترفع وزارة المالية المسؤولية عن نفسها، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد مع وزارة الاتصالات وإدارة الهيئة أسفر عن الاتفاق على آلية للدفع. وهي تؤكد أنه بناءً على الاجتماع، أنجزت الشق المتعلق بها، من دون أن يتضح حتى اليوم ما يعيق دفع مستحقات أوجيرو. لكن ذلك يناقضه كريدية الذي يشير لـ«الأخبار» إلى أن الاتفاق تم في تشرين الأول، إلا أنه بعد مرور شهر لم تدفع «المالية». وبالنتيجة، قبل شهر من نهاية العام، حصلت الهيئة على 10 مليارات ليرة فقط من أصل ٤٨ ملياراً، علماً أن إدارتها سبق أن طالبت بزيادة موازنتها إلى 64 ملياراً لأنها غير كافية.
صرخة إدارة أوجيرو تعود لأمرين، عدم قبضها مستحقات عام 2020، وقيمتها 48 مليار ليرة بحسب موازنة 2020، و«مستحقات» عام 2017، التي لم تحدد قيمتها بعد بسبب التباين في الأرقام المقدّمة من أوجيرو ومن وزارة الاتصالات، لكنها تفوق في الحالتين الـ100 مليار ليرة، وهي مجمّدة بفعل المخالفات التي كشفتها هيئة الاستشارات، وبانتظار انتهاء التحقيقات.
أوجيرو ترفع موازنتها من 48 ملياراً إلى 200 مليار ليرة
بالرغم من ذلك، عُقد اجتماع الخميس الماضي في ديوان المحاسبة جمع وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو، وتقرر خلاله أن يصار إلى تحريك أموال عام 2017، من خلال فصل العقود والأعمال التي لا إشكال بشأنها عن تلك المشكوك في قانونيتها. بحيث تُدفع قيمة الأولى ويتم ترك الثانية إلى حين صدور الحكم. وفيما يعتبر الحل أن العقود الدورية المتعلقة بالصيانة وبتسيير المرفق العام، يجب فصلها عن العقود التي وُقعت خلافاً لهذه الصيغة (السفر، الرعايات، الإعلانات، العقود الاستشارية…) فإن هذا المخرج يتغاضى عن ملاحظات كانت طرحتها هيئة الاستشارات على مجمل العقد، مثل قيمته، وتوقيع العقود بالتراضي… كما يتغاضى عن إشارتها إلى أن أوجيرو قامت بمخالفة أخرى حينها، حيث أنفقت الأموال النقدية المتوفرة لديها لتنفيذ الأشغال خارج أية أحكام تعاقدية ترعى هذا الإنفاق. وهو ما «يطرح تساؤلاً حول تحديد ماهية مصادر التمويل التي لجأت إليها ومدى قانونية اللجوء الى هذه المصادر، وخاصةً أن وزارة الاتصالات لم تؤمن هكذا موارد حسبما ينص عليه النظام المالي لهيئة أوجيرو».
بالنتيجة، تقرر أن تحضّر وزارة الاتصالات لائحة بالعقود التي يمكن دفعها، على أن تُعرض على ديوان المحاسبة قبل السير بها.
لا حلول لموازنة 2021
إذا حُلّت مشكلة عامَي 2017 و2020، فإن مشكلة أكبر تنتظر موازنة الهيئة لعام 2021. في الموازنة السابقة، كانت «أوجيرو» طلبت 64 مليار ليرة للتشغيل والصيانة، إلا أن مجلس النواب ارتأى تخفيضها إلى 48.3 مليار ليرة. تلك الموازنة التي اعتبرتها الهيئة كافية، أضيف إليها عبء انهيار سعر الصرف. وفيما رفض أغلب الموردين الحصول على أموالهم بحسب سعر الصرف الرسمي، ساهم مصرف لبنان في تذليل بعض هذه العقبات، من خلال الموافقة على فتح اعتمادات بالدولار لمورّدين على سعر 1500 ليرة للدولار. ذلك، ساهم في تقليص العبء الناتج عن ارتفاع سعر الدولار، إلا أن عدم وجود ضمانة تؤمّن استمرارية هذه الآلية، أي إمكانية توقّف المصرف عن تزويد أوجيرو بالدولارات في أي لحظة، جعل الأخيرة تعمد إلى وضع موازنة شبيهة بموازنة العام الذي سبق نظرياً، لكنها ربطتها بسعر الدولار. وعلى سبيل المثال، فقد حددت الهيئة موازنتها التشغيلية بـ64 مليار ليرة، ثم قسمتها على 1500، لتقدّرها بـ43 مليون دولار. عندما وضعت الموازنة في تموز كان الدولار يُراوح بين 4500 و5000 ليرة، ولذلك فإن الهيئة طلبت نحو 200 مليار ليرة للتشغيل.
«الديوان» يطلب دفع جزء من موازنة 2017 قبل بتّ القضاء بها
لكن على سعر 8000 ليرة للدولار، فإن هذه الموازنة قد ترتفع إلى 344 مليار ليرة. وهو مبلغ ضخم سيكون من شبه المستحيل تأمينه (يضاف إليه قيمة العقد مع مديرية الإنشاء والتجهيز و100 مليار ليرة محددة في قانون البرنامج الخاص بشبكة الألياف الضوئية). والمشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، ففي غياب الموازنة العامة، ستكون الهيئة، بحسب القاعدة الاثني عشرية، مضطرة للاكتفاء بــ 48 مليار ليرة بالحد الأقصى. وهو ما يفاقم أزمتها… وحتى لو تمكّنت من الاستمرار في الحصول على الأموال من مصرف لبنان، فإن المبلغ الإجمالي لن يكون كافياً، خاصة أن المتعهدين رفعوا الأسعار حتى بالنسبة إلى اليد العاملة بما يعادل 30 في المئة. هنا، تقع الهيئة أمام احتمالين أحلاهما مرّ: إما أن تطلب من المتعهدين التسعير بالليرة، وبالتالي سيسعّرون حسب سعر السوق، بما يؤدي إلى ارتفاع كبير في المطلوبات بالليرة، وإما الاستمرار في التسعير بالدولار، على أن يتم الاعتماد على مصرف لبنان لتأمين جزء من هذه الأموال بالدولار، مع إمكانية توقف هذه الآلية في أي لحظة. لكن في الحالتين يبدو أن الهيئة ستكون بحاجة إلى المزيد من الأموال، وهي لذلك ستعمد إلى طلب سلف خزينة أو إلى طلب اعتمادات إضافية من احتياطي الموازنة.
قطار التطبيع يتسارع
ارتدادات «لقاء نيوم»: احتفالات إسرائيلية بـ«الجزع» السعودي
لم تحجب الانتقادات الإسرائيلية لتسريب بنيامين نتنياهو خبر لقائه بمحمد بن سلمان الاغتباط بهذا الحدث وما سيليه. وعلى رغم أن ثمة قناعة بأن الظروف الصعبة التي تواجهها السعودية، وفي مقدّمها أخيراً فوز إدارة غير مأمونة الجانب في أميركا، هي التي تدفعها إلى هذه الخطوات، إلا أنه لا اختلاف في المقابل على تسارع قطار التطبيع مع الرياض
لم يترك نفي وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، انعقاد اللقاء بين ولي عهد المملكة محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة “نيوم” السعودية، أيّ صدى معتبر في كيان العدو، سوى أن نتنياهو رفض تأكيد الزيارة أو نفيها، كما هو متوقّع له أن يفعل. إذ لم ينعكس موقف ابن فرحان على ردود فعل السياسيين الذين تناولوا اللقاء ــــ الحدث كحقيقة مُسلّمة، ولا على تقديرات الخبراء ولا في تغطية وسائل الإعلام الذين عرضوا لأبعاده ورسائله. والقراءة العامة التي هيمنت على المشهدين السياسي والإعلامي هي أن “لقاء نيوم” يُمثل محطّة في سياق حركة التطبيع وبلورة التحالفات الجديدة في المنطقة على وقع مجموعة من المتغيّرات، بدءاً من صمود إيران أمام “الضغوط القصوى”، وتمسّكها بثوابتها الصاروخية والنووية والإقليمية، مروراً بصمود حلفائها في لبنان وسوريا والعراق، وصولاً إلى سقوط ترامب وما قد يترتّب عليه من سيناريوات وتداعيات تتّصل بمجمل المشهد الإقليمي.
على المستوى السياسي الداخلي، ولّد “لقاء نيوم” سلسلة ردود فعل وتداعيات فورية، تَمثّلت في قرار إدخال السعودية ــــ بعد 24 ساعة من اللقاء ــــ إلى قائمة “الدول الخضراء” التي يُعفى مَن يعود منها (إلى إسرائيل) من الحجر الصحي! إذ أفاد المعلّق السياسي، باراك رابيد، بأن المدير العام لوزارة الصحة، حِزي ليفي، وقّع على مرسوم بهذا القرار، لتُنشر نسخة منه في القوائم، من دون بيان ترويجي في وسائل الإعلام. على خطّ موازٍ، وفي سياق انتقاد تسريب خبر الزيارة، رأى وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، أن التسريب “خطوة عديمة المسؤولية”، قائلاً، في إشارة ضمنية إلى نتنياهو: “أنا لا أتصرّف هكذا، ولن أتصرّف هكذا بخصوص هذا الأمر، وعلى الإسرائيليين أن يقلقوا”، مضيفاً: “تستطيعون تَخيّل كم من الأمور السرّية قمت بها خلال حياتي، ومن بينها أمور بإيفاد من نتنياهو”، ملمّحاً بذلك إلى توظيف نتنياهو الداخلي لخطوات استراتيجية سرّية بهذا المستوى. وشمل انتقاد التسريب، أيضاً، الأجهزة الأمنية، وتحديداً قيادة الجيش، التي أثارت استياءها مشاركة السكرتير العسكري للحكومة، العميد آفي بلوط، من دون معرفة رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي وإذنه. وكشف المعلّق العسكري، أور هيلر، أن “الجهات الأمنية لم تحبّ أبداً الطريقة التي حصل فيها الأمر”، لافتاً إلى أن عدم إطلاع رئيس الأركان أمر له معانٍ كثيرة، وخاصة أنه “في حال حصول شيء في إسرائيل، أو في الطريق إلى السعودية، أو في السعودية، فإن الجيش الذي لم يتمّ إطلاعه على أيّ شيء في الواقع لن يستطيع القيام بشيء، وإن فعل فسيكون متأخراً كونه لم يعلم بالرحلة”.
تل أبيب ستسمح للسعوديين بـ«جمعيات برّ» شرقي القدس
هذه الأصداء دفعت محلّلين إسرائيليين إلى وصف أداء نتنياهو بأنه محكوم بالقضايا الشخصية التي تطارده، والتوجّه إلى ابن سلمان بأن يعتاد على حقيقة أن السرّية لن يتمّ الحفاظ عليها مع نتنياهو، في إشارة إلى أن الأخير لا يتورّع عن توظيف قضايا “الأمن القومي” في سياق مصالحه التي تدفعه إلى الكشف عنها. مع ذلك، رأت صحيفة “إسرائيل اليوم”، المقرّبة من رئيس الحكومة، أن التسريبات عن “لقاء نيوم” هي “مؤشّرات على تقدّم دراماتيكي بين البلدين نحو التوقيع على اتفاق سلام أو على الأقلّ اتفاق تطبيع، وإذا خرج أيّ منهما إلى حيّز التنفيذ فسوف يغيّر شبكة المصالح الجيو ــــ سياسية في الشرق الأوسط 180 درجة”. وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من اللقاء، بالاستناد إلى مسؤولين سعوديين، هو “إقامة جبهة موحّدة في قبالة إيران وإدارة بايدن التي هي في طور التشكّل”. وتابعت أنه بالرغم من “تزايد الحرارة العلني في العلاقات بين البلدين”، إلا أنه حتى الساعة ستكتفي الرياض بالوضع الحالي للعلاقات مع تل أبيب. واللافت أيضاً أن المسؤولين السعوديين كشفوا حقيقة وجود مخاوف من إدارة بايدن، ومن أوامر اعتقال متهمين بقتل الصحافي جمال خاشقجي، وبموجب ذلك، طلب ابن سلمان مساعدة الإسرائيليين. كذلك، كشفت “إسرائيل اليوم” أن تل أبيب ستسمح للسعوديين بـ”جمعيات برّ” شرقي القدس بهدف كبح نفوذ الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان.
في السياق نفسه، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “لقاء نيوم” لم يكن الأول مع نتنياهو، لكنها المرّة الأولى التي تسمح فيها الرقابة العسكرية بنشر الخبر في وسائل الإعلام، وفي وقت قريب جداً من موعد انعقاد اللقاء. ورأت أن هذه الخطوة لم تكن لتحصل لولا ضوء أخضر من مكتب رئيس الحكومة، الذي اختار عدم نفي الرحلة أو تأكيدها. ورأى المعلّق العسكري في “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، أنه “مع كلّ الاحترام للمسألة الإيرانية والتطبيع، من المشكوك فيه أن هذا الاجتماع كان سيُعقد لولا شعور السعوديين بالحاجة إلى تجنيد إسرائيل كدرعٍ إضافي أمام إدارة معادية في واشنطن”، مُعبّراً عن أمله في “ألّا يؤدي كشف رحلة نتنياهو إلى السعودية إلى تدمير ما تمّ بناؤه”.
من جهتها، أشارت صحيفة “جيروزاليم بوست” إلى أنه لو أراد نتنياهو أن يبقى الأمر سرّاً لكان بإمكانه فعل ذلك بسهولة، عبر إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال، لكنه لم يفعل. على أن المسؤولين الإسرائيليين بشكل عام، ونتنياهو بشكل خاص، لا يتورّعون عن توظيف أهمّ المحطّات والمواقف المتّصلة بقضايا الأمن القومي في سياقات داخلية وتنافسية وشخصية. وعليه، فإن وجود أبعاد مصلحية ذاتية أو سياسية داخلية لا يتعارض مع وجود دوافع وسياقات إقليمية فرضت مثل هذه الزيارة، والعكس صحيح.
الخرطوم لتل أبيب: حاضرون لمحاصرة المقاومة
كعادتها كلّما عادت مسألة التطبيع مع إسرائيل إلى الواجهة السياسية، تسارع جميع الأطراف السودانية إلى نفي علاقتها ومعرفتها بالأمر، في الوقت الذي يسعى فيه الجانب الإسرئيلي إلى حسم المسألة في أسرع وقت ممكن. في هذا الإطار، وعلى طريق دفع عملية التطبيع التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، زار وفد عسكري برئاسة رئيس شعبة الشرق الأوسط وأفريقيا في «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي»، أول من أمس، العاصمة الخرطوم، حيث حَطّت الطائرة التي أقلّته على مدرج المطار الحربي الكائن إلى جانب مطار الخرطوم، والممتدّ حتى صالة كبار الزوار في قيادة القوات الجوية التابعة لمباني القيادة العامة شرق العاصمة.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن قيادات من الجيش وهيئة الأركان التقت الوفد، وعقدت معه مباحثات استمرّت لعدّة ساعات. وأوضحت المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن رئيس «مجلس السيادة»، القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، لم يكن مِن ضمن مَن التقاهم الوفد، إلا أنها أكدت في المقابل أن البرهان تلقّى تقريراً حول مخرجات الزيارة من قيادات الجيش. كذلك، كشف حسب مصدر عسكري، لـ«الأخبار»، أن أبرز الملفات التي حضرت على طاولة المباحثات تَمثّل في «التعاون العسكري في مكافحة الإرهاب بصورة عامة، وبصورة خاصة التعاون المعلوماتي لمنع تهريب السلاح إلى قطاع غزة وبالتالي تأمين بوابة أفريقيا». ولا يستبعد المصدر توافق الطرفين على بروتوكولات تشمل تدريب الجيش السوداني وتسليحه.
بحث الوفد الإسرائيلي التعاون المعلوماتي لمنع تهريب السلاح إلى قطاع غزة
ويُؤخذ على الحكومة السودانية تماديها في سياسة التعتيم على عملية التطبيع الجارية مع إسرائيل، وإصرارها على جهلها التام بما يتمّ من خطوات على هذا الطريق، وآخر وجوه ذلك إعلان المتحدّث باسمها، وزير الإعلام فيصل محمد صالح، أن لا علم لمجلس الوزراء بزيارة وفد إسرائيلي إلى البلاد، وأنه لم يكن هناك أيّ تنسيق مع الحكومة من قِبَل أيّ جهة رسمية في شأن الزيارة. وكان راديو الجيش الإسرائيلي ذكر أن تل أبيب أرسلت الإثنين وفداً إلى الخرطوم، تمهيداً لزيارة وفد إسرائيلي أوسع من المُقرّر أن يتوجّه إلى السودان في خلال الأسابيع المقبلة للتباحث في الاتفاقيات المشتركة في مجالات الزراعة والاقتصاد والريّ.
وتأتي زيارة الوفد الإسرائيلي في وقت تشهد فيه الساحة السياسية حالة من الركود في انتظار إعادة تشكيل الحكومة الانتقالية بشقَّيها: مجلس الوزراء و«المجلس السيادي»، إنفاذاً لـ«اتفاق سلام جوبا»، الذي يقتضي إعفاء عدد من الوزراء لاستيعاب منسوبي الحركات المسلّحة، وإضافة مقاعد إلى «مجلس السيادة» للغرض نفسه. وفي هذا الإطار، لا يستبعد مراقبون أن يدفع دمج قادة الحركات المسلّحة في الحكومة الانتقالية عملية التطبيع نحو نهاياتها، إذ إن عدداً من منسوبي تلك الحركات من أبناء إقليم دارفور هاجروا إلى إسرائيل منذ عدّة أعوام بعد تفجّر الأوضاع في الإقليم.
في هذا الوقت، تسود حالة من الإحباط الشارع السوداني جرّاء فشل الحكومة المدنية في تحقيق أهداف الحراك الشعبي والحفاظ على مكتسباته، بالإضافة إلى الضائقة المعيشية التي يمرّ بها المواطنون بفعل غلاء الأسعار الناجم عن الارتفاع غير المسبوق في معدّل التضخم، وندرة السلع الرئيسة من خبز ووقود.
اللواء
رسالة عون للمجلس: تغطية على إفشال التأليف أو إعادة التعويم!
اشتباك حاد بين برّي وجعجع وباسيل حول قانون الانتخاب.. ولجنة كورونا تتجه لإعادة فتح البلد الإثنين
في وقت غرق فيه ملف تأليف الحكومة في سبات عميق، ويكاد ينام في «جارور النسيان» إن لم يكن الإهمال، ملأت رسالة الرئيس ميشال عون إلى رئيس مجلس النواب، والتي هي أشبه برمي الكرة الى المجلس النيابي، غداة مغادرة مسؤولي شركة الفاريز ومارسال للتدقيق المحاسبي لبنان من دون أي لقاء مع المسؤولين، لا في بعبدا ولا في وزارة المال.
في رأي مصادر سياسية ان تركيز رئيس الجمهورية ميشال عون على ايلاء موضوع التدقيق الجنائي المالي الأهمية اللافتة في هذا الظرف الصعب والدقيق الذي يمر به لبنان حاليا، بعد فشل تطبيق قرار الحكومة وانسحاب شركة التدقيق المكلفة بمهمة تطبيقه، وصولا إلى حد توجيه رسالة من قبل رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لمناقشة هذا الموضوع، يؤشر بوضوح الى محاولة مكشوفة لاثارة حملة من الضجيج السياسي والاعلامي لحجب الأنظار والاهتمام عن المسؤولية المباشرة للرئيس عون في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، والظهور امام الرأي العام بمظهر الحريص على مكافحة الفساد والهدر في ادارات ومؤسسات الدولة، خلافا للواقع وللممارسة والاداء طوال السنوات الماضية.
وفي اعتقاد المصادر ان عون يحاول من خلال رسالته تحميل المجلس النيابي مسؤولية فشل تنفيذ قرار التدقيق الجنائي، وحمله على إقرار تشريعات بهذا الخصوص، في حين ان مسؤولية إتخاذ اي قرار من هذا النوع تقع ضمن صلاحيات الحكومة وبالتالي قد يؤدي خوض مجلس النواب في هذه المسألة الى انقسام بين أعضائه يستحيل معه إقرار اي تشريع بخصوصه، ولذلك سيقتصر الامر على مناقشة عامة لرسالة عون.
واعتبرت المصادر المذكورة انه كان على رئيس الجمهورية لو كان بالفعل يريد تنفيذ وعوده بالاصلاح ومكافحة الفساد، تحصين قرار التدقيق الجنائي بإخراجه من سلوكية الكيد السياسي لفريقه وباقرار التعديلات اللازمة على القوانين المانعة لتنفيذه وشموله جميع الوزارات والادارات الرسمية بدلا من حصره بمصرف لبنان وقبل كل شي افراجه عن مرسوم التشكيلات القضائية. ولذلك، لن يحجب هذا الضجيج السياسي والصخب مهما ارتفعت حدته مسؤولية رئيس الجمهورية بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، التي تشكل في رأي الناس مطلبا ملحا للمباشرة بالصلاحات ومكافحة الفساد وحل الأزمة المالية والاقتصادية التي تضغط على معيشة المواطنين بقوة، بينما يبقى موضوع التدقيق الجنائي اقل اهمية.
مضمون الرسالة التي تلقفها الرئيس نبيه برّي فوراً، ودعا إلى جلسة لمناقشة مضمونها بعد غد الجمعة، يتمحور حول دعوة النواب إلى «التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقا للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح لبنان، لا سمح الله، في عداد الدول المارقة او الفاشلة في نظر المجتمع الدولي».
وعرض الرئيس عون في رسالته، «المراحل التي قطعها اقرار التدقيق المحاسبي الجنائي منذ 24 آذار الماضي والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في هذا الصدد، وصولا الى التعاقد مع شركة «الفاريز ومارسال» للقيام بمهمة التدقيق الجنائي تنفيذا لقرار مجلس الوزراء».. بهدف «اكتشاف عمليات الاختلاس والتزوير ونهب المال العام، واسترداد الأموال المنهوبة أو المغسولة ومحاسبة المرتكبين».
وبما أن ما حدث، بتفاصيله ومضامينه ومعانيه كافة، إنما يشكل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة وموروثة ومتناسلة ومتفاقمة، جراء أحداث مأساوية عصفت بنا، ومنها على الأخص جائحة كورونا التي اجتاحت العالم ولم توفرنا، وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لا بل أكثر من ذلك حالت هذه الانتكاسة الخطيرة دون أن يعرف الشعب اللبناني الذي هو صاحب السيادة ومصدر كل سلطة والمعاني معاناة بلغت أو تكاد حدود اليأس، من هدر أمواله، كما أسدل ستار حاجب للرؤية على المسؤولين عن مصالح هذا الشعب، ونحن في مقدمتهم، لتحديد مكامن الهدر والمرتكبين على المستويات كافة، وملاحقتهم واسترداد الأموال المنهوبة، وملازمة موجب الشفافية الكاملة في إدارة المال العام من دون أي حماية أو حصانة من أي نوع كانت، وبما أن الأدهى أن التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان بات أيضا من مستلزمات تفاوض الدولة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي ومن أبرز بنود المبادرات الدولية للانقاذ والإصلاح في لبنان، وأخصها المبادرة الفرنسية.
وجاء في الرسالة الرئاسية إلى الرئيس بري: نتوجه اليكم بهذه الرسالة لمناقشتها في المجلس وفقاً للأصول واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار بشأنها، ما يستدعي التعاون مع السلطة الإجرائية التي لا يحول تصريف الأعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة، وذلك من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان وانسحاب هذا التدقيق، بمعاييره الدولية كافة، الى سائر مرافق الدولة العامة، تحقيقا للإصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح لبنان، لا سمح الله، في عداد الدول المارقة أو الفاشلة في نظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مكامن الهدر والفساد الماليين اللذين قضيا على الأموال الخاصة والأموال العامة معا.
وهي الثانية بعد الرسالة المتعلقة بتفسير المادة 95 من الدستور، وخلال فترة وجيزة.
وتلقف الرئيس بري رسالة عون فوراً ودعا الى جلسة عامة تعقد في الثانية من بعد ظهر الجمعة المقبل، في قصر الاونيسكو، «وذلك إنفاذا للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور، والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس، لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية لإتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب».
وعليه، تنشط الاتصالات قبيل الجلسة، بين الكتل النيابية، لتقرير ما يترتب ان لجهة المشاركة أو ما يمكن ان تؤول إليه المناقشات، في ضوء توجه بعبدا إلى إعادة تعويم حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة.
فيتو على تمثيل الحزب
حكومياً، في حين ينتظرالوسط الرسمي والسياسي زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا في الساعات القليلة المقبلة لمناقشة آخر المقترحات والصيغ حول تشكيل الحكومة، أوحت الاجواء بان تشكيل الحكومة دونه عقبات داخلية سياسية شكلية حول الحصص وخارجية اعمق تتعلق برفض توزير اي مقرب من حزب الله حتى ولو من باب تسمية شخصية غير حزبية وغير محسوبة على الحزب.وترددان الاميركيين ابلغوا لبنان برفضهم هذا عبر اقنية دبلوماسية اوروبية رفيعة المستوى، فبات لا مسودة ولا نقاش في اي شأن حكومي.
وإستغرب تكتل لبنان القوي «البطء المتمادي في عملية تشكيل الحكومة، وإعتبر ان أسباب التأخير أصبحت معروفة من الرأي العام، وهي غير مقبولة بشقيها الداخلي والخارجي، فلا شيء يمنع تشكيل الحكومة باعتبار ذلك قراراً سيادياً وطنياً ولا يجوز ربطه بالخارج بأي صورة من الصور، ومن غير المسموح استخدام الوضع الاقتصادي المتأزم ذريعة للإخلال بالتوازنات والوحدة الوطنية».
قانون الانتخاب
والموضوع الثاني، الذي يشغل الأوساط النيابية والسياسية إلى الخلاف الدائر حول قانون الانتخاب، وتعقد اللجان المشتركة اليوم جلسة لمناقشة اقتراح القانون الانتخابي الذي تقدمت به كتلة التنمية والتحرير في إطار اعداد قانون جديد للانتخابات النيابية.
وعشية الجلسة، رفع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس السقف عاليا في وجه خطوة الرئيس بري فتح اوراق القانون. فقال عقب اجتماع لتكتل الجمهورية القوية في معراب «ان ما يحصل بخصوص موضوع قانون الانتخاب مؤامرة كبرى». وسأل بأي منطق يطرح قانون الانتخاب اليوم في عز الازمة التي نعيش؟ القانون الحالي أقرّ قبل 3 سنوات لا اكثر، ولماذا يطرح قانون الانتخاب في ظل الانقسام السياسي الحاد؟ واردف «سنشارك في جلسة اللجان غدا وسنقول من الداخل ان ما يحصل مؤامرة لان لا تفسير آخر لذلك»، متحدثا عن تقاطع لا تحالف مع التيار الوطني الحر في رفض طرح قانون الانتخاب اليوم.
كذلك توقف تكتل لبنان القوي «عند طرح تغيير قانون الانتخابات النيابية، وأكد في هذا السياق انه لن يفرّط بنضال السنوات الطويلة التي أوصلته الى قانون يصحّح التمثيل النيابي، واي بحثٍ في هذا الأمر لن يكون مقبولًا من جهتنا، الاّ من ضمن حل متكامل لتطوير النظام وتعديل الدستور بإقامة الدولة المدنية بكل مندرجاتها وباعتماد اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة».
الاقفال بين السلطة والهيئات
والموضوع الثالث، الذي ملأ الاهتمامات، تمثل بترصد الإجابة عن سؤال يتعلق بالقرار المتعلق بالاكتفاء بالاقفال العام لاسبوعين أم التمديد لفترة إضافية، وسط نزوع قوي للاكتفاء بالاسبوعين..
ونظراً للمخاطر المالية المحدقة بالقطاع التجاري والقطاعات الفندقية والسياحية بما فيها المطاعم والمقاهي، عقد اجتماع وصف «بالتشاوري والتشاركي» في مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي، حضره وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ووزير الداخلية محمّد فهمي، ورئيس المجلس الاقتصادي شارل عربيد، ورئيسا لجنتي الاقتصاد والصحة فريد البستاني وعاصم عراجي، وأمين المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر.. بالإضافة إلى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.
كما حضره رئيس الهيئات الاقتصادية محمّد شقير ورئيس تجار بيروت نقولا الشماس، ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، ونقيب المطاعم طوني الرامي، ومدير مستشفى الحريري فراس الأبيض ونائب رئيس المجلس حميدي صقر.
واوحت مداخلتا فهمي وحسن ان اللجنة الوزارية العليا تتفهم الواقع المأساوي للقطاعات المشاركة، داعياً لتعاون الحكومة والمجتمع والمواطنين لتخطي الأزمة.
ورأى حسن انه مهما استمر الاقفال من دون الاعتماد على السلوك الفردي فلن نحقق الهدف، مشيراً إلى تحقيق أهداف من وراء الاقفال، كرفع اعداد الأسرة للعناية الفائقة، وتخفيض اعداد المصابين في القطاع، وتقييم واقع الوباء خلال أسبوعين.
وأكّد شماس عدم القدرة على الاستمرار بالاقفال فيما التجارة الالكترونية تسيطر على حاجيات المستهلك.
وحذرالاشقر من اقدام القوى الأمنية على اقفال بعض المطاعم.
وأكّد الرامي الالتزام بقرار يُشارك فيه القطاع.
إلى ذلك، بحث المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قضايا مشتركة، إضافة إلى نتائج زيارته الأخيرة إلى واشنطن، في ضوء مهمة وفد دبلوماسي من وزارة الخارجية الاميركية وصل الى لبنان قبل يومين، والتقى اللواء ابراهيم، وتناول البحث زيارته الاخيرة الى واشنطن وما رافقها من اخبار وتحليلات. واكد الوفد «ان الثقة والتقدير اللذين يتمتع بهما المدير العام للامن العام لدى الادارة الاميركية، ايا تكن التوجهات، ينبعان من مصداقية اللواء ابراهيم وادائه في كل الملفات التي عمل عليها بالشراكة مع نظرائه في الولايات المتحدة الاميركية، وصولا الى العلاقة مع المستشار القومي روبيرت اوبراين».
مالياً، وبعدما رفض فريق شركة الفاريز ومارسال تلبية الدعوة لاجتماع في بعبدا مع الرئيس عون والفريق الرسمي، غادر مسؤولو الشركة لبنان أمس، وسط تخبط غير مسبوق لدى السلطة السياسية، ويأتي هذه التطور مع بدء العد التنازلي لتقلص حجم العملة الصعبة في لبنان.
وأمس، اجتمع مجلس إدارة جمعية المصارف، استعداداً للاجتماع الشهري مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المتوقع ان يعقد خلال الـ24 ساعة المقبلة.
فضيحة الطحين
وتفاعلت قضية بيع الطحين العراقي بقوة أمس، على نحو فضائحي، وفي ضوء ان اطنان الطحين ما تزال مرمية فوق المياه المبتذلة، الأمر الذي دفع بنقابة المخابز والأفران إلى التأكيد ان نوعية الطحين العراقي جيدة، وهي تستخدم في صناعة الرغيف.
قرار لمصلحة النّاس
صحيا، ناقشت اللجنة الوزارية لمتابعة ملف كورونا، التدابير الصحية والإحترازية للحد من إنتشار الوباء وذلك خلال إجتماعها في السراي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وفي خلال الإجتماع عرض وزير الصحة للخطة الصحية المتعلقة برفع عدد الأسرة في المستشفيات، الحملات الميدانية المتنقلة، الفحوص السريعة، عزل الحالات المصابة وغيرها من الإجراءات. كما تم تقويم التقارير المقدمة من وزارة الصحة، والتي تشير إلى تحسن طفيف في نسبة عدد المصابين بكورونا، وتم التأكيد على متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة، على أن تعقد اللجنة اجتماعا بداية الشهر المقبل لمتابعة ضبط نسبة الإصابات». واعلن وزير الصحة حمد حسن ان «اللجنة الصحية ستجتمع اليوم وسنأخذ قراراً لمصلحة الناس والمجتمع».
118664
على صعيد الإصابات، ذكرت وزارة الصحة العامة عن 1188 إصابة جديدة بفايروس كورونا في لبنان و23 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 118664 إصابة منذ 21 شباط 2019.
وكشف نقيب الأطباء ان ستة أطباء توفوا حتى تاريخه بسبب اصابتهم بفايروس كورونا و20 طبيباً حالياً في العناية المركزية وما لا يقل عن 200 في الحجر المنزلي أو الاستشفائي.
وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ان مجموع محاضر مخالفات قرار التعبئة العامة المنظمة اعتباراً من تاريخ 14/11/2020 ولغاية مساء 24 ت2 بلغ 28698 محضراً.
المصدر: صحف