رأى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن “استقلال لبنان لا يعني نهاية الانتدابِ الفرنسي فقط، بل خروج لبنان من سياسة المحاور الى سياسة الحياد، فلا ينحاز تارة إلى الشرق وطوراً إلى الغرب”. وخلال ترؤسه قداس الأحد في بكركي، قال الراعي إنه “لذلك شدد بيان حكومة الاستقلال على أن لبنان يلتزم الحياد بين الشرق والغرب. ودلت تجربة لبنان بعد استقلاله، أنه كلما كان يلتزم الحياد كان استقلاله ينمو، واقتصاده يزدهر. وكلما كان ينحاز كان استقلاله يخبو واقتصاده يتراجع. وها هو الواقع الحالي المتداعي يكشف مدى الدمار الوطني والسياسي والاقتصادي والأمني الذي أسفرت عنه ولا تزال سياسة الانحياز”.
وتابع الراعي “عيد الإستقلال، ولو أتى جريحا ومهشما، فإنا ما زلنا نعول على إرادات حسنة مخلصة للوطن تعمل على استعادة قرار الدولة المستقل، وبناء دولة جيشها واحد لا أكثر، وقوميتها واحدة لا أكثر، وولاؤها واحد لا أكثر؛ دولة حدودها محصنة، وسيادتها محكمة، وشرعيتها حرة، ودستورها محترم، وحكومتها استثنائية إنقاذية قادرة على النهوض بالبلاد، وعلى كسب الثقة الداخلية والخارجية العربية والدولية؛ دولة تعيد بناءها الداخلي على الدستور والميثاق نصا وروحا؛ دولة تصلح الخلل في هويتها الأساسية: العيش المشترك كمشاركة متوازنة بين المسيحيين والمسلمين في حياة الدولة لا كمحاصصة بين أفراد سياسين نافذين؛ الديمقراطية بشقيها الموالاة والمعارضة، لا الأكثرية والأقلية وطغيان الواحدة على الأخرى وشل الحياة العامة؛ تحقيق الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، تأمينا لوحدة الدولة وإستقرار النظام”.
هذا ورأى البطريرك الماروني أنه “ضاق صدر اللبنانيين جميعاً بانتظار حكومة جديدة تفرج البلاد. الكل يعلم أن عرقلة التأليف في العودة إلى نغمة الحصص والحقائب والثلث المعطل وتعزيز فريق وتهميش أفرقاء؛ هذا الأسلوب عزز الفساد والإستيلاء على المال العام وهدره، وأوصل الدولة إلى حالة الإنهيار والإفلاس”، متسائلاً “هل يدرك المعطلون أن الناتج المحلي انحدر هذه السنة من 54 مليار دولار إلى 25، وأننا خسرنا سنة إصلاح لا تقدر بثمن؟ إذا تشكلت الحكومة على صورة سابقاتها، سينتج منها الخراب الكامل”، مشيراً إلى أن “الغريب أنهم يرفضون المشورة والرأي والنصيحة والملاحظة، ويتصرفون خلافاً للدستور الذي ينص على أن تمثل السلطة الإجرائية الطوائف بصورة عادلة، لا القوى السياسية ولا أحجام قوى سياسية، ولا كتل نيابية. فالهدف من تمثيل الطوائف إنما لتوفير الأمن النفسي بعدم الإقصاء والعزل”، حسب قول الراعي.
من جهة ثانية، تساءل الراعي “ما القول عن ضحايا ومنكوبي انفجار مرفأ بيروت، والصمت بشأن التحقيق العدلي مطبق حتى الآن، وقد مر ما يقارب الأربعة أشهر؟ لماذا لا يشمل هذا التحقيق كل المعنيين إلى أقصى حدود المسؤوليات، ولو كشهود؟”، لافتاً إلى إن “جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن تستثني أحداً مهما علا شأنه”.
المصدر: الوكالة الوطنية