أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة فيها أن “مسؤوليتنا الوطنية والشرعية اليوم أن نرفض الظلم، وأن نرفض الفساد، أن نرفض لعبة الكذب السياسي والإغراق اللاأخلاقي، أن نكون للحق، بالتربية، بالموقف، بالخيار، بالبرامج، بقول “نعم” و”لا”، خصوصا وأن هذا البلد كلفنا الكثير كي نحفظه، كلفنا فلذات أكبادنا لدحر الإسرائيلي والتكفيري منه ومن نواحيه جراء اللعبة الدولية الإقليمية، لذا لا نريد لبعض الخونة الأخلاقيين أو بعض سماسرة المال أو بائعي الوطن أن يحولوه إلى مرتع للفساد الإعلامي، والغريزي، والصفقات، مقابل حفنة من المال أو المنافع”.
وأشار المفتي قبلان إلى أن “ما تعانيه أمتنا العربية والإسلامية بشكل عام، ونحن اللبنانيين بشكل خاص، يندرج في السياقات المتعاكسة مع كل ما هو خير الناس والقرب منهم في أمنهم واستقرارهم الاجتماعي والنفسي والمعنوي، وكل ما يجري من سياسات الهرج والمرج والتناقض والتحاقد والتصادم والتضارب في المصالح والأهداف والغايات، يظهر كم هي المسافات شاسعة بين القيادات والناس، وكم هي الثقة معدومة بين من في السلطة وبين من ينتظر الوفاء بالوعود، من قبل طبقة سياسية أشبعت الناس ثرثرة في الإصلاح، ومكافحة للفساد، وتطبيقا للقانون، واحتراما للدستور، في حين أنها لا ترى في العمل السياسي إلا ما يخدم أهدافها ويحقق مصالحها”.
وقال “إن ما شهدناه خلال فترة التكليف ومحاولات التأليف التي اصطدمت بالعقد والقطب المخفية، يؤكد أن أغلبية العاملين والمسؤولين عن السياسة في هذا البلد لا تعنيهم مصلحة الناس، ولا مصير الوطن، وهم مستعدون لإغراقه وتدميره ما لم تحقق مكاسبهم وتحفظ مناصبهم، وما يجري يصب في هذا الاتجاه، ويؤشر إلى أننا أمام أزمة وطنية خطيرة لا يمكن حلها، طالما أن التحدي قائم والعناد مستمر والانقسام على أشده وبوتائر أعلى، فيما الناس يترقبون ويعانون ويعيشون أصعب حالات البؤس واليأس”.
وأسف لـ “الواقع المأساوي الذي نعيشه”، فقال: “فعلا نحن في بلد العجائب والغرائب يتحدثون عن العجز المالي وينهبون الخزينة، يحذرون من تدهور الاقتصاد ويشرعون أبواب التهريب، ينادون بضبط الإنفاق ويفتحون مزاريب الهدر، يدعون بأن مسيرة مكافحة الفساد انطلقت ولن تتوقف فيما الواقع يؤكد أن لبنان في المراتب الأولى بين الدول الفاسدة، فأي لبنان هذا؟ وأي سلطة ومسؤولين هؤلاء الذين يقولون شيئا ويفعلون أشياء؟ يعدون الناس ويخيبون آمالهم؟ وأي وطن سيستمر طالما أن من هم مؤتمنون عليه يخدعون شعبه كل يوم ألف مرة؟”.
وتطرق إلى موضوع تشكيل الحكومة بالقول “أما وقد تألفت الحكومة، رغم كل المخاضات والخسائر التي لحقت بلبنان واللبنانيين سياسيا واقتصاديا جراء المماطلات والتسويفات التي رافقت تشكيلها، لا يسعنا إلا أن ننتظر ونترقب، ولا ندري إن كان لنا أن نبارك للبنانيين أو أن نحذرهم، إلا أن أملنا بالله، أن تشكل هذه الحكومة بقعة ضوء في نفق التحديات والاستحقاقات، وأن تكون فاعلة ومنتجة ومتجانسة ومتعاونة وقادرة على إحداث نقلة نوعية في الأداء السياسي، بعيدا عن كل المعايير المصلحية والطائفية والمذهبية، ووفق خريطة سياسية واقتصادية وإصلاحية، تبدأ من فوق لتصل إلى آخر موظف في الدولة ومؤسساتها وإداراتها، لأن الأمور لم تعد تحتمل، فإما أن يتأكد الإجماع والتوافق على بناء دولة، لها هيبتها، ولها وجودها، في كل الميادين الاقتصادية والإنمائية والتربوية والاجتماعية، وإما أن نستمر في سياسة المحاصصة وتوزيع المغانم، فيسقط البلد ونسقط معه جميعا”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام