اشار نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن هناك حماسة وزراية ملحوظة ومن كل الكتل النيابية الممثّلة بالحكومة لوقف الإنهيار والعمل على معالجة الأزمات وإعادة الثقة بالدولة والمؤسسات, وقد سمعنا خلال الأيام القليلة الماضية وعوداً كثيرة من وزارء جدد وقدامى وخطط عمل ومشاريع وطموحات وآمال وهذا أمر جيد وإيجابي لكن العبرة ليست بالأقوال بل بالأفعال.
وقال: يمكن لأي وزير أو مسوؤل أن يعبّر عن طموحاته وآماله وأن يتحدث عن خطط ومشارع وإصلاح وأن يطلق الوعود لكن تبقى العبرة بالتنفيذ والتطبيق.
واعتبر ان البيان الوزاري تضمّن العديد من الاعتمادات الإيجابية والمشاريع الإقتصادية والاجتماعية والخدماتية والإستثمارية, إلا أن المواطنين وبعد كل التجارب التي مرّوا بها في عهد الحكومات السابقة لم يعودوا يؤمنوا بما يكتب ويقال لا في البيان الوزاري ولا في غيره لأنهم ينتظرون الإنجازات وتحقيق الوعود.
ورأى: أن أمام الحكومة تحدّيات كبيرة وعليها أن تثبت للبنانيين بالفعل والعمل والإنجاز أنها على قدر آمالهم وتطلّعاتهم وأنها قادرة على معالجة مشاكلهم وأزماتهم.
نص الخطبة
في هذه الأيام نعيش الذكرى الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام روح الله الموسوي الخميني (رضوان الله عليه) ونعيش أيضا ذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء(ع) وأجواء ما يُعرف بالأيام الفاطميات، وهي أيام حزن وأسى لرحيل ابنة رسول الله محمد بن عبد الله (ص).
و بين هاتين المناسبتين، مناسبة انتصار الثورة الاسلامية ومناسبة السيدة الزهراء (ع) علاقة من حيث إحياء الدين والإيمان والقيم والأخلاق .
فالزهراء(ع) هي النموذج النسائي الإنساني الكامل الذي جسد الدين وجسد قيم الايمان وأخلاق الاسلام، بل هي الإيمان كله والدين كله والاسلام كله .
والثورة الاسلامية في ايران والامام الخميني الراحل(قده) أحد أهم إنجازاتهما هو إحياء الدين وقيم الإيمان والعودة الى الاسلام ومفاهيمه وأحكامه وأخلاقه، ليس في إيران فقط بل في العالم العربي والاسلامي وعلى امتداد العالم.
في الذكرى الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية في ايران قد نركز أحيانا على ما انجزته الثورة والجمهورية الاسلامية خلال اربعين عاما من التقدم على الصعيد السياسي والعلمي والتكنولوجي وعلى صعيد الطب والدواء والصناعة والزراعة والدفاع وفي المجالات العسكرية وغيرها، وهذا مهم لجهة إظهار حجم الإنجازات المادية التي حققتها الجمهورية الاسلامية بالرغم من الحصار والعقوبات والتحديات والضغوت المختلفة التي واجهتها منذ انتصار الثورة والى اليوم ولكننا غالبا ما نغفل عما أنجزته الثورة على الصعيد الديني والروحي والاسلامي ومنظومة القيم وعلى الصعيد الثقافي والأخلاقي والسلوكي والمعنوي.
فهذه الثورة قبل ان تصنع تحولات على الصعد المادية صنعت تحولا معنويا وروحيا كبيرا حيث إنها أحيت الدين على حد تعبير الامام الخميني ودفعت الشعب الإيراني وغيره من الشعوب للعودة الى الدين والالتزام بقيمه وأخلاقه وتعاليمه .
وهذا ما اود ان اتحدث عنه سريعا وفي عناوين في هذه الخطبة: وهو أثر الثورة الإسلامية في إحياء الدين وأهم منجزاتها الثقافية والأخلاقية والإجتماعية.
فأولا: هذه الثورة هي ثورة اسلامية، دوافعها ومنطلقاتها وأهدافها ربانية وإسلامية، قيامها ونهضتها وحركتها وغايتها إلهية، هي ثورة لله وفي سبيل الله ومن أجل تجسيد دين الله وتحكيم دين الله ،
وهذه الأهداف الربانية هي التي دفعت الامام الخميني وقادة الثورة والشعب الايراني للنهوض والثورة على الشاهنشاه، وعلى أعظم امبراطورية في المنطقة وأسقطتها وصنعت هذا التحول الكبير في المنطقة وفي العالم.
في الوقت الذي كان يقال عن الدين انه افيون الشعوب! تحول الدين في ايران بقيادة الامام الخميني(قده) الى أهم عنصر يحرك الشعوب ويجعلها تنتفض وتثور وتصنع هذا التحول الأيديولوجي والمعنوي الكبير في ايران وفي المحيط.
وثانيا: القوى الاستكبارية والأجهزة الإستعمارية في العالم سعت جاهدةً إلى جعل الإسلام في طيّ النسيان، وأنفقت المليارات من أجل تحقيق هذا الهدف وإزاحة الإسلام جانباً وإبعاده عن حياة الناس وعقولهم وسلوكهم الفرديّ والاجتماعيّ؛ لأنّهم كانوا يعلمون أنّ الإسلام هو العقبة
الكبرى لهيمنتهم وسيطرتهم على شعوب المنطقة ودولها ونهْب المسلمين وسلب مواردهم ونفطهم ومقدراتهم والهيمنة على مصالحهم وخيراتهم. فجاء الإمام الخميني(قده) واستطاع إحياء الإسلام وإعادة العمل بأحكامه وقيمه وأخلاقه ، الأمر الذي شكّل ضربة قويّة لمخطّطات الاستعمار والاستكبار ومشاريعهم.
جاءت الثورة الاسلامية في ايران وصنعت تحولا في الالتزام الديني والعودة الى الدين وتعاليم الدين، ودفعت بالشباب في ايران وفي أنحاء كثيرة من العالم الى الالتزام بأحكام الدين. وانظروا كم هي أعداد الذين استيقظوا على الدين وعادوا الى الالتزانم بالدين ببركة الامام والثورة في ايران وفي خارج ايران.
ثالثا: وفرت الثورة الايرانية الاجواء المناسبة لتنمية القيم الاخلاقية والإنسانية، والعودة الى الذات، عبر ازالة مظاهر الفساد من المجتمع، حيث كان الفساد والانحلال والانحراف والبعد عن القيم والين بنخر ايران وكانت بيوت الدعارة وبيع الهوى وحانات الخمور تنتشر في كل مكان.ايران في زمن الشاه كادت ان تكون مرتعا للشيطان فجاء الامام الخميني وحولها الى مسجد يعبد الله فيه والى دولة تطبق احكام الله وشريعة الله وتحكمها القيم الإلهية، وتحولت معظم شرائح الشعب الايراني الى التدين والالتزام بالاسلام في المضمون وفي الشكل والمظاهر بحيث اصبحت ايران اليوم نموذجا اسلاميا حضاريا مشرقا لا نظير له في العالم.
رابعا: رفع مستوى الثقافة والوعي الديني الاسلامي والوعي العام والعودة الى الروح والى المعنويات.
خامسا: مكافحة الأمية الى حد كبير وإيجاد بيئة متعلمة ومثقفة
سادسا: توفير الامن الإجتماعي والقضائي والمساواة بين أبناء الشعب.
سابعا: تنميه روح الوحدة والإخوة بين أبناء الشعب وارساء قيم الرحمة والتعاون والتسامح في المجتمع.
ثامنا: تعزيز القافة الاسلامية في كل المجالات وازدياد عدد المطبوعات والمجلات والصحف والدوريات الثقافية واسلمة المناهج التعليمية والقوانين المدنية والجزائية والمالية والإقتصادية والإدارية والعسكرية والسياسية.
تاسعا: احياء الفكر الديني وايجاد تحولات في القيم الإجتماعية واحياء مفاهيم الجهاد والشهادة والإخلاص والحج السياسي، والتضحية والإيثار وتحمل المسؤوليات مما دفع بالشعب الايراني للتصدي لكل الحروب والفتن والتحديات والأخطار والتغلب عليها ولا يزال الى اليوم في قلب المواجهة.
عاشرا: التعاون بين الحوزات العلمية والجامعات، وزيادةأعداد وامكانات الجامعات ومراكز البحوث والحوزات العلمية.
حادي عشر: تحول القوات المسلحة الى قوات مؤيدة للشعب وملتزمة بأحكام الاسلام وأخلاقه.
ثاني عشر: التعريف بنموذج المرأة المسلمة ونشر الصحف والمجلات النسائية، وتأسيس الجمعيات النسائية هذا بالأضافة الى مشاركة المرأة الفاعلة في مختلف المجالات في والحياة السياسية والاجتماعية والرياضية والثقافية وغيرها.
وبعض هذه الانجازات لم تقتصر على ايران وحدها بل ان الثورة ايقظت العالم كله على الاسلام ولفتت انظار الشعوب وانظار النُخَب وحتى القادة والزعماء السياسيين والدينيين في العالم الى معتقدات الاسلام ومبادىء الاسلام والتدَيّن الحقيقي الذي يصنع دولة متقدمة ومقتدرة وحضارية.
التدين في وسط الشباب وبين شعوب المنطقة، التدين في لبنان، المقاومة في لبنان والمقاومة والانتفاضة في فلسطين، الصحوة الاسلامية لدى شعوب المنطقة كلها هو من نتائج واثار الثورة الاسلامية والاسلام المحمدي الأصيل وبركات الامام الخميني المقدس .
الامام القائد السيد علي الخامنئي يتحدث عن الاسلام المحمدي الأصيل بفهم الإمام الخميني فيقول: النقطة الأولى في مدرسة الإمام الخميني هي إثبات الإسلام المحمدى الأصيل و دحض الإسلام الأمريكي. لقد وضع الإمام الخميني الإسلام الأصيل مقابل الإسلام الأمريكي. ما هو الإسلام الأمريكي؟ الإسلام الأمريكي في زماننا و في زمان الإمام الخميني و في كل الأزمنة – في حدود ما نعلم، و قد يكون الأمر على نفس الشاكلة في المستقبل أيضاً – ليس له أكثر من فرعين: أحدهما الإسلام العلماني، و الثاني الإسلام المتحجر.. اي الذين يحملون نظرة متحجرة للدين، أي النظرة المتخلفة و غير المفهومة من قبل الأفراد المتجددين، و النظرة المتعصبة لأسس خاطئة .. و حين تنظرون اليوم ترون أن كلا هذين النموذجين من الإسلام موجود في العالم الإسلامي، و كلاهما مدعوم من قبل القوى المتجبرة في العالم و من قبل أمريكا. تيار داعش و القاعدة و أمثالهما مدعوم اليوم من قبل أمريكا و إسرائيل، و كذلك بعض التيارات التي تحمل اسم الإسلام لکنها غريبة على العمل الإسلامي و الفقه الإسلامي و الشريعة الإسلامية.. الإسلام الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني هو ذلك الإسلام المعتمد على الكتاب و السنة، و الذي يمكن بفضل الفكر النير و معرفة الزمان و المكان و بالأساليب والمناهج العلمية الراسخة و المتكاملة في الحوزات العلمية، استنباطه و التوصل إليه.
ثم يقول: إسلام وعاظ السلاطين و رجال دين البلاط – و قد كان الإمام الخميني يسمّيهم بهذه التسمية دوماً – و إسلام داعش، و بالمقابل إسلام عدم الاكتراث لجرائم الصهيونية و جرائم أمريكا، و الإسلام المسمّر الأعين على أمريكا و القوى الكبرى و على إشارات أمريكا، هذه كلها تبنع من منبع واحد و تصل كلها إلى محطة واحدة، و هي كلها مرفوضة في رأي الإمام الخميني. الإسلام الذي يطرحه الإمام الخميني يقف على الضدّ من هذه كلها. التابع للإمام الخميني و السائر على نهجه يجب أن تكون له حدوده الفاصلة عن الإسلام المتحجر و كذلك عن الإسلام العلماني، و أن يشخص الإسلام الأصيل و يتبعه. هذا أحد مبادئ الإمام الخميني، وهذا ليس بالشيء الذي ذكره الإمام الخميني لمرة واحدة، إنما هو مبثوث منتشر في كل كلماته.
اليوم هذا النموذج الاسلامي المتقدم الذي تصنهع ايرانيقدم نفسه وتجربته المشرقة لكل العالم، ولبنان جزء من هذا العالم لا بد أن يستفيد من هذه التجربة ومن الإمكانات التي تتيحها وتعرضها ايران على لبنان خصوصا بعد تشكيل الحكومة وكما ذكر الأمين العام قبل يومين.
اليوم بعد تشكيل الحكومة هناك حماسة وزراية ملحوظة ومن كل الكتل النيابية الممثّلة بالحكومة لوقف الإنهيار والعمل على معالجة الأزمات وإعادة الثقة بالدولة والمؤسسات, وقد سمعنا خلال الأيام القليلة الماضية وعوداً كثيرة من وزارء جدد وقدامى وخطط عمل ومشاريع وطموحات وآمال .. وهذا أمر جيد وإيجابي لكن العبرة ليست بالأقوال بل بالأفعال.
يمكن لأي وزير أو مسوؤل في الحكومة أن يعبّر عن طموحاته وآماله وأن يتحدث عن خطط ومشارع وإصلاح وأن يطلق الوعود لكن تبقى العبرة بالتنفيذ والتطبيق.
البيان الوزاري تضمّن العديد من الاعتمادات الإيجابية والمشاريع الإقتصادية والاجتماعية والخدماتية والإستثمارية, إلا أن المواطنين وبعد كل التجارب التي مرّوا بها في عهد الحكومات السابقة لم يعودوا يؤمنوا بما يكتب ويقال لا في البيان الوزاري ولا في غيره لأنهم ينتظرون الإنجازات وتحقيق الوعود.
ولذلك اليوم أمام الحكومة تحدّيات كبيرة وعليها أن تثبت للبنانيين بالفعل والعمل والإنجاز أنها على قدر آمالهم وتطلّعاتهم وأنها قادرة على معالجة مشاكلهم وأزماتهم.
والحمد لله رب العالمين
المصدر: موقع المنار