أكد السفير الروسي لدى الأردن بوريس بولوتين، أن ثمة تقارب في وجهات النظر بين موسكو وعمّان تجاه كثير في القضايا على الساحتين الدولية والإقليمية، كاشفاً عن أن مباحثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته إلى الأردن، ستشمل ملفات عديدة على رأسها ملف الأزمة السورية، علاوة على ملف الأزمة الخليجية والقضية الفلسطينية.
وقال السفير بولوتين، في مقابلة مع “سبوتنيك” إن ملفات الزيارة “تتعلق بالشأن الثنائي بين البلدين من جهة، وبالشأن الدولي الإقليمي من جهة أخرى”، لافتاً إلى أن زيارة الوزير لافروف تأتي تلبية لدعوة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي “في إطار استمرار الحوار السياسي بين روسيا والأردن”.
وحول الملف السوري، تطرق السفير الروسي إلى التقارب في وجهات النظر بين موسكو وعمان، فيما يخص الدعوة إلى الحل السياسي في سوريا، ومن ناحية أخرى العمل المشترك في مسارات مختلفة”.
وأردف بولوتين “نحن على يقين من أنه لا بديل عن إيجاد حل سياسي في سوريا رغم كل الصعوبات، وثمة عمل مشترك يجمع روسيا والأردن في صيغة مختلفة بغية تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وهو أساس إيجاد الحل السياسي”.
وينص القرار 2254، الذي صوت عليه مجلس الأمن يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، على بدء محادثات السلام بسوريا في يناير/كانون الثاني 2016، كما تضمن جملة من البنود، فقد اعتمد بيان جنيف ودعم بيانات فيينا الخاصة بسوريا، باعتبارها الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سوريا.
وشدد على أن الشعب السوري هو من سيحدد مستقبل سوريا. كما نص على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ممثلي النظام والمعارضة السورييْن للمشاركة “على وجه السرعة” في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي. وأكد السفير بولوتين أن “روسيا تعمل على استمرار المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السورية، بغية الوصول إلى حل سياسي”، معرباً عن اعتقاده بأن “يكون في هذه المرحلة دور لكل من روسيا والأردن في المساهمة بتكوين وفد موحد للمعارضة السورية”.
كما تحدث عن مشاركة الأردن في هذا السياق خلال عملية أستانا بأن هنالك “مشاركة للأردن من خلال وفد بصفة مراقب”. وتنظر روسيا، حسب السفير الروسي لدى الأردن، إلى أزمة اللاجئين “من منظور ضمان التقدم في التقدم باتجاه الحل السياسي”. ويوضح السفير الروسي وجهة نظره قائلاً “نحن نرى أن التقدم في الحل السياسي ممكن من خلال إنشاء مناطق خفض التوتر في سوريا، بهدف خلق ظروف ملائمة لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى أرضهم تدريجيا”. مبيناً أنه “وفي ظل وجود مناطق خفض التوتر ستتوفر الأجواء الصحية لتقديم المساعدات الإنسانية وتهيئة ظروف أفضل للمواطن السوري على أرضه”.
وفي هذا السياق، ثمة دور مهم تقوم به الأردن، يأتي في سياق الاتفاق ضمن إطار ثلاثي روسي، أميركا والأردن. وهو ما تحدث عنه السفير الروسي مؤكداً إياه بالقول “كانت مشاورات ناجحة أدت إلى إنشاء منطقة خفض توتر في جنوب غرب سورية. ونحن نواصل العمل في هذا الاتجاه، لأن ما اتفق عليه الأطراف الثلاثة بدأ تنفيذه”. مشيراً إلى أن المتابعات ما زالت مستمرة لتحديد بعض المسائل العملية بما يخص إنشاء هذه المنطقة [منطقة خفض التوتر في الجنوب الغرب السوري].
وحول الخطوة التالية بعد اتفاق منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري، أعرب السفير بولوتين عن أمل موسكو “بتعميم اتفاق وقف إطلاق النار في كل الأراضي السورية، تمهيداً للحل السياسي”. وحول مفهوم [وقف إطلاق النار] بيّن السفير الروسي بأن المعني به هنا هو “وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقوات المعارضة المعتدلة، وهو لا يشمل التنظيمات الإرهابية، التي يعمل الجميع على محاربتها في سوريا”، مشيراً إلى أن “روسيا تعمل قبل كل شيء في إطار عملية أستانا مع شركائها؛ تركيا وإيران”.
وكشف في هذا السياق اقتراح روسيا مشاركة الولايات المتحدة الأميركية في عملية أستانا في إطار مشاركة وفود أميركة مراقبة”، مشيراً إلى انه “من المنتظر انعقاد لقاء جديد في أستانا خلال الشهر الحالي”. وفي سياق متصل تحدث السفير الروسي عن ملف الإرهاب، مشيراً إلى أن “مواقف فخامة الرئيس بوتين وجلالة الملك [الأردني] متقاربة جداً بما يخص موضوع توحيد الجهود الدولية للتصدي لهذا التحدي الذي يواجه المجتمع الدولي”.
كما عبر السفير الروسي لدى الأردن عن استعداد روسيا “للتعاون مع الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب بصفة عامة، وفي سوريا بصفة خاصة”. وبما يتعلق بملف الأزمة الخليجية، وزيارة الوزير لافروف إلى المملكة العربية السعودية اليوم السبت 9 أيلول/سبتمبر والتي تسبق زيارته إلى الأردن مباشرة، أكد السفير الروسي أنه “من مؤكد ان تتم مناقشة الأوضاع المقلقة في الخليج أثناء زيارة لافروف إلى الأردن”، مشيراً إلى التقارب في الموقف الأردني الروسي حيال هذا الملف، إذ أن كل من الأردن وروسيا تدعمان الوساطة الكويتية.
وبناء على ما سبق قال السفير الروسي، إن روسيا “تقدر كثيراً السياسية الأردنية المعروفة باعتدالها، وقيامها على أسس الحوار، وجهود جلالة الملك التي تقوم على حل المشاكل في المنطقة بناء على قاعدة الحل السياسي”.
ولن تكون القضية الفلسطينية خارج جدول الأعمال السياسي في مباحثات وزير الخارجية الروسي في عمّان، فيشير السفير الروسي إلى أن الموقف الروسي لا يختلف عن الموقف الأردني في هذه القضية، فيوضح قائلاً “فنحن ندعو الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للعودة إلى طاولة المفاوضات، والتوصل إلى حل القضية الفلسطينية – التي نراها قضية محورية في المنطقة – على أساس قرارات الشرعية الدولية بما فيها المبادرة العربية، فنحن ندعو إلى حل دولتين؛ فلسطينية وإسرائيلية”. مؤكداً أن روسيا تحترم وتقدر دور جلالة الملك كـ “حامي للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.
وحول العلاقات الأردنية الروسية، أشار السفير الروسي إلى علاقات الصداقة المتميزة التي تربط البلدين، “والتي تبدأ بالحوار المستمر على مستوى قادة البلدين، وتستمر بالحوار على مستوى وزراء الخارجية والمكالمات الهاتفية المستمرة بين الوزيرين لتنسيق المواقف اتجاه القضايا الدولية الراهنة وقضايا المنطقة، وكذلك سبل تطوير العمل الثنائي.
هذا ومن المنتظر أن تشمل القضايا الثنائية التي سيناقشها وزير الخارجية الروسي خلال زيارته إلى عمّان، حسب السفير الروسي، قضايا التعاون الثنائي في الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي والتعاون في ميدان التعليم العالي والسياحة، وهناك مصلحة متبادلة في تعميق التعاون في جميع مجالات بين البلدين.
المصدر: سبوتنيك