أعلن الأوروبيون عن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة تجارتهم مع إيران والإفلات من العقوبات الأميركية في قرار يشكل ضربة لواشنطن عشية خطاب الرئيس دونالد ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يتوقع أن يسعى للتعبئة ضد إيران.
وتهدف هذه المبادرة إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع في 2015 على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة المدوي منه في أيار/مايو الماضي. وفي إعلان تلته بالاشتراك مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك، قالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديركا موغيريني “عمليا ستنشىء الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي كيانا قانونيا لتسهيل المعاملات المالية المشروعة مع إيران”.
وأضافت في ختام اجتماع للدول الست التي لا تزال مشاركة في الاتفاق أن “هذا النظام سيتيح للشركات الأوروبية مواصلة التجارة مع إيران وفقا للقانون الأوروبي ومن الممكن أن ينضم إليه شركاء آخرون في العالم”.
وحضر ممثلو هذه الدول الست المتبقية بعد انسحاب واشنطن وهي فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا وإيران الاجتماع الذي عقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت مصادر أوروبية إن هذا الكيان الذي يسمى “الآلية المحددة الأهداف” (سبيشل بوربس فيهيكل – اس بي في) سيعمل كبورصة تبادل أو نظام مقايضة متطور انطلاقا من بيع النفط الإيرانب مصدر الواردات الأول للبلاد.
“غرفة مقاصة”
وأوضح دبلوماسي أوروبي لفرانس برس أن “الأمر سيكون أشبه بغرفة مقاصة حين نستورد نفطا من إيران يتم تسديد المال للآلية المحددة الأهداف وإن قامت شركة أوروبية لاحقا ببيع تجهيزات في إيران فسوف يتم التسديد من خلال الآلية”. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن هذه الآلية “تحصن” الشارين والبائعين من خلال تجنيبهم صفقات بالدولار يمكن أن تعرضهم لعقوبات أميركية. وأضاف المصدر أن “النفط هو المقابل الوحيد الذي يمكن لإيران تقديمه (…) والآلية تسمح باستخدام عائدات النفط لاستيراد سلع”.
ويهدف الاتفاق النووي الذي وقع في 2015 إلى منع إيران من امتلاك سلاح ذري وإخراجها في الوقت نفسه من عزلتها الاقتصادية برفع العقوبات التي كانت تخنقها. لكن عند خروجه من الاتفاق، أعاد ترامب فرض عقوبات قاسية تستهدف أيضا الشركات والدول الأجنبية التي تواصل التجارة مع طهران، وتحت تهديد العقوبات أوقفت مجموعات كبيرة (الفرنسية توتال والألمانية دايملر..) لديها نشاطات واسعة في الولايات المتحدة كل نشاط لها في إيران خوفا من إجراءات انتقامية أميركية.
وستدخل دفعة رابعة من العقوبات حيز التنفيذ في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، وستطال مباشرة صادرات النفط الإيرانية والعمليات المصرفية مع هذا البلد الذي سينقطع بحكم الأمر الواقع عن الدوائر المالية الدولية.
مخاطر تصعيد في المنطقة
قالت فيديريكا موغيريني للصحافيين إن قنوات الدفع الجديدة يفترض أن تطمئن “الجهات الفاعلة الاقتصادية”. وأوضحت أن الهدف هو حماية المكاسب الاقتصادية التي تنتظرها إيران مقابل بقائها في الاتفاق وتخليها عن برنامج نووي عسكري.
من جهته شدد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على أنه “من أجل إنقاذ الاتفاق، نحن بحاجة إلى حلول عملية تحمي قنوات الدفع والتجارة مع إيران”.
وتملك إيران رابع احتياطات عالمية مثبتة للنفط بينما يحتاج عدد من الدول وخصوصا في آسيا للخام الإيراني لا سيما أن مصافيها مصممة خصيصا لمعالجة هذا النوع من النفط وليس غيره. والأوروبيون مصممون على إنقاذ الاتفاق النووي لتجنب استئناف البرنامج الإيراني الذي يمكن أن يطلق مجددا السباق إلى السلاح الذري في المنطقة. وهم يشعرون بالقلق من أي ضعف للرئيس روحاني الذي يدافع بشدة عن الاتفاق النووي، لكنه لم يجن حتى الآن المكاسب الاقتصادية التي كان يعول عليها لمواجهة التيارات الأكثر تشددا في النظام.
وقالت موغيريني إن “حماية الاتفاق يخدم مصلحة الأسرة الدولية”. وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني لشبكة التلفزيون “إن بي سي” الاثنين أن بلاده اختارت البقاء حاليا في الاتفاق النووي.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية