أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنه سيُجرى تحقيق على مستوى المملكة المتحدة في فضيحة الدم الملوث التي أودت بحياة 2400 شخص على الأقل.
وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء إن التحقيق سيحدد أسباب “الأذى المروع” الذي وقع في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
وكان آلاف المرضى الذين عولجوا في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية قد حقنوا بمنتجات دم من الخارج كانت ملوثة بفيروس التهاب الكبد الوبائي وفيروس نقص المناعة البشرية “اتش آي في”، ووصفت هذه الفضيحة بأنها أسوأ كارثة علاجية في تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية.
ويعتقد الكثير من المصابين وعائلاتهم أنه لم يجر إطلاعهم على المخاطر المتعلقة بهذه العينات وأنه كانت هناك عملية تستر.
وقالت ماي لبي بي سي إن المرضى “يستحقون الحصول على إجابات، والتحقيق الذي أعلنت عنه اليوم سيقدم لهم هذه الإجابات حتى يتسنى لهم معرفة السبب فيما حدث وكيف حدث، وأضافت، لقد كانت (هذه الفضيحة) مأساة مروعة ولم يكن لها أن تحدث على الإطلاق.”
ما هي فضيحة الدم الملوث؟
خلُص تقرير برلماني مؤخرا إلى أن 7500 مريض حقنوا بدم ملوث جرى استيراده من الخارج، وكان العديد من هؤلاء المرضى يعانون من نزف الدم الوراثي أو الهيموفيليا، واحتاج المرضى إلى علاج منتظم من خلال مادة تعمل على تخثر الدم تسمى العامل الثامن لمكافحة الهيموفيليا والتي صُنعت من دم متبرعين.
واستوردت المملكة المتحدة هذه المنتجات وتبين أن بعضها ملوث، والكثير من البلازما التي استخدمت لتصنيع مادة العامل الثامن كان من متبرعين بينهم نزلاء سجون في الولايات المتحدة باعوا دماءهم.
وكان جيسون ايفانز يبلغ من العمر أربعة أعوام فقط حينما توفي والده جوناثان الذي كان يعاني من الهيموفيليا بعد أن أصيب بفيروس نقص المناعة “اتش آي في” من خلال تلقيه علاجا بمادة العامل الثامن كانت ملوثة.
ما هي مهمة التحقيق
سيجري استشارة عائلات الضحايا بشأن الشكل الذي سيأخذه التحقيق في هذه القضية، ومن الممكن أن يكون التحقيق على نمط كارثة هيلزبره (وهي حادثة التدافع والدهس التي وقعت بين جماهير لكرة القدم في 15 أبريل 1989 في ملعب هيلزبره خلال مباراة كرة قدم بين نوتنغهام فورست و نادي ليفربول وأسفرت عن مقتل 96 شخصاً وإصابة 770 آخرين)، أو تحقيق قانوني يقوده أحد القضاة، حسبما أوضحت رئيسة الوزراء.
لكن زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن أكد أن التحقيق يجب أن يكون لديه إمكانية لإصدار قرارات بملاحقات قضائية.
واعتبر السير بيتر بوتوملي، الرئيس المشارك للمجموعة متعددة الأحزاب التي تتبع قضية مرض الهيموفيليا والدم الملوث في مجلس العموم (البرلمان)، أن نجاح التحقيق سيتوقف على قدرته على الحصول على معلومات مهمة، وقال إنه “يجب أن يتمتع (التحقيق) بصلاحيات للحصول على وثائق من شركات الأدوية والحكومة.”
لماذا استغرق الأمر وقتا طويلا جدا؟
تعرضت الحكومة البريطانية لانتقادات حادة بسبب التلكؤ في إطلاق تحقيق في هذه الفضيحة، ودعا عمدة مدينة مانشستر الكبرى ووزير الصحة السابق آندي بيرنام مرارا إلى إطلاق تحقيق على غرار كارثة هيلزبره لمعرفة ما حدث في قضية الدم الملوث، وزعم في كلمة أمام مجلس العموم بأن “تسترا جنائيا على مستوى واسع” قد حدث.
هل سيجري تعويض الضحايا ماديا؟
قُدمت تعويضات لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى، وجرى تأسيس صندوق خاص للمساعدة في دعم الناجين. وإذا توصل التحقيق الجديد إلى وجود عمل جنائي، فإن ذلك سيفتح الباب أمام الضحايا لطلب تعويضات كبيرة من خلال المحاكم.
وقالت ليز كارول، الرئيس التنفيذي لجمعية مرضى الهيموفيليا، إن “الحكومة تنفي منذ عقود وجود إهمال ورفضت تقديم تعويض للمتضررين، (لكن) هذا التحقيق سيكون قادرا أخيرا على البحث بطريقة مناسبة عن الأدلة التي تؤكد حدوث تجاوزات”.
هل أصبحت منتجات الدم آمنة الآن؟
أدى التحسن في عمليات فحص المتبرعين إلى تلقي المرضى في بريطانيا علاجات أكثر أمانا بحلول عام 1986. وبحلول أواخر التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت العلاجات الصناعية لمرض الهيموفيليا متاحة، وهو ما أزال خطر الإصابة بالدم الملوث، ويجري حاليا في بريطانيا بشكل منتظم اختبار دم المتبرعين للكشف عن أي ملوثات من بينها الكبد الوبائي وفيروس نقص المناعة المكتسب.
المصدر: بي بي سي