أكد وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله في حيدث الى مجلة “صدى المشرق” التي تصدر في كندا، “أننا في لبنان نعلق أهمية كبيرة على أهلنا في بلاد الاغتراب، فهم سند قوي لنهضة لبنان”. ودعا المغتربين إلى “الابقاء على ثقتهم بلبنان”، مشيرا إلى “مرور عواصف عاتية كثيرة وخرج لبنان منها أقوى”، ولفت إلى “وجود تشريعات وقوانين تحفظ حقوق المستثمرين بالكامل، كما وقعت الوزارة مع المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان (إيدال) مذكرة تفاهم لتقديم الحوافز للمستثمرين الصناعيين، وهي تعمل مع الحكومة والمجلس النيابي من أجل حوافز أخرى”.
وأشار إلى أنه “يفرحنا أن تكون المنتجات الغذائية اللبنانية موجودة في كندا وهذا دليل على جودة المنتج اللبناني وتصنيعه وفق المواصفات العالمية”، ووعد بالعمل على “تطوير تصدير صناعات أخرى إلى بلاد الاغتراب وخصوصا إلى كندا بمساعدة رجال الأعمال اللبنانيين في كندا، وهم ناجحون جدا، بالإضافة إلى أن نجاح اللبنانيين في الدخول إلى السياسة في كندا وتوليهم مراكز نيابية وغيرها سيسهم في تفعيل العلاقات نحو الافضل”.
وقال: “منذ اللحظة الأولى التي توليت فيها مهام وزارة الصناعة، كنت أدرك جيدا الوضع الذي يتخبط فيه قطاع الصناعة في لبنان، ومستوى التجاهل الذي يعانيه هذا القطاع منذ عقود من قبل السياسات السابقة. كما أني كنت أدرك أهمية الصناعة كقطاع داعم للاقتصاد الوطني، كما في تحقيق الأمن الصناعي والغذائي والاجتماعي. وأهميته في عملية الانتقال بالاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي الى اقتصاد إنتاجي. ولا يمكن النهوض بهذا القطاع إلا من خلال سياسة وطنية واضحة مبنية على أسس متينة ومؤاتية للنهوض الصناعي، ما يتطلب منا كحكومة أن نحدد الأهداف التطلعية، الواقعية المتقدمة”.
الخطة الصناعية
أضاف: “ولتحديد الأهداف الاستراتيجية والقصيرة المدى لا بد من تحديدنا، كوزارة، استراتيجيتنا، وإطلاق خطة صناعية ضمن خطة اقتصادية متكاملة بالتعاون بين وزارات الصناعة والزراعة والصحة والسياحة والاقتصاد والمال والوزارات والقطاعات الأخرى. من هنا عملنا مع فريق عملي في الوزارة، ومع الجهات ذات المصلحة، على وضع خطة متكاملة للنهوض الصناعي مع برامج تنفيذية قصيرة ومتوسطة وبعيدة الأمد، تهدف في ما تهدف لرفع مستوى ثقة المستثمرين، وهذا ما قدمناه للشعب اللبناني وللمستثمرين اللبنانيين والعرب والدوليين”.
وأوضح أنه “جاءت الخطة مبنية على المحاور الآتية:
– تحسين مكانة بيئة الأعمال في لبنان، وبالأخص بيئة الأعمال الصناعية، وتسهيل ممارسة الأعمال التجارية من خلال إقرار قوانين جديدة وتعديل قوانين نافذة مثل قانون حماية المستهلك، وقانون حماية الملكية الفكرية، وقوانين وأنظمة وإجراءات مكافحة الفساد، مع تعميم الشفافية وتبسيط الإجراءات.
– تحديد أولويات الاستثمارات في القطاعات الصناعية المختلفة، بدءا من صناعات إحلال الواردات أو المنتجات المستوردة، والصناعات الغذائية الزراعية، وصناعات المعرفة، وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الرقمية، وصناعة الأدوية، وصناعات المجوهرات وتصميم الأزياء والأثاث، وصناعات المنتجات الجديدة.
– تطوير بيئة صناعية حاضنة للنمو الصناعي من خلال إنشاء مناطق صناعية عبر المناطق اللبنانية، مجهزة بأحدث البنى التحتية التي تعمل بالطاقة البديلة الخضراء، والمتصلة عبر شبكة سكك حديدية حديثة، وميناء جافة لمنطقة حرة، مع تأمين حاضنات للابتكار.
– خفض التكاليف الصناعية والرسوم، وتوفير حوافز أخرى للصناعيين والمستثمرين إن كان من ناحية رسوم البناء، أو ضرائب الدخل للأفراد والمؤسسات، أو الضريبة على القيمة المضافة، أو إعفاءات صندوق الضمان الاجتماعي.
– البناء على القدرات البشرية اللبنانية المميزة، والتعاون والتشارك مع المؤسسات التربوية على تطويرالبرامج التربوية والمهنية والأبحاث والعمل والتدريب.
– تحسين مستوى ثقة المستثمرين، وتسهيل الوصول إلى السيولة والأموال، وتشجيع التمويل والاستثمارات من خلال صناديق الاستثمار والمصارف المتخصصة لدعم الاستثمارات، وشراء المواد الخام والمواد الأولية والاساسية”.
التواصل مع المغتربين
وعن الخطوات للتواصل مع الدبلوماسيين والمغتربين للاستثمار في صناعة لبنان، قال: “قوة لبنان بجناحيه المقيم والمغترب. وهذا التفاعل بينهما جعل لبنان حالة فريدة ومميزة بين الدول. وهذه المعادلة ما زالت قائمة ولا يمكن أن تزول في حال وقوع أزمة ما، مهما كانت كبيرة أو صغيرة. ونحن في لبنان نعلق أهمية كبيرة على أهلنا في بلاد الاغتراب، فهم سند قوي لنهضة لبنان. وتعلمون أن عددا من الملحقين الاقتصاديين عينوا في سفارات لبنان في الخارج ليضطلعوا بدور أساسي في ربط لبنان بالخارج، اقتصاديا وصناعيا وتبادليا. ونحن ننسق مع وزير الخارجية على هذا الصعيد. كما أن اللبناني هو سفير لبلاده أيضا حيث هو في الاغتراب، فإننا نعتبر السفير اللبناني سفيرا للصناعة الوطنية، يبذل الجهود ويوظف العلاقات من أجل فتح الأسواق أمام الصناعة اللبنانية. كما نعمل مع وزير الخارجية للتواصل مع السفراء اللبنانيين في الخارج ومع المستثمرين اللبنانيين في بلاد الاغتراب لوضع الخطة بين يديهم، وشرحها لهم، والاجابة على تساؤلاتهم، وتطمينهم وتشجيعهم على الاستثمار”.
وعما إذا هناك فرصة حقيقية للاستثمار في هذه الظروف، أجاب: “الفرص مؤاتية دائما للاستثمار في أي ظرف كان، حتى في زمن الحروب نجد بعض المستثمرين يوظفون أموالهم. صحيح أن الرأسمال جبان كما يقال، ولكن لبنان لن يبقى في هذه الأزمة وسيخرج منها معافى والذي يوظف الآن يربح الوقت ويبني للمستقبل”.
أضاف: “أما من ناحية الاستثمار الصناعي فلقد قامت الوزارة بدراسة جداو عديدة، وهي تقوم بدراسة جداو أخرى للبحث فيها مع المستثمرين، ولتكون دعما وعونا للدراسات التي يقوم بها المستثمرون لاتخاذ قراراتهم بالاستثمار”.
ضمانات للمستثمرين المغتربين
وعن الضمانات التي يمكن تقديمها للمستثمرين المغتربين في القطاع الصناعي، قال: “لا ننسى أن الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد ليبرالي حر، وهذه ميزة تقدم لبنان وتميزه عن العديد من دول الجوار. كما يجب التركيز على موقع لبنان الجغرافي المميز كصلة وصل بين الشرق والغرب، إضافة إلى قدرات اللبنانيين والطاقات البشرية، ووجود تشريعات وقوانين تحفظ حقوق المستثمرين بالكامل. هذه كلها عناصر قوة للمستثمر، خصوصا في القطاع الصناعي الواعد الذي يحظى بدعم مطلق من الدولة والحكومة والمجلس النيابي. أهمية لبنان أيضا في وجود مرفأ بيروت، الذي يعتبر من أهم المرافىء في المتوسط، ويؤمن خدمات مميزة للشحن، وهذه ميزات تفاضلية للاستثمار. ولقد وقعت الوزارة مع المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان (إيدال) مذكرة تفاهم لتقديم الحوافز للمستثمرين الصناعيين. وهي تعمل مع الحكومة والمجلس النيابي من أجل حوافز أخرى”.
وعن الحوافز التي تقدمها الوزارة للراغبين في الاستثمار في لبنان، قال: “دور وزارة الصناعة يقوم على رعاية واحتضان ودعم القطاع الصناعي في لبنان. وكما تعلمون، الصناعة في لبنان تقوم على المبادرة الفردية، وأغلبية المؤسسات الصناعية هي مؤسسات عائلية وصغيرة ومتوسطة الحجم، ولا يعني ذلك عدم وجود صناعات كبيرة.أهم حافز تقدمه الوزارة هو وجود شباك موحد لمنح الترخيص الصناعي لإقامة مصنع جديد. ولقد حفزنا هذا الشباك بحيث يعطى الترخيص بسرعة مع الأخذ بالاعتبار النواحي القانونية المطلوبة. ونتيجة للترخيص يحظى المستثمر بخدمات أخرى، كالشهادة الصناعية التي تتيح له التصدير، وتسجيل آليات المعمل، والحصول على تعرفة كهربائية مخفضة. كما تقدم الحوافز التالية للاستثمارات الصناعية الجديدة مع إيدال: إعفاء بنسبة 100% من ضريبة الدخل والضريبة على الأرباح، إعفاء بنسبة 100% من رسم تسجيل عقار المصنع، إعفاء بنسبة 50% من رسوم البناء وإعفاء من بدل حصة رب العمل (بنسبة 23%) للضمان الإجتماعي لسنتين أو أكثر”.
وعن تغريدته أن “مهنا كثيرة ستعتمد على الإنترنت”، رأى أن “عالم الانترنت واسع جدا ويعتمد على صناعات المعرفة والتكنولوجيا وهي صناعة الغد. أحث الصناعيين على توسيع صناعاتهم القائمة والإبداع فيها وتطويرها، كما أشجع على إقامة صناعات معرفية وتكنولوجية جديدة تدخل في عالم الاتصالات والتكنولوجيا والبرمجيات، وهي مطلوبة كثيرا في الخارج، ويمكن المنافسة فيها بسبب براعة اللبنانيين وعلمهم وتخصصاتهم وإتقانهم اللغات الاجنبية. وإن الوزارة جاهزة للبحث في الخيارات الاستثمارية ودراسة الجدوى مع المستثمرين”.
الاقتصاد وكورونا
أما بالنسبة لتغريدته الأخيرة أن “كورونا معنا لمدة طويلة”، داعين الناس “للتجهز لأيام صعبة”، وهل هذا الأمر قد يثير مخاوف الذين يريدون الاستثمار، أجاب: “بالعكس. هذا الموقف ينم عن مسؤولية وتبصر للمرحلة المقبلة. وهو لا يجب أن يثير مخاوف المستثمرين من كورونا، الجرثوم العالمي، ولبنان من أنجح البلدان في مكافحته. أما الايام الصعبة المقبلة فلا علاقة لها بالاستثمار، بل إن الاستثمار مطلوب بإلحاح للمساعدة على إيجاد فرص عمل جديدة. كورونا ستبقى معنا على مدى الكرة الأرضية، لا في لبنان وحده. وانا أنبه الناس إلى ان هذا الوضع سيؤثر على بيئة الأعمال دوليا، وعلينا التعامل معه كواقع لن ينتهي قريبا، ما يفرض تعديلات في برامج حياتنا وأعمالنا”.
أضاف: “الأمل دائما موجود والعلم في تطور دائم، وكونه أصبح وباء عالميا، فالتنافس كبير بين كبريات المختبرات وشركات الدواء العالمية على إيجاد علاج للجرثوم. وإن شاء الله يتمكن العلم سريعا من اكتشاف المضادات الحيوية لهذا الجرثوم”.
وعما إذا كان يتحمل لبنان الأعباء الاقتصادية التي خلفها ويخلفها كورونا في ظل العجز الكبير والتجاذبات الداخلية والضغوطات الخارجية، قال: “الأزمة الاقتصادية في لبنان كبيرة جدا، وهي قبل كورونا، وهي نتيجة السياسات السياسية والاقتصادية والمالية الخاطئة المعتمدة طيلة السنوات الماضية. تسلمت حكومتنا المسؤولية وقبلت التحدي لإخراج لبنان من أزمته، وهذا ما تقوم به من خلال وضعها خطة للنهوض الاقتصادي، تناقشها الآن مع صندوق النقد الدولي. لا ننكر أن تداعيات الازمة اقتصاديا واجتماعيا كبيرة، لكن الحكومة تعمل جاهدة للتخفيف من وطأتها. وعند إقرار الخطة وبدء تلقي المساعدات نعول كثيرا على إعادة الثقة وبنائها على أسس متينة وشفافة وموضوعية”.
وأعرب عن فرحته أن “تكون المنتجات الغذائية اللبنانية موجودة في كندا، وهذا دليل على جودة المنتج اللبناني وتصنيعه وفقا للمواصفات العالمية. ونأمل، وسوف نعمل على تطوير تصدير صناعات أخرى إلى كندا بمساعدة رجال الأعمال اللبنانيين في كندا، وهم ناجحون جدا. إضافة إلى أن نجاح اللبنانيين في الدخول إلى السياسة في كندا وتوليهم مراكز نيابية وغيرها سيسهم في تفعيل العلاقات نحو الافضل”.
وختم متوجها إلى المغتربي اللبنانيين بالقول: “أعود للتأكيد على أن قوة لبنان بجناحيه المقيم والمغترب. والاغتراب كان الركيزة والدعم والسند للبنان طيلة سنوات وسنوات. ونحن نفتخر باللبنانيين المغتربين أينما حلوا فنجحوا وبرعوا وتقدموا، ورفعوا اسم لبنان عاليا. نهنئهم على نجاحاتهم في الميادين العلمية والطبية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها. أدعوهم إلى الإبقاء على ثقتهم بلبنان، فلقد مرت عواصف عاتية كثيرة وخرج لبنان منها أقوى”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام