قد تكون واشنطن وبكين مستعدتين لتوقيع اتفاق تجاري في مرحلته الأولى، لكن يبدو أن الشركات الصينية غير مستعدة للمخاطرة، إذ تمضي قدما في وضع خطط طوارئ في حال تجددت حرب الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وعبّر مُصَنِّعون ومنتجون في مقابلات عن تخوفهم من إهمال الاتفاق الذي سيوقع بعد غدٍ الأربعاء في واشنطن، عبر مناورة أخرى من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبعيدا من انتظار الاتفاق برضى، فإن كثيرا من المُصَنِّعين، بمن فيهم مستثمرين أجانب، يترقبون الأسوأ عبر البحث عن فرص دولية جديدة، والسعي لتطوير حضورهم في السوق الصينية، أو مغادرة الصين.
ويضع الاتفاق المرحلي حدا للتصعيد في الحرب التجارية الدائرة منذ 2018 بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
وحتى مع امتناع واشنطن الشهر الماضي عن فرض رسوم جمركية عقابية جديدة على البضائع الصينية، فإن الشركات العاملة في الصين لا تزال تعاني من الرسوم المفروضة سابقا والتي أدت إلى تراجع الطلب.
ولا تزال واشنطن تفرض رسوما جمركية بقيمة 25 في المئة على بضائع تمثل نحو 250 مليار دولار من الواردات السنوية الصينية الصنع.
وقال ألفرد ونغ، الرئيس المدير العام لشركة «دي أند اس برودكتس مانيفاكتوري»، وهي شركة في هونغ كونغ تملك مصنعا في البر الصيني «حتى في حال وقع الاتفاق الأولي، لا نعرف حقا كيف ستتطور الأمور لاحقا».
ونقلت شركته بالفعل ثُلُث انتاجها إلى سريلانكا في سبتمبر/أيلول، وهي متخصصة في تصنيع منتجات لحماية الاطفال وبطاقات المعايدة.
وانهارت الطلبات في 2019 بسبب الشكوك المحيطة بالزيادة المحتملة في الرسوم الجمركية. وأكد ألفرد ونغ ان الزبائن أوقفوا تواصلهم بمن لم ينقل مقر عمله لتقليص المخاطر.
وتوقع أنه «حتى في حال عدم إعادة انتخاب ترامب، يمكن دائما للولايات المتحدة الحاق الضرر بالصين». وأضاف «لن نعود أبدا للوضع القائم قبل الحرب الاقتصادية».
وشرح جايسن لي، الرئيس والمدير العام لشركة «إفرسكيل ام اند اي» المتخصصة في تصنيع القطع المعدنية، ان السوق الأميركية كانت تمثل قبل الحرب الاقتصادية 60 في المئة من مبيعات شركته، وقد انخفض الرقم إلى 40 في المئة، مما اضطَّره إلى البحث عن زبائن خارج الولايات المتحدة لتعويض جزء من النقص.
ولاحظ لي أنه «على المدى الطويل، فإن الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به كمنتجين صينيين هو تحسين منتجاتنا لضمان جودتها بالمقارنة مع المنافسين».
وعوض التصدير، تبحث شركة «سيلفر ستار» المُصَنِّعة للمكانس الكهربائية عن كسب موقع في السوق الصينية، خصوصا بواسطة البيع عبر الإنترنت.
وقال مدير العام لودفيع يي ان «الشركات الصغرى والمتوسطة مثلنا ليس لها تأثير في صوغ السياسات الاقتصادية الكبرى».
كما قررت بعض الشركات الحد من الابحاث والتطوير في ظل الشكوك السائدة. ويعني ذلك إصدار منتجات جديدة أقل وبالتالي عمل أقل للمقاولين الفرعيين.
وقال كيم نغ، المدير العام لشركة «كو فانغ» المُصَنِّعة لأدوات المطبخ، أنه سجل انخفاضا حادا في الطلبات. وذكّر ان الاتفاق الأولي سيخفّض الرسوم الجمركية من 15 في المئة إلى 7,5 في المئة فقط في ما يخص 120 مليار دولار من الاستثمارات، ما يعني مبلغا محدودا نسبيا. وأضاف أن «ترامب يهاجم الصين لتعزيز شعبيته، والآن حل عام الانتخابات الرئاسية. أنتظر إذن مفاوضات أكثر صعوبة» بين واشنطن وبكين.
وبالنسبة لإيريس بانغ، الخبيرة الاقتصادية في بنك «آي إن دي»، فإن خفض الرسوم الجمركية لن يفيد على الأرجح سوى «مجموعة محدودة جدا من المُصَدِّرين».
وثمة توترات على جبهات أخرى، خصوصا التكنولوجية، مع واشنطن التي تفرض عقوبات على عملاق الاتصالات الصيني «هواوي تِكنولوجيز».
وقالت بانغ «يبدو ان الامور تتجه إلى تصعيد في الحرب التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة، إذ لم يعد الأمر محصورا في حرب اقتصادية، بل هناك مقاومة عامة لتطوير الصين تكنولوجيا متقدمة».
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية