يدلي اليابانيون باصواتهم في انتخابات تشريعية مبكرة دعا اليها رئيس الوزراء شينزو آبي الذي يرجح ان يحقق فوزا كبيرا فيها ليشغل المنصب لولاية جديدة على رأس ثالث اقتصاد في العالم بينما تواجه بلاده تهديدات كوريا الشمالية.
ويبدو ان رئيس الحكومة القومي في طريقه لكسب رهانه والبقاء في السلطة حتى 2021 اي الى ما بعد دورة الالعاب الاولمبية التي ستجرى في طوكيو 2020، وفي حال حدث ذلك، سيتجاوز الرقم القياسي الذي سجله رئيس وزراء ياباني في البقاء في السلطة وكان حوالى ثماني سنوات من قبل.
وبعد حملة قصيرة استمرت 12 يوما وتركزت على كوريا الشمالية والقضايا الاقتصادية، فتحت مراكز الاقتراع ابوابها تحت امطار غزيرة في العاصمة والجزء الاكبر من البلاد التي يفترض ان يضربها اعصار ترافقه رياح عاتية وامطار غزيرة طوال النهار. وعلى الرغم من هذه الاحوال الجوية السيئة، سجلت نسبة المشاركة عند الساعة 11،00 (02،00 ت غ) ارتفاعا طفيفا وبلغت 12،24 بالمئة مقابل 11،08 بالمئة في الساعة
نفسها في الانتخابات التشريعية السابقة التي جرت في كانون الاول/ديسمبر 2014. ولا تشمل هذه النسبة عدد الذي صوتوا مسبقا وهو امر ممكن اجراؤه قبل ايام من الانتخابات.
واعلنت الحكومة الاحد ان نحو 15،64 مليون ناخب من اصل مئة مليون في سن الانتخاب، صوتوا في نهاية الاسبوع مسجلين بذلك رقما قياسيا. وقال يوشيهيسا يموري الذي يدير شركة للبناء وادلى بوصته في وسط طوكيو “ادعم موقف شينزو آبي في عدم الرضوخ لضغوط كوريا الشمالية”، واضاف “اريد ان يواصل هذه الارادة الحازمة عبر التعاون مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وبالنسبة لي انها نقطة مهمة في هذه الحملة”.
اغلبية الثلثين
قال آبي السبت في آخر خطاب في حملته الانتخابية “عندما تهددنا كوريا الشمالية عمدا وتؤجج التوتر، يجب الا نتردد”. ويمكن ان يؤثر ذلك على نسبة المشاركة وان كان عدد كبير من اليابانيين الذين بلغوا السن القانونية للانتخاب وعددهم حوالى مئة مليون، صوتوا مسبقا، وبعد ان عبر عن دعمه للموقف الاميركي الذي يؤكد الابقاء على “كل الخيارات” مطروحة بما فيها الخيار العسكري ضمنا، تعهد آبي حماية اليابانيين.
وقال امام حشد في وسط اليابان تحدى الامطار الغزيرة مع تقدم اعصار باتجاه الارخبيل ان “التحالف الحاكم (،،،) هو القادر على حماية حياة الناس والدفاع عن اسلوب حياة سعيدة”، ملمحا بذلك الى كوريا الشمالية التي تريد “اغراق” الارخبيل وأطلقت صواريخها فوقه مرتين.
ويتوقع المحللون فوز تحالف الحزب الليبرالي الديموقراطي اليميني بقيادة آبي وحزب كوميتو بحوالى 300 مقعد من اصل 465 في مجلس النواب. وسيتقدم تحالف آبي بذلك وبفارق كبير على حزب الامل اليميني ايضا الذي اسسته رئيسة بلدية طوكيو يوريكو كويكي التي تتمتع بشخصية قوية، والحزب الديموقراطي الدستوري (يسار الوسط) اللذين تأسسا مؤخرا، ويتوقع ان يحصل كل منهما على خمسين مقعدا.
ومع ذلك تبقى التشكيلة النهائية للبرلمان غير معروفة، والسؤال المطروح هل سيتمكن تحالف آبي من الاحتفاظ بغالبية الثلثين في مجلس النواب كما هو الحال في مجلس الشيوخ، وهذا الامر اساسي للدعوة الى استفتاء لمراجهة الدستور السلمي الذي املته الولايات المتحدة على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية ويلزم البلاد في مادته التاسعة بالتخلي عن الحرب “الى الابد”.
ودعا آبي (63 عاما) الذي يواجه فضائح مرتبطة بالمحسوبية اثرت على شعبيته، واضعفته هزيمة تاريخية لحزبه في الانتخابات البلدية في مدينة طوكيو، الى هذه الانتخابات المبكرة في نهاية ايلول/سبتمبر الماضي قبل عام من موعد الانتخابات.
حزب بلا امل
قالت ايتسوكو ناكاجيما (84 عاما) وهي متقاعدة “معنويا لا يعني الامر شيئا وبهذه الوتيرة تتوجه البلاد الى الخسارة”، واضافت “لم نر سياسيين مثله (شينزو آبي) في اليابان”. لكن المفاجأة جاءت ايضا من كويكي التي صرحت بعد ساعات على الاعلان الرسمي عن الانتخابات المبكرة انها ستقود حركة سياسية جديدة. وهذه السيدة اليمينية البالغة من العمر 65 عاما كانت نجمة تلفزيونية تملك حسا عاليا للحوار والوزيرة السابقة في حكومة آبي وقومية كذلك، وقد انعشت ساحة سياسية يابانية نبضها ضعيف وسرعت اعادة تشكيلها.
وادى ذلك الى تفكك اكبر احزاب المعارضة الحزب الديموقراطي مع انتقال عدد كبير من اعضائه الى حزب الامل، بينما انشأ احد اهم مسؤوليه يوكيو ايدانو المدافع عن جناحه اليساري “الحزب الديموقراطي الدستوري الياباني”. لكن كويكي فقدت زخمها عندما قررت الا تترشح في الاقتراع مما يلغي احتمال توليها رئاسة الحكومة في بلد يفرض فيه الدستور ان يكون رئيس الحكومة عضوا في مجلس الشيوخ او مجلس النواب.
وقال مايكل كوسيك الاستاذ في جامعة تمبل في طوكيو لوكالة فرانس برس ان “حزب الامل يبدو اليوم حزبا بلا امل”. وقالت كويكي ان “فترة الاعداد كانت قصيرة وكانت معركة صعبة جدا”، وذلك في تصريحات لوسائل اعلام مساء السبت قبل ان تتوجه الى باريس للمشاركة في مؤتمر دولي لرؤساء البلديات حول تلوث المناخ.
وفي مواجهة شيخوخة السكان وانكماش يضر بالاقتصاد منذ عامين ونمو متعثر، يشدد آبي على ما حققته سياسته الاقتصادية من زيادة في الميزانية وسياسة نقدية ثابتة في مد السوق بالسيولة. وتقترح يوريكو كويكي ما سمته “يورينوميكس” وتوجه الى آبي انتقادات لانه لم يجر اصلاحات بنيوية، واعدة بتجميد خطة لزيادة رسم القيمة المضافة، وهي تختلف عنه ايضا برغبتها في وقف استخدام الطاقة النووية بعد حادث محطة فوكوشيما المفجع في 2011.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية