كلمة الأمين العام لحزب الله في حفل تأبين أم الشهداء الحاجة أم عماد مغنية 12-10-2018 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

كلمة الأمين العام لحزب الله في حفل تأبين أم الشهداء الحاجة أم عماد مغنية 12-10-2018

Image24

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في حفل تأبين أم الشهداء الحاجة أم عماد مغنية الذي أقامه حزب الله في مجمع المجتبى (ع) 12-10-2018

الى روح فقيدتنا المجاهدة والعزيزة والغالية، أم الشهداء، الحاجة آمنة، الحاجة أم عماد، الى روحها وأرواح الشهداء جميعاً نهدي ثواب الفاتحة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ‏ونبينا خاتم النبيين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء ‏والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. ‏

انني في البداية أتوجه إلى العائلتين الكريمتين والعزيزتين، آل سلامة وآل مغنية، بأحر التعازي في هذه المناسبة، مناسبة رحيل الحاجة أم عماد. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحشرها مع الشهداء والانبياء والصالحين وهي دائماً كانت على خطاهم وفي طريقهم وأبلت بلاءً حسناً.

كما من واجبي باسم حزب الله وباسم العائلتين الكريمتين أن أتوجه بالشكر إلى كل الذين شاركونا هذا العزاء، سواءً من خلال الحضور المباشر اليوم في هذا الحفل الكريم، أو في أيام تقبل التعازي، أو من خلال البيانات والبرقيات والاتصالات، أو ما عبّروا عنه في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. نسال الله سبحانه وتعالى أن يجزيهم خيراً وأن يتقبل منهم هذه المواساة الطيبة والكريمة.

في هذه المناسبة اريد ان اتكلم بكلمة أولاً فيما يعني المناسبة والحاجة الراحلة، المرحومة، المجاهدة، وبعد ذالك أتكلم ببعض النقاط بإذن الله في الوضع العام.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد “بسم الله الرحمن الرحيم، تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ. صدق الله العلي العظيم”.

نحن فيما نفهمه من رسالات الأنبياء وكلمات الأنبياء والقرآن الكريم، أن هذه الحياة الدنيا هي حياة امتحان واختبار وابتلاء. لكل انسان يولد فيها ويحيا فيها وسيموت فيها حتماً وقطعاً (كل نفس ذائقة الموت) ، الدور الحقيقي لهذه الدنيا في منظومة الوجود الكبرى، في منظومة الحياة ككل، كدنيا وآخرة، والدور الاساسي للحياة الدنيا هذه هي أنها الدار التي يعطى فيها للإنسان كامل الحرية والاختيار، وتوفر له كل الأسباب، ويسخّر له كل الوجود من أجل أن يثبت لياقته واستحقاقه للحياة الحقيقية في العالم الآخر. ليصنع مستقبله هناك. لذلك هي دار الممر والمعبر، وهي باب العمل، وهي المزرعة، وهي ساحة الجهاد وساحة الفعل وساحة الاختيار وساحة انتخاب الخيارات، والحياة الحقيقية والخالدة هناك.

في بعدها الايجابي، الحياة الحقيقية هناك، والنعيم الحقيقي والنعيم الروحي الحقيقي والنعيم المادي الحقيقي في ذلك العالم وليس في هذا العالم، وان كان في هذا العالم ايضاً نِعمُ ونَعيمُ لكن الحقيقي هو هناك، والخالد والأبدي هو هناك. العزة الحقيقية والكرامة الحقيقية والسيادة الحقيقية، “ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”، والعقاب الحقيقي هناك. لكل الظالمين والمفسدين والمجرمين والذين عاثوا في أرض الله افساداً وفساداً وملأوا الأرض ظلماً وقهراً وعدواناً في الدنيا، قد ينال بعض هؤلاء عقابهم ولكن كثيرون منهم يفلتون من العقاب. أما العقاب الحقيقي هو في تلك الدار. المحكمة الالهية والعدل الإلهي والميزان الإلهي ويوم المظلوم على الظالم هناك في ذلك العالم. اما هذه الدار وهذه الحياة التي نعيشها ايها الاخوة والاخوات هي دار العمل والامتحان والاختبار لنصنع مستقبلنا كما نصنع مستقبلنا في الدنيا لنصنع مستقبلنا الخالد والأبدي في الاخرة. نحن اللذين نصنع جنتنا ونحن اللذين نصنع نارنا وما ينتظرنا في تلك الجنة او في تلك النار.

Image24الحاجة أم عماد عبرت هذا الامتحان، عاشته عمراً طويلاً ومديداً، منّ  الله سبحانه وتعالى عليها بهذا العمر المديد ولكن من البداية منذ الصبا، منذ أن كانت فتاة صغيرة وشابة يافعة، أنعم الله سبحانه وتعالى عليها بنعمة الإيمان والهداية والالتزام الديني بكل ما يعنيه من عبادة وسلوك وعفة وحجاب منذ الصغر وأعطاها أيضاً حسّ المسؤولية وهذا الأمر مهم جداً الى جانب الإيمان وإلى جانب العبادة، الحس بالمسؤولية تجاه العائلة وتجاه الناس وتجاه الرسالة والقضايا التي تعني الأمة.

أعطاها حس المسؤولية لتشارك أباها وعائلتها في تحمل أعباء العيش الصعب في ذلك الزمن الصعب، والذي ما زال صعباً على أكثرية العائلات في لبنان، فعملت في مهنة الخياطة، ومن ثم مهنة التمريض وهي شابة لم تبلغ العشرين.

قبل الزواج بالحاج أبو عماد وبعده كانت تحمل هم إيصال هذه الرسالة الإيمانية الى الآخرين من أبناء جيلها وتهتم لهم وتحدثهم عن الله تعالى والعبودية له والواجب اتجاهه، تعلمهم الصلاة وتلاوة القرآن وتحسهم على فعل الخيرات والعمل الصالح.

تلك كانت البدايات مع الشابة آمنة، البدايات في التبليغ الديني والايماني، الى العمل الخدمي والاجتماعي والاهتمام بالفقراء والايتام والمحتاجين وجمع المساعدات وتنظيمها وتوضيبها وايصالها الى العائلات المحتاجة ومركز هذا العمل الخدمي والاجتماعي هو بيت أبي عماد.  الى العمل الثقافي والتعاون مع صديقاتها وأخواتها لإقامة الندوات الثقافية الى التواصل مع كبار العلماء العاملين في الساحة آنذاك وخصوصاً سماحة اية الله السيد محمد حسين فضل الله (رض) وسماحة اية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رض) وعلماء آخرين ما زالوا على قيد الحياة والعمل معهم في كل هذه المجالات التبليغية والثقافية والتطوعية والخدماتية والاجتماعية والعلاقاتية ان صح التعبير. الى المساهمة، وهنا دور المساهمة في التأسيس، يعني الحاجة أم عماد في الكثير من الأطر القائمة والتي ما زال بعضها مستمراً حتى الآن كان لها دور تأسيسي إلى جانب أخوات وسيدات أخريات، الى المساهمة في إيجاد المنظمة لهذه الأنشطة بشكل جمعيات أو مؤسسات أو لجان تعنى بالشأن الثقافي أو التبليغي والاجتماعي أوالطلابي أوالكشفي وهذا يبيّن إيمانها المبكر بالعمل الجماعي المؤسساتي المنظم  الذي هو بالتأكيد أفعل وأشد تأثيراً وأفضل نتيجة وانتاجاً.

وكان بيتها منذ البداية داراً لكل هذا العمل ولكل هذا النشاط وهذه الفعاليات الى ان اصبح بيتاً من بيوت المقاومة، عندما كبر عماد وعماد كبر مبكراً وهو لم يبلغ 15 عاماً وتحمل الى جانب شباب آخرين من جيله مسؤولية المواجهة والدفاع والالتحاق بفصائل المقاومة وحمل السلاح وتحول هذا البيت المبارك الى بيت للمقاومة سواء في الشياح أو في طيردبا وخصوصا بعد 1988.

لكن الانجاز الاهم الذي يجب ان نتوقف عنده مع الحاجة المرحومة ام عماد هو ما أوكل بالأساس الى المرأة كما يقول الامام الخميني (قد) أنه أوكل الى المرأة ما أوكل الى القرأن، صنع الإنسان، ما يسجّل لأم عماد إضافة إلى نجاحاتها في كل ما  تقدم هو نجاحها في صنع الإنسان. الإنسان المؤمن، الإنسان المجاهد، الإنسان المضحي والإنسان المقاوم والإنسان الثابت القَدَم حتى آخر نفس وآخر قطرة دم، هكذا أولادها وهكذا كان أبناؤها ثم لم يكن هؤلاء الأبناء فقط من الثابتين او المجاهدين او المقاومين بل منّ الله تعالى عليهم بشرف الشهادة أجمعين فأولادها الثلاثة :فؤاد، جهاد وعماد، كلهم شهداء كما يعلم الناس جميعاً، وزادت الأبناء حفيداً الشهيد جهاد عماد مغنية، ولذلك عندما نتحدث اليوم في مناسبة ارتحال ام عماد كما ذكرت قبل اشهر في مناسبة رحيل الحاج ابو عماد اننا نتحدث عن ام قدمت كل اولادها شهداء وفي حياتها وشيعتهم الواحد تلو الأخر ووقفت عند اجسادهم الطاهرة وكانت نموذجاً للمرأة المؤمنة والصابرة والمسلمة لأمر الله، بل الراضية بمشيئة الله، بل المفتخرة بما اختاره الله سبحانه وتعالى لأبنائها من مصير وهم في ريعان الشباب وهو خاتمة الشهادة، فكانت بذلك قدوة رائعة وأسوة حسنة لنا جميعاً، للرجال والنساء وبالخصوص لكل الأمهات وبالأخص أمهات الشهداء التي أحببنها وتعلقنا بها وعرفنها وخصوصاً في السنوات الأخيرة. من بين الكل التضحيات والعطاءات التي قدمتها الحاجة أم عماد اسمحو لي أن أقف ،نظراً لضيق الوقت، عند أمرين فقط.  طبعاً هي أمور كثيرة ولكن أريد أن اتوقف عند هذين الأمرين.

الأمر الأول إضافة الى نجاحها في صنع الانسان أنها قدمت لنا، لحزب الله، لمسيرتنا، لحركتنا، لمقاومتنا وللحركة الجهادية في هذه الأمة قائداً إستثنائياً، هو الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، وهنا لا أتحدث أنها قدمت لنا قائداً إستثنائياً، فقط بفعل الولادة، وإنما أيضاً بفعل التربية، بفعل تنشئة هذه الشخصيّة، وأنا أعرف عن قرب وكل الذين عاشروا الحاج عماد يعرفون هذه الحقيقة عن قرب، أنّ للوالدة، لأم عماد، لها تأثيراً كبيراً جداً في بناء شخصيّته، وأن لها تأثيراً على شخصيته، إضافة إلى محبته ومعزته الكبيرة للوالد، إلاّ أنني أعرف والأخوة يعرفون أنه كان يكن مشاعر خاصة وإحتراماً عظيماً لوالدته ويحسب لها حساباً، وكان البعض يمزح، واسمحوا لي بأن أنقل هذا المزح، كانوا يقولون: “في ناس يخافون من عماد وعماد يخاف من أمه”، هو لم يكن خوف بمعنى ما هو شائع، وإنما بمعنى الحرص الشديد على رضاها، وعلى محبتها، وعلى عدم إزعاج خاطرها في شيء، وأنا أعرف الكثير من هذه التفاصيل، وأم عماد واكبت شخصية عماد، ولاحقت هذه الشخصية، وإهتمت بتربيته، وخصوصاً في البعد الديني والإيماني والعبادي والجهادي، والحث على الحضور الدائم في هذه الساحات وتحمل المسؤوليات وكانت له أماً حقيقية وحاضناً كبيراً في كل خياراته الصعبة التي إختارها في حياته، إذاً، هذه الحاجة قدمت لنا هذا الإنجاز الكبير والعظيم وفق ما أعتبره أنا، شخصاً مثل الحاج عماد مغنية، وتعرفون وكلنا يعرف أن هذه الشخصية حقيقة كانت شخصية إستثنائية، وما زال حتى الان جزء كبير من حياة هذه الشخصية في دائرة، يعني ما زالت مخفية وستظهر مع الوقت ومع الأيام.

الأمر الثاني هو نشاطها الدؤوب، وخصوصاً في العقد الأخير، وخصوصاً بعد إستشهاد الحاج عماد، هذا دفعها إلى الضوء، قبل ذلك وبالرغم من أنها أم الشهيد فؤاد وأم الشهيد جهاد، مع ذلك لم تندفع أو لم تتحرك أو لم يدفع بها إلى الضوء كما حصل بعد شهادة الحاج عماد، بطبيعة الحال لما للحاج عماد من دور مركزي في المقاومة وموقعه القيادي في حزب الله، وهي أم الشهيد القائد إضافة إلى أبنائها الشهداء الآخرين. هذا أعطاها موقعية معينة حكماً، هذه نتائج طبيعية، آباء الشهداء، أمهات الشهداء يحصلون على موقع وجداني وعاطفي وأخلاقي مميز، في بيئتنا وفي مجتمعاتنا وفي ثقافتنا، فدخلت إلى دائرة الضوء رغم كبر سنها، يعني في السبعينات، رغم وضعها الصحي، رغم مسؤولياتها العائلية، إلا أنها حضرت بقوة خلال السنوات الماضية، وفي مرحلة حساسة جداً من تاريخ مقاومتنا، فالحاجة أم عماد حضرت في كل مناسباتنا، في بيوت شهدائنا، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، هي لم تكتف في الحضور في بيوت الأخوة الشهداء الذين أستشهدوا في مواجهة الإرهابيين والتكفريين في سورية، بل عملت بمفعول رجعي حتى عوائل الشهداء الذين أستشهدوا قبل شهادة الحاج عماد بسنوات طويلة، بحيث أنه، أنا لا أريد أن أجزم وأقول كل وإن كان الأخوة والأخوات أكدوا لي هذا المعنى، الأغلبية الساحقة من بيوت شهدائنا ذهبت إليها الحاجة أم عماد، بعمرها، بصحتها، وبعمرها الطويل، بثقافتها، ببيانها، بخطابها، بكلماتها، بتواضعها، بمحبتها، بعاطفتها، في كل المناسبات التي كانت تدعى إليها من أي جهة من الجهات، مدارس، طلاب، جمعيات، كشاف، أعمال إجتماعية، مناسبات إعلامية سياسيّة إلخ…

كانت تحضر ولا تتوانى أبداً، لم يقعدها المرض في يوم من الأيام، ولا التعب، ولا كبر السن على القيام بهذه المسؤولية، كانت تعتبر أنها تكمل رسالة دم أبنائها الشهداء، إستقبلت أعداداً كبيراً من الوفود التي تركت فيهم تأثيراً بالغاً، وأنا سمعت من بعض هذه الوفود التي التقيتها وسمعت أيضاً من بعض العلماء الذين رأيتهم في التلفزيونات أو يخطبون بعد لقائهم بالحاجة أم عماد وحجم التأثير المعنوي والروحي الذي تركته فيهم. الأهم هنا ليس فقط في الكم وإنما في المضمون، المضمون الذي كانت تقدمه الحاجة أم عماد من خلال خطابها ولقائها وحديثها الطيب والعفوي، مع كل الذين كانت تلتقي بهم. أستطيع هنا أن أقول أنها كانت تخوض معنا وفي موقع متقدم معركة الحرب المعنوية، والحرب النفسية والحرب الإعلامية، ما نسميه معركة التثبيت، في مقابل معركة التثبيط، تثبيط العزائم، والمسألة بالدرجة الأولى هي مسألة العزائم، العزم قبل العدد وقبل العدة وقبل الإمكانات وقبل ما تملكه من سلاح ومن مال ومن مقدرات ماديّة وحتى من عديد بشري، المسألة بالدرجة الأولى، هل هؤلاء لديهم العزم اللازم لمواصلة الطريق؟ لتحمل المسؤوليات؟ لتقديم التضحيات؟ المسألة هنا، حتى عندما يتحدث القرآن عن أنبياء الله سبحانه وتعالى ويميز بينهم، يميّز بينهم بالعزم، فعنده الأنبياء نوعان، أولو العزم والأنبياء الباقون، العزم، الإرادة، التصميم، الثبات، هي التحدي الكبير والأساسي أمام أي شعب وأمام أي مجتمع، وأمام أي حركة مقاومة، تريد أن تحمي بلدها وشعبها ومقاومتها ومقدساتها وتواجه أخطاراً كبرى. نحن منذ البداية كنا نواجه هذا التحدي، في السنوات الماضية كان هذا التحدي يكبر أيضاً، لأننا نحن أيضاً كنا نكبر، ولأن مسؤولياتنا كانت تكبر ولأن إنتصاراتنا كانت تتعاظم، فمن الطبيعي أن تكبر علينا الحرب النفسيّة. في معركة الوعي ومعركة العزم والإرادة معركتنا أصعب أيضاً، لماذا؟ لأن خياراتنا أيضاً هي من النوع المختلف، في خياراتنا صفتان أساسيتان، أولاً، خياراتنا كبيرة وصعبة، لأنها تتعلق بالمصير، تتعلق بالوجود، وجود وطن، وجود دولة، وجود أمة، بقاء مؤسسات، بقاء شعب في أرضه، منع تهجير شعب من أرضه، منع مصادرة قراره ومقدراته وحاضره مستقبله، هذه خياراتنا، والصفة الأخرى أن خياراتنا من النوع المكلف، المكلف الذي يقدم فيه الدماء، والشباب وخيرة الشباب، كجهاد وفؤاد وعماد وجهاد وكل إخوانهم وأخواتهم من الشهداء والجرحى، إذاً هذا النوع من الخيارات لأنه من جهة مصيري ووجودي ولأنه من جهة ثانية مكلف وله طابع التضحيات الجسام. معركة الوعي حوله أو حول هذه الخيارات هي معركة أيضاً كبيرة وعظيمة، عندما تواجه هذه الخيارات بالتشكيك وهو ما زال قائماً، رغم أن إنتصاراتها وإنجازاتها يعني لهذه المقاومة ولهذه الخيارات ملأت الدنيا وعقل الناس، لكن يوجد أناس مصرين على التشكيك الدائم، على الدفع بإتجاه الخيارات الأخرى، الإستسلام، الخضوع، الخنوع، الهروب من تحمل المسؤولية، الإنسياق وراء موجات التخويف والتهويل التي يمارسها العدو في هذه الساحة أو في أكثر من ساحة، هنا الحاجة أم عماد. هنا أنا أقول كان الأمر المهم أيضاً، أنها في كل منزل، في كل مناسبة، في كل بيت، تشد العزائم، تقوي الهمم، تشحذ الإرادات، تتحدث عن الصبر، عن الثبات، عن الإنتصارات، عن الفلاح، عن النجاح، عن العزة، عن الكرامة، عن السؤدد في الدنيا والآخرة، الذي يقدمه طريق المقاومة وطريق الجهاد وطريق التضحيات، وهنا دور ام عماد مميز. لماذا؟ لأنها من قلب الحدث، كما السيدة زينب عليها السلام، في التاريخ السيدة زينب عليها السلام حفظت لنا كربلاء على مدى التاريخ وإلى قيام الساعة، ما قامت به السيدة زينب لم يكن من موقع المؤرخ، ولا الشاهد الحيادي. الآن يوجد الكثير من أحداث كربلاء ينقلها قوم كانوا في معسكر الحسين (ع) وهم واحد أو اثنان من من بقي على قيد الحياة، وقوم كانوا في جيش ابن سعد وقوم يصنفون أنفسهم أنهم مراقب حيادي، ويوجد أناس تكلمت عن هذه المعركة من الموقع العلمي أو المعرفي أو النظري أو التحليل التاريخي. زينب كانت في قلب الحدث، إستطاعت زينب وهي الجزء الثاني من كربلاء لأن الجزء الأول هو الحسين (ع)  الذي إنتهى بشهادته ليبدأ الجزء الثاني من رحلة كربلاء بصوت زينب، ووقفة زينب، وصرخة زينب، وشجاعة زينب، وصبر زينب، إنما إستطاعت زينب عليها السلام أن تفعل كل الذي فعلته، أن يرسم كلامها خطاً ثابتاً طوال التاريخ، أن يصبح موقفها مغيراً لمعادلات الصراع والتاريخ، أن تصبح أنّاتها وكلماتها تبعث هذا الشعور القوي وهذا الصبر الجميل في قلوب النساء والأمهات طوال التاريخ لأنها كانت ابنة الشهداء وأم الشهداء وعمة الشهداء وأخوة الشهداء ومن قلب الحدث، هذا الذي جعل زينب سيدة مختلفة في فعلها وتأثيرها، في كلامها، في موقفها، هذا الذي جعلها إضافة إلى صفاتها الذاتية، قائداً إستثنائياً، وإمرأة إستثنائية في التاريخ، ومن هذا الموقع كانت أم عماد مؤثرة في مسيرتنا وفي حركتنا وفي مقاومتنا وفي عوائل شهدائنا وفي كل هذا الصبر الجميل والعظيم الذي نراه في عوائل الشهداء وفي وجوه أمهات الشهداء، وهذا ما تسعى على ما أعرف الكثير من أمهات شهدائنا على أن تقوم به، وأنا أقول لهن اليوم في ذكرى رحيل الحاجة أم عماد نعم أنتن يا أمهات الشهداء ويا زوجات الشهداء ويا بنات الشهداء ويا عوائل الشهداء عموماً الأباء والأبناء عليكم جميعاً المسؤولية ولكن أقول للسيدات من أمهات وزوجات وبنات الشهداء أنتن مسؤولياتكن كبيرة جداً، لأنكن من الموقع الإنساني ومن الموقع العاطفي لما لكم من تأثير في هذه البيئة وفي هذا المجتمع وفي هذه الأجيال، أيضاً أنتن تتحملون هذه المسؤولية الزينبية، مواصلة الطريق، تبيين طريق الشهداء وخط الشهداء وأهداف الشهداء، وأحقية هذا النهج الذي يواجه اليوم ويعمل على تحديه وعلى محاصرته في كل الساحات وفي كل الميادين وهو أقوى من الحصار، وهو أقوى من الحديد لأنه ينتسب إلى مدرسة إنتصار الدم على السيف.

أم عماد اليوم بعد رحيلها كما كانت في حياتها هي رمز من رموز مقاومتنا وجهادنا ومعركتنا وصمودنا وإنتصاراتنا وستبقى كذلك، وسيبقى لها هذا الأثر الخالد إن شاء الله.

أيها الإخوة والأخوات، هناك بعض النقاط فيما تبقى من وقت، أود أن أتعرض إلى بعضها بالإيجاز الممكن إن شاء الله.

النقطة الأولى، أود أن أتوقف قليلاً عند خطاب أو خطابات الرئيس الأميركي ترامب في الأيام القليلة الماضية لأخذ العبرة والنقاش أيضاً في الخيارات، والتي طالب فيها بعض الدول الغنية التي يدعمها هو، طالبها بدفع الأموال في مقابل الحماية، ولكنه ركّز حملته – حتى الآن أربع مرات ويعدونها له – ركّز حملته على المملكة العربية السعودية.

للتذكير بما قال ويقول، نحن نحميكم وعليكم أن تدفعوا ونحن لا نتقاضى البدل الكافي مقابل حمايتكم وأنتم لديكم أموال كثيرة. قال لهم يوماً لولانا لا تبقى طائراتكم في السماء، ثم قال بعد ذلك – مرة أخرى – لولانا لا تستطيعوا أن تحكموا أسبوعين وعليكم أن تدفعوا، طبعاً بكل واحدة يجب أن نحفط هذه “وعليكم أن تدفعوا”. وكان قبل أشهر قد قال لحكام الخليج، دول الخليج، قال للجميع، لولانا لا تستطيعون البقاء أسبوعاً واحداً. وآخر كلام – الذي من يومين – يقول إيران كانت ستسيطر على منطقة الشرق الأوسط خلال 12 دقيقة، هذا رئيس الولايات المتحدة الأميركية، أن إيران كانت ستسيطر على منطقة الشرق الأوسط خلال 12 دقيقة، هو من يخاطب؟ كل دول الشرق الأوسط وليس فقط دول الخليج، قبل توليه للرئاسة أما وقد تولى الرئاسة – هنا إنجازه العظيم – فهو جعل الإيرانيين مشغولين بأنفسهم.

حسناً، هذه خلاصة، طبعاً مع كل جملة “يجب أن تدفعوا”، “لديكم أمول طائلة”، و”إدفعوا”، وآخر شيء قال وسيدفعون.

هذه هي أميركا، هذه هي الإدارة الأميركية.

بوقفة سريعة أود أن أقول ملاحظات، أولاً، أنا وأستمع إلى ترامب كنت أتذكر كل ما كنا نقرؤه ونسمعه من سماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف، فيما أطلقه من مواصفات على الإدارة الأميركية، هو لم يتحدث عن الشعب الأميركي، كان يتحدث عن الحكومات الأميركية المتعاقبة، الشيطان الأكبر والمستكبرين وكذا، لكن من جملة المواصفات غير المتداولة كثيراً في الخطاب، يعني نحن نعرف الشيطان الأكبر، قوى الإستكبار هذه أكثر شيء، أنهم ناهبوا الشعوب، ناهبون، يعني بتعبير آخر “حرامية”، أميركا دولة “حرامية”، دولة لصوص، دولة ناهبين، هذا كان الإمام يؤكد عليه كثيراً في خطاباته. الحكومات السابقة كانت حكومة نهب، لا يوجد شك، لكن نهب بدبلوماسية، يسرقون الشخص بإحترام، ينهبوه ويقولون له يا جلالة الملك ويا سمو الأمير ويا سيادة الرئيس، والآن جاءنا شخص ينهبهم بطريقة مختلفة، اليوم نحن أمام نهب علني، نهب مكشوف، نهب مع إستكبار، مع إستعلاء، مع عتو، ونهب مع جشع، يعني لا يوجد حدود لجشع ترامب، عينه على كل الآلاف المليارات من الدولارات العربية المودعة في البنوك الأميركية – وهذه لحيتي – يريدهم كلهم، سيأخذهم، أنا أقول لكم سيأخذهم – الآن أستدل لماذا؟ – جشع ليس له حدود، وليس فقط على آلاف المليارات الموجودة في البنوك الأميركية، حتى ما لدى الدول العربية من نفط وغاز ومال وإمكانات، ويعتبر هذا حقه وهذا أقل حقه لأنه هو يحميهم، لولاه لم يكونوا هم موجودين في السلطة، لولاه هم لا يبقوا أسبوع أو أسبوعين. فإذاً نحن أمام نموذج للنهب العلني، اللصوصية العلنية المكشوفة والوقحة والتي لا حدود فيها للطمع ولا للجشع، نحن أمام حكومة وإدارة ورئيس منذ مجيئه من سنتين، والسنة التي كنا نسمع فيها خطابه الإنتخابي، خلافاً لرؤساء سابقين، أولئك كانوا أذكياء بالنفاق، كانوا يتحدثون عن حقوق الإنسان وعن نشر الديمقراطية وعن العدالة وعن الحرية، ولكن خطاب ترامب هو الخطاب الأصيل الذي لا يوجد فيه لا كلمة قيم أخلاقية ولا حقوق إنسان ولا حريات ولا عدالة ولا ديمقراطية، دائماً ماذا يتحدث؟ فلوس وملايين ومليارات ودولارات وضرائب وجمارك وحرب تجارية، هذا هو. اليوم الذي يرأس أكبر أو إحدى أهم القوى العظمى في العالم كل معاييره هي معايير المال؛ مجتمع دولي، قانون دولي، أمم متحدة، مجلس أمن دولي، محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، كل هذا لا شيء، ليس له أي قيمة، بل يتعاطى معهم بإحتقار وبتهديد وبإهانة.

نحن اليوم أمام نموذج من أميركا التي أيضاً تُوغل في إستكبارها وعتوها إلى درجة أنها تهين حلفاءها وأصدقاءها، لغة مهينة، والإهانة متكررة، ليست مرة واحدة لنقول زلة لسان، مرة واحدة كان غضبان أو يتحدث في خطاب جماهيري، مرة واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وإذا نأتي بالحملة الإنتخابية سيل من الإهانات، الإهانات الشخصية وإهانات للدول وإهانات للشعوب، ليست إهانة فقط لهذا الملك أو ذلك الأمير أو ذاك الرئيس، إهانة لهم جميعاً، مع ذلك في المقابل نجد – طبعاً باستثناء جماعة محور المقاومة – الذين إسمهم أصدقاء أميركا وحلفاء أميركا وأحباء أميركا، لا نجد مقابل الإهانات الترامبية سوى البسمة والسكوت والخضوع والصمت القاتل والرهيب، هناك رئيس أميركي يمارس الإذلال اليومي، ليس بحق أعدائه وخصومه بحق أصدقائه وحلفائه، ألا يفعل ذلك؟ ولدينا أيضاً ممارسة التهويل من قبل ترامب، التهويل على كل شعوب المنطقة ودول المنطقة وبالخصوص على دول الخليج وبالأخص على المملكة العربية السعودية، التهويل، من دوننا لا تبقوا أسبوع، من دوننا لا تبقوا أسبوعين، من دوننا لا تبقوا 12 دقيقة، هناك شيء مذهل، أنا أريد أن أتحدث قليلاً عن 12 دقيقة.

في كل الأحوال أياً تكن خلفية 12 دقيقة أن إيران تسيطر على المنطقة، منطقة شرق الأوسط وليس دول الخليج، على الشرق الأوسط، تسيطر إيران بـ 12 دقيقة، أياً تكن خلفية هذا الكلام، إنما هذا يدل على عظمة إيران في عين ترامب، يدل على عظمة إيران في عين ترامب، إيران المقاومة، إيران الصلبة، إيران الثابتة، إيران التي لم تساوم في يوم من الأيام لا على دينها ولا على نبيها ولا على مقدساتها ولا على سيادتها ولا على ثرواتها ولا على فلس من أموالهم أو قطرة نفط من نفطهم، هي في عينه عظيمة تستطيع أن تسيطر على الشرق الأوسط بـ 12 دقيقة. وأما حلفاؤه الذين باعهم حتى الآن بمئات المليارات من الدولارات، طائرات وأسلحة وصوارخ ودبابات وذخائر، إيران المحاصرة منذ 40 سنة في عينه عظيمة، وهذه الدول التي تُفتح لها كل أسواق العالم في عين ترامب – ليس في عيني وعينكم – في عين ترامب لا تصمد 12 دقيقة وإذا بالغ قليلاً أسبوع وإذا بالغ قليلاً أسبوعين، هذا ماذا؟ طبعاً جزء من هذا الكلام تهويلي، من هنا قلت يمكن الشخص يقف قليلاً ما قصته هذا يتحدث عن 12 دقيقة، حتى إيران أصلاً لا تريد أن تسيطر على الشرق الأوسط ولكن هي لا تدعي أنها تستطيع أن تسيطر على الشرق الأوسط بـ 12 دقيقة ولا بأسبوع ولا بأسبوعين، إلا إذا كان هو يبني على حقيقة الموقف المضمر لشعوب المنطقة، شعوب المنطقة التي لها موقف حقيقي من المشروع الأميركي والوجود الإسرائيلي والأنظمة التي تفرض على شعوبنا بقوة وإرهاب هذين المشروعين، هذا بحث آخر، إذاً التهويل.

حسناً، هذا التهويل إلى أين يريد أن يصل؟ الإبتزاز، يبتزهم ليبيعهم المزيد من السلاح، ليطلبوا منه المزيد من الحماية وليأخذ منهم المزيد من المال، إذا أريد أن أستعمل توصيف ضمن مصطلحات وأدبيات معينة معروفة ومستفذة في منطقتنا أستطيع أن أقول إن ترامب من خلال خطابه يكشف لنا أن الكثير من دولنا العربية والإسلامية اليوم تدفع الجزية، تدفع الجزية لأميركا ولترامب مقابل بقائها في عروشها، هذا هو التوصيف.

حسناً، لننتقل للعبرة وهذا خطاب لحكوماتنا العربية والإسلامية، لكل شعوبنا نقول، نقول أمرين، لا أريد أن أطيل أكثر من هذا.

الأمر الأول، على من تراهنون؟ حكوماتكم، دولكم، مستقبلكم، حاضركم، أمنكم، إقتصادكم؟ حقيقة على من تراهنون؟ على ترامب، على أميركا؟ على الذي يذلكم ويهينكم ويستكبر عليكم ويسرقكم وينهبكم ويبتزكم بحجة الحماية وعندما تنتهي أموالكم غير معلوم ماذا يفعل بكم، وعندما ينتهي دوركم، كلنا شاهدنا أميركا كيف تعاطت مع محمد رضا بهلوي، فيزا حتى يدخل إلى أميركا ليتحكم، الرجل كان مريض بالسرطان، لم يعطوه، وهو الذي أمضى شبابه وسخّر كل إيران ومقدرات إيران لخدمة أميركا ومصالح أميركا. على هؤلاء تراهنون؟ إذا كان يأخذ أموالكم ويهينكم في كل يوم كيف إذا لم تكن لديكم أموال تدفعوها، كيف يتصرف معكم؟

إذاً الأمر الأول هو دعوة إلى إعادة النظر، يا أخي على من تراهن؟

الأمر الثاني، هو مناقشة الخيارات، واقعاً أيهما أكرم، أشرف، أفضل، أحسن، أوجه، يا عمي أوفر عليكم، أوفر، حتى بدفع الفلوس، أنه يبقى الشخص منصاع لترامب وأميركا أو لا،  يذهب إلى منطقته، إلى دول المنطقة، يذهب، ينهي الحروب التي يشنها، يتوقف عن الدفع باتجاه الحروب الداخلية، يدخل إلى المنطقة بروح التصالح، بروح التعاون، بروح الإيجابية، وبالرغم من كل الدمار والخراب التي خلفته الأحداث في السنوات الماضية في منطقتنا مع ذلك أنت تستمع في اليمن إلى دعوات المصالحة ودعوات الحوار ودعوات وقف الحرب وتستمع في إيران، وتستمع في سورية، وتستمع في العراق،، وتستمع في البحرين، وتستمع في كل مكان فيه ظلمات وجراحات وآلام، ومع ذلك هناك من هو يريد أن يقفز فوق كل هذه الجراحات والآلام من أجل مستقبل شعوب هذه المنطقة.

أيهما أوفر أن تدفعوا الجزية لترامب أو أن تنفقوا مئات المليارات هذه على شعوبكم لمعالجة مشاكل البطالة وتأمين فرص العمل، ومعالجة مشاكل المرض، والصحة، والبيئة، معالجة مشاكل الجهل والأمية، معالجة الكثير من المشاكل التي تعاني منها.

هذه الإمكانات المالية والإمكانات البشرية لو عمت روح التصالح والتعاون بين حكومات ودول وشعوب هذه المنطقة  نستطيع أن نصبح في مرحلة متقدمة، ولا أريد الحديث عن قوة عالمية وغير ذلك، ولكن نستطيع أن نخرج شعوب منطقتنا من المجاعة التي تنتشر، من أين؟ من الصومال لليمن، لكثير من دول العالم العربي والإسلامي، نخرج شعوبنا وأمتنا ودولنا وبلادنا من كل هذه المصائب والمآسي التي يعانون منها.

مازال الباب مفتوحا، مازال هناك إمكان، طبعا أنا أعرف أنني أتحدث بكلام هو من باب إقامة الحجة ومن باب الإضاءة وإلا هناك أناس سلموا رقابهم وعقولهم ولا فرصة لديهم حتى ربما للمراجعة والتأمل أو للتفكير، ولكن أعتقد أن علماء هذه الأمة ونخب هذه الأمة في كل المستويات وشعوب هذه الامة يجب ان تقف أمام هذه التجربة الجديدة مع الرئيس الأمريكي ترامب لتتأمل في خياراتها وفي سلوكيتها وفي سلوكيات قادتها وأنظمتها وحكوماتها وتبني على الشيئ مقتضاه.

النقطة الثانية: بالموضوع الإسرائيلي الذي جرى قبل أيام في مهزلة الحرب النفسية لنتنياهو وآخرين في الكيان الإسرائيلي فيما يتصل بموضوع الصواريخ. أنا أحب فقط أن أؤكد ما نقل بالواسطة، ولكن أريد أن أؤكده رسميا نحن سياستنا لأكون واضحاً من أجل المستقبل لأن هذه قصة طويلة بيننا وبين الإسرائيليين. نحن فيما يتعلق بالأمور العسكرية وسلاح المقاومة وإمكانات المقاومة، وعديد وعدة المقاومة وما يتصل بالمقاومة سياستنا حيث البعض يقول لك السكوت أو الصمت صح ولكن التوصيف الصحيح هو الغموض البناء.

هذا الصمت هو صمت هادف، هذا سكوت هادف من موقع المعركة، ونحن من أجل ان يأخذ كل الناس علما، كلما خرج ناتنياهو أو غير ناتنياهو بكلام وأن حزب الله عنده هيك أو ما عنده هيك أو في المكان الفلاني أو في غيره.على حزب الله أن يقدم إجابات؟ لا ، أبدا ليس علينا أن نقدم إجابات ومن الخطأ أن نقدم إجابات لأن هذا يدخلنا بلعبة العدو.

غدا عندما يأتي ويقول هنا يوجد مخزن لحزب الله وهناك توجد صواريخ لحزب الله نخرج ونقول: لا وهنا لا.

غدا يخرج،  وربما البعض يتذكر، تحدث عن 2000 هدف أسقطهم على الخريطة، إن شاء الله كلما تحدث عن منشأة أو عن مكان وعن بناء وعن منزل وعن غيره يصدر حزب الله بياناً رسمياً يقول هذا غير صحيح وهذا غير صحيح.

هذا النفي هو تقديم معلومات مجانية لإسرائيل،  طبعا ما حصل في المسألة الأخيرة حقيقة هي كانت مبادرة من وزارة الخارجية اللبنانية وبالتأكيد هي مبادرة مشكورة جدا. لم نطرح نحن هذه الفكرة عليهم على الإطلاق. كانت مبادرة من وزارة الخارجية اللبنانية واعتبروا أن هذا الموضوع حساس وموضوع المطار وجوار المطار وحائط المطار وهذا سيترك آثاراً معنوية ونفسية وإنعكاس على السياحة والاقتصاد وا وا وا الخ.

Image25طيب ماشي، فكشف زيف إدعاءات نتنياهو ولا أريد الدخول إلى تفاصيل هذا الموضوع، وأنا أعتبر معالي وزير الخارجية مشكور على ما قام به وكان حيوياً ونشيطاً وحضوره قوي وأيضا هذا يعني دبلوماسية متقدمة في معركة الدفاع عن لبنان ومواجهة أضاليل نتنياهو وحكومة العدو.

لكن ما أريد التأكيد عليه هي سياستنا نحن، ولذلك من اللحظة الأولى وبدأت وسائل الإعلام تتصل، نحن العلاقات الإعلامية عندنا كانت تقول لا تعليق، لأن نحن سياستنا الغموض البّناء. نحن لا نعلق. أتمنى لللمستقبل أيضا أن لا يضغ أحد علينا ولا يتوقع أحد منا تعليق لأنه حتى لو ضغط علينا لن يحصل على تعليق.

تقديم معلومات مجانية حتى ولو كانت في إطار النفي “هون ما في شي” “هون ما في شي” “هون ما في شي” هذه خدمة مجانية معلوماتية للعدو الإسرائيلي.

هناك أمر آخر في هذا السياق، أنا أود أن أشكر الناس عليه ، في الحقيقة لأنه في اليوم الثاني والثالث تابع الإسرائيلي وصار يرسل على الهواتف، خصوصا بالضاحية الجنوبية، يرسل لهم، هذا يقول له: تحت منزلك هناك مخزن، وهذا يقول له: تحت شقتك يوجد صاروخ، وذاك يقول له: هناك مركز وما إلى ذلك.

الهدف كان هو إثارة مخاوف الناس، هلع الناس، الرد الجميل الذي قاله كثيرون حتى على شاشات التلفزة فيه مزاح وتنكيت وهو “هيك” صحيح، الرد يجب أن يكون بالسخرية من كل ما يفعله قادة الحرب النفسية الإسرائيليون الفاشلون.

هم فاشلون فلا يجوز أن يساعدهم أحد على النجاح، وهذه مسؤولية الكل في لبنان، لأنه في كل الأحوال الأذى عندما يلحق سيلحق بالجميع ولن يلحق بجهة معينة، الكل يجب ان يكون منتبها وحريصا، وسائل الإعلام، الإعلاميين، السياسيين، الناس بكل المناطق. يجب أن نأخذ عنواناً عريضاً “أن لا نساعد العدو في حربه النفسية على بلدنا وعلى شعبنا وعلى حكومتنا وعلى دولتنا وعلى كل فرد في هذا البلد”، لأن هذا في الحقيقة خدمة مجانية للعدو وهذا انسياق للعدو في حربه النفسية.

الأمر الأخير الذي أريد أن أعقب عليه أنه ليس لدينا جديد، أنا في الحد الأدنى ليس لدي جديد في مسألة تشكيل الحكومة، نحن كالعادة مثل بقية القوى السياسية نحث على تشكيل الحكومة. للأسف رغم أننا قلنا مرة واثنين وثلاثة وأربعة أننا نحث على تشكيل الحكومة من أجل المصلحة الوطنية لكن البعض مصر أن يقول لأن حزب الله محشور بالإقليم؟ أين محشور بالإقليم! لا محشورين لا بالإقليم ولا بالعالم نحن لسنا محشورين ولا منضاقين ولا مزعوجين ولا شيء من هذا القبيل.

إذا ترغبون التحدث بمصلحة الحزب كحزب بمعزل عن مصلحة الناس كناس وإن كان التفكيك نظري فرضي جدلي، إذا تشكلوا أو لا تشكلوا، تبقوا سنة او سنتين أو ثلاثة، هذا شأنكم.إن تحدثت بالمصلحة الحزبية.

نحن عندما نتحدث، نتحدث عن مصلحة الناس، الكل يقول الوضع الاقتصادي، الوضع المالي، الوضع المعيشي، بدأ الشتاء، بدأت الأمطار، ولاحقا ستبدأ المشاكل، فيضانات بالمدن والقرى، على مدى أيام شاهدنا سيول جارفة في البقاع الشمالي بمنطقة بعلبك الهرمل، والكل يتحدث عن أزمة النفايات القادمة على الأبواب، وأزمة كذا وأزمة كذا وأزمة كذا، ماذا تنتظرون؟ الكل يعرف بالاسباب الداعية والموجبة للاستعجال إذا ما الذي تنتظرونه؟

على كل حال هذا المشهد السياسي في موضوع تشكيل الحكومة يجب ان يكون هناك عبرة للشعب اللبناني عندما يروا القوى والقيادات السياسية كيف تتصرف في هذه المسألة وما هي أولوياتها والمصالح التي تقدمها على غيرها.

لذلك نحن امام الاستحقاقات، طبعا أؤكد على أهمية المسارعة، وبانتظار ما ستؤل إليه الأيام القليلة المقبلة، لأنه هناك كلام عن تفعيل للاتصالات وهناك أمل ما، أنا لا أعرف ولا أريد أن أحسم بشيء في هذه المسألة. ما أريد أن أؤكد عليه، خصوصا على الوزارات المعنية التي نتحمل مسؤوليتها، صحيح حكومة تصريف أعمال ووزارات تصريف أعمال ولكن هي مسؤولة ويجب أن تتحمل المسؤولية. اليوم ما يجري في بعلبك الهرمل، موضوع السيول، هناك بيوت، هناك أناس خرجت من بيوتها، هناك مصالح ضُربت وتضررت، والدنيا ذاهبة إلى شتاء وإن شاء الله الدنيا تمطر لا يوجد مشكلة وهذا كله خير، لكن الأضرار الجانبية لهذا الخير العميم الذي ننتظره جميعاً في لبنان يجب أن تسارع وزارات الدولة إلى تحمل مسؤولياتها بسرعة، بدون تلكّؤ، بدون بيروقراطية، بنمط فلنقول جهادي، ثوري، يتناسب مع الأحداث التي تحصل سواءً في بعلبك الهرمل، في البقاع، في أماكن أخرى قد يحصل أشياء مشابهة كما حصل بالفعل قبل أسابيع، الوزارات المعنية يجب أن تكون على درجة عالية من الاستنفار، الإدارات، إتحاد البلديات، البلديات، رؤساء البلديات، وهنا أود أن أؤكد بالخصوص على إخواننا ممن يتحملون مسؤوليات مباشرة في الاتحادات البلدية أو في البلديات أن يتعاطوا مع هذا النوع من الأحداث الطبيعية بدرجة عالية من الطوارئ، يجب أن يفترضوا أنفسهم أنهم بداخل المعركة، بداخل المعركة عندما يبدأ أزيز الرصاص لا يوجد وقت الآن، بعد قليل، وغداً وبعد غد، لا، تترك كل شيء من يدك وتذهب إلى الناس وتنزل عند الناس وتدخل إلى بيوت الناس، ترى الناس ماذا تحتاج؟ بكل إمكانياتنا وقدراتنا يجب أن نقدم العون حتى لو من إمكانياتنا الذاتية، يعني حتى على مستوى مؤسسات ومسؤولي وأجهزة حزب الله يجب أن تتعاطى بدرجة عالية جداً من المسؤولية، لأنه الآن الشتاء قادم ولا نعرف الأمور إلى الأمام كيف.

وكذلك فيما نواجهه من أحداث مشابهة، الوزارات لا يجوز أن تستقيل من مسؤولياتها بحجة أنه لا يوجد حكومة، حتى لو احتاجوا إلى مال، نشاهد بعض الوزارات تطلب سلفاً وما شاكل ولها طريقها القانوني والدستوري وهذا الأمر يعالج، والمهم في السياق العام أن تبذل كل الجهود وتتظافر كل الجهود وبإخلاص لأنه في نهاية المطاف يجب أن تتشكل حكومة ونرجو ونأمل، مع أنه دائماً نتواصى بينا وبين إخواننا، أنه الآن نتجنب الكلام عن عامل خارجي، نأمل أن لا تكون هناك عوامل خارجية أو دوافع خارجية، دعوا الخارج، يعني هنا عندما نتكلم عن النأي بالنفس فلينأوا بأنفسهم بهذا الموضوع، واقعاً إذا في مكان ما تدخل للخارج، البعض حاول أن يحمّل إيران مسؤولية وأنا أجزم لكم بأن إيران لا تتدخل في مسألة تشكيل الحكومة لا من قريب ولا من بعيد، وذهب البعض ليحمل سوريا المسؤولية وأنا أجزم لكم بشكل قاطع أن سوريا لا تتدخل في تشكيل الحكومة لا من قريب ولا من بعيد ولا توصي بشيء، الآن ممكن أنه هي تريد تأخير، لا تأخير ولا تعجيل، هذا شأن لبناني أنتم اللبنانيين تحملوا مسؤوليتكم.

نحن اليوم أمام مرحلة، القرار اللبناني هو القرار المتاح والإقليم مشغول عنا والعالم كله مشغول عنا، يجب أن يثبت اللبنانيون من خلال هذه التجربة أنهم جديرون بالحرية والسيادة والإستقلال.

رحم الله الأم الكبيرة العزيزة الغالية، أم الشهداء، الرمز المضحي وعنوان الصبر والثبات والصمود والمرأة السيدة المدرسة التي سوف تبقى مدرسة في مسيرتنا وفي جهادنا. رحم الله أم عماد وأبناءها الشهداء وكل الشهداء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله