أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم دون أي تدخل خارجي داعيا الدول التي دعمت الإرهاب إلى الخروج من حالة الانفصال عن الواقع وأن تدرك بأنها لن تحصل بالسياسة على ما لم تحصل عليه بالإرهاب.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي اليوم حول الحالة في الشرق الأوسط: إن سورية منفتحة على أي مبادرات لمساعدتها في الخروج من الأزمة الحالية وهي جاهزة للمشاركة الفعالة في أي جهد صادق يهدف إلى الوصول لحل سياسي يقرر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم عبر الحوار السوري/السوري وبقيادة سورية وعلى أساس أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلده دون أي تدخل خارجي وبما يضمن سيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وهو الأمر الذي أكد عليه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وكل قرارات مجلس الأمن الثلاثين ذات الصلة بسورية.
نجاح أي مسار سياسي يتطلب العمل عن كثب مع الدولة السورية والتنسيق المسبق معها حول مختلف الأمور ذات الصلة
وشدد الجعفري على أن نجاح أي مسار سياسي في سورية يتطلب العمل عن كثب مع الدولة السورية والتنسيق المسبق معها حول مختلف الأمور ذات الصلة كما يتطلب التزاماً دولياً وإرادة سياسية حقيقية لدى الجميع للقضاء على ما تبقى من فلول الإرهابيين بشكل كامل وإنهاء وجود القوات الأجنبية غير الشرعية على الأراضي السورية والتوقف عن عرقلة الجهود الصادقة التي تبذلها الحكومة السورية بالتعاون مع حلفائها للوصول إلى الحل السياسي المنشود لافتا إلى أن سورية وانطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية وحفاظاً على مصالح شعبها أبدت تعاوناً والتزاماً كبيرين مع جهود الأمم المتحدة بدءاً بمهمة مبعوثها كوفي عنان مروراً بمهمة الأخضر الإبراهيمي وصولاً إلى مهمة ستافان دي ميستورا وهي ترحب اليوم بتعيين غير بيدرسن مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية وتعبر عن استعدادها للعمل والتعاون معه عن كثب.
وأكد الجعفري حرص سورية على أن ترى لجنة مناقشة الدستور الحالي المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي النور في أقرب وقت ممكن موضحا أن الدولة السورية كانت أول من سلم قائمة الأعضاء المدعومين منها وانخرطت بجدية كاملة مع حلفائها للتغلب على العراقيل التي فرضتها بعض الأطراف لتعطيل تشكيلها وحرفها عن مسارها الصحيح والهدف المنشود منها وبالتالي لا يمكن لأحد أن يشكك في دعم الدولة السورية لهذه العملية أو في التزامها بمخرجات مؤتمر سوتشي.
وأعرب الجعفري عن ترحيب سورية بدور المبعوث الأممي الخاص كميسر لأعمال لجنة مناقشة الدستور الحالي وتأكيدها في الوقت ذاته أنه لا يمكن لأي كان أن ينصب نفسه طرفاً ثالثاً في هذه العملية وذلك انسجاماً مع ميثاق ومبادئ عمل الأمم المتحدة من حيث الحياد والنزاهة وعدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لأي دولة عضو.
الدستور وكل ما يتصل به شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم دون أي تدخل خارجي
وجدد الجعفري التأكيد على أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم دون أي تدخل خارجي ولا يجوز فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة والتوصيات التي يمكن أن تخرج بها فاللجنة سيدة نفسها وهي التي تقرر ما سيصدر عنها وليس أي دولة أو طرف آخر ولا يجوز فرض أي مهل أو جداول زمنية مصطنعة فيما يخص عمل اللجنة لأن ذلك ستكون له نتائج عكسية حيث أن الدستور سيحدد مستقبل سورية لأجيال قادمة.
وأوضح الجعفري أنه بعد مرور نحو ثماني سنوات من الحرب الإرهابية على سورية لا بد من التوقف عند مفارقة عجيبة لدى بعض الدول تتمثل في تعارض واضح بين أقوالها وأفعالها متسائلا كيف تتسق أقوال هذه الدول بضرورة احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها وبأن الحل يجب أن يكون سورياً سورياً وبقيادة سورية دون أي تدخل خارجي مع أفعالها ولاسيما لجهة عدوانها العسكري المباشر على سورية وغزوها أجزاء منها ودعمها للمجموعات الإرهابية وإنشائها مجموعات سياسية لا هدف لها سوى عرقلة الحل السوري السوري وفرض الوصفات المسبقة التي ثبت فشلها ومحاولاتها البائسة لرسم مشهد صدامي وتوزيع جديد للأدوار بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة عبر تأليب دولها ضد بعضها البعض خدمة لـ “إسرائيل” وحلفائها وبهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وأشار الجعفري إلى أن هذه الدول تحاول إضفاء صفة “المعارضة السورية المعتدلة” على الإرهابيين الأجانب الذين جلبتهم من بقاع الأرض الأربع وقال: اسمحوا لي هنا طالما أننا نتحدث عن المعارضة المعتدلة أن أعرفكم ببعض وجهاء هذه “المعارضة المسلحة السورية المعتدلة” بعد أن تم تعديل هؤلاء الوجهاء وراثياً في مختبرات أجهزة استخبارات دول معروفة ليصبحوا معارضة سورية وهؤلاء الوجهاء هم “أبو المقداد التركي” و”أبو مصعب السعودي” و”أبو صهيب الليبي” و”أبو جون البريطاني” و” أبو محمد التونسي” و”أبو هريرة الأمريكي” و”أبو معاذ التركستاني” و”أبو حفصة المصري” و”أبو عبد الرحمن الكندي” و”أبو عبد الله الأردني” و “أبو طلحة الكويتي” و”أبو مرة الفرنسي” و”أبو عود البلجيكي” و”أبو الوليد الأسترالي” و”عبد الحق جند الله الإيغوري” والمفتي الشرعي لـ “جبهة النصرة” الإرهابي “عبد الله المحيسني وهو سعودي”… هؤلاء هم وجهاء وقادة المعارضة السورية المسلحة المعتدلة.
استمرار النفاق السياسي تحت قبة مجلس الأمن يفضح النوايا الحقيقية لسياسات الدول التي زجت كل إمكانياتها العسكرية والإعلامية والسياسية على مدى ثماني سنوات تم خلالها الإمعان في دعم الإرهاب في سورية
وشدد الجعفري على أن استمرار النفاق السياسي تحت قبة مجلس الأمن يفضح النوايا الحقيقية لسياسات الدول التي زجت كل إمكانياتها العسكرية والإعلامية والسياسية على مدى ثماني سنوات تم خلالها الإمعان في دعم الإرهاب في سورية والاستثمار فيه في تناقض صارخ مع كل القرارات التي اعتمدها هذا المجلس وأدت إلى كوارث لا يمكن تعدادها وحصرها طالت الأبرياء من أبناء الشعب السوري.
وبين الجعفري أن الوقت حان أكثر من أي وقت مضى كي تتم قراءة الوضع في سورية بطريقة موضوعية وصحيحة تهدف إلى مساعدة سورية في التخلص من الحرب الإرهابية التي بدأت بمساعدة حلفائها في كتابة الفصل الأخير منها وفي القضاء على ما تبقى من فلول تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة والمجموعات الإرهابية المرتبطة بهما بدلا من الاستمرار باعتماد مواقف متطرفة بهدف ابتزاز الحكومة والشعب السوري وإطالة أمد هذه الحرب الإرهابية وتوسيع آثارها التدميرية على سورية والمنطقة والعالم ومحاولة تكرار الوصفات الفاشلة التي تسببت في تدمير وتخريب أكثر من بلد لافتا إلى أن الوقت حان أيضا لأن تخرج الدول الداعمة للإرهاب من حالة الانفصال عن الواقع وأن تتخلى عن آخر أوهامها وأن تدرك أنها لن تحصل بالسياسة على ما لم تحصل عليه بالإرهاب.
وأشار الجعفري إلى أن سورية كانت ولا تزال ملتزمة بالعمل لتحقيق الحل السياسي عبر حوار سوري/سوري وبقيادة سورية دون تدخل خارجي على أن تتصدر مكافحة الإرهاب الأولوية في كل مراحل وتطورات العملية السياسية موضحا أن جميع السوريين الشرفاء مدعوون إلى المشاركة في هذه العملية السياسية على أسس وطنية للمضي قدماً في إعادة بناء ما دمره الإرهاب والتي بدأت على أرض الواقع عملياً بهمة السوريين المخلصين لوطنهم والسعي لعودة المهجرين السوريين إلى بيوتهم فالسوريون جميعاً سيضعون نصب أعينهم حقيقة أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سورياً وعبر عملية سياسية ذات مصداقية تحت سقف الوطن وذلك انطلاقاً من قاعدة أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم فقط.
لا يجوز إغفال مقدمات الأزمة في سورية والأدوار الخفية التي قامت بها بعض الحكومات وبعضها أعضاء في مجلس الأمن لفبركة هذه الأزمة
وفي رده على مندوبي الدول الأعضاء قال الجعفري: لا يجوز إغفال مقدمات الأزمة في سورية والأدوار الخفية التي قامت بها بعض الحكومات وبعضها أعضاء في مجلس الأمن لفبركة هذه الأزمة وخلق ظروف استمرارها وتصاعدها بما يخدم أجندات تلك الحكومات التدخلية لتغيير المشهد الجيوسياسي في منطقتنا مذكرا أعضاء المجلس بظهور رئيس وزراء قطر السابق على التلفزيون القطري الرسمي واعترافه بأن قطر والسعودية صرفتا 137 مليار دولار لتخريب سورية بتعليمات من الولايات المتحدة.
وأضاف الجعفري: أليس من المشروع ربط كلام هذا المسؤول القطري الذي جاء إلى مجلس الأمن في العام 2011 ليستعدي أعضاءه ضد الدولة السورية بظهور تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى فجأة في الساحة السورية والعراقية.. أليس هذا سؤالا مشروعا وهل يمكن لأي عاقل أن يتصور أن هذه التنظيمات الإرهابية التي ظهرت فجأة قد سقطت علينا في سورية والعراق من السماء مع بعض النيازك القادمة من أحد الثقوب السوداء في هذا الفراغ الذي يحيط بنا.. هذا السؤال برهن أعضاء مجلس الأمن.
المصدر: وكالة سانا