رغم أن الاطمئنان على صحة الأطفال أولاً ومشاهدتهم يضحكون ويلعبون ويكبرون هي تجارب ولحظات لا تقدر بثمن، إلا أن ذلك لا يعني أنها تتم بلا ثمن.
فرعاية الطفل وتأمين حاجياته ومستلزمات تطوره ونموه تتطلب تكاليف مالية كبيرة قد تتسبب باهتزاز الأمن المالي للوالدين، اللذين لا يبخلان على طفلهما وهما مستعدان لحرمان نفسيهما مقابل تأمين ما يحتاجه الأولاد.
هذه التضحية – أو فقدان السيطرة على زمام الأمور المالية – تنعكس مباشرة على صحة الأهل النفسية، بل وتصيبهم بأمراض نفسية كالقلق والتوتر نتيجة الخوف مما تحمله الأيام. فالأطفال الذين يجلبون معهم السعادة وكل مشاعر الحب هم أنفسهم الذين يفرغون الحسابات المصرفية لذويهم.
وفي دراسة أجرتها شركة Financial Finesse، تبين أن الأشخاص الذين لم ينجبوا بعد أظهروا مؤشرات قلق أقل بكثير من الأشخاص المنجبين.
وكان الآباء العاملون (دون سن 45 عاماً) أقل احتمالاً للسيطرة على التدفق المالي، أو امتلاك حساب طوارئ، أو حتى الشعور بالراحة بشأن ديونهم، أو دفع رصيد بطاقاتهم الائتمانية بالكامل. وسجلت الفئة الأكثر شباباً (أقل من 30 سنة) فرقاً كبيراً بين موقف الذين لديهم أطفال والذين لم ينجبوا بعد.
على سبيل المثال، أكد 37% فقط من الآباء الشباب الذين شملهم الاستطلاع، أنهم دفعوا رصيد بطاقاتهم الائتمانية بالكامل، مقابل 63% من الأشخاص الذين لم ينجبوا بعد. وكذلك، فإن أقل من ثلث الآباء الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً كان لديهم مال مخصص للطوارئ، بينما أكثر من نصف العاملين الذين لم ينجبوا بعد –في العشرينات- لديهم حساب توفير للطوارئ.
من السهل أن نرى السبب الذي يجعل الآباء -وخاصة الشباب ذوي الرواتب الأقل- أكثر قلقاً على مواردهم المالية. ففي أميركا مثلاً، تنفق الأسرة متوسطة الدخل ما يقرب من 13 ألف دولار سنوياً على أطفالها، بإجمالي أكثر من 230 ألف دولار على مر 17 سنة (بدون تكاليف التعليم الجامعي).
وتسجل هذه الأرقام في دولة تؤمن تعليماً مجانياً، فما بالك بالدول العربية التي تسجل مدارسها ارتفاعاً سنوياً للأقساط المدرسية، ناهيك عن التضخم وتأثيره على قيمة العملة المحلية والقدرة الشرائية لمدخول الوالدين.
وبينما ارتبط إنجاب الأطفال بالإجهاد المالي، وجدت الدراسة أن ملكية المنزل ترتبط بالراحة المالية القوية. فالعمال الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً ويمتلكون منازل أكثر احتمالاً من أقرانهم في أي سن لأن يقولوا إنهم يسيطرون على تدفقاتهم النقدية ويشعرون بأنهم على الطريق الصحيح للتقاعد.
المصدر: هافينغتون بوست