ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، قال فيها: “نسمع الكثير من المواقف، والعديد من الخطابات التي تدعي الحرص على لبنان، وترفع شعار مصلحة المواطن، ما يوحي بأن من يدير البلد ويتعاطى شؤون الناس هم من جنس الملائكة، وهم الحرصاء على الدولة ومؤسساتها، فيما الواقع يقول العكس، ويظهر سياسيين أجادوا لعبة الشيطنة على اللبنانيين، وساوموا عليهم وعلى مصالحهم، ويفضح زيف هذه السلطة وارتكاباتها بحق الوطن والمواطن”.
أضاف: “ما نشهده من فساد وفجور سياسي، يؤكد أن لقمة العيش لم تعد بمأمن من الأيدي التي تغمست بفقر الناس وجوعهم وبطالتهم. والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها ما يجري في جلسات مجلس الوزراء من طروحات ومناقشات ومناكفات حول الموازنة، وسبل تخفيض العجز، وإقفال المزاريب، ووقف التهرب الضريبي؛ وما تبينه أرقام الهدر والصرفيات في الإدارات والمؤسسات، تكشف حجم الجرائم المرتكبة بحق هذه الدولة المستباحة والمنهوبة، والتي تنتظر من ينقذها ويعيد لها هيبتها، ولكن للأسف: لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي”.
وتابع: “يبقى السؤال متى تستيقظ ضمائر المسؤولين وتعود إليهم الصحوة الوطنية والأخلاقية والإنسانية؟ أما آن لحبل النفاق من نهاية؟ لقد سمعنا عن الإصلاح، وعن عودة الدولة ومكافحة الفساد، واستعادة المال المنهوب، ومحاسبة من سطا وتعدى وارتشى وسمسر، ولكن لم نجد أفعالا، ولم نلمس جدية بأن دولة القانون ستقوم، وبأن الزبائنية والمحسوبية ولعبة توزيع المغانم ستتوقف، وبأن أصحاب الأهلية والكفاءة سيكونون في الأماكن التي يستحقونها، وبأن العدالة ستكسر قيد الاسترهان السياسي، وبأن هيئات التفتيش والرقابة ستتفعل. وما زلنا ندور في الدائرة المفرغة وتدور معنا وعلينا كل الضغوطات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، حتى بات إفلاس الدولة قاب قوسين أو أدنى”.
واعتبر المفتي قبلان أن “الأوضاع دقيقة وخطيرة، وظروف البلد لا تتحمل الهرج والمرج من السجالات العقيمة، وعلى المسؤولين إثبات جديتهم في البحث عن الحلول الجذرية والإجراءات الحاسمة، بحوار عقلاني ومجد، وبمنطق وطني خال من المصالح الشخصية والطائفية والمذهبية والحزبية، للوصول إلى مشروع موازنة لا يكون على حساب الفقراء ويضمن حقوق المتقاعدين وخصوصا العسكريين، ويتماهى مع واقع البلد المالي والنقدي والاقتصادي، ويحاكي آمال اللبنانيين في تكبير حجم الاقتصاد، وتأمين فرص العمل، ورفع نسبة النمو، وإشعار كل مواطن لبناني أنه في دولة آمنة ومستقرة، بعيدا عن مغامرات المحاور والولاءات، لا سيما في هذه المرحلة الحرجة والأوضاع المعقدة التي تعصف بالمنطقة، والتي يمكن أن تتحول بين ليلة وضحاها إلى انفجار كبير، يسقط كل الهياكل على رؤساء وزعماء دولنا العربية والإسلامية، الذين بكل أسف ما زالوا حتى الآن ورغم كل النداءات والمناشدات يعيشون الخصومات والعداوات، ويمعنون في تحريك العصبيات وإثارة النعرات، مفسحين المجال أمام المشروع الأميركي الصهيوني في أن يأخذ مداه لدفعنا إلى فتنة شعواء تحرق أخضرنا قبل يابسنا، وتدك العروش وتدحرج التيجان، فاحذروا أيها المسلمون ويا أيها العرب، ولا تنزلقوا إلى ما يخططون ويدبرون من أجل إمرار صفقة القرن، التي ستكون الضربة القاضية على دولكم وشعوبكم، بل انطلقوا، ونحن في شهر مبارك وكريم، إلى حوار أخوي إسلامي برعاية سعودية إيرانية، يفضي إلى صلح ومصالحة تاريخية، تضع حدا لهذا العداء، وتؤسس لمشاركة عربية إسلامية قادرة على المواجهة وإسقاط المؤامرات واسترجاع كل الحقوق”.
المصدر: الوكالة الوطنية