تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 10-10-2019 في بيروت العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..
الأخبار
الدولار بـ1610 ليرات… ومصرف لبنان لا يتدخّل
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “بالرغم من انخفاض مستوى القلق عند الناس، وبالتالي انخفاض الهجمة على شراء الدولار، إلا أن العملة الأميركية حافظت على أسعار مرتفعة مقابل الليرة اللبنانية، في محالّ الصرّافة. فقد سجّل أمس تداول للدولار عند الصرافين ما بين 1600 و1610 ليرات. وبالرغم من أن السوق كانت تفتتح بـ1540 ليرة، إلا أن هذا السعر بدا وهمياً لأنه كان يقترن بالإشارة إلى عدم توفر الدولارات، التي لم تظهر إلا بعد وصول السعر إلى 1600 ليرة، في أداء «عكسيّ» للسوق. وتأتي هذه الأسعار، في ظل استمرار مصرف لبنان في تجاهل هذا الموضوع والابتعاد عن لعب أي دور مع الصرافين، تأكيداً منه على ما أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسبوع الماضي عن أن ارتفاع سعر الصرف هو مشكلة بين الصرّافين والشركات لن يتدخل المصرف المركزي فيها. علماً أن المصرف استمر في تأمين الدولارات للمصارف، بالسعر الرسمي (1507 ليرات) التي استعملتها إما لتغطية عمليات الاستيراد أو لتمويل تحويلات كبار المودعين من الليرة إلى الدولار.
على ضفة الحكومة، بدا جلياً أمس أن لا همّ يعلو على همّ تحويل الموازنة إلى مجلس النواب في المهلة الدستورية التي لم تُحترم منذ ما قبل عام 2005. الحماسة لهذه الخطوة ليست مرتبطة تماماً باحترام الدستور، ثمة من يرى أهميتها من باب احترام المطالب الدولية. يصل أرباب السلطة إلى حد الاقتناع بأن مجرد إقرار موازنة في موعدها، حتى لو كانت خالية من أي إصلاح، كفيل بكسب الرضا الدولي، ولاسيما رضا القيّمين على «سيدر». ولذلك، تحوّلت لجنة الإصلاحات إلى لجنة لمناقشة الموازنة، بإصلاحاتها وإيراداتها ونفقاتها، على أن يستكمل أعضاؤها النقاش في مجلس الوزراء اليوم.
ينصّ الدستور على تحويل مشروع الموازنة إلى مجلس النواب يوم الثلاثاء الذي يلي 15 تشرين الأول. ولأن هذا التاريخ يصادف يوم ثلاثاء، فقد حصلت اللجنة أمس على فتوى دستورية، تعتبر أن المهلة تنتهي عملياً يوم الثلاثاء في 22 تشرين الأول. وفيما سبق وأعلن وزراء القوات أنهم لن يصوّتوا على الموازنة إذا لم يتم الاتفاق على الإصلاحات، فإن الوتيرة الحالية في نقاشات اللجنة، إذا ما استمرت، ستعني إقرار الموازنة مع تحفظ القوات. فاللجنة لم تقارب «الإصلاحات» المطلوبة من القوات، إن كان في مسألة ضبط الجمارك أو تعيين الهيئات الناظمة أو حتى النقاش في الاقتراحات المتعلقة ببيع أصول الدولة.
بعد اجتماع لجنة الإصلاحات، عقدت لجنة الكهرباء اجتماعاً وُصف بأنه كان منتجاً، بعد الاتفاق على معظم بنود دفتر الشروط. وعملياً، لم يبق إلا ثلاث نقاط عالقة يتوقع أن يتفق عليها قريباً: مسألة الأرض التي يُبنى عليها معمل سلعاتا، حيث يشهد اقتراح وزيرة الطاقة التخلي عن بناء المعمل على الأرض التي تملكها كهرباء لبنان معارضة كبيرة.
– المرحلة المؤقتة، التي زادت احتمالات تعديلها لناحية توزيع المعامل المؤقتة وكمية الطاقة. فثنائي أمل وحزب الله يصرّ على عدم إدخال الزهراني في تلك المرحلة، مقابل البدء مباشرة ببناء المعمل الدائم، ووضع كل المجموعات التي تُنجز تباعاً في الخدمة. لكن لأن هكذا خطوة يمكن أن تؤثّر على خطط زيادة التغذية بالتيار إلى 24 على 24، وبالتالي عدم القدرة على رفع التعرفة، أعلن وزراء أمل وحزب الله استعدادهم للموافقة على رفع التعرفة في حال وصلت التغذية إلى 20 ساعة يومياً. وعليه، فقد طلبت وزيرة الطاقة بعض الوقت لتبحث في إمكانية حصر المرحلة المؤقتة بمنطقة الشمال، ولتبيان إمكانية أن تكفي الطاقة المنتجة هناك لتأمين التغذية 20 على 24 لكل لبنان.
– التخلي عن ربط سعر الطاقة بالتضخم في لبنان وفي أميركا، وهو الاقتراح الذي عرضه الوزير كميل أبو سليمان ووافقت الوزيرة ندى بستاني عليه.
الجمهورية
لا تأكيدات لودائع عربية.. والإصلاحات خطوة الى الأمام وإثنتان الى الخلف
بدورها تناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “الباقي من عمر المهلة الدستورية لإحالة الحكومة مشروع موازنة 2020 قبل 15 تشرين الاول الجاري، 5 أيام. وكان يفترض ان يكون الاسبوع الجاري هو الاسبوع الاخير ليسلك هذا المشروع طريقه من مجلس الوزراء الى مجلس النواب، لكنّ الثابت حتى الآن انّ الوعد الذي أطلقته الحكومة بالالتزام بهذه المهلة، يبدو انه سينضَمّ الى عشرات الوعود التي ذهبت كلها أدراج الرياح، ولم تجد طريقها الى النفاذ، وهو الأمر الذي يطرح من جديد علامات استفهام وتشكيك بجدية السلطة في مقاربة الامور الاساسية. وفيما تَظَهّر على الخط السياسي الانقسام الحاد مجدداً على السطح الداخلي حول القانون الانتخابي، وهو ما عكسته المداخلات المتصادمة بين القوى السياسية خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس، كان خط الازمة الاقتصادية يشهد اعتصاماً للعسكريين المتقاعدين في وسط بيروت احتجاجاً على الازمة الاقتصادية، وعدم دفع مستحقات نهاية الخدمة للمُسرّحين الجدد والمساعدات المدرسية والمرضية، بالتوازي مع تحضيرات لتحركات تحذيرية حيث تنفذ الهيئات الاقتصادية اليوم إضراباً لساعة من الوقت رفضاً لأيّ زيادة في الضرائب، ويتواكَب ذلك مع أزمتين تبدوان مرشحتين للتفاعل والتصعيد في الايام القليلة المقبلة: الرغيف والدواء.
حتى الآن، ما زالت الحكومة تؤكد انها ستحيل مشروع الموازنة في ضمن المهلة الدستورية، الّا انّ مواكبة بعض الوزراء المعنيين بأمر الموازنة تؤكّد انّ الامر يتطلّب معجزة خلال الايام الخمسة الفاصلة عن موعد 15 تشرين الاول، لتخرج الموازنة من السجن الحكومي.
تحذيرات
وبحسب المصادر الوزارية، فإنّ هذه الموازنة ليست عالقة فقط في حسابات الارقام وتقديرات الواردات والنفقات وتحديد نسبة العجز، بل في نقاش ضمني بين النافذين في هذه السلطة، حول كيفية إيجاد الطريقة التي تُرفِق فيها ما تسمّيه “سلة الاصلاحات والخطوات الصعبة”، والتي تخفي في طيّاتها سلة ضرائب ورسوم.
وكشفت المصادر عن تحذيرات لقطاعات عمالية واقتصادية ونقابية تَرِد الى الجانب الحكومي، من إمعان السلطة في اللجوء الى التغطية على عجزها وتقصيرها، بالذهاب الى اسهل الحلول بمَد اليد على جيوب الناس، بدل الذهاب الى القرارات الاصلاحية الجريئة، إن كان ذلك حول القطاعات التي تشكل جرحاً نازفاً للخزينة وسببا اساسيا لتفاقم العجز، كالكهرباء على سبيل المثال، او حول محميّات الهدر والفساد، التي يبدو انها اقوى من السلطة، او شريكة معها؟
3 خيارات
وفي هذا المجال، علمت “الجمهورية” انّ نقاشاً يجري على مستويات وزارية ونيابية تشارك فيه مختلف القوى السياسية، يتمحور حول المفاضلة بين 3 خيارات:
الاول، إحالة مشروع موازنة 2020 الى مجلس النواب، كموازنة رقمية تحدد حجم النفقات والواردات.
الثاني، إحالة الاصلاحات المُلحّة والمطلوبة، عبر مجموعة مشاريع قوانين، تتناول كل قطاع محدد للاصلاح، وتُحال بالتوازي مع الموزانة الى مجلس النواب.
الثالث، إحالة موازنة شاملة للارقام والرؤية الاصلاحية.
وبحسب المصادر، فإنّ الخيارات الثلاثة ما زالت خاضعة للنقاش من دون حسم. ذلك انّ الخيار الاول قد يرسل رسالة سلبية الى المجتمع الدولي، الذي أكد ضمن مستوياته كافة، على موازنة كاملة وفاعلة وبرؤية إصلاحية ضرورية.
امّا الخيار الثاني، فإنّ عدم تضمين الموازنة الرؤية الاصلاحية، معناه انّ تأجيل الخطوات الاصلاحية الى ما بعد إقرار الموازنة، التي في حال أحيلت من الآن وحتى آخر الشهر الجاري الى المجلس النيابي، فإنها ستأخذ ما يزيد عن الشهر في اللجنة النيابية للمال والموازنة، اي انها قد تقرّ أواخر كانون الاول المقبل. الّا اذا أرسلت الحكومة مشاريع القوانين الاصلاحية في القريب العاجل، فيمكن إقرارها في جلسة تشريعية تُعقد في موازاة عمل اللجنة المالية في دراسة الموازنة، الّا انّ إعداد هذه المشاريع متعذّر حالياً، فدونه عقبات كبرى سياسية وغير سياسية.
امّا الخيار الثالث، فتشير المصادر الى تَهَيّب في إحالة موازنة شاملة للارقام والاصلاحات. فالمشكلة ليست في الارقام، بل في “عدم جرأة” اي طرف سياسي حتى الآن في مقاربة باب الاصلاحات. واللافت هنا انّ كل طرف يرمي هذه الكرة عنه وينتظر أن يلقيها الطرف الآخر، خصوصاً انّ الاصلاحات المحكي عنها تستوجب في معظمها فرض رسوم وضرائب، وإجراءات تتناول القطاع العام.
مراوحة سلبية
الى ذلك، وفي موازاة زحمة الاجتماعات الوزارية التي يترأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، كشفت مصادر وزارية لـ”الجمهورية” انّ الامور في هذه الاجتماعات في حالٍ تشبه المراوحة السلبية.
وقالت المصادر: الصورة اننا نخطو خطوة الى الامام، لكننا نخطو اثنتين الى الخلف، فبقدر ما نحن نقترب من الحلول بقدر ما نبتعد. فالقضايا كلها مطروحة مع بعضها البعض، ولكن ينقصها الحسم بسبب آليّات المتابعة الضعيفة وسوء الإدارة في تحديد الأولويات وتقدير الوقت.
واشتكَت المصادر من تَداخل الأوقات والمواعيد ببعضها البعض لجلسات الحكومة وعمل اللجان، لكنها أكدت في المقابل التزام المواعيد الدستورية لرفع الموازنة العامة الى مجلس النواب، باعتبار انّ هذا القرار هو الوحيد المتّفق عليه من دون مماطلة بين الرؤساء الثلاثة وامام المجتمع الدولي ولا إمكانية للتراجع عنه، امّا باقي الملفات فهي على هِمّة الشباب.
على صعيد آخر، وفيما عُقد لقاء مسائي امس في بيت الوسط بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، علمت “الجمهورية” انّ سلّة التعيينات الجديدة المُزمَع إدراجها على جدول اعمال مجلس الوزراء المقبل لم تنضج بعد، وهي لا تزال ضمن اللقاءات الثنائية الضيّقة، ولم تخضع بعد للتشاور بين القوى السياسية.
المؤسسات الدولية
الأزمة الراهنة تتفاقم منذ اشهر، والمريب انّ هذه السلطة، وعلى رغم المنحى الانحداري الذي تسلكه الازمة في هذه الفترة، وعلى رغم المناشدات الداخلية والخارجية، وعلى وجه الخصوص من المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف، لم تقم بأيّ خطوة او اي إجراء احتوائِي طفيف، في اي مجال، حتى ولو من باب حفظ ماء الوجه.
وعلمت “الجمهورية” انّ البنك الدولي، وغداة البيان التوضيحي الذي أصدره قبل ايام، وحَضّ فيه على إصلاح قطاع الكهرباء، عادَ وأكّد، بشكل مباشر عبر كبار المسؤولين فيه، للمسؤولين اللبنانيين أهمية الشروع فوراً بالخطوات الاصلاحية المطلوبة. ومفتاح هذا الاصلاح هو معالجة الكهرباء، مشدداً على تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين مجلس ادارة مؤسسة الكهرباء، ومعتبراً انه من دون هذا الاصلاح لقطاع يسبّب 30 في المئة من العجز، فإنّ اي جهود لإصلاحات ستكون بلا اي معنى.
وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإنّ نصائح البنك الدولي المتكررة، تواكبت مع تحذيرات جدية من قبل مؤسسات دولية اقتصادية ونقدية كبرى. خلاصتها انّ العالم ما زال حريصاً على لبنان، وراغِب في تقديم المساعدة له للخروج من أزمته، والمؤسسات الدولية تقدّم النصائح للبنان، منذ وقت طويل جداً. ووصلَ بها الأمر الى حد ممارسة الضغط المُتتالي على لبنان لكي يتجاوب مع النصائح الدولية، لكنّ المستغرب هو إحجام السلطة اللبنانية عن هذا التجاوب وعدم القيام بأي خطوة، وهذا التصرف لم تقم به أي دولة في العالم في تعاطيها مع المؤسسات الدولية.
ولفتت المصادر الى انّ المسؤولين اللبنانيين سمعوا من المسؤولين الدوليين ما يمكن اعتباره نصيحة عالية النبرة، تفيد بأنّ الفرصة ما زالت متاحة امام لبنان، الّا انّها قد تنفد إن لم يتلقّفها لبنان كما يجب.
وعلى ما تكشف المصادر فإنّ مسؤولاً كبيراً في احدى المؤسسات المالية الدولية الكبرى، عبّر امام اعضاء في الهيئات الاقتصادية اللبنانية، عن بالغ امتعاضه ممّا وَصفه “التهرّب غير المفهوم من قبل السلطات اللبنانية من محاولة إنقاذ بلدها. سنوات ونحن نعبّر عن استعدادنا لمساعدة لبنان، ومع الأسف لم نلمس حتى الآن أي استجابة، نحن لا نملك السبب، بل انّ السبب هو لدى اللبنانيين. ولا نكشف سراً اننا وَجّهنا انتقادات مباشرة لمسؤولين لبنانيين، وقلنا لهم اننا نخشى بحق انّ اللبنانيين لا يريدون ان يُنقذوا بلدهم”.
وبحسب المصادر، فإنّ المسؤول المذكور، لم يؤكد او ينفِ إمكان حصول لبنان على ودائع من قبل بعض الدول العربية، بل اكتفى بالقول انها يمكن ان تكون مفيدة. لكنه استدرك قائلاً: إذا وصلت هذه الودائع الى لبنان، فليس معناه ان يُحجِم عن سلوك المسار الاصلاحي الذي يتوجّب عليه سلوكه. فما ينبغي على اللبنانيين أن يعرفوه، هو انّ اكبر إساءة للبنان ولمسيرة الاصلاح فيه، إذا اتت اي وديعة، واعتبرها اللبنانيون هي الحل لأزمته، وتُصرِفهُم عن القيام بأيّ خطة إصلاحية. فمن شأن مثل هذه الخطوة – وأكرّر إذا حصلت – أن تكون محطة تخديرية لا تتضمن العلاج المطلوب، وبعدما ينتهي مفعولها تكون الفرصة المُتاحة اليوم من قبل المؤسسات الدولية، وفي مقدمها البنك الدولي، قد ضاعت.
الخطوط الرئاسية
الى ذلك، فإنّ الحقيقة المرّة التي أفرزتها هذه الازمة وتعاطي السلطة معها، تَتبدّى في انّ الشكوى منها لم تعد تقتصر على الفئات الشعبية، بل بدأت تتعالى على لسان كبار المسؤولين من رؤساء ووزراء، وهنا السؤال: اذا كان المسؤول يَشكو فلمَن يشكو الناس أمرهم؟
في هذا السياق، علمت “الجمهورية” انّ الخطوط الرئاسية شهدت في الايام الاخيرة نقاشاً حول ما آل اليه الوضع، خلاصته:
– التعبير عن الامتعاض ممّا وصف الهروب غير المبرّر، من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في بعبدا، والذي لو بوشِر بتنفيذ أيّ من الخطوات الاصلاحية التي اتّفق عليها، لكان وقع الازمة أخف، ولَما كانت الأمور وصلت الى ما وصلت إليه.
– أمر جيد ان يعزّز لبنان علاقاته مع اشقائه العرب، وامر جيد ان يسمح للاشقاء العرب بالسفر الى لبنان، ولكن لا يوجد اي تأكيد واضح حول حصول لبنان، أكان ذلك في الوقت الراهن او في المدى المنظور وحتى البعيد، على أي مساعدة مالية من أي دولة عربية، أكانت على شكل وديعة او حتى على شكل دين بفائدة مرتفعة. الّا اذا كان الاخوة العرب سيحضّرون مفاجأة للبنان بحسب توقيتهم.
– الأداء الحكومي، وإن كان قد شَهد بعض التفعيل في الآونة الاخيرة من خلال الاجتماعات المتلاحقة للجان الوزارية، لكنه لم يرقَ بعد الى حجم الازمة. وانّ هذه الاجتماعات تتحول في الكثير من الاحيان الى بازار سياسي تتضارَب فيه مواقف الاطراف وتتناقض الرؤى حول امور كثيرة، فلكل طرف نظرته، ولكل فريق أفكاره للمعالجة ولا يقبل غيرها، وهو الامر الذي يصعّب الوصول الى قواسم مشتركة. والاهم من كل ذلك انّ كل الافكار والاوراق المطروحة للعلاج قد لا تكون بحجم الازمة.
إمتعاض
وتِبعا ًلذلك، وبحسب المصادر الموثوقة، فإنّ أجواء احد الرؤساء تعكس امتعاضاً شديداً من أداء السلطة، وتساؤلات اتهامية لها: متى سيعترفون بوجود أزمة كهرباء تستنزف 3000 مليار ليرة؟ البنك الدولي حدّد مَكمّن العلّة، فهل سيتوقفون عن تعطيل تعيين الهيئة الناظمة ومجلس الادارة؟
هل يعقل انّ بلداً يعاني ازمة خانقة اقتصاديا وماليا وازمة دولار، ومنذ آذار وحتى اليوم لم يُعيّن نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة ولا مفوّض الحكومة لدى المجلس المركزي؟
أصوات في الحكومة وغير الحكومة تصوّر النفط اللبناني الموجود في البحر كحلم ورديّ للبنانيين، وانه خشبة خلاصهم من أزمتهم الاقتصادية، فلماذا يُبقي أصحاب هذه الاصوات أنفسهم، هيئة ادارة النفط مُعطّلة منذ ما يزيد عن شهرين ونصف، بعدما انتهت مدة تعيين الاعضاء الستة في هيئة ادارة النفط، ولم يتم تعيين بدلاء عنهم حتى الآن؟
البناء
الحرب تشتعل بين أصحاب مشاريع تقسيم سورية… والدولة وحدها تملك وصفة الحسم
أردوغان وحده… وإدانات عربية ودولية… وترقب إيراني روسي… وجهوزيّة سوريّة
سباق الموازنة والمادة 95 وقانون الانتخاب… ولبنان يدين و«القومي يدعو لمواجهة الغزو التركي
صحيفة البناء كتبت تقول “مهما حاول الأميركيون العودة لصياغة قرار الانسحاب من سورية بمفردات جديدة، فإن انسحابهم من المناطق الحدودية يعني فقدانهم العنوان الكردي من جهة، والموقع المبادر في تقرير وجهة أحداث المنطقة التي كانوا يديرونها وباتت مفتوحة على احتمالات ليست تحت السيطرة. ورغم أن العنوان الراهن هو هجوم تركي عسكري على مناطق السيطرة الكردية، فإن الوقائع الميدانية تقول إن الجيش التركي يكتفي بالإسناد الناري من خلف الحدود، ويدفع الجماعات السورية التابعة له، لمحاولة اقتحام مناطق السيطرة الكردية التي غادرها الأميركيون. فبدا المشهد له عنوان مختلف. فالفريقان السوريّان الأهم بالمقدرات العسكرية والحماية الإقليمية والدولية، اللذان شقا عصا الطاعة على الدولة السورية ومارسا الاستقواء بدول أجنبية، وحمل كل منهما مشروعه الخاص لتقسيم سورية، ونهب ثرواتها وخصوصاً النفط، لبناء إمارات مافيوية، ها هما يتقاتلان ويدمّران بعضهما بعضاً، تلاحقهما لعنة التخلّي عن الوطن. الأول ليكون تابعاً ذليلاً للتركي والآخر ليكون تابعاً ذليلاً للأميركي. وها هما يدفعان الثمن، لكن للأسف يدفع معهم السوريون المدنيون فاتورة مغامراتهم، ولا تزال وحدة وسيادة سورية في دائرة الخطر بفعل عبثيّة مشاريع هؤلاء وارتباطاتهم، لكن الدولة السورية وحدها تملك وصفة الحسم، في توقيتها المناسب بعدما تنكشف كل الأوراق.
المعارك العنيفة في البلدات الحدودية لم تخلق واقعاً عسكرياً جديداً، ما يعني أن على الجيش التركي عدم الاعتماد على ميليشيات العملاء للحسم، وعليه الزجّ بوحدات جيشه بالآلاف لتحقيق تقدّم، وتحمّل تبعات ذلك بسقوط قتلى وجرحى بالعشرات وربما بالمئات. وبالمقابل مواجهة عزلة سياسية إقليمية ودولية عبرت عن نفسها بسلسلة مواقف صدرت من كل العواصم الدولية والإقليمية للتنديد بالغزو التركي للأراضي السورية، من موسكو وطهران إلى واشنطن والعواصم الأوروبية. وكان لافتاً موقف مصر والجامعة العربية لجهة الاعتراف بالعجز عن التصرف تجاه التهديد التركي بسبب تعليق عضوية سورية في الجامعة، كما قال الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي، بينما قالت الخارجية المصرية كلاماً شديد اللهجة في التنديد بالغزو التركي والتضامن بتعابير حارة مع الموقف السوري، ما فتح الباب لتساؤلات عن وجود مبادرة مصرية جديدة تفتح الباب للبحث السياسي المباشر بين القاهرة ودمشق، تحت شعار مواجهة خطر التهديد التركي الذي تضعه القاهرة في مرتبة الخطر الأول على الأمن القومي العربي.
الترقب الروسي الإيراني يأتي بخلفية وضع تركيا أمام امتحان وجودها في مسار أستانة وإثبات عدم تعريضها وحدة وسيادة سورية للخطر، خصوصاً أن الرئيسين الروسي فلايديمير بوتين والإيراني حسن روحاني سبق وأكدا مراراً، أن الضمان لأمن تركيا عبر الحدود يؤمنه إمساك الدولة السورية بكامل الجغرافيا السورية والعودة لأحكام اتفاقية أضنة، بينما دمشق تستعدّ لمواجهة كل الاحتمالات، بالدخول على خط التصدّي العسكري للغزو التركي إذا قام الأكراد بتسليم مناطق سيطرتهم للدولة السورية، والانفتاح على ما سيفعله القادة الأكراد رغم مرارة التجارب السابقة معهم، وسماع ما ينقله الروس والإيرانيون عن الموقف التركي جواباً على الأسئلة التي وجهتها لهم موسكو وطهران.
لبنانياً، متابعة لسباق إنجاز الموازنة، وملاقاة البحث في قانون انتخاب جديد تجري مناقشته في اللجان النيابية المشتركة، والمادة 95 التي تحلّ لتفسيرها ضيفاً على الهيئة العامة لمجلس النواب وفقاً لمضمون رسالة رئيس الجمهورية. والعنوانان الأخيران يربكان مناقشة الموازنة بسبب المناخات الطائفية التي تتم عبرها مقاربة قانون الانتخاب والمادة 95، ما فتح الباب للبحث عن مخارج تسحب الموضوعين بالتوازي من التداول إفساحاً في المجال لتقدم الموازنة خطوة إلى الأمام تمهيداً لإقرارها في موعدها الدستوري، من دون أن يحجب ذلك تداعيات المشهد السوري في ظلال الغزو التركي على لبنان، حيث نشطت الاتصالات التي انتهت بصدور بيان رسمي بإدانة الغزو التركي، بينما أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً تناول فيه خلفيات وتاريخ الموقف التركي العدواني والداعم للإرهاب، والمحكوم بخلفيات أطماع استعمارية، داعياً إلى مواجهة شعبية شاملة لهذا الغزو بمثل ما تمّت مقاومة العدوان الصهيوني.
دان الحزب السوري القومي الاجتماعي العدوان التركي على سورية واعتبره استكمالاً للحرب الإرهابية الكونية التي شكلت تركيا رأس حربة فيها من خلال توفير كلّ أشكال الدعم والرعاية للمجموعات الإرهابية.
ورأى الحزب القومي في بيان له أنّ هذا العدوان التركي الغاشم يعبّر عن أطماع تركيا في بلادنا ومحاولاتها لاستعادة هيمنتها الاستعمارية وممارسة كلّ أشكال الظلم والإرهاب بحق شعبنا، وهو النهج الذي مارسته على مدى أربعة قرون من الاحتلال لأرضنا.
كما اعتبر أنّ العدوان التركي قد تمّ بضوء أخضر أميركي وبالتنسيق مع العدو الصهيوني، وهو يرمي إلى إقامة ما تُسمّى منطقة آمنة تشكل نطاقاً لتجميع الإرهابيين في مختلف مسمّياتهم، لتشكل هذه المنطقة تهديداً لسورية والمنطقة برمّتها.
وحمّل نظام أردوغان الإرهابي مسؤولية دفع الأوضاع نحو التصعيد، والذي ستكون له تداعيات كارثية على استقرار الإقليم برمّته. كما حمّل المجموعات الانفصالية التي انخرطت في المشروع الأميركي وشكّلت أداة له، مسؤولية لأنها تآمرت على وحدة سورية ووضعت كلّ أوراقها في سلة أميركا التي تقود الحروب ضدّ المنطقة لمصلحة إسرائيل .
ودعا الحزب كلّ أبناء شعبنا إلى هذه المواجهة ضدّ الخطر التركي لأنها لا تقلّ شأناً عن المواجهة مع العدو الصهيوني.
من جهتها، دانت وزارة الخارجية اللبنانية العدوان التركي، معتبرة في بيان أنه «عدوان على دولة عربية شقيقة واحتلال لأرض سورية وتعريض أهلها للقتل والتهجير و النزوح» . ودعت «الخارجية»، القيادة التركية إلى إعادة النظر بقرارها، وحثتها على العمل مع الدول المعنية لإعادة الاستقرار في سورية وتطبيق القرارات الدولية مع التشديد على وحدة الشعب والأرض السورية.
في غضون ذلك، بقيت زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى دولة الإمارات محل اهتمام محلي وترقب لنتائجها على الاقتصاد اللبناني وبدأت النتائج تظهر بقرار الإمارات رفع الحظر على سفر مواطنيها الى لبنان وتُرجم ببدء توافد عدد كبير من الإماراتيين الى بيروت والمرشح للتزايد بحسب وزارة السياحة، فيما كثُرت التساؤلات عن شكل وآليات الدعم المالي الإماراتي الذي بشر به الحريري، حيث أكدت مصادر حكومية أن الدعم سيكون على شكل استثمار في لبنان. وأوضحت المصادر أن «رئيس الحكومة عرض للإماراتيين الإجراءات التي يتخذها المصرف المركزي والإماراتيين سيوظفون اموالاً استثمارية».
وأكّد وزير الدفاع الياس بو صعب ، في تصريح تلفزيوني، أن «القرارات بين لبنان والإمارات لا نعرفها»، ولفت إلى أنه «لا يجب أن نستخفّ بالساعات التي جمعت محمد بن زايد والحريري»، موضحًا أنه «لا يوجد بيان رسمي حول وديعة إماراتية للبنان».
واعتبر أن «هناك أشخاصًا يقومون بطبخ الأخبار في المطبخ الأسود لخلق شرخ بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري».
وعن جمعية الصداقة الإماراتية، رأى بوصعب أنه «مع رفع حظر سفر الإماراتيين الى لبنان سيكون للجمعية دور فعّال».
وإذ انحسرت موجات الاعتراض الشعبي في الشارع وتراجعت حدة الأزمات لا سيما الدولار والمحروقات، ارتفع منسوب التفاؤل والآمال بانفراج اقتصادي كبير عبر عنه الحريري ولاقاه بذلك رئيس الجمهورية الذي أكدت مصادره لـ»البناء» أننا «نتجه الى معالجة حقيقية للأزمات المالية والاقتصادية. والانفراج آتٍ لا محال بالتعاون بين الرؤساء الثلاثة. واجتماعات اللجان في السرايا خير دليل ولن تنفع كل محاولات الضغط الاقتصادي والمالي على لبنان»، مؤكدة أن «الازمات الأخيرة مفتعلة لاستهداف الاقتصاد اللبناني والعهد ورئيس الجمهورية ودك التسوية الرئاسية لإبعاد الحريري عن عون وبالتالي فرط البلد». وأشارت معلومات في هذا السياق، الى أن «قضية الدولار مفتعلة مع وجود طلب عليه»، مشيرة الى أن هناك سلسلة إجراءات ستُقام لحماية النقد.
وكانت السرايا الحكومية شهدت سلسلة اجتماعات ولقاءات ابرزها اجتماع لجنة مناقشة الإصلاحات الاقتصادية ولجنة الكهرباء، فيما تستكمل الحكومة مناقشة الموازنة خلال اليومين المقبلين في السرايا بعد أن يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة عادية في بعبدا. وبحسب المعلومات فإن مشروع موازنة 2020 لم يعد يحتاج لأكثر من جلستين لإقراره وإحالته الى المجلس النيابي». وأشارت المعلومات الى «أهمية الموازنة لانتاج حد أدنى من الاصلاحات»، لافتةً الى أن «خريطة بعبدا يجب أن تسير بالتوازي مع الموازنة».
وبحسب مصادر «البناء» فإن لقاء الحريري – باسيل الأخير سهل الاتفاق على انجاز الموازنة عبر تضمينها ما يتفق عليه من إصلاحات وإرسال إصلاحات أخرى الى المجلس النيابي كمشاريع قوانين. وربطت مصادر بين أموال «سيدر» وإقرار موازنة وإصلاحات أبرزها في الكهرباء مثل تلزيمها بحسب الشروط.
وكان الحريري ترأس اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة مناقشة دفتر شروط الكهرباء. وأكّد وزير المال علي حسن خليل بعد الاجتماع أنه «تقريبًا أنهينا خطة الكهرباء من ضمن الموازنة ورئيس الحكومة سيجري سلسلة اتصالات لحسم تفصيل متبقٍّ في دفتر الشروط».
على صعيد آخر، أكد رئيس المجلس نبيه بري في لقاء الأربعاء «أهمية اقتراح قانون الانتخابات الذي قدمته الكتلة وتناقشه اللجان المشتركة». واعتبر ان «الاقتراح كامل متكامل وقابل للنقاش بكل محتوياته وأن الجهة الوحيدة التي تستطيع ردّه هي الهيئة العامة». ورأى «أن القانون الحالي هو ميني ارثوذكسي. ونعيش تردداته السلبية». واعتبر «أن الطائفية هي سم النظام وحاميته في آن».
المصدر: صحف