اكد السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان “الأنظار تتوجه الى سوريا إلى ما قد يجري فيها بعد التهديدات الموجهة إليها بضربة عسكرية أميركية، تستخدم فيها أحدث الأسلحة، والتهمة جاهزة، استخدام السلاح الكيميائي الذي لطالما كان المبرر لكل الضربات السابقة، ونحن في هذا المجال، وفي الوقت الذي لا نبرر استخدام سلاح كيماوي تحت أي ذريعة من الذرائع، ولا نرى له شرعية، نرى أن من حقنا أن نضع علامات الاستفهام حول كل هذه التهديدات، بعدما عانينا حروبا سابقة تسببت بها اتهامات مماثلة أثبتت الأيام أنها لم تكن صحيحة، وخير دليل هو العراق الذي فبركت له مضبطة اتهام لاحتلاله، لكنها لم تكن تستند إلى أي دليل، وهناك أيضا ليبيا وغيرها. لقد كنا نريد، ولا نزال، وحرصا على العدالة، أن يسارع إلى إيفاد لجنة محايدة نريدها أن تكون ناصعة لتحديد المسؤوليات ووضع العالم أمام الحقيقة”.
ورأى “ان ما يحصل، إن في سرعة الاتهام وإدارة الظهر لأي فرصة لتحقيق محايد، أو في حشد الأساطيل وكل أدوات الحرب، لا يفسر إلا بأن هناك أمرا مبيتا باستهداف هذا البلد، ومع الأسف، ومن الأسى وسط كل هذا الكم من التهديدات، أن لا يتخذ العالم العربي والإسلامي أي موقف مندد، سواء بالضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مطار تيفور، أو التهديدات الأميركية والأوروبية الحالية بشن العدوان على بلد عربي وإسلامي، بل نجد أن هناك من أبدى استعدادا للمشاركة فيه”.
واضاف ” نقول للعالم العربي، إن السكوت والسماح بضرب بلد عربي، سيفسح في المجال لاحقا لضرب أي بلد عربي أو إسلامي آخر، عندما ترى الدول الكبرى مصالحها في ذلك، وهنا لا بد من التذكير بالمثل العربي الشهير “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.
ورأى “إن المشكلة التي نشهدها في هذه المرحلة، أنه لم يعد من حضور للقانون الدولي أو الإنساني، وللمنطق أيضا، لقد استشرى في هذا العالم الجديد منطق القوة والغلبة، وهو منطق الغاب، وهذا ما سيؤدي إلى خطر، لا على سلام هذه المنطقة من العالم فحسب، بل على السلام العالمي أيضا”.
اضاف “إننا نقول لكل الذي يستعرضون القوة، ان عليكم أن تتعظوا من دروس الماضي القريب أو البعيد، فأنتم قد تملكون القوة التي ترهبون بها الآخرين، لكنكم لا ينبغي أن تستهينوا بقوة الشعوب القادرة على أن تصنع من الضعف قوة، وحتى أن تقلب الموازين، أو أن تتجاهلوا حقيقة أن العالم قد تغير، وأنكم لن تستطيعوا تحقيق ما ترغبون فيه”.
وتابع “إننا نعيد التأكيد أن القوة لم ولن تحل أية مشكلة، بل هي تزيد الأمور تعقيدا دوما، وهذا ما لا نريد الوصول إليه. ويبقى أن ننبه إلى أننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى أن لا نؤخذ بالحرب النفسية والإعلامية التي باتت تشكل الأساس في أي حرب، والتي يراد منها أن تحقق الهزيمة قبل الدخول في الحرب”.
وقال “في هذا الوقت، لا بد من التوقف عند استباحة العدو الصهيوني للأراضي اللبنانية، والتي لا نريدها أن تتحول إلى أمر طبيعي. وهنا، المطلوب من اللبنانيين جميعا أن يدرسوا كل السبل والوسائل التي تقي لبنان من أن يبقى مستباحا أو أن يكون ممرا لضرب دول الجوار، كما حصل بالأمس القريب، وذلك باستثمار علاقات لبنان الدولية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني على التصدي لهذا العدو، والاستفادة من قدرات المقاومة”.
اضاف “ونبقى في لبنان، الذي يستعيد في هذا اليوم ذكرى الحرب الأهلية التي اكتوى اللبنانيون طويلا بنيرانها، ولم تنته آثارها على العديد من الصعد، ولا سيما على الصعيد الإنساني، حيث لا يزال مصير عدد كبير ممن خطفوا أثناءها مجهولا، على الرغم من أن أغلب رجالات الحرب هم الذي يحكمون هذا البلد. وفي هذه الذكرى، نعيد دعوة اللبنانيين إلى وعي عميق وفهم للأسباب الحقيقية التي أدت إلى أن يحصل لهم ما حصل، وكيف أمكن للاعبين الدوليين أن يستغلوا الحساسيات الطائفية والمخاوف لديهم، لتحقيق مصالحهم التي كانت على حساب اللبنانيين”.
ودعا اللبنانيين إلى أن “يستفيدوا من هذه التجربة، فلا يلدغوا من جحرها مرة أخرى. وانطلاقا من ذلك، فإننا نعيد التحذير، وفي هذه المرحلة، من استعمال الخطاب الطائفي والتحريضي في الانتخابات، حيث لا يزال مع الأسف، هو الحاضر دائما، من دون التدبر جيدا في آثاره وسلبياته، وفي من يستغله من صناع الفتن في واقعنا”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام